تصاعد الدين المصري.. الحكومة تنقلب على نفسها
عبد الرحمن محمد-القاهرة
اعترافات فشل
تصريحات الجارحي عدَّها الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام بمثابة اعتراف بفشل الحكومة الاقتصادي، الأمر الذي تسبب في زيادة الديون بمعدلات غير مسبوقة، وأنها تدل على أن الانتقادات التي وُجِّهت لنظام الرئيس المعزول محمد مرسي كانت من قبيل المبالغة والتشويه.
هذا الاعتراف، حسب عبد السلام، يمثل انقلابا على ما قطعته الحكومة على نفسها من وعود بخفض الدين العام، كما يعد رسالة مقصودة بأنه لا مجال للاستجابة لأي مطالب بزيادة الأجور، وهو كذلك تهيئة للرأي العام لتقبل زيادة الأسعار ورسوم الخدمات.
ويرى الخبير الاقتصادي أن الحكومة تسببت في تفاقم أزمة الديون عبر الدخول في مشروعات كبرى لا تمثل إضافة حقيقية، مثل العاصمة الإدارية الجديدة وتفريعة قناة السويس، مطالبا بإعادة النظر في أولويات الإنفاق الحكومي.
ويقدّر مشروع الموازنة العامة ارتفاع فوائد الدين من إجمالي المصروفات إلى 39%، مقابل 36% في العام المالي الجاري، بينما تتوقع وزارة المالية أن تقترض الحكومة نحو 203.4 مليارات جنيه (11.5 مليار دولار) من الخارج، خلال العام المالي المقبل.
ورغم كون تصريحات الوزير تمثل اعترافا "صريحا وواضحا" بما وصلت إليه أزمة الدين العام، فإن الخبير الاقتصادي ممدوح الولي يرى أنها لم تضف جديدا، حيث تشير بيانات الوزارة إلى الارتفاع المطرد لقيمة أذون الخزانة وسنداتها، كما تشير بيانات البنك المركزي إلى استمرار ارتفاع المطلوبات من الحكومة للبنوك.
آثار صعبة
واعتبر الولي أن من أبرز آثار ذلك استحواذ فوائد وأقساط الدين على 817 مليار جنيه (46.4 مليار دولار) من الموازنة، مما سيدفع الحكومة للحد من ارتفاع مخصصات أجور العاملين بالحكومة، وتجاهل حكم الإدارية العليا بضم خمس علاوات لأصحاب المعاشات، وعدم الوفاء بمخصصات الاستثمارات الحكومية والتعليم والصحة بالموازنة، والاتجاه لخفض الدعم وزيادة أسعار الخدمات الحكومية.
واستنكر نواب بالبرلمان تصريحات الوزير، حيث رأى النائب محمد عبد الغني أنها تدفع للمطالبة برحيل الحكومة لتوسعها في الاقتراض بشكل غير مبرر بعكس تعهداتها، كما هاجم النائب محمد عقل وزير المالية لاقتراحه على المجلس تنظيم محاضرات لشرح الموازنة.
الحديث عن استمرار ارتفاع الدين العام يكشف، حسب الصحفي الاقتصادي إبراهيم الطاهر، مسلسلا "توريطيا" يكبل الأجيال القادمة، ويعكس افتقاد الحكومة لإستراتيجية حلول عملية للحد من الاقتراض.
ويستنكر الطاهر حديث الوزير عن تضاعف الديون وكأنه إنجاز، معتبرا أنه اعتمد سياسة الهروب للأمام وتأجيل انفجار أزمة الدين العام عبر تمديد أجل بعض الودائع أو تجديدها.