الأزمة الأوروبية بوضع خطر

f_The skyline of Frankfurt's banking area with the giant euro sign near the European Central Bank appears
فشل أوروبا في حل الأزمة وضع تعافي الاقتصاد العالمي واقتصادات منطقة اليورو في خطر (الفرنسية)

اعترف مسؤولون أوروبيون خلال مناقشات برلمانية الأربعاء بأن أوروبا لم تثبت للعالم بعدُ قدرتها على علاج أزمة الديون التي تضرب منطقة اليورو، في الوقت الذي سعت فيه باريس لتهدئة المستثمرين بعد خفض وكالة موديز الأميركية للتصنيف الائتماني لبنكين كبيرين في فرنسا.

 
يشار إلى أن أزمة منطقة اليورو شهدت تدهورا الأربعاء بعدما أعلنت موديز خفض الجدارة الائتمانية للبنكين الفرنسيين سوسيتي جنرال وكريدي أغريكول لانكشافها على الديون اليونانية.
 
ونقل عن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في أعقاب الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء قوله إن مخاوف الأسواق المالية "مبالغ فيها بشكل كبير"، واصفا وضع البنوك الفرنسية بأنه ثابت.
 
وفي إشارة إلى تفاقم أزمة الدين قال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو أمام إحدى لجان البرلمان الأوروبي بمدينة ستراسبورغ الفرنسية "إن مواطنينا والأسواق وشركاءنا في العالم لم يقتنعوا بعد بأننا قادرون على خوض هذه المعركة وتحقيق النصر الحاسم فيها".
 
وأضاف "في ظل تنافر الانتقادات والانتقادات المضادة والأدوية السحرية التي كان يتم اقتراحها بشكل يومي، كانت الحقيقة أن الموقف يتدهور".
 
وتكافح منطقة اليورو التي تضم 17 دولة من دول الاتحاد الأوروبي منذ أكثر من عام ونصف لاحتواء أزمة الديون التي أجبرت ثلاثا من الدول الأعضاء بالمنطقة على طلب مساعدات مالية دولية وهي اليونان والبرتغال وإيرلندا.
 
وأدت التقلبات الحادة في أسواق المال بسبب المخاوف من أزمة الديون  الأوروبية إلى ظهور شبح الحاجة إلى حزم إنقاذ مالية جديدة لدول أخرى في منطقة اليورو وفي مقدمتها إسبانيا وإيطاليا.
 
خوسيه باروسو: الموقف يتدهور(رويترز-أرشيف)
خوسيه باروسو: الموقف يتدهور(رويترز-أرشيف)
وضع خطر
في السياق, قال وزير المالية البولندي جاك روستوفسكي -الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي حاليا- أمام أعضاء البرلمان الأوروبي "لا شك أن أوروبا في وضع خطر" الآن.
 
وكما هو الحال مع باروسو حث الوزير البولندي أعضاء البرلمان الأوروبي على المسارعة في التوصل إلى اتفاق مع حكومات الاتحاد الأوروبي بشأن مجموعة جديدة من ضوابط الميزانية للدول الأعضاء والمعروفة باسم "الحزمة السداسية".
 
وقال المفوض الأوروبي للشؤون النقدية والاقتصادية أولي رين مخاطبا البرلمان إن هناك حاجة ملحة إلى تمرير حزمة الضوابط السداسية بنهاية الشهر الحالي، "فهو أمر مهم ليس فقط الآن ولكنه أساس ضروري لأي تقدم في الحوكمة الاقتصادية لمنطقة اليورو".
 
وانتقد رئيس البنك الدولي روبرت زوليك فشل الاتحاد الأوروبي في التعامل مع أزمات الديون التي تواجه بعض دوله، ليضع تعافي الاقتصاد العالمي واقتصادات منطقة اليورو في مواجهة الخطر.
 
وقال زوليك إن الاقتصاد العالمي دخل منطقة خطر جديدة مع مساحة محدودة للمناورة بسبب رفض الدول الأوروبية الاعتراف بالحقائق الصعبة بشأن مسؤوليتها المشتركة عن العملة الموحدة.
 
وأضاف أن أوروبا واليابان والولايات المتحدة احتاجت لوقت طويل جدا قبل اتخاذ القرارات الصعبة، مما أدى إلى تقلص الخيارات المتاحة أمامهم إلى مستويات مؤلمة.
 
واعتبر زوليك أنه من غير المعقول أن تلتزم دول منطقة اليورو  بالوحدة النقدية بدون الالتزام إما بالوحدة المالية أيضا التي تضمن نجاح الوحدة النقدية، أو بالقبول بعواقب انخفاض القدرة التنافسية لبعض الدول أو تراكم ديونها.
 
وقال إن الدروس المستفادة من الأزمة المالية لعام 2008 وغيرها من الأزمات السابقة، أنه كلما تأخر التحرك زاد العبء والجهد المطلوب  للخروج من الأزمة وأصبحت الحلول أكثر إيلاما. 
 
لكن وزير الخزانة الأميركي تيموثي غيثنر سعى إلى دعم الثقة في قدرة أوروبا على حل أزمة ديونها، قائلا إن الأوروبيين لديهم القدرة الاقتصادية والمالية على ذلك.
 
وأضاف "ليس هناك احتمال بأن تدع الدول الكبرى في أوروبا مؤسساتها في خطر.. إنهم ملتزمون بشكل مطلق ولديهم القدرة المالية والاقتصادية لعمل ما يلزم لحل هذه الأزمة".
 
روبرت زوليك: الاقتصاد العالميدخل منطقة خطر جديدة (الأوروبية)
روبرت زوليك: الاقتصاد العالميدخل منطقة خطر جديدة (الأوروبية)
مساع للاحتواء
ويسعى قادة ألمانيا وفرنسا واليونان إلى إيجاد وسيلة لاحتواء أزمة الدين من خلال مؤتمر عبر الهاتف.
 
وستتشاور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو حول الأزمة بعدما ترأس باباندريو اجتماعا طارئا لمجلس الوزراء في أثينا.
 
وكانت اليونان قد استطاعت تأمين الحصول على قروض إنقاذ بقيمة 110 مليارات يورو (151 مليار دولار) في مايو/أيار 2010 وفقا لشروط بتنفيذ برنامج تقشف صارم.
 
كما حصلت على وعد بتقديم حزمة إنقاذ ثانية بقيمة 109 مليارات يورو في يوليو/تموز الماضي.
 
ومن المقرر أن تستأنف اليونان المفاوضات المعلقة مع الدائنين الدوليين  يوم 19 سبتمبر/أيلول الجاري بعدما هددوا الأسبوع الماضي بتعليق  الدفعة السادسة بنحو 8 مليارات يورو (11 مليار دولار) من حزمة الإنقاذ التي تم التوصل إليها عام 2010، بسبب العثرات المالية للبلاد.
 
وتسعى اليونان لإقناع دائنيها الأجانب بأنها تستحق الحصول على الدفعة التالية من الأموال من صندوق الإنقاذ.
 
وكانت الحكومة قد أعلنت أمس أن لديها من الأموال ما يكفي فقط للعمل  حتى أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مما يؤكد حاجة البلاد الملحة إلى الدفعة التالية من قروض الطوارئ.
المصدر : وكالات