معارضة فلسطينية للسلام الاقتصادي

الفلسطينيون ينظرون للسلام الاقتصادي باعتباره غطاء لفشل المفاوضات
undefined

ميرفت صادق-رام الله

ماركة "فوكس" للألبسة التي كان الفلسطينيون يرتدون منتجاتها عبر وسطاء تجاريين أو بعلامات تجارية مقلّدة ستفتتح قريبا فرعا يمثل الشركة الإسرائيلية الأم في رام الله التي تعد عاصمة السلطة الفلسطينية وسط الضفة الغربية.

وينظر مراقبون اقتصاديون ونشطاء سياسيون إلى افتتاح فرعها برام الله باعتباره أحد تجليات "السلام الاقتصادي" الذي يتزامن مع استئناف مفاوضات السلام بين القيادة الفلسطينية وإسرائيل.

وتحت عنوان "السلام يعود إلى الموضة" نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية عن أصحاب الشركة الإسرائيليين قولهم "إن المبادرة لفتح فرعهم برام الله جاءت بطلب من أحد التجار الفلسطينيين بعد أن عملوا في سوق السلطة الفلسطينية منذ زمن بعيد عن طريق وكلاء تجاريين".

محتجون
ونظم عشرات المحتجين الفلسطينيين مظاهرة بالقرب من مكان افتتاح المتجر على "دوار الشهيد ياسر عرفات" وسط المدينة، مطالبين السلطة الفلسطينية بإلغاء ترخيص الشركة الإسرائيلية.

وقال الناشط في العمل الجماهيري خالد منصور "إنه عار كبير أن تفتح الشركات الإسرائيلية فروعا لها في بلادنا، بينما العالم يقاطع الاحتلال اقتصاديا وسياسيا، يساهم تجار فلسطينيون في إطالة عمره، هذا لا يجوز ولن نقبله..".

وقال منصور خلال المظاهرة الاحتجاجية إن من يشاركون في التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل لا يمثلون الشعب الفلسطيني "وهم تماما كمن يصافح أعضاء الليكود وشاس في مقر منظمة التحرير"، في إشارة إلى حادثة استقبال نواب إسرائيليين قبل أسابيع في مقر المنظمة برام الله.

وأشار منسق القوى الوطنية والقيادي بحزب الشعب الفلسطيني عصام بكر إلى أن الحراك الشعبي سيستمر في الضغط من أجل إلغاء ترخيص هذا المتجر و"لتكريس رفضه لتمرير مشاريع السلام الاقتصادي التي تبيعه الوهم عن سلام سياسي".

وقال بكر إن البديل عن هذا السلام هو التوجه للمؤسسات الدولية في الأمم المتحدة والسعي لفرض العقوبات على إسرائيل بدلا من التطبيع معها، إلى جانب ضرورة التحلل من اتفاقية باريس الاقتصادية بين منظمة التحرير وإسرائيل والتي تكبل الاقتصاد الفلسطيني.

وأضاف أن القضية الفلسطينية ليست اقتصادية تنتهي بتسهيلات تجارية وبمزيد من الرفاهية إنما قضية حقوق يجب الدفاع عنها.  

ورغم إعلان وزارة الاقتصاد الفلسطينية أنها لم تمنح الشركة الإسرائيلية إذن عمل لمزاولة التجارة في دولة فلسطين، فإن مصادر رسمية قالت للجزيرة نت إن تأخر الترخيص مرتبط بإجراءات قضائية لا برفض رسمي.

بوابة السلام
وبالتزامن مع إعلان افتتاح الشركة الإسرائيلية برام الله، أعلن عن قرب تدشين مشروع منطقة صناعية زراعية فلسطينية إسرائيلية أردنية مشتركة في مدينة أريحا جنوبا، كما أعاد رئيس الوزراء رامي الحمد الله التأكيد على أهمية دعم المنطقة الصناعية المقامة على أراض زراعية في الجلمة قرب جنين شمال الضفة الغربية.

فلسطينيون برام الله يدعون لمقاطعة فرع شركة فوكس الإسرائيلية (الجزيرة نت)
فلسطينيون برام الله يدعون لمقاطعة فرع شركة فوكس الإسرائيلية (الجزيرة نت)

وجرى الخميس الاجتماع السنوي لمناقشة خطة "ممر السلام" التي تناقش قضايا تحسين الوضع الاقتصادي في الأغوار وإقامة مطار للفلسطينيين، بحضور وزير التخطيط الفلسطيني وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ووزير الداخلية الأردني، ووزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي سيلفان شالوم.

وبحسب وزارة الاقتصاد الفلسطينية فإن مشروع المنطقة الصناعية الزراعية ليس مشتركا مع الإسرائيليين، ويقتصر الدور الإسرائيلي فيه على تقديم التسهيلات اللوجستية في تنظيم عمليات نقل البضائع والمنتجات.

ومن المقرر أن يفتتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس هذه المنطقة في غضون شهرين، حسب المصادر الرسمية.

وارتبط مصطلح "السلام الاقتصادي" أساسا باتفاقيات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ التسعينيات، لكنه ارتبط مجددا بطرح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر "هرتسيليا" عام 2009 يتحدث عن تفاهم ضمني مع رئيس الحكومة الفلسطينية السابق سلام فياض على تأجيل قضايا الحل النهائي (الحدود والقدس واللاجئين والمياه)، لبناء علاقات تجارية بين إسرائيل والضفة الغربية تكون ممرا لتسوية سياسية.

خطة كيري
ويشير مدير البرامج في مركز بيسان للبحوث والإنماء في رام الله اعتراف الريماوي إلى ارتباط مشاريع السلام الاقتصادي الجديدة والمستجدة منها برؤية كيري لإحياء المفاوضات السياسية.  

وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد أعلن في ختام أعمال المنتدى الاقتصادي الذي عقد في البحر الميت نهاية مايو/أيار الماضي، عن تطلعه إلى جمع أربعة مليارات دولار من الاستثمارات لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني وتشغيل الأيدي العاملة بالتزامن مع إعادة إطلاق عملية السلام.

وقال كيري في حينه إن خبراء يعملون لزيادة إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني بنسبة تصل إلى 50% وتأمين وظائف جديدة تكفي لخفض معدل البطالة بنسبة الثلثين ليتراجع من 21% إلى 8%، مع ارتفاع متوسط الرواتب بنسبة 40% خلال ثلاث سنوات.

ورأى الريماوي أن مشاريع السلام الاقتصادية الموازية لاستئناف المفاوضات ما هي إلا محاولة للعودة مرة أخرى للحالة التي نشأت بعد الملحق الاقتصادي لاتفاق أوسلو عام 1994.

وقال الريماوي إن السلطة الفلسطينية تضع مشاريع المناطق الصناعية في إطار اقتصادي بحت، بينما الحقائق المرتبطة بافتتاح مشروع أريحا المشترك مثلا ضمن "بوابة السلام"، تدلل على كونه نافذة للتطبيع السياسي ولتغطية الفشل في مسار المفاوضات.

المصدر : الجزيرة