البرد يحاصر آلاف الأسرى الفلسطينيين

الاسرى يعيشون على حسابهم داخل السجون- صورة لسجن النقب الصحراوي -ارشيف- الجزيرة نت
سلطات الاحتلال تحول الشتاء إلى عقاب للأسرى الفلسطينيين (الجزيرة نت)

عوض الرجوب-الخليل

تزداد معاناة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية كلما ازدادت برودة الطقس أو تساقطت الثلوج والأمطار، بينما تكون المعاناة أشد لأولئك الذين يعتقلون حديثا أو تتوافق مواعيد محاكماتهم مع موجات البرد والعواصف الجوية.

وتنتج المعاناة بشكل رئيسي عن منع سلطات الاحتلال الإسرائيلية دخول وسائل التدفئة والملابس الشتوية للأسرى، بحسب تأكيد أسرى أفرج عنهم مؤخرا ونشطاء في هذا المجال.

وبحسب معطيات نادي الأسير الفلسطيني حتى الأسبوع الماضي، فإن نحو 6500 أسير فلسطيني يقبعون في 18 سجنا، بينهم مائتا طفل و22 سيدة.

‪الخفش: المأساة الحقيقية في سجني عوفر ومجدو‬ (الجزيرة نت)
‪الخفش: المأساة الحقيقية في سجني عوفر ومجدو‬ (الجزيرة نت)

بلا نوم
ويستشعر مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى فؤاد الخفش، معاناة الأسرى من خلال استذكاره لتجربة سابقة في التوقيت نفسه في يناير/كانون الثاني 2003.

وقال إنه وباقي الأسرى لم يكونوا يستطيعون النوم بسبب حركة وصوت القشعريرة التلقائية الناتجة عن حركة الفكين بسبب البرد، مضيفا أن أسرى سجن مجدو هذه الأيام يعيشون التجربة نفسها، وأكد له عدد منهم تكرار المشهد في هذا الشتاء.

وأوضح الخفش أن المأساة الحقيقة موجودة في سجني عوفر بالضفة الغربية ومجدو في الداخل الفلسطيني، على اعتبار أن هذين السجنين يشبهان محطتي عبور للأسرى الذين يعتقلون قبل أن ينقلوا لسجون أخرى.

وأشار الباحث الفلسطيني إلى اعتقال 27 فلسطينيا خلال اليومين الماضيين، مؤكدا مرورهم بظروف سيئة للغاية "فهم اعتقلوا بملابسهم المنزلية، ولم يسمح لهم بأخذ احتياجاتهم من الملابس، كما تستغرق عملية نقلهم إلى السجون عدة ساعات، يمضونها في سيارات الاعتقال تحت المطر والثلج والبرد، ودرجات حرارة تقترب من الصفر المئوي".

وتابع الخفش أن المعتقلين الذين ينقلون إلى المحاكم يمرون بمأساة لا تقل عن زملائهم، حيث ينقلون بحافلات الاعتقال (البوسطة) على مقاعد حديدية لعدة ساعات قبل أن يصلوا محاكمهم في الضفة، ويُعادوا إلى معتقلاتهم دون أدنى وسيلة تدفئة.

وأشار إلى معاناة المعتقلين الجدد بشكل خاص الذين لا يملكون الأغطية ولا يستطيعون استقبال ملابس من ذويهم أو شراء احتياجاتهم من "كانتين" السجن (دكان) رغم ارتفاع أثمانها، حيث يسمح لهم ذلك بعد ثلاثة شهور من الاعتقال.

وعن دور المنظمات الإنسانية، ينتقد الخفش دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر على تراجعها عن دورها في السابق، مضيقا أن دورها أصبح يشبه دور ساعي البريد "فهي لا تقوم بالزيارات الكافية، ولا توفر الأغطية والملابس الشتوية للأسرى"، مطالبا إياها بالعمل سريعا لإنقاذ مئات الأسرى من البرد.

أبو عرقوب: سلطات الاحتلال تمنع دخول الملابس القطنية والصوفية ومختلف أنواع الجاكيتات والأغطية للأسرى، كما لا يتوفر لأغلب الأسرى سوى غطاءين اثنين لا يحميان من البرد رغم التحاف الأسرى بهما طوال الوقت

دون تدفئة
من جهته، يقول الأسير المحرر عزام أبو عرقوب الذي أفرج عنه قبل أيام من سجن عوفر غرب مدينة رام الله، إن معاناة الأسرى تزداد بشكل ملحوظ في فصل الشتاء نتيجة منع دخول المدافئ والألبسة الشتوية والأغطية الكافية.

وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن سلطات الاحتلال تمنع دخول الملابس القطنية والصوفية ومختلف أنواع الجاكيتات والأغطية للأسرى، كما لا يتوفر لأغلب الأسرى سوى غطاءين اثنين لا يحميان من البرد رغم التحاف الأسرى بهما طوال الوقت.

وذكر أن إدارات السجون تعطي أعدادا قليلة من الأسرى معاطف، مستشهدا بحصول أربعين أسيرا فقط على معاطف من بين 120 أسيرا في القسم الذي كان يعيشه فيه.

وأشار إلى حرمان الأسرى من المياه الساخنة خلال الليل، مضيفا أن غرف الأسرى تغلق عند الساعة الخامسة مساء، وحتى صباح اليوم التالي يجبر الأسرى على استخدام المياه الباردة جدا.

ويضيف أبو عرقوب أن المعاناة تتضاعف بالنسبة للأسرى الذين يعتقلون حديثا دون أدنى احتياجات، وأولئك الذين ينقلون إلى المحاكم، موضحا أنهم يمكثون يوما كاملا في الزنازين وغرف الانتظار الضيقة والمبنية من الباطون في درجات حرارة تقترب من الصفر أحيانا.

وناشد الأسير المحرر المنظمات الحقوقية واللجنة الدولية للصليب الأحمر سرعة التدخل والضغط على سلطات الاحتلال لحملها على السماح بإدخال الأغطية والملابس الشتوية ووسائل التدفئة للأسرى.

المصدر : الجزيرة