تفسيرا وتوثيقا.. الجزيرة تحتفل بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان

من الجلسة الأولى لندوة الإعلام وحقوق الإنسان.. الفرص والتحديات الدوحة
من الجلسة الأولى لندوة الإعلام وحقوق الإنسان.. الفرص والتحديات (الجزيرة)

محمد غلام-الدوحة

بين الغوص في نصوص مسوداته الأولى، وتفسير مضامينه، وإقامة ندوة علمية متخصصة من وحيه، جاءت احتفالية الجزيرة بالذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان فارقة.

تجاوزت الاحتفالية التي شهدتها الدوحة اليوم التغطيات النمطية للحدث في مستواه الظرفي خطابات وإشادات دأب الجميع على ترديدها منذ عشرات السنين في مثل هذه المناسبة، ووصلت إلى العمق وفق مشاركين.

وفي الجلسة الافتتاحية لندوة "الإعلام وحقوق الإنسان.. الفرص والتحديات" أطلق مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان بالمناسبة مكتبة حقوقية رقمية بلغات ثلاث هي العربية والإنجليزية والفرنسية، وتتناول بالتفسير والشرح مواد الإعلان في قالب فني بديع، وأطلق وثائقي "الإعلان" الذي يتناول تاريخ الإعلان العالمي.

ويكشف الفيلم -الذي يتوفر باللغتين العربية والإنجليزية- القصة غير المعروفة لصياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمفاوضات المعقدة على مدى ثلاث سنوات من 1945 إلى 1948 التي شارك فيها أكثر من 250 ممثلا لـ56 دولة.

ويسلط الفيلم الضوء على دور الدول الصغيرة مثل كوبا وبنما وتشيلي ولبنان والهند وباكستان وغيرها في صياغة مواد أهم وثيقة حول حقوق الإنسان وأكثر الوثائق ترجمة حول العالم على الإطلاق، تتوفر بأكثر من خمسمئة لغة.

وتقول روان الضامن المنتج المنفذ لمحتويات مكتبة الحقوق الرقمية –ومن ضمنها الفيلم- إنها كانت تتخيل، مثل كثيرين، أن النص الأصلي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان صاغته الدول الكبرى "ولم يكن لنا نحن دول العالم الثالث أي دور فيه، وفوجئت، وأنا أدرس على مدى أكثر من عام ونصف العام أكثر من مئتي وثيقة من محاضر الأمم المتحدة أواخر الأربعينيات، أن عشرات من السياسيين والمفكرين والناشطين من دول العالم الثالث" كانوا ضمن من صاغوه.

خالد جوهر المدير العام لشبكة الجزيرة بالوكالة (الجزيرة)
خالد جوهر المدير العام لشبكة الجزيرة بالوكالة (الجزيرة)

أزمات ونزاعات
وفي مفتتح ندوة الإعلام وحقوق الإنسان التي أقيمت بالمناسبة ذكّر المدير العام لشبكة الجزيرة بالوكالة خالد جوهر بما يحيط منطقتنا من أزمات ونزاعات تقف حجر عثرة في وجه حقوق الإنسان، وأعرب عن سعادته باستضافة الشبكة لمنبر كهذا لقيادات منظمات حقوق الإنسان والإعلاميين للتفاكر حول ما من شأنه صون كرامة الإنسان وحقوقه وحرياته.

ومن جهته لفت مدير مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان سامي الحاج -في كلمة بالمناسبة- إلى أن الجزيرة لم تكن في يوم من الأيام بعيدة عن الإنسان وشواغله، منذ نشأتها في مثل هذه الأيام قبل 22 عاما "فقد كان محور اهتمامها وبوصلة اتجاهها"، ليتعزز ذلك المسار قبل عشرة أعوام بإنشاء قسم للحريات العامة وحقوق الإنسان نحتفل هذه الأيام بالذكرى العاشرة لتأسيسه.

سامي الحاج مدير مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان (الجزيرة)
سامي الحاج مدير مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان (الجزيرة)

إنجازات
ووجدها الحاج "فرصة سانحة للإشارة إلى عدد من الإنجازات" منها على الصعيد التحريري إنجاز أكثر من عشرة آلاف مادة، في شكل أفلام وتقارير ومقالات وفيديوهات قصيرة، بشاشات قنوات الجزيرة العربية والإنجليزية والجزيرة بلقان وموقعي الجزيرة نت والمركز.

وعلى صعيد الحماية والرصد والتوثيق، نفذ المركز أكثر من 44 ورشة عمل متخصصة في مجال "الأمن والسلامة المهنية وأمن المعلومات" استفاد منها ما يزيد على سبعمئة صحفي من مختلف قطاعات الشبكة.
وفضلا عن توثيق الانتهاكات التي طالت صحفيي ومراسلي الشبكة منذ تأسيسها، أسهم المركز -مع شركائه- في تنظيم حملات دفاع وتضامن مع صحفيي الشبكة مما نالهم في سبيل نقل الكلمة الصادقة.

وعلى صعيد الشراكات والبحوث، بنى المركز وطور علاقات شراكة إستراتيجية بين الجزيرة وأبرز المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية الفاعلة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته العامة، وهو ما مكن المركز من إطلاق مبادرة مشروع الإعلان العالمي لحماية الصحفيين، وحملات إعلامية حقوقية عالمية مثل "أوقفوا قتل الصحفيين"، وغيرها.

كما نظم المركز عددا كبيرا من المؤتمرات والندوات التي تناولت أبرز مواضيع وقضايا وتحديات حقوق الإنسان والقانون الإنساني، إلى جانب إعداد الأوراق البحثية المتخصصة ذات الصلة بالأخبار.

روان الضامن المنتج المنفذ لمحتويات مكتبة الحقوق الرقمية (الجزيرة)
روان الضامن المنتج المنفذ لمحتويات مكتبة الحقوق الرقمية (الجزيرة)

تغييرات قيمة
وفي الجلسة الافتتاحية، قرأ عبد السلام سيد أحمد مدير مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لجنوب غرب آسيا والمنطقة العربية مقتطفات من بيان لمفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه بالمناسبة، تعلي من شأن الإعلان الذي "نجح في تعزيز العديد من التغييرات القيمة في حياة الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، كما تغلغل في 90 دستورا وطنيا".

ووفق البيان فإن الإعلان "يضيء الطريق أمامنا نحو عالم خال من الحروب والمحارق، ومن التعذيب والمجاعة والظلم، عالم يقلص البؤس إلى أقصى حدوده".

وبحثت ندوة "الإعلام وحقوق الإنسان.. الفرص والتحديات" دور الإعلام وتأثيره في احترام حقوق الإنسان وحمايتها في سياق النزاعات والأزمات، وفرص وتحديات مراعاة حقوق الإنسان في التغطية الصحفية، إضافة إلى تحديات الشراكة بين المنظمات الحقوقية والإنسانية والإعلام.

وشارك في الندوة خبراء دوليون في مجال حقوق الإنسان وإعلاميون، من ضمنهم رئيس شبكة الصحافة الأخلاقية الدولية آيدن وايت، والمسؤولة الأممية أنا بوليني، ومدير الأخبار في قناة الجزيرة عاصف حميدي، والخبير الإعلامي الرئيس السابق لمجلس إدارة المعهد الدولي للصحافة جون يير وود، والقاضية توجيلاني شوزوميلا نائبة رئيس المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

المصدر : الجزيرة