قاتل أبيض دخل البلاد عام 2003.. "الكريستال ميث" يغزو العراق

مناف الجنابي-بابل

دخل البصرة زائرا لأول مرة بعد عام 2003، جرب الاستقرار فيها فطاب له المكوث حتى اشتد عوده وقوي عظمه. بعد ذلك شد الرحال متوجها صوب الشمال إلى بغداد.

إنه "الكريستال" أخطر أنواع المخدرات المتداولة حاليا في العراق، تعاطيه يشكل آفة خطيرة اخترقت أركان المجتمع خلال العقد الأخير، وظاهرة غريبة استشرت بشكل مخيف بين صفوف الشباب خاصة وباتت مصدر قلق كبير لدى الجميع.

"الكريستال/الميثامفيتامين" مسحوق بلوري أبيض يشبه الزجاج أو الثلج عديم الرائحة، يذوب بالماء والكحول بسهولة ويدعى "الكريستال ميث" وهو مركب كيميائي من صنع الإنسان، يستنشق عن طريق الأنف مباشرة أو يدخن أو يذاب في الماء والكحول، وهو من المخدرات التي تسبب الإدمان السريع.

تناول مخدرات الكريستال يؤثر في الدماغ والجهاز العصبي بشكل مباشر، يوهم الأشخاص بأشياء جميلة ويمنحهم الشعور بالطاقة الجسدية والنشاط والسعادة والثقة بالنفس.

"الكريستال" مسحوق بلوري أبيض يشبه الزجاج أو الثلج

لكن سرعان ما تتحول هذه المشاعر والأحاسيس إلى كوابيس حقيقية بعد تعاطي جرعات أكبر كل مرة، تترك آثارا صحية متباينة كاضطراب دقات القلب وارتفاع ضغط الدم وتشوهات في الوجه بالإضافة إلى الشيخوخة المبكرة ومجموعة من المشاكل النفسية التي تصل أحيانا إلى القتل أو الانتحار.

الناشط والإعلامي أحمد عبد الصمد يؤكد للجزيرة نت أن مخدرات "الكريستال" تعد أخطر أنواع المواد المخدرة كونها "تصنع ولا تزرع" ولا تكلف مواد تصنيعها الكثير فهي تصنع من مساحيق التنظيف ويضاف إليها مجموعة من الحبوب المهدرة المتوفرة بالصيدليات، ويبلغ سعر الغرام الواحد 30 ألف دينار.

عبد الصمد: مخدرات
عبد الصمد: مخدرات "الكريستال" دخلت مدارس البصرة 

مدارس
ويقول عبد الصمد للجزيرة نت إن "مخدرات الكريستال دخلت المدارس في البصرة" حيث تستخدم مواد منبهة ومنشطة مما فتح المجال أمام المروجين لبيعها للطلبة والطالبات خاصة أيام الامتحانات حيث يتم الترويج لهذه المواد بواسطة "الحانوت المدرسي". ورغم نفي مدير تربية المحافظة دخول المخدرات المدارس لكن منظمات مدنية أكدت ذلك.

تعاطي "الكريستال" بأروقة الجامعات والمعاهد والمدارس يؤكده مجيب الحساني رئيس اللجنة الأمنية بمجلس محافظة البصرة حيث قال للجزيرة نت "للأسف بعض الطالبات وليس فقط الطلبة " تورطن في تعاطي المخدرات.

وعلل الحساني انتشار المخدرات بالمحافظة إلى وجود "مجال أو انفتاح في الحدود سواء الداخلية أو الخارجية للمحافظة" مؤكدا وجود متابعة مع القنصلية الإيرانية وقنصليات الدول المجاورة لغرض الحد من دخول المخدرات.

وصرح قصي الشاري مدير منفذ الشلامجة للجزيرة نت بأن المنفذ يبذل جهودا كبيرة في كافة المستويات للحد من حالات التهريب ودخول المواد المخدرة، وقد تم القبض على بعض المسافرين من "جنسيات مختلفة" لمحاولتهم إدخال مواد ممنوعة.

الشاري: المنفذ يبذل جهودا كبيرة في كافة المستويات للحد من حالات التهريب ودخول المواد المخدرة
الشاري: المنفذ يبذل جهودا كبيرة في كافة المستويات للحد من حالات التهريب ودخول المواد المخدرة

محطة
وتعد البصرة محطة رئيسة لدخول المخدرات إلى البلاد وانتشارها إلى باقي المدن بعد انتشار معامل تصنيع محلية فيها، حيث يتم إعداد "الكريستال" من خلال "طباخين" للمخدرات من جنسيات معينة يقومون بهذا العمل في البصرة، وقد تم إلقاء القبض على مجموعة منهم ومحاكمتهم.

ورغم تسجيل عدة آلاف من حالات الإدمان بين السكان فلا توجد أي مصحة لمعالجة المدمنين الذين تسوء أوضاعهم بمرور الوقت، وفقاً لتقرير مجلس القضاء الأعلى.

عضو مفوضية حقوق الإنسان فاضل الغراوي قال للجزيرة نت "المخدرات في العراق أصبحت ظاهرة تهدد الأسرة والمجتمع وذلك لآثارها الخطيرة التي بدأت تستهدف فئة الشباب" وإن أكثر المخدرات تعاطياً هو الكريستال بنسبة (37.3%) ثم الحبوب المسماة (صفر-1) بنسبة (28.35%) تليها الأنواع المختلفة من الأدوية المهدئة.

أسباب عديدة تقف وراء تفشي هذه الظاهرة أبرزها ضعف الرقابة الأسرية والاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا وعدم متابعة المدرسة بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وضعف الوازع الديني، وضعف إجراءات الحكومة في مكافحة هذه الظاهرة من خلال إنشاء مصحات خاصة لمعالجة مدمني المخدرات وعدم ضبط المنافذ الحدودية.

المصدر : الجزيرة