"تفتح الربيع" معرض بلون الثورات العربية

لوحة تفتح " الربيع العربي" بألوان الدم والقمع
undefined

محمد محسن وتد-أم الفحم

بدا الربيع هائجا وعاصفا في صالة عرض الفنون في أم الفحم بالداخل الفلسطيني التي استضافت السبت المعرض الفني "تفتح الربيع" للرسام التشكيلي الفلسطيني أسامة سعيد، حيث عكست لوحاته دلالات ومعاني نكبة فلسطين التي تركت بصماتها على سيرته ومسيرته الإبداعية.

وجاءت ريشة سعيد لتصور الربيع في فلسطين والجليل بالأخضر بتبرعم الأزهار وتفتحها لكن يرشها ببقعة من ألوان ضوئية متوهجة عكست اللون الأحمر الدموي في لوحة الثورات العربية.

ويعكس عنوان المعرض "تفتح الربيع" الحب الذي يكنه سعيد للطبيعة في فلسطين من خلال ذكريات الماضي التي ما زالت راسخة في ذاكرته، إذ يعتبر من الجيل الأول المولود بعد النكبة، فجده عبد الله اتخذ قرارا مصيريا بإبعاد أولاده الثلاثة الكبار خوفا عليهم من الإعدام من قبل عصابات "الهاغانا" وطالبهم بالعودة إلى الجليل وقريتهم نحف حتى تستقر الأمور، ثم نزحوا معا مع قوافل اللاجئين إلى سوريا ولبنان وانقطعت العلاقات.

الربيع والثورات
يقول سعيد "أحببت، وما زلت أذكر زرقة السماء ولون تراب الأرض المحروثة، وكذلك تفتح الربيع بألوانه التي كست أرض أجدادي وبعثت بقلبي الحب والتفاؤل والأمل، فالطبيعة بكافة طاقتها لا تزال تنبض بقلبي وتجري في عروقي".

‪‬ هكذا بدا للفنان أسامة سعيد
‪‬ هكذا بدا للفنان أسامة سعيد "تفتح الربيع" بشمال فلسطين(الجزيرة نت)

ويضيف "اخترت الفن كأداة للتعبير، حيث يمكنني عبره سرد قصتي الشخصية التي هي نموذج مصغر لرواية ومعاناة شعبي الفلسطيني الذي ما زال ينزف ويعيش حالة من التمزق والتحديات تشبه في واقعها لحد كبير مشهد الثورات العربية وراية الحرية التي رفعتها الشعوب وقوبلت بالقمع وسفك الدماء من قبل الحكام".

كما يقول سعيد للجزيرة نت إنه يجتهد من خلال معرض "تفتح الربيع" أن ينقل من خلال الألوان ملامح القضية الفلسطينية بتعقيداتها، مشيرا إلى لوحة "الدكتاتور" حيث غاب عن تفتح الربيع اللون الأخضر وساد اللون الأحمر الدموي. كما يجسد لحظات عاصفة مملوءة بالتناقضات في لوحة "وجه الأرض والخير الأبدي".

أما لوحة "وجه السماء" وهي ذات بعد روحاني فتعبر عن الأمل بالخروج من دائرة العنف والمشهد الدموي في لوحة الربيع العربي رغم التراجيديا والحزن.

دلالات وتقلبات
ويقول مدير صالة العرض في أم الفحم الفنان سعيد أبو شقرة إن لوحات الفنان تمثل سجالا باختياره "الربيع" ليس كمشهد لحب الطبيعة وتفتح الأزهار فحسب، بل تعبيرا ذاتيا عن المشاعر تجاه الربيع في فلسطين وما يحمل في ثناياه من مشاهد اللجوء والغربة في الشتات والوطن له ولعائلته.

وهنا تناولت اللوحات دلالات الربيع في فلسطين كمشهد استعاري للتقلبات البيئية في حياة الفلسطيني وشكلت الأرض جوهر تلك اللوحات في الصراع مع المحتل، لينتقل بسلسلة لوحات "مدينة الملح والصدأ" إلى بدايات "تفتح الربيع" في بعض الدول العربية.

وأوضح أبو شقرة للجزيرة نت أن لوحات أسامة سعيد تجسد إبداعاته وترحاله المتكرر خلال ثلاثة عقود من حياته، حين يحاول رغم مشاعر الغربة مداواة جراح الماضي بالإبداع وتوثيق الذاكرة والنسيان بالفن، وذلك من خلال التعبير عن مشاعره وتجربته الشخصية "التي تمثل حالة جماعية للشعوب العربية بالمرحلة الراهنة"، حيث أصر أن يضعها بصلب النقاش والجدل بمختلف لوحاته التي تتمحور حولها قضايا حارقة ما زالت تشغله وهي الحرية، والغربة، والأرض والهوية.

التبدد والفقدان
بدورها بينت أمينة المعرض الدكتورة نافا سفيليا أن سعيد يتوقف عند الأرض في الجليل حيث مسقط رأسه في سلسلة الصخور بنظرة شبه تجريدية كتعبير عن الشعور بالتبدد والفقدان، حيث تطفو على لوحاته وجوه حرثتها التجاعيد، وهي تحدق مباشرة في عيني المشاهد، لتتحول الوجوه باللوحات الفنية إلى أكثر الدلائل مباشرة عن المغايرة وتجلياتها في المشهد الحياتي.

وعن "تفتح الربيع" وربطه بأحداث الربيع العربي قالت سلفيا للجزيرة نت "يعبر الفنان عن أحاسيسه تجاه ما يشهد العالم العربي، حيث يرى من خلال لوحاته رؤساء الدول العربية، وكأنهم متدثرون بفساتين من ذهب، فيما يعيش رعاياهم في الرماد والوحل، حيث بدأت الشعوب في الانتفاضات الأخيرة بتمزيق هذا الغلاف الساطع المخادع".

المصدر : الجزيرة