جدل بإسرائيل بشأن التعاون مع التحقيق الأممي

الإعلام الإسرائيلي يحر على اللجنة الأممية ورئيسها و"يديعوت احرونوت" تصف اللجنة" تحكيم معتل"
الإعلام الإسرائيلي يحرض على اللجنة الأممية ورئيسها الكندي وليام شاباس (الجزيرة نت)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

عكس قرار وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان مقاطعة إسرائيل أعمال اللجنة الأممية للتحقيق في الحرب على غزة خشية المستويين السياسي والعسكري من إدانة دولية واتهام تل أبيب بانتهاكات للقانون الدولي الإنساني.

وشككت الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية بمصداقية ونزاهة لجنة التحقيق الدولية المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والتي يترأسها البروفيسور الكندي في القانون الدولي وليام شاباس، لكن عددا كبيرا من السياسيين دعا للتعاون معها، ودعا آخرون لتشكيل لجنة تحقيق داخلية للفت الأنظار عن اللجنة الدولية.

ووصف ليبرمان اللجنة الدولية بالمنحازة وغير الموضوعية وبأن تقريرها صيغ سلفا. وشن حملة تحريض على رئيس اللجنة شاباس واتهمه بمعاداة السامية ومناهضة إسرائيل.

وخلافا لهذا الموقف دعت بعض الهيئات السياسية والقضائية بتل أبيب لاستخلاص العبر من تجارب الماضي، وأوصت بضرورة التعاون مع اللجنة الدولية وتفويت الفرصة لإمكانية هيمنة الرواية الفلسطينية على الرأي العام العالمي.

بالمقابل، طالبت شخصيات وهيئات إسرائيلية بتشكيل لجان داخلية مستقلة منبثقة عن الحكومة والمؤسسة العسكرية للفت الأنظار عن عمل اللجنة الدولية وقراراتها حتى في حال إدانتها للجيش.

‪أصوات بإسرائيل دعت لتشكيل لجنة داخلية للتحقيق في الانتهاكات‬  (الجزيرة)
‪أصوات بإسرائيل دعت لتشكيل لجنة داخلية للتحقيق في الانتهاكات‬ (الجزيرة)

تفويت وتفريغ
وسارع مراقب الدولة القاضي المتقاعد يوسيف شبيرا الأربعاء للإعلان رسميا عن تشكيل لجنة تحقيق لفحص أداء المستوى السياسي والعسكري بإسرائيل خلال حملة "الجرف الصامد"، وذلك فور تشكيل اللجنة الأممية للتحقيق بحرب غزة، وتعالي الأصوات التي تتهم تل أبيب بانتهاك القانون الدولي خلال العدوان العسكري على القطاع.

من جانبه دعا سفير إسرائيل السابق بأميركا، مايكل أورون، لتشكيل لجنة فحص داخلية، وذلك لتجنب تحريك دعاوى قضائية ضد إسرائيل بالمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، خاصة في ظل أزمة الثقة بين تل أبيب والهيئات الدولية، بسبب تقرير غولدستون الذي أدان إسرائيل واتهمها بجرائم ضد الإنسانية خلال عدوانها على القطاع نهاية 2008 وبداية 2009.

وسوغ أورون موقفه بأن القانون الدولي يلزم كل دولة مرت بعمليات عسكرية يعتقد أن انتهاكا لحقوق الإنسان حصل فيها، بتشكيل لجنة داخلية، وهو ما يلبي مصلحة إسرائيل بتفريغ اللجنة الأممية من مضمونها وتفويت الفرصة لتحريك دعاوى بالمحكمة الجنائية الدولية.

تعاون وتجارب
وعلى خلاف الموقف السياسي الرسمي الداعي لمقاطعة اللجنة الأممية، ينصح القاضي المتقاعد، يعقوب تيركل، إسرائيل بالتعاون مع اللجنة الدولية، ويحث على تقديم ملفات ووثائق وفيديوهات للجيش توثق سير العمليات العسكرية بالحالات التي تدحض أي تساؤلات بشأن انتهاك وخرق للقانون الدولي.

ويعتقد القاضي تيركل -الذي ترأس لجنة التحقيق بأداء الجيش الإسرائيلي على سفينة مرمرة التي كانت متوجهة لكسر الحصار عن قطاع غزة عام 2010- أن المستوى العسكري بإسرائيل استخلص العبر من تجارب سابقة ووثق سير حملة "الجرف الصامد" مع طاقم قضائي قدم الاستشارة القانونية قبيل تنفيذ أي غارات أو هجمات بما يتلاءم والقانون الدولي.

‪أورون: تشكيل لجنة داخلية يلبي مصلحة إسرائيل ويفرغ اللجنة الأممية من مضمونها‬  (الجزيرة)
‪أورون: تشكيل لجنة داخلية يلبي مصلحة إسرائيل ويفرغ اللجنة الأممية من مضمونها‬  (الجزيرة)

الرواية الإسرائيلية
ويولي تيركل في حديثه لصحيفة "جلوبس" الإسرائيلية أهمية قصوى للتعاون مع اللجنة الدولية وطرح الرواية الإسرائيلية، وذلك بتقديم البيانات والفيديوهات التي توثق أن العمليات الحربية بالقطاع استهدفت مقرات عسكرية وأمنية.

وفي الجانب الفلسطيني يرى رئيس إدارة مركز "عدالة" الحقوقي المحامي حسين أبو حسين أن تل أبيب تخشى أن تتم إدانتها بارتكاب جرائم حرب في غزة باعتبار أن فلسطين دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة ويمكنها تقديم دعاوى للمحافل الدولية.

لذلك، يقول أبو حسين تحرض إسرائيل على لجنة التحقيق ورئيسها شاباس، خاصة أن ما خلفه العدوان العسكري الحالي من ضحايا وتدمير "غير مسبوق"، مؤكدا أن الإفادات والآثار ما زالت ماثلة للعيان وتشكل حجر أساس لمتابعة الملف وتحريك دعاوى بالمحكمة الجنائية الدولية.

وأكد أبو حسين أن إسرائيل التي تخاف لجان تقصي الحقائق الدولية سارعت إلى تشكيل لجان فحص داخلية، وذلك بمسعى منها للالتفاف على القانون الدولي والتصوير للعالم بأنها شكلت لجانا لفحص أداء الجيش، وبالتالي ستتذرع بأنه لا يوجد أي مبرر للجنة الأممية وتسليط الضوء على اللجان الداخلية لتكون بمثابة "الدرع الواقي" لها.

المصدر : الجزيرة