القدس "الكبرى" حلم نتنياهو لتفريغها من الفلسطينيين

خريطة القدس
الخط الأزرق حدود القدس الكبرى كما يريدها الاحتلال (الجزيرة نت)

محمد محسن وتد-القدس

 

يتطلع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للبقاء بسدة الحكم وانتخابه لولاية خامسة بهدف تحقيق حلمه تدشين مخطط "القدس الكبرى" بحلول عام 2020، وبالتالي إعلان المدينة عاصمة للشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم.

من المتوقع أن يسكن "القدس الكبرى" قرابة مليون يهودي، بينما سيقتصر الوجود الفلسطيني على مئة ألف نسمة سيتم تجميعهم ضمن "كانتونات" وفق خطط الاحتلال.

وفي حال إتمام الخطة ستعادل مساحة "القدس الكبرى" 10% من مساحة الضفة الغربية أي نحو ستمئة كيلومتر مربع، وبذلك سيتم شطب الحدود الدولية للمدينة، وطمس القدس الشرقية التي بلغت مساحتها عند احتلالها عام 1967 نحو 72 كيلومترا، وستقصر المساحة المتبقية للفلسطينيين على 9.5 كيلومترات مربعة.

لتثبيت مخطط "عاصمة الشعب اليهودي" فإن الحكومة ماضية في مشروع شبكة المواصلات والطرقات لربط القدس ليس بأواسط إسرائيل والساحل وإنما الضفة والمستوطنات.

مستوطنة
مستوطنة "مفوى تصيون" غربي القدس على شارع تل أبيب القدس ستضم للقدس الكبرى (الجزيرة نت)

حدود مصطنعة
في المقابل، تم الشروع بتشييد جدار فاصل حول القدس الشرقية لضم ما مساحته قرابة 230 كيلومترا مربعا يسكنه 150 ألف مستوطن، وبالتالي عزل نحو 250 ألف مقدسي عن المدينة. 

وستمتد حدود المدينة المصطنعة من رام الله شمال إلى الخليل وبيت لحم جنوبا، مع ضم الكتل الاستيطانية وخاصة كتلة عتصيون بين الخليل وبيت لحم ومستوطنة معاليه أدوميم شرقا، و"بسغات زئيف" في الجهة الشمالية الشرقية، لتمتد حتى منطقة الأغوار والبحر الميت شرقا، وجميعها من أراضي الضفة.

وستصل حدود القدس غربا إلى منطقة اللطرون، وسيتم ربطها بمستوطنة "مودعين" المقامة على حدود الرابع من يونيو/حزيران المتاخمة لوسط إسرائيل ومطار بن غوريون.

وضمن توسيع نفوذ القدس، أنجزت الحكومة الإسرائيلية مخططات لبناء نحو ستين ألف وحدة استيطانية، نحو 85% منها ستبنى في القدس الشرقية لتضاف إلى عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية التي أقيمت بالمدينة منذ الاحتلال، لتكون بيئة جذابة لليهود الذين شيدوا سبعين بؤرة استيطانية بقلب الأحياء السكنية الفلسطينية.

ومن المتوقع أن يصل تعداد الوحدات الاستيطانية بالقدس الشرقية بحلول عام 2020 إلى نحو 130 ألف وحدة سكنية. علما بأن الفلسطينيين يتملكون اليوم أربعين ألف وحدة سكينة، ثلثها يقطنه مئة ألف نسمة وصادر بحقها أوامر هدم وإخلاء بذريعة البناء دون تراخيص.

وتقتصر مساحة الأرض المتبقية للمقدسين لأغراض البناء على قرابة 13% من مساحة المدنية الشرقية التي ضمت بعد الاحتلال، بينما تم توظيف 33% من مساحة أراضيها للمشروع الاستيطاني.

ولضمان نجاح المخطط، دأبت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تفريغ القدس من سكانها الفلسطينيين بسحب الإقامة من حوالي 15 ألف عائلة قوام أفرادها يبلغ خمسين ألفا، بينما أتى مشروع الجدار الفاصل ليسلخ نحو 150 ألفا، وكذلك المعابر العسكرية المتاخمة لشعفاط التي تسببت بعزل سبعين ألف مقدسي عن المدينة.

‪القدس الكبرى تحول القرى الفلسطينية داخل الخط الأخضر إلى كانتونات كما هي قرية أبو غوش‬ (الجزيرة نت)
‪القدس الكبرى تحول القرى الفلسطينية داخل الخط الأخضر إلى كانتونات كما هي قرية أبو غوش‬ (الجزيرة نت)

سياسي وديني
يرى الحاخام إلياهو كوفمان، وهو محسوب على تيار الحريديم، أن نتنياهو صهيوني علماني ولا يمت بصلة للمعتقدات التوراتية، ويوظف الدين اليهودي من أجل مكاسب سياسية، مبينا أن رئيس الوزراء يشعل حروبا دينية مع الفلسطينيين بالقدس للحفاظ على كرسيه.

وشكك كوفمان -في حديثه للجزيرة نت- في إمكانية نجاح نتنياهو الإعلان عن القدس عاصمة للشعب اليهودي، لاعتقاده أن الشعب الفلسطيني ومهما تعرض للطرد والإبعاد فسيبقى حاضرا بالمدينة، أسوة بالمقدسات الإسلامية والمسيحية التي لا يمكن طمسها وتهويدها مهما أقيمت من حولها مشاريع استيطانية ومراكز توراتية.

أما رئيس مركز القدس الدولي، حسن خاطر، فيجزم بأن نتنياهو زعيم ديني أكثر منه سياسي، ويعكس الوجه الحقيقي للأطماع التهويدية والتوراتية بالقدس، ويعبر عن المشروع الصهيوني، مضيفا أن نتنياهو أكثر تطرفا حتى من الحاخامات، ويتلاعب بالقناع السياسي لتحقيق المزيد من الإنجازات الدينية على أرض الواقع.

وسعيا لفرض المشروع على الأرض، قال خاطر للجزيرة نت إن نتنياهو تعمد طمس المقدسات الإسلامية والمسيحية وتزييف الآثار وعبرنتها وتهويدها وبناء مائة كنيس وعشرات المراكز التوراتية في البلدة القديمة وتخوم الأقصى، سعيا منه لإحكام سيطرة الاحتلال وفرض سيادته على القدس القديمة للقضاء على الوجود الفلسطيني داخل الأسوار.

المصدر : الجزيرة