كيف أثرت سنوات أوباما على الاستيطان بالقدس؟

مستوطنة جبل أبو غنيم (هارحوما) جنوب القدس
يزعم الكاتب نداف شرغاي أن معدل الهجرة إلى القدس تراجع وأن يهودا كثيرين غادروها أثناء السنوات الأخيرة (الجزيرة نت)

الجزيرة نت-القدس

اعتبر كاتب إسرائيلي متخصص في شؤون القدس أن الاستيطان بالمدينة تراجع في ما وصفها بـ"السنوات الثماني السيئة" أثناء ولايتي الرئيس الأميركي باراك أوباما، مشيرا إلى موقف أميركي مناهض للاستيطان فيها.

واستعرض نداف شرغاي في تقرير نشره مؤخرا بصحيفة إسرائيل اليوم المحسوبة على مكتب رئيس الحكومة آراء مسؤولين ذوي علاقة من النخبة السياسية للتأكيد على تراجع الاستيطان في القدس خلافا لتقارير جهات أخرى تؤكد تزايده في سنوات حكم نتنياهو من 2009 وحتى 2016.

ورأى أن القدس أصابها الضعف أثناء السنوات الثماني الماضية، "فقد تراجع معدل الهجرة إليها، وبات يهود كثيرون يغادرونها، بسبب عدم وجود شقق سكنية فيها، ولذلك فإن الأغلبية السكانية اليهودية فيها تتراجع مع مرور الوقت".

ويبين الكاتب أن الاكتفاء أثناء السنوات الأربعين الماضية بإدانة البناء الاستيطاني بالقدس منح إسرائيل فرصة للبناء واستكمال بناء 12 تجمعا استيطانيا وتسكين مئتي ألف يهودي في شقها الشرقي، حتى دخل أوباما وفريقه البيت الأبيض عام 2009 لتتغير الصورة.

اللقاء الأول
يقول شرغاي إنه كان واضحا منذ اللقاء الأول بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وأوباما أن خلافاتهما تركزت على جملة قضايا، أهمها البناء الاستيطاني في القدس، فبدأت تتردد في الإدارة الأميركية أفكار لمنع إسرائيل من فرض سيادتها على البلدة القديمة بالمدينة، وإقامة نظام دولي خاص بها.

معاريف: 74% من يهود القدس ولدوا بمرحلة ما بعد احتلال ما تبقى من القدس عقب 1967 (الجزيرة نت)
معاريف: 74% من يهود القدس ولدوا بمرحلة ما بعد احتلال ما تبقى من القدس عقب 1967 (الجزيرة نت)

ما يراه الكاتب إنذارا أميركيا ثانيا بشأن القدس جاء من وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون التي أبلغت مسؤولا إسرائيليا كبيرا بعدم بناء حجر واحد جديد في المستوطنات المقامة شرق المدينة، ثم غضب جو بايدن نائب الرئيس الأميركي في مارس/آذار 2010 من إعلان لجنة التخطيط فيها عن بناء 1500 وحدة سكنية في مستوطنة رامات شلومو، مما اضطر إسرائيل لإعلان تجميد البناء فيها.

ويوضح شرغاي أن ضغوط أوباما على تل أبيب بشأن الاستيطان بالقدس تتجاهل ما قامت به إسرائيل عقب حرب 1967، حيث فرضت قانونها على ما تبقى من المدينة، وضمت سبعين ألف دونم من مساحتها بما في ذلك 28 قرية عربية للتأسيس لأغلبية يهودية مستقرة فيها.

ومع ذلك -يضيف الكاتب- حاول أوباما وقف البناء الاستيطاني في القدس رغم إقامة إسرائيل معظم المستوطنات اليهودية الـ12 في الجزء الشرقي منها، حيث يقيم نحو 19 ألف يهودي.

ويقدم شرغاي إحصائيات عن أعداد مستوطني القدس أثناء سنوات أوباما الثماني الأخيرة في أهم مستوطنات القدس، ففي راموت ألون يقيم خمسون ألفا، وغيلو ثلاثون ألفا، وبسغات زئيف أربعون ألفا، مشيرا إلى أن 74% من يهود القدس ولدوا بمرحلة ما بعد احتلال ما تبقى من القدس عقب 1967.

ويقول الكاتب الإسرائيلي إن أكثر من مئتي مستوطن يقيمون شرقي القدس بنسبة 40% من سكان شرقيها، و39% من يهود المدينة بشقيها، مشيرا إلى أن سياسة أوباما تجاه المدينة "جاءت رغم مخططات إسرائيل في المدينة، وتمثلت بشق الطرق، وإقامة البنى التحتية، وإنشاء المباني الحكومية في الشيخ جراح، والإعلان عن حدائق وطنية..".

واعتبر وزير شؤون القدس الحالي في حكومة الاحتلال زئيف ألكين أنه رغم رفض أوباما البناء في القدس فقد عمدت إسرائيل أثناء السنوات الثماني التي واكبت حكمه لبناء ألفي وحدة سكنية سنويا بالمدينة، مبينا أن ذلك غير كاف لما اعتبره حاجة "فالقدس تتطلب بناء أربعة آلاف وحدة سكنية سنويا".

وزير سابق: جرى العرف على ضرورة إعلام السفير الأميركي في تل أبيب بأي خطة للبناء بالقدس(الجزيرة نت)
وزير سابق: جرى العرف على ضرورة إعلام السفير الأميركي في تل أبيب بأي خطة للبناء بالقدس(الجزيرة نت)

تنسيق مسبق
وينقل شرغاي عن مساعد سابق لوزير الإسكان هو مائير فروش قوله إن جذور سياسة أوباما تجاه القدس تعود لخلافات واشنطن وتل أبيب بشأنها منذ اتفاق أوسلو عام 1993 وخريطة الطريق عام 2000، حيث حصلت مواجهة قاسية بينهما بشأن الاستيطان في المدينة.

وينسب الكاتب إلى وزير الإسكان السابق (عام 2011) زئيف بويم تأكيده أنه لم يعتد أن يبلغ رئيس الحكومة عن أي مخططات استيطانية بالقدس، ولم يحبذ ما اعتبرها الوصاية الأميركية، فيما عبر وزير الإسكان التالي أوري أريئيل من البيت اليهودي عن إحباطه من الضغوط الأميركية بشأن الاستيطان في المدينة.

وينقل الكاتب عن آفي إيتام -الذي كان وزيرا للإسكان عام 2003- أن العرف جرى على ضرورة إعلام السفير الأميركي في تل أبيب دان كرتسر بأي خطة للبناء الاستيطاني في القدس، فيما أكد مائير شطريت -الذي كان زيرا للإسكان عام 2008- أن أي بناء استيطاني في المدينة تم بالتوافق مع مكتب رئيس الوزراء.

المصدر : الصحافة الإسرائيلية