صبراتة.. مدينة ليبية يُخيم عليها شبح البغدادي

الموسوعة - Sabratha صبراتة
تتميز صبراتة بمعالمها التاريخية الكثيرة وتعتمد في اقتصادها على التجارة والسياحة (الأوروبية)
صبراتة مدينة ليبية ساحلية تقع غرب العاصمة طرابلس على مقربة من الحدود مع تونس، تتميز بمعالمها التاريخية الكثيرة، وتعتمد في اقتصادها على التجارة والسياحة. ومثل باقي المدن الليبية، عانت من اضطراب الأوضاع الأمنية إثر الثورة الليبية التي أسقطت نظام معمر القذافي.

الموقع
تقع مدينة صبراتة على بعد 67 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس على ساحل البحر الأبيض المتوسط. ويتميز مناخ صبراتة بحرارة مرتفعة صيفا (ما بين 30 و40 درجة) ومناخ معتدل شتاء.

السكان
تتضارب الأرقام بخصوص عدد سكان مدينة صبراتة، لكن تقارير إعلامية رجحت عام 2014 أن عددهم يتراوح ما بين 85 ومئة ألف نسمة.

التاريخ
تحدث المؤرخون عن أن المدينة حملت اسم صبرات (Sabrat) الذي وجد على عملة بونيقية، كما حملت أيضا اسم صبراتن (Sabratan) الذي يعني "سوق الحبوب".

ولا يوجد توافق بين المؤرخين حول تاريخ إنشاء صبراتة، لكن البعض يرجح أنها بُنيت في بداية الألفية الأولى قبل الميلاد خلال إنشاء المستوطنات الفينيقية الأولى في المنطقة.

وبجانب المدينة الفينيقية بُنيت مدينة رومانية بحسب قواعد العمران الروماني المعروف الذي يتضمن مسرحا ضخما ومباني عالية وأعمدة وأقواسا.

عاشت المدينة أوجها خلال حكم الإمبراطورييْن أنطونيوس بيوس وماركوس أوريليوس ما بين 138 و180 ميلادية، حيث ازدهر فيها النشاط التجاري، خاصة المنتجات الأفريقية من عاج وغيره.

وعانت المدينة خلال مراحل من تاريخها حالات سلب ونهب وتخريب، واحتلها الوندال عام 455 ميلادية ثم البيزنطيون. وتؤكد المصادر التاريخية أن صبراتة استقبلت الفاتحين المسلمين من دون قتال. وفي بداية القرن العشرين عانت من ويلات الاحتلال الإيطالي لليبيا، وتعرضت بعض آثارها للنهب من طرف الإيطاليين.

عبد أهل صبراتة الآلهة الأسطورية التي استقدمها الفينيقيون والرومان، وكانت لهم طقوس غريبة بينها تقديم القرابين من الأطفال الصغار بالنسبة للفقراء، بينما لجأ الأغنياء إلى شراء أطفال الرقيق والفقراء لتقديمهم قرابين بدلا من أبنائهم، كما أوضح ذلك المؤرخ اليوناني القديم بلوتارخ. وقد عوضت هذه العادة بعدئذ بقرابين من الماشية.

ونظرا لعمقها التاريخي، تزخر مدينة صبراتة بآثار تاريخية عديدة، حيث كشفت أعمال حفر وتنقيب بدأت عام 1923 نصف مساحة المدينة القديمة، بما في ذلك مساكن وشوارع ومنشآت بارزة بينها مسرح صبراتة. كما اكتشف حي سكني يرجع إلى بدايات تأسيس الإمبراطورية الرومانية ويتميز بطابع معماري أصيل.

ومنذ إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 وبسبب الاضطرابات الأمنية الواسعة التي شهدتها البلاد، تعرض كثير من آثار صبراتة للتشويه والتجريف والنهب، مما دفع مختصين ليبيين في مجال الآثار للتحذير من أن اليونسكو قد تشطب تلك المواقع الأثرية من قائمة التراث العالمي، إذا لم يوضع حد لتلك الاعتداءات.
 
شبح البغدادي
في 22 فبراير/شباط 2016، سيطر عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية لساعات على مديرية أمن صبراتة الواقعة وسط المدينة، بعد اشتباكات مع قوات الأمن المحلية المنضوية ضمن تحالف "فجر ليبيا" والتي استطاعت في النهاية طردهم من المدينة.
 
ويشرف على الأمن في صبراتة مجلس عسكري يضم مجموعات مسلحة محلية موالية لتحالف "فجر ليبيا"، الذي يتولى مسؤولية الحفاظ على أمن العاصمة طرابلس منذ 2014.

عاد اسم المدينة إلى واجهة الأخبار في وسائل الإعلام عندما شنت طائرة أميركية غارة على مقر لتنظيم الدولة بزعامة أبو بكر البغدادي في صبراتة يوم 19 فبراير/شباط 2016 استهدفت مسؤولا ميدانيا في هذا التنظيم تونسي الجنسية.

ونتج عن هذه الغارة مقتل نحو خمسين شخصا، وقالت حينها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الغارة حالت دون وقوع هجوم يُرجح أن التنظيم كان يعدّ لتنفيذه في تونس المجاورة.

اقتصاد
تشتهر صبراتة بالتجارة كنشاط اقتصادي بارز، وتعد مقصدا للتجار الليبيين وكذلك التجار من بلدان مجاورة بينها تونس ومصر، مما يسمح بترويج بضائع كثيرة ترد إلى المدينة من مناطق أفريقية وعربية وأوروبية.

وتعتمد المدينة في مداخيلها كذلك على السياحة، مستغلة في ذلك كونها مدينة أثرية تزخر بآثار حضارات سابقة، وكذلك جوها المتوسطي المعتدل الذي يشجع السياح الأوروبيين بشكل خاص على السفر إليها.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية