مليا.. أول مسلمة ترأس اتحاد طلاب بريطانيا

مليا بوعطية - طابوة بريطانية من أصول جزائرية

مليا بوعطية طالبة جزائرية تدرس في بريطانيا؛ فجّر انتخابها رئيسة للاتحاد الوطني للطلاب في بريطانيا في أبريل/نيسان 2016 جدلا هناك بحكم كونها أول مسلمة تفوز بهذا الموقع، وواجهت اتهامات بـ"معاداة السامية "والتعاطف مع تنظيم الدولة الإسلامية.

المولد والنشأة
ولدت مليا بوعطية عام 1987 في الجزائر ثم غادرتها إلى بريطانيا وهي في سن السابعة، بسبب الأحداث الدامية التي عاشتها بلادها في تسعينيات القرن العشرين وسميت العشرية السوداء.

تقول مليا عن تلك التجربة إنها أجبرتها وأسرتها على ترك الجزائر عندما كانت في السابعة من عمرها، بعد أن وجدت آنذاك نفسها مع زملائها في المدرسة الابتدائية تحت وابل من الرصاص، كما أن أباها استهدِف في تفجير أثناء وجوده داخل حجرة دراسة بالجزائر.

الدراسة والتكوين
لم تمنع الدراسة في جامعة بيرمنغهام شمال غربي بريطانيا مليا بوعطية من متابعة قضايا العرب والمسلمين، فهما وتدقيقا في طريقة تناول الإعلام الغربي والبريطاني بصفة خاصة لها، مما أكسبها رؤية وشخصية طلابية مميزة يحسب لها حساب، وأهلها للفوز في انتخابات الاتحاد الوطني للطلاب البريطانيين التي جرت في أبريل/نيسان 2016 لتصبح بذلك أول مسلمة ترأسه في تاريخه.

التجربة الطلابية
جاء فوز مليا بوعطية بعد حملة انتخابية عاصفة بينها وبين الرئيسة السابقة للاتحاد ميغان دون التي أطيح بها بعد عام من رئاستها للاتحاد الذي يضم أكثر من 600 منظمة طلابية في بريطانيا، تضم مليونين ونصف مليون طالب. وقد حصلت بوعطية على 372 صوتا مقابل 328 لدون.

وحول هذا الفوز قالت بوعطية "إن الترشح ضد رئيس سابق للاتحاد عادة ما يكون صعبا جدا، وهذه الحالة حدثت مرة واحدة في تاريخ الاتحاد"، معتبرة فوزها "رسالة في غاية القوة، خصوصا أنها المرة الأولى التي تصل فيه امرأة ملونة إلى هذا المنصب".

وحول طبيعة البرنامج المقبل للاتحاد أكدت بوعطية أنها تريد ألّا تنحصر اهتمامات الحركة الطلابية في قضايا الطلاب فقط، بل أن تمتد إلى قضايا أخرى مثل السياسات الحكومية للتقشف وأزمة اللاجئين، ونبهت إلى أن المؤتمر الطلابي "لا يتعلق فقط باتحاد الطلبة، بل بمجتمعنا كله، ودور حركتنا فيه. ربما يكون ديفد كاميرون لا يحبني ولا يحب حركتنا الطلابية، ولكن قوتنا ستجبره على الاستماع لنا".

وفي تعليقه على انتخاب بوعطية، قال الرئيس التنفيذي السابق للاتحاد الوطني للطلاب البريطانيين والمسؤول الدولي لشباب حزب العمال البريطاني عبد العزيز سليمان، إن انتصارها "يعطي الأمل والشجاعة للأجيال النسائية المسلمة الشابة التي أرهِبت وأبعدت من الفضاء العام، بسبب الإسلامفوبيا الواضحة والمتخفية، والتي جعلت حياتهم مستحيلة".

بمجرد فوزها برئاسة اتحاد الطلاب، اتهمت مليا بوعطية بالتعاطف مع تنظيم الدولة الإسلامية ومعاداة السامية، ولم يتردد الإعلام البريطاني والإسرائيلي في توجيه تلك الاتهامات إليها.

أما هي فقالت إنها تفرق بين تنظيم الدولة الإسلامية والإسلامفوبيا، وترفض أن تطرق مخيلات الأوروبيين فكرة أن الإسلام هو "الإرهاب"، ثم إنها تشن هجمات على إعلام تقول إنه يعاديها وتختلف معه بعمق خلافها مع السياسة الصهيونية، مؤكدة أنها دائما تميز بين اليهودية والصهيونية التي تضم أطيافا سياسية وعقائدية عدة.

صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قالت "إن الرئيسة الجديدة للاتحاد من نشطاء حركة بي دي أس للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، وتعتبر المقاومة السلمية غير كافية وتؤيد المقاومة المسلحة الفلسطينية ضد إسرائيل، وتدين الصحف التي تقودها الصهيونية في بريطانيا"، كما زعمت أن بوعطية "رفضت إدانة تنظيم الدولة الإسلامية".

أما صحيفة الغارديان البريطانية فاعتبرت بوعطية "مثيرة للجدل" في أوساط عدد من الطلاب، بعد أن شغلت الإعلام البريطاني في فترات سابقة بسبب بعض مواقفها السياسية، ومنها إعلانها عدم ثقتها بالتدخل العسكري الأميركي في الشرق الأوسط.

ونقلت "الغارديان" عن بوعطية قولها إنها تتمنى أن تضع -بصفتها رئيسة للاتحاد- الجدل الذي أثير حول بعض مواقفها وراء ظهرها، مؤكدة أنها تعتقد أن الطريقة التي انتقِدت بها ساهمت في تقوية سعيها للفوز بمنصب رئاسة الاتحاد الوطني للطلاب.

وكان خمسون من رؤساء الجمعيات اليهودية الطلابية على مستوى بريطانيا وجهوا رسالة مفتوحة إلى بوعطية أثناء الانتخابات باعتبارها ناشطة ضد الصهيونية، طالبوها فيها بتوضيح موقفها من "معاداة السامية"، مشيرين إلى تصريحات وصفت هي فيها جامعة بيرمنغهام -التي تضم مجتمعا يهوديا كبيرا- بأنها تمثل "قاعدة أمامية للصهيونية في التعليم العالي البريطاني".

وفي ردها على هذه الرسالة، نفت بوعطية أن تكون لها أي مشكلة مع الجمعيات اليهودية في الجامعات، مضيفة "أنا أحتفي بقدرة الطلاب والناس عموما من جميع الخلفيات على التعايش معا، وعلى التعبير عن انتماءاتهم ومعتقداتهم بانفتاح وإيجابية، وسأستمر على هذا النهج".

وعقب فوز بوعطية أصدر اتحاد الطلاب اليهود بيانا عبر فيه عن أمله بعلاقات إيجابية معها، ولكنه أكد وجود قلق لدى كثير من الطلاب اليهود بسبب هذا الفوز، وطالبها بوصفها رئيسة للاتحاد الوطني للطلاب بتبديد دواعي القلق لدى هؤلاء الطلاب.

وقالت بوعطية إن البعض قد يظن أنها "إرهابية" أو تنطلق في سياساتها من منطلق "الكراهية" بسبب محاولات الإعلام اليميني تلطيخ سمعتها، مضيفة أن هذا خطأ كبير.

وأضافت "أعرف جيدا ثمن الإرهاب وتداعيات العنف والظلم. لقد رأيت بلادي الجزائر تعاني بسبب الإرهاب، وأجبرت بسبب ذلك على الهجرة؛ أعرف جيدا الدمار الذي تسببه العنصرية والاضطهاد، وسوف أستمر في مقاومته بكل أشكاله".

ونشرت مليا مقالا في صحيفة "الغارديان" البريطانية يوم 25 أبريل/نيسان 2016 ردت فيه على كل الاتهامات التي وجهت إليها، وجددت تأكيدها أنها اتهامات غير صحيحة، وأوضحت أنها تقف ضد التطرف بكل أشكاله، وأنها منفتحة على الجميع للعمل لأجل تحقيق مصالح الطلاب في بريطانيا.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية