خططت لاغتيال الرئيس الأوكراني.. ماذا تعرف عن "فاغنر" الروسية؟

A handout picture made available on the official website of the Russian Defence Ministry shows Russian pilot getting inside a SU-25 strike fighter before the take-off at the Syrian Hmeymim airbase, outside Latakia, Syria, 16 March 2016. Russian warplanes leave the Hmeymim airbase for permanent location airfields in Russia following the order of Russian President Vladimir Putin to withdraw the majority of Russian troops from Syria.
تضافرت المؤشرات على ارتباط مجموعة فاغنر بالقوات الروسية (الأوروبية)

كشفت صحيفة "ذا تايمز" (The Times) البريطانية أول أمس الاثنين 28 فبراير/شباط 2022 أن أكثر من 400 روسي من مرتزقة "فاغنر" يتحركون في العاصمة الأوكرانية كييف، بأوامر من الكرملين، لاغتيال الرئيس فولوديمير زيلينسكي وأعضاء حكومته، الأمر الذي من شأنه أن يمهد الطريق لموسكو لتولي زمام الأمور.

ووفق الصحيفة، فقد قامت "فاغنر" بنقل مرتزقة من أفرادها من أفريقيا قبل 5 أسابيع، في مهمة لاستهداف أركان القيادة في كييف، مقابل وعود بمكافأة مالية سخية.

وتضيف "ذا تايمز" أن المخابرات الأوكرانية كانت قد توصّلت إلى معلومات عن خطة الاغتيال صباح السبت 26 فبراير/شباط 2022، وبعد ساعات من ذلك أعلنت كييف حظر تجول "صارما" لمدة 36 ساعة بدعوى "اجتياح المدينة من قبل مخربين روس"، محذرة من أن كل من سيلقى القبض عليه سيُنظر إليه على أنه عميل للكرملين، وقد يتعرض للتصفية في حال المقاومة.

وفي 14 فبراير/شباط 2022، ذكرت 3 مصادر أمنية غربية بارزة لـ"رويترز" أن مرتزقة روسا على صلة بجواسيس لموسكو، يعززون وجودهم في أوكرانيا، مشيرة إلى أن روسيا يمكنها استخدام المرتزقة لنثر بذور الفتنة وشل أوكرانيا، من خلال عمليات اغتيال مستهدفة واستخدام أسلحة متخصصة.

وأوضحت المصادر الأمنية الغربية أن المرتزقة ينتشرون ضمن شركات عسكرية روسية خاصة، لها روابط وثيقة بجهاز الأمن الاتحادي الروسي، الخليفة الرئيس لجهاز المخابرات في العصر السوفياتي "كيه جي بي" (KGB) وجهاز المخابرات العسكرية الروسي "جي آر يو" (GRU).

وأضافت أن ضابطا سابقا بجهاز المخابرات العسكرية يعمل مع مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة ذهب في الأسابيع الأخيرة إلى دونيتسك، وهي إحدى منطقتين يسيطر عليهما انفصاليون موالون لروسيا في شرق أوكرانيا منذ عام 2014.

النشأة والتأسيس

ـ تعد مجموعة فاغنر أشهر شركة أمنية روسية، وتماثل شركة بلاك ووتر الأميركية، يعمل تحت لافتتها مئات المرتزقة الروس، وتتولى -وفق تقارير صحفية- تنفيذ ما يوصف بالعمليات القذرة في مناطق النزاع المختلفة.

ـ نشأت هذه المليشيا خلال السنوات الأخيرة وبدأت نشاطها في أوكرانيا، ثم برزت بشكل أكبر في سوريا، وخطفت الأضواء أكثر بعد مقتل عدد منهم خلال غارة أميركية في سوريا مطلع فبراير/شباط 2018.

ـ وحسب مختصين، يعتمد عمل فاغنر على مبدأ وجود جيش لحل المشاكل من دون استخدام القوة. وتقوم الشركة بتوفير التدريب العسكري للقوات المحلية، والأمن الشخصي للقادة والمسؤولين، والأمن لمنشآت الطاقة.

ـ في مقابل هذه الخدمات، تحصل الشركات التابعة لفاغنر على امتيازات وتراخيص معينة لاستخدام المعادن والموارد الطبيعية، وكذلك لتزويد هذه البلدان بالأسلحة والتكنولوجيا والخدمات العسكرية.

ـ استلهم اسم شركة فاغنر من "ريتشارد فاغنر"، ملحن الأوبرا المفضل لأدولف هتلر.

ـ لا تتوفر الكثير من المعطيات حول ظروف نشأة مجموعة فاغنر، وذكرت وكالة رويترز نقلا عن صحيفة "فونتانكا رو" أن تأسيسها يعود إلى خريف 2015، أي الفترة التي شنت فيها روسيا غارات دعما للسلطات السورية.

ـ صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" (Los Angeles Times) ذكرت أن تأسيس المجموعة كان عام 2014 على يد العميد السابق في الجيش الروسي ديمتري أوتكين الذي يخضع لعقوبات أميركية على خلفية دوره في الأزمة الأوكرانية، حيث قاتل في شرق أوكرانيا إلى جانب المتمردين الانفصاليين.

ـ مثلما حارب "أوتكين" فإن العديد من مقاتلي فاغنر حاربوا أولا في شرق أوكرانيا، حيث تقود المليشيات المدعومة من روسيا حركة انفصالية ضد القوات الأوكرانية منذ عام 2014.

ـ نظرا لأن الشركات العسكرية الخاصة غير قانونية في روسيا، فإن الشركة مسجلة في الأرجنتين بحسب صحيفة لوس أنجلوس، ولكن أغلب نشاطها -الذي تكشف حتى الآن على الأقل- تركز في أوكرانيا وسوريا.

ـ نقلت وكالة رويترز عن صحيفة "آر كيه بي" الروسية تأكيدها أن عدد مقاتلي فاغنر تغير بحسب الظروف والفترات، هبوطا من 2500 في أوج المعارك إلى نحو ألف في المعدل، قبل تقليص أعدادهم صيف 2016.

ـ قالت صحيفة لوس أنجلوس إن معظم المحللين العسكريين يقدرون أن هناك ألفي مرتزق في سوريا يعملون لصالح فاغنر.

معسكر تدريب

ـ مع أنه ليس لمجموعة فاغنر أي وجود قانوني في سوريا -التي تعد الشركات الأمنية الخاصة محظورة فيها- فقد تمت الإشارة مرارا لوجود عناصر هذه المجموعة فيها.

ـ أورد موقع فونتانكا أنه حتى صيف 2016 كان معسكر تدريب "فاغنر" يقع في مولكينو قرب كرازنودار جنوب روسيا، في الموقع ذاته حيث تتمركز كتيبة للقوات الخاصة والاستخبارات العسكرية الروسية.

ـ التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2016: حضر ديمتري أوتكين -الضابط السابق في القوات الخاصة ومن مؤسسي فاغنر- احتفالا في الكرملين لتكريم "أبطال" روس في سوريا، وظهر عبر التلفزيون والتقطت له صور إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ـ رغم أن السلطات الروسية ظلت تتكتم على وجود صلات لها بالمجموعة وتنفي أي علاقات معها، فإن المؤشرات تتضافر على وجود علاقة بين الطرفين.

ـ تشير مصادر إعلامية إلى أن الجيش الروسي ينسق مع هذه القوات التي يتم نقلها عبر طائرات عسكرية تابعة له، وتحصل على امتيازات الجيش ذاتها.

الحرب الهجينة

ـ تعتبر صحيفة "بلومبيرغ" (Bloomberg) الأميركية أن المجموعة تمثل جزءا أساسيا من إستراتيجية روسيا الأوسع المتمثلة بالحرب الهجينة، فهي مزيج من العدوان الحركي والإعلامي لتعزيز المصالح الروسية، عبر نشر مقاتلين يرتدون أزياء غير الزي الرسمي للجيش الروسي، كما حدث في شبه جزيرة القرم في 2014.

ـ تنسب بلومبيرغ إلى إيفلين فاركاس النائبة السابقة لمساعد وزير الدفاع الروسي، قولها إن أي مرتزق روسي -سواء كان في أوكرانيا أو في سوريا- فإنه يعمل لحساب الحكومة الروسية.

ـ بالإضافة إلى الأدوار التقليدية لهذه المليشيا، فقد سلطت وسائل إعلام متعددة الضوء على دور جديد تقوم به هذه القوات في سوريا يتعلق بحماية المنشآت النفطية. وذكرت أسبوعية "سوفيرشينكو سيكريتنو" (سري جدا) أن مهمة عناصر فاغنر تغيرت وباتت تتمثل في "حراسة المنشآت النفطية".

ـ نفس الدور تقوم به أيضا شركة إيفرو بوليس الروسية التي ترجح مصادر إعلامية أن ملكيتها تعود ليفغيني بريغوغين، رجل الأعمال من سانت بطرسبورغ المقرب من الكرملين، ويعد أبرز الأسماء الواردة في لائحة الاتهام الأميركية، كما أنه -بحسب وسائل إعلام روسية- يتولى تمويل مجموعة فاغنر.

ـ تتحدث وسائل إعلام أميركية أن الرجل قاد في 2016 مجموعة ركزت عملها على تعزيز حملة ترامب وتحقير منافسيه ومن بينهم الديمقراطية هيلاري كلينتون، وتناوب "مئات" الأشخاص على العمل في هذه المجموعة بميزانية تقدر بملايين الدولارات.

"طباخ بوتين"

وأطلق على بريغوغين اسم "طباخ بوتين"، لأنه يدير شركة "كونكورد" التي كانت تنظم حفلات الاستقبال بالكرملين، وهي خاضعة لعقوبات أميركية منذ ديسمبر/كانون الأول 2016.

ـ أصبح هذا الرجل بفعل نفوذه لدى الكرملين من أصحاب المليارات، وباتت شركاته تحصد كل عقود وزارة الدفاع في قطاعات التغذية والخدمات. ومع شنّ روسيا حربها على أوكرانيا ومن ثم على سوريا، تحول إلى متعهد عسكري.

ـ تقول وكالة الصحافة الفرنسية إن وسائل إعلام روسية تربط بين بريغوغين ومجموعة " فاغنر" للمرتزقة، لكنه ينفي تماما أي صلة له بها.

ـ مارس/آذار 2016: نشطت فاغنر في عملية استعادة مدينة تدمر الأثرية من تنظيم الدولة الإسلامية.

ـ السابع من فبراير/شباط 2018: تعرضت هذه المليشيا لضربة كبيرة حين شنت القوات الأميركية غارات مكثفة على رتل قيل أولا إنه من القوات الموالية للنظام السوري في محافظة دير الزور شرقي سوريا، قبل أن يتبين لاحقا -وفق تقارير متواترة- أن العشرات من المرتزقة الروس العاملين ضمن مجموعة فاغنر قتلوا في هذه العملية.

ـ نقلت وكالة رويترز عن 3 مصادر مطلعة قولها إن نحو 300 شخص يعملون لصالح شركة عسكرية روسية خاصة مرتبطة بالكرملين، قتلوا أو أصيبوا في سوريا خلال هذه المعركة.

ـ أوضح مسؤولون أميركيون وزملاء للمقاتلين الذين شاركوا في المعركة أن قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة هاجمت قوات متحالفة مع الرئيس السوري بشار الأسد.

ـ جاءت الغارات الأميركية بعد أن هاجمت قوة متحالفة مع الأسد في التاريخ المذكور مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية التي تساندها قوات خاصة أميركية قرب دير الزور.

ـ أوردت وكالة رويترز اعتمادا على مصادرها المطلعة، أن المصابين الذين جرى إجلاؤهم من سوريا في الأيام القليلة الماضية نقلوا إلى 4 مستشفيات عسكرية روسية.

صراعات نفوذ

ـ يبدو أن فاغنر خسرت عام 2016 ثقة وزارة الدفاع بعدما كانت تمولها وتزودها بالأسلحة والمعدات، وذلك بسبب توترات مع الجيش الروسي على الأرض وصراعات نفوذ في موسكو.

ـ أورد كيريل ميخائيلوف أنه بفضل الجيش الروسي تجاوزت القدرات العسكرية لفاغنر "نظيراتها لدى أي شركة أمنية غربية خاصة"، وخصوصا الشركة الأميركية "بلاك ووتر" التي عملت لحساب الحكومة الأميركية في العراق واتُّهمت كثيرا بالإفلات من المحاسبة.

ـ وأضاف ميخائيلوف أن هذه الصعوبات "دفعت يفغيني بريغوغين للسعي وراء عقود أخرى، وخصوصا ذلك الذي وقع مع دمشق ونص على أن تستعيد فاغنر السيطرة على حقول وبنى تحتية نفطية مقابل 25% من الإنتاج".

ـ لهذا الغرض، أسس بريغوغين شركة اسمها "إيفرو بوليس" (Evro Polis) وقعت الاتفاق المذكور مع الحكومة السورية في ديسمبر/كانون الأول 2016. ومنذ ذلك الوقت، تتولى هذه الشركة دفع رواتب المرتزقة التي تتراوح بين 200 ألف و300 ألف روبل (3500-5200 دولار) شهريا وفق وسائل الإعلام الروسية.

ـ وعلق بافيل باييف أن "عدد المرتزقة والفترة الزمنية للعمليات يتطلبان تمويلا يتجاوز بكثير قدرة رجل أعمال متوسط الحال، ومن المرجح جدا أن تكون شركات بريغوغين واجهة لمصادر تمويل أخرى".

شهود عيان

ـ 18 فبراير/شباط 2018: قال رئيس الفرع المحلي لمنظمة "كوساك" شبه العسكرية يفغيني شاباييف لوكالة رويترز إنه زار معارف له أصيبوا بسوريا في المستشفى المركزي التابع لوزارة الدفاع في خيمكي على مشارف موسكو.

ـ وأضاف أن المصابين أبلغوه أن وحدتي المتعاقدين الروس المشاركتين في المعركة قرب دير الزور تتألفان من 550 رجلا، وقال له المصابون إن نحو 200 من هذا العدد لم يقتلوا أو يصابوا.

ـ ونقل شاباييف عن مصابين زارهم في المستشفى قولهم "بدأت القاذفات بالهجوم، ثم استخدمت طائرات الأباتشي" وهي طائرات هجومية أميركية الصنع.

ـ 13 ديسمبر/كانون الأول 2021: فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مجموعة فاغنر، وكذلك على 8 أفراد و3 شركات طاقة في سوريا متهمين بالمساعدة في تمويل المرتزقة في أوكرانيا وليبيا وسوريا.

ـ قال الاتحاد -في جريدته الرسمية- "مجموعة فاغنر مسؤولة عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في أوكرانيا وسوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وموزمبيق"، وأدرج من ضمنها أعمال تعذيب وعمليات إعدام خارج نطاق القضاء.

ـ طالت العقوبات ديمتري أوتكين -الذي يوصف في الوثيقة بأنه مؤسس وقائد مجموعة فاغنر- وستانيسلاف ديتشكو الذي وصف بـ"المرتزق"، وفاليري زاخاروف "شخصية رئيسية في هيكلية قيادة مجموعة فاغنر".

ـ كما طالت العقوبات كذلك المدير التنفيذي لفاغنر أندريه تروشيف، وقائد المجموعة الرابعة المختصة بالاستطلاع وعمليات الاقتحام، أندريه بوغاتوف، وذلك بتهمة المشاركة بعمليات عسكرية للمجموعة في سوريا.

ـ 23 ديسمبر/كانون الأول 2021: أدانت 15 دولة غربية -بينها فرنسا وألمانيا- في بيان مشترك انتشار مرتزقة روس تابعين لمجموعة "فاغنر" شبه العسكرية في مالي بمساعدة موسكو.

ـ قالت هذه الدول -وبينها أيضا بريطانيا وكندا- "ندين بشدة انتشار مرتزقة على الأراضي المالية"، منددة بـ"ضلوع حكومة روسيا الاتحادية في تأمين دعم مادي لانتشار مجموعة فاغنر في مالي".

ـ كانت الولايات المتحدة قد حذرت الحكام العسكريين في مالي من التعاقد مع مجموعة فاغنر المتهمة بإرسال مرتزقة إلى دول، من بينها ليبيا وسوريا وأفريقيا الوسطى، وارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان خلال انخراطها في صراعات عسكرية في هذه الدول.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية