أبو الهول يتقاعد.. فيلم إباحي أمام الحارس الصامت

A camel looks over the Giza Pyramids of Giza, on the outskirts of Cairo, Egypt, October 9, 2018. Picture taken October 9, 2018. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh
أهرامات الجيزة الشعار الأول للسياحة الفرعونية في مصر (رويترز)

مجدي مصطفى

تتصدر جريمة تحطيم أنف تمثال أبو الهول أشهر الجرائم التاريخية بحق الآثار الفرعونية في مصر، لكنها لا تزال "مقيدة ضد مجهول"، حيث توزعت المسؤولية عنها بين أحد المتصوفة في العصر الفاطمي ويدعى صائم الدهر، وبين القائد الفرنسي نابليون بونابرت خلال حملته على مصر عام 1798.

لكن هذه الجريمة تكاد تتوارى في الذاكرة أمام سلسلة طويلة من الجرائم المعاصرة بحق هذا الإرث الحضاري والتاريخي بداية من سرقة وتهريب الآثار، وصولا إلى مسلسل الإساءة إليها وإهانتها بتكرار تصوير أفلام إباحية في المناطق الكائنة بها، خصوصا منطقة الأهرامات الشعار السياحي الأول لمصر.

تقول الأسطورة الفرعونية إن الملك خفرع الذي وجّه ببناء تمثال أبو الهول على الضفة الغربية للنيل، أراد أن يكون هذا التمثال الصامد الصامت حارسا لهضبة الأهرام، وراعى ذلك في نحته بجسم أسد ورأس إنسان، ليجمع بين قوة الأول وحكمة الثاني.

لكن مهمة أبو الهول باتت الاكتفاء بالشهادة الصامتة على ما يجري من حوله، في وقت تنتشر فيه الحراسات الأمنية وأجهزة الرصد والتعقب التكنولوجية في المنطقة الكائن بها والتي تأتي في مقدمة الاهتمام الأمني باعتبارها وزوارها الأجانب الوجهة السياحية الأولى، والأولى بالحماية حيث توجد وحدة هندسية في المكان مسؤولة عن مراقبة كل ما يجري فيه، وضبط أي مخالفة.

وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي في الرقابة والمتابعة على مدار الساعة، تكرر مسلسل تصوير أفلام إباحية في المنطقة، وفوق الهرم أحدث حلقاته ما تم الكشف عنه قبل أيام بانتشار مقطع فيديو، يظهر قيام شاب وفتاة أجنبيين بأفعال فاضحة ومخلة بالآداب العامة فوق قمة هرم خوفو أكبرِ الأهرامات المصرية.

‪جريمة جدع أنف أبو الهول لا تزال مقيدة ضد مجهول‬ (غيتي)
‪جريمة جدع أنف أبو الهول لا تزال مقيدة ضد مجهول‬ (غيتي)

حديث العري
وتزامنت تلك الواقعة مع ضجة حول فستان ممثلة درجة ثالثة ظهرت به في مهرجان القاهرة السينمائي ليتصدر حديث "العري" -سياحة وتمثيلا- أحاديث الشارع المصري.

وبينما كان رد الفعل الرسمي مع "فستان العري" هو استثمار الواقعة إعلاميا في إطار سياسة "تزييف الوعي" و"تشتيت الانتباه" لصرف الاهتمام عن أزمات خانقة وملحة تعصف بالشارع المصري، تطوّر رد الفعل في حالة "فيديو الهرم الإباحي" من التكذيب ونفي الواقعة من أساسها إلى التشكيك والاتهام بالاختلاق، ثم إلى الاقتراب من الإقرار بوقوعها بتشكيل لجنة للتحقق من الأمر.

لم يكن الفيديو الإباحي الأخير وبطله البلجيكي الأول من نوعه، فقد سبقه "إباحيون" آخرون من جنسيات غربية مختلفة، ففي أبريل/نيسان الماضي تباهت عارضة أزياء بلجيكية بنشر صور عارية لها بمنطقة الأهرامات في الجيزة، وأخرى في معبد الكرنك بالأقصر جنوبي مصر.

وفي 2015 أعلنت ممثلة إباحية أميركية عن تسجيلها فيلما إباحيا لها في منطقة الهرم بالجيزة أيضا تحت مسمى "كليوباترا"، ونشرت الصور التي تم التقاطها في منطقة الهرم على حسابها الشخصي على تويتر.

وفي ربيع عام 2015 تم تصوير فيلم إباحي آخر في منطقة الأهرام في رابعة النهار باعتراف وزير الآثار.
 
من شاهدوا الفيلم الأخير في ذلك الوقت قالوا إن مدته عشر دقائق، وتم تصوير مشاهده في منطقة "سن العجوز" داخل منطقة الهرم والمنطقة الأثرية بجوار أبو الهول، ويظهر المرشد السياحي والشركة السياحية وأحد أفراد الشركة المسؤولون عن حراسة المكان في الفيديو بوضوح.

وتبين أن القائمين على الفيلم الإباحي من الجنسية الروسية، الأمر الذي جعل البعض يربط بين الفيلم وزيارة الرئيس فلاديمير بوتين الأخيرة إلى مصر في ذلك الوقت، والتي أعقبها إفراج عن أفراد شبكة روسية متخصصة في أعمال منافية للآداب.
 
ومما يعنيه تصوير مثل هذا النوع من الأفلام أن أصحابها كانوا مطمئنين ومحميين من الجهات الأمنية والمعنية التي اختارت لهم الزمان وأمّنت لهم المكان، ولا يستقيم معه التذرع بالنفي أو التجاهل أو الرهان على ذاكرة الناس أو السكوت عنها مثل السكوت عن جرائم تهريب الآثار.

لم يعد مستساغا تقييد هذا النوع من الجرائم "ضد مجهول" كما كانت الحال مع جريمة جدع أنف أبو الهول، خصوصا وأن المجهول لم يعد مجهولا، بل أصبح معلوم المواصفات، وهو على الأقل صاحب صلاحيات كبيرة ولديه القدرة على تعطيل المراقبة، مطمئنا إلى أنه فوق التعقب أو المحاسبة.

المصدر : الجزيرة