الاحتلال يبتز الموظفين الفلسطينيين مستغلا حاجتهم

اعتصام
اعتصام موظفين فلسطينيين بغزة (أرشيف)

أحمد عبد العال-غزة

تلقى الموظف في جهاز الشرطة بقطاع غزة، خالد زهير (32 عاما) رسالة نصية على هاتفه المحمول من جهاز المخابرات الإسرائيلية، تبلغه برغبتها بمساعدته في ظل الظروف المالية القاسية التي يعيشها لعدم تلقيه راتبه بانتظام.

لم يتفاجأ زهير بذلك، فهو يدرك أساليب الاحتلال لتجنيد الفلسطينيين عبر ابتزازهم بالمال، لكنه حزين على وصول الحال بالموظفين إلى تعرضهم للابتزاز من الاحتلال، بعد رفض حكومة التوافق الفلسطينية دفع رواتبهم منذ تشكيلها في يونيو/ حزيران 2014، باستثناء بعض "السلف المالية" الزهيدة التي يتلقونها من وزارة المالية في غزة، على فترات متباعدة قد تصل إلى شهرين.

وذكر موقع "المجد الأمني" الفلسطيني الذي يعنى بالقضايا الأمنية، أن جهاز "الشاباك الإسرائيلي" أرسل رسائل نصية لهواتف بعض العاملين بالأجهزة الأمنية في حكومة غزة، جاء فيها "إذا محتاج لدعم وطالعة روحك من انتظار حكومة حماس فأنا هنا بجانبك" مع إرفاق عنوان موقع إلكتروني للتواصل بالرسالة.

وقال زهير لمراسل الجزيرة نت "فور وصول الرسالة النصية، توجهت للجهات الأمنية المختصة في قطاع غزة، وأبلغتهم بالأمر، وطلبوا مني تجاهل الرسالة وعدم الدخول للموقع المرفق، حتى لا أكون ضحية لابتزاز المخابرات".

ولا تكفي السلفة المالية، التي يتلقاها الشرطي خالد على فترات تمتد لأكثر من شهر، لسد أدنى احتياجات عائلته وأبنائه الأربعة الأساسية، فهي لا تتجاوز مئتي دولار أميركي، في ظل صعوبة الحياة وازدياد متطلباتها. وهو يأمل أن تبذل الأطراف المعنية كافة الجهود الممكنة لحل مشكلة رواتب الموظفين الذين يعانون ظروفا قاسية منذ أكثر من عام ونصف العام، وباتوا عرضة للابتزاز من المخابرات الإسرائيلية.

ابتزاز
وأكد المختص الفلسطيني بالشأن الأمني، إسلام شهوان، أن المخابرات الإسرائيلية وجهات أمنية فلسطينية وأخرى دولية، تحاول استغلال الوضع الاقتصادي الصعب، والأزمة المالية الخانقة التي يعيشها الموظف بغزة من أجل ابتزازه ومحاولة إسقاطه في "وحل العمالة" والحصول على معلومات مقابل مبالغ زهيدة من المال.

وقال شهوان، في حديث للجزيرة نت، إن أجهزة المخابرات تعتبر الهواتف النقالة وسيلة آمنة وسريعة ومباشرة، فعندما ترسل رسالة للموظف، يتولد لديه فضول لمحاولة الحديث مع الجهة المرسلة، مما يجعله فريسة سهلة لضباط المخابرات، الذين يملكون أساليب متطورة في التحايل من أجل الحصول على المعلومات المطلوبة.

وأضاف "الجهات الأمنية في القطاع تمكنت من اكتشاف حالتين تمكنت المخابرات الإسرائيلية، وجهات أمنية فلسطينية، من الحصول على معلومات منهما" محذرا من التعاطي مع هذه "الرسائل المشبوهة" التي تؤدي بالشخص المستهدف للوقوع في "وحل العمالة".

وفي سياق متصل، قال أستاذ علم النفس بجامعة الأقصى بغزة، درداح الشاعر، إن المواطن لديه خطوط حمراء في التعامل مع كل ما يمس وطنه، ولديه حذر في التعامل مع الاحتلال، مشيرا إلى أن انهيار المنظومة النفسية للإنسان بحيث يصبح ساقطا أمنيا وأخلاقيا ثم عميلا ليس لها عقوبة إلا الإعدام.

واعتبر درداح، في حديث للجزيرة نت، أن الوعي الوطني والشعور بالانتماء للقضية الفلسطينية هي تحصينات، لا تدفع الموظف إلى التنازل للاحتلال إطلاقاً، لافتا إلى أن مثل هذه الأساليب ليست جديدة على الاحتلال الإسرائيلي، وأن لدى الإنسان الفلسطيني معرفة بأساليب الاحتلال وألاعيبه، وهو محصن ثقافيا ضدها.

المصدر : الجزيرة