بدائل السلطة عن الدولة الفلسطينية

Mahmoud Abbas, President of the Palestinian Authority, speaks during the United Nations General Assembly on September 23, 2011 at UN headquarters in New York. The Palestinian leader won huge applause and a standing ovation Friday from some of the assembly as he entered the hall shortly after asking the UN to admit the state of Palestine.

مجلس الأمن قد لا يتمكن من الموافقة على طلب انضمام دولة فلسطين (الفرنسية)

لا تزال الشكوك تحيط بنجاح مسعى السلطة الفلسطينية للحصول على موافقة الأمم المتحدة على عضوية دولة فلسطين، إذ إن تلويح الولايات المتحدة باستخدام حق النقض (فيتو) سيحسم هذا الجدل في مجلس الأمن الدولي ما لم تفلح واشنطن في منع حصول الطلب الفلسطيني على موافقة تسعة أعضاء من أصل 15 بمجلس الأمن.

وقد تكتفي السلطة الفلسطينية بالحصول على مقعد دولة مراقب في الجمعية العامة، وتعود إلى المفاوضات ضمن مبادرة اللجنة الرباعية الجديدة التي تدعو الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للعودة إلى المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي في مدة أقصاها نهاية 2012. ولكن هذه المبادرة لا تتضمن النص على وقف الاستيطان الذي كان سببا في توقف المفاوضات، مما يجعلها غير مؤهلة -على الأرجح- لجمع الطرفين على طاولة التفاوض ما لم يحصل الفلسطينيون على عضوية الأمم المتحدة.

وفي هذه الحالة تسطيع السلطة الفلسطينية استخدام عدة خيارات للخروج من واقع الجمود الذي تعاني منه المفاوضات. وتتراوح هذه الخيارات بين التصعيد الميداني والدبلوماسي والعودة إلى الإطار الداخلي الفلسطيني لتقوية الجبهة الداخلية في مواجهة استمرار التغول الإسرائيلي بالاستيطان ورفض حصول الفلسطينيين على دولة.

استمرار الاستيطان يدفع الفلسطينيين بعيدا عن خيارات التفاوض (الفرنسية-أرشيف)
استمرار الاستيطان يدفع الفلسطينيين بعيدا عن خيارات التفاوض (الفرنسية-أرشيف)

تشكيل حكومة وحدة
ومن الخيارات المتاحة، عودة السلطة إلى تفعيل خيار الحوار الفلسطيني بهدف التوصل إلى حكومة وحدة، وهي الخطوة التي تم الاتفاق عليها مؤخرا في الحوارات بين حركتي التحرير الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس)، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنها بسبب الخلاف على شخصية رئيس الوزراء القادم.

وتستطيع فتح أن تتوصل إلى اتفاق بهذا الشأن عبر تحريك موقفها من إعادة تعيين رئيس وزراء حكومة تسيير الأعمال الحالية سلام فياض المختلف عليه. إلا أن هذه الخطوة قد تضع بيد الإسرائيليين المزيد من المبررات للتشدد في المفاوضات، وقد تضع السلطة الفلسطينية في موقف حرج أمام الولايات المتحدة والغرب ما لم يتم تحديد مهام الحكومة بتسيير الأمور الداخلية.

وسيرتبط تفعيل الحوار بإعادة تفعيل دور المنظمة السياسي وإدماج حماس فيها وما ينبثق عنه (حسب وثيقة المصالحة المصرية التي تم الاتفاق عليها) من تشكيل لجنة قيادية مؤقتة للمنظمة قد تتخذ قرارات لن تكون في صالح المفاوضات وتفعيلها.

السلطة الفلسطينية دعمت المقاومة السلمية ضد الجدار العازل وما زالت (الجزيرة نت)
السلطة الفلسطينية دعمت المقاومة السلمية ضد الجدار العازل وما زالت (الجزيرة نت)

حل السلطة أو انتفاضة
وهذا يقودنا إلى الخيار الآخر الذي سبق أن لوّح به الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو حل السلطة لوضع الاحتلال تحت مسؤولياته القانونية والإدارية. وينطوي هذا الأمر على ما يسميه البعض الفوضى، أو يطلق عليه البعض الآخر كشف الغطاء عن حقيقة الاحتلال ومنعه من استغلال وجود السلطة القائمة للادعاء بأن مسؤوليته عن وضع الأراضي الفلسطينية انتهت بتوقيع اتفاقيات أوسلو وقيام سلطة لا تمتلك السيادة على الأرض والبحر والجو.

وإذا كان هذا الأمر بمثابة "انتحار سياسي" للسلطة الفلسطينية وإنهاء لنهج التفاوض، فإنه يقود إلى الخيار الآخر المتمثل في إعادة إحياء الانتفاضة الشعبية. وقد يعتبر هذا الخيار الأكثر خطورة على السلطة الفلسطينية التي سبق لها على لسان قادتها أن رفضت الانتفاضة العنيفة، وتمسكت بما أسمته الانتفاضة السلمية جنبا إلى جنب مع المفاوضات لتحصيل الدولة الفلسطينية.

قد يؤدي خيار الانتفاضة السلمية إلى إطلاق عقال الصراع العربي الفلسطيني ويدفعه إلى آفاق أرحب وأخطر، ولكنه قد ينبني على إنجازات جديدة تعزز الخيار التفاوضي مستقبلا، وقد يخرج القضية برمتها من يد القيادة الفلسطينية التي تريد انتفاضة محسوبة وسلمية، وهو أمر لا يمكن ضمانه بسبب آلة القمع الإسرائيلية التي قد تقود إلى ردود فلسطينية وربما عربية رسمية وشعبية عنيفة.

ويمكن القول إن خيارات السلطة في ظل فشل خيار الدولة صعبة وتنبني على مخاطر، ولذلك فقد يكون من الأسلم لها أن تستمر في خياراتها الدبلوماسية إلى حين التقاط خيط جديد للتفاوض يمكن أن يتم تسويقه فلسطينيا وعربيا، وهو أمر لا يقل صعوبة عن الخيارات الأخرى في ضوء إستراتيجية السلطة التي تنبني على أساس التفاوض لا على أي شيء آخر.

المصدر : الجزيرة