بعد ارتفاع أسعارها لمستويات قياسية.. أردنيون يدشنون حملات لمقاطعة البيض والدجاج

الباعة يلمسون حالة المقاطعة. الجزيرة .سوق السكر وسط البلد
إلغاء وزارة الصناعة والتجارة والتموين الأردنية السقوف السعرية تسبب في ارتفاع الأسعار (الجزيرة)

عمّان- بحملات للمقاطعة، يواجه الأردنيون الارتفاعات المتتالية لأسعار سلع غذائية أساسية ليس آخرها الدواجن وبيض المائدة، إذ سجل الدجاج المذبوح الطازج ارتفاعا بأكثر من 30%، أما الدجاج الحي فزاد بنسبة 15%، وزاد بيض المائدة بنسبة 12% خلال الشهر الحالي، وفق تجار ومستهلكين.

وخلال الأيام الماضية، تصدرت عدة وسوم -أبرزها #مقاطعة_الدجاج، و#معا_لمقاطعة_الدجاج_والبيض و#مقاطعة_الدجاج_مصلحة_وطنية- منصات وسائل التواصل الاجتماعي بالأردن، في دعوات شعبية لمقاطعة الدجاج، وذلك للضغط على الشركات المنتجة والتجار والمزارعين لخفض أسعاره، حسب منظمي الحملات.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، تداول نشطاء على منصات وسائل التواصل الاجتماعي صورا لأكلات بديلة عن الدواجن، وطبخات أردنية غاب عنها الدجاج، في محاولة منهم لزيادة التجاوب مع حملات المقاطعة.

سقوف سعرية

وحسب مختصين، فإن ما تسبب في ارتفاع أسعار الدواجن خلال الشهر الحالي يرجع إلى إلغاء وزارة الصناعة والتجارة والتموين الأردنية السقوف السعرية المعمول بها لتلك المواد الغذائية خلال شهر رمضان، تاركة الأسواق لـ"سياسة العرض والطلب، والمستهلك تحت رحمة المنتجين والتجار"، حسب جمعية حماية المستهلك.

وسبقت قرار إلغاء السقوف السعرية حالة انقطاع وشح للدجاج المعروض بالأسواق لعدة أيام وذلك حسب خبراء من أجل "الضغط على الوزارة لإلغاء السقوف السعرية"، وهو ما تم مطلع الشهر الحالي.

وتعول جمعية حماية المستهلك ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي على حملات المقاطعة لمواجهة شراسة الأسواق، وسياسة ارتفاع الأسعار التي باتت تطول قوت العالم وغذاءه بسبب تبعات جائحة كورونا، وأزمة الحرب الروسية على أوكرانيا، والتغيرات المناخية.

الباعة يلمسون حالة المقاطعة. الجزيرة .سوق السكر وسط البلد
الأردنيون أطلقوا حملات لمقاطعة البيض والدجاج (الجزيرة)

على الأرض

ميدانيا، يشتكي الكل في الأسواق من سوء الأوضاع الاقتصادية وركود الأسواق؛ المستهلك يشتكي من ارتفاع أسعار أغلب السلع الغذائية الأساسية، والبائع يشتكي من ضعف الإقبال وتراجع القدرات الشرائية، والتاجر يشتكي من الارتفاع العالمي لأسعار السلع، والضرائب المفروضة عليها؛ مما أدى إلى تكدس البضائع وتراكم الخسائر.

وبين ثلاجات المواد المجمدة بسوق السكر وسط البلد في العاصمة الأردنية عمان، يبحث الخمسيني فؤاد الشعلة عن وجبة من الأسماك أو اللحم المفروم لتكون بديلا عن الدجاج، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت أن "أسعار الدجاج ارتفعت بشكل جنوني بعد شهر رمضان، فمن دينارين (2.8 دولار) إلى 2.90 دينار (4 دولارات) للكيلو، والدجاج الحي (النتافات) ارتفع من 1.65 دينار (2.3 دولار) إلى دينارين (2.8 دولار)، والدجاج المجمد من 1.65 دينار (2.3 دولار) إلى 2.75 دينار (3.8 دولارات)".

يشاركه الشكوى من الارتفاعات الأربعينية منال الزاغة، فـ"الدجاج ضروري للعائلة ويصعب الاستغناء عنه، لكنني ملتزمة بمقاطعته حتى يتم ضبط الأسعار وانخفاضها، فهناك عائلات لا تستطيع شراء قطعة أو قطعتين من الدجاجة لطبخها للعائلة"، على حد قولها.

المتجول في أروقة السوق الشعبي يسمع شكوى أصحاب المحلات من تكدس الدواجن في الثلاجات بسبب قلة الطلب وحملات المقاطعة؛ البائع سامر صبحي يتحدث للجزيرة نت قائلا "تراجع الطلب على الدجاج خلال عطلة نهاية الأسبوع بنحو 30% رغم وجود رواتب وتحسن السوق على المواد الأخرى كالأسماك واللحوم وغيرهما، مما اضطرني إلى تخفيض كميات الدجاج بالمحل".

كُلف وأعلاف

في موازاة ذلك، يتحدث المستثمر في قطاع الدجاج هاني الغزاوي للجزيرة نت عن ارتفاع في أسعار الأعلاف في السوق المحلي تجاوز 100%؛ "فطن العلف كان يباع بـ250 دينارا (352 دولارا)، وحاليا بـ530 دينارا (747 دولارا)، إضافة إلى ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج والطاقة والشحن البحري وغيرها".

وتتحدث نقابة المهندسين الزراعيين الأردنيين عن جملة من الأسباب أدت إلى ارتفاع أسعار المنتجات الحيوانية، وأهمها:

  • ارتفاع مدخلات الإنتاج خاصة الأعلاف بنسبة 70% خلال الأشهر الأربعة الماضية، لا سيما الذرة والصويا، وتشكل عنصرا أساسيا لتغذية الدواجن.
  • الأعلاف تشكل 75% من تكاليف التربية.
  • ارتفاع تكاليف شحن الاستيراد بنسبة 10% من بداية العام.

وتتخوف النقابة من دعوات المقاطعة لأن من شأنها إضعاف قدرة صغار المستثمرين على الاستمرار في الإنتاج، وخروجهم من السوق، وخسارة وظائف وتعطيل استثمارات، وخلق إشكالات جديدة من دون الوصول لحل.

وحسب إحصاءات رسمية، فإن قيمة الاستثمارات في قطاع الدواجن تصل لـ1.5 مليار دينار (2.1 مليار دولار) وتوفر نحو 40 ألف عامل، وتحقق هذه الاستثمارات الاكتفاء الذاتي للمملكة من الدواجن وبيض المائدة مع فائض بنحو 20%.

ملاحقة قضائية

الجمعية الوطنية لحماية المستهلك الداعية للمقاطعة أكدت حقيقية وجود ارتفاعات عالمية للأعلاف والشحن، لكن ارتفاع أسعار الدواجن وبيض المائدة في الأسواق تجاوز نسب الارتفاع التي طرأت على أسعار الأعلاف والشحن والنقل في العالم.

وقال رئيس الجمعية محمد عبيدات للجزيرة نت إن الحملة التي بدأت الأسبوع الماضي مستمرة وتلقى تجاوبا من قبل المستهلكين للرد على الارتفاعات غير المبررة، داعيا وزارتي الصناعة والزراعة للقيام بواجبهما في حماية الأمن الغذائي للمواطنين من حالة الانفلات والفوضى في أسعار تلك المواد الأساسية.

وردا على حملة المقاطعة وتوسعها، هددت جمعية مستثمري الدواجن والأعلاف برفع دعاوى قضائية بحق الداعين للمقاطعة، وذلك لضررها بمصالح المستثمرين، وأثرها السلبي على الأسواق والاقتصاد الوطني.

وقال رئيس الجمعية عبد الشكور جمجوم إن الدجاج متوفر في الأسواق وبـ"أسعار معتدلة تنصف المستهلك والمستثمر"، مؤكدا أن أسعار الدواجن بالأردن "لن تنخفض بسبب الارتفاعات العالمية للأعلاف، وضريبة المبيعات التي تفرضها السلطات على الأعلاف وبنسبة 5%، واستمرار الأزمة الروسية الأوكرانية".

أقل من دول الجوار

رسميا، تحمّل وزارتا الصناعة والزراعة الارتفاع العالمي على أسعار الأعلاف المسؤولية التي طرأت على أسعار الدواجن والبيض، وأكدتا عدم وجود أي ممارسات احتكارية للدجاج في السوق المحلي، خاصة مع وجود العديد من الشركات المنتجة، وفتح باب الاستيراد من الخارج.

وتحاجج وزارة الزراعة بأن الأسعار في الأسواق المحلية أرخص منها في دول الجوار، وفق دراسة أجرتها الوزارة، من دون الحديث عن أي تخفيض لضريبة المبيعات المفروضة على الأعلاف.

ويستهلك السوق المحلي الأردني نحو 700 ألف طير من الدجاج يوميا، ويحقق الأردن حالة من الاكتفاء الذاتي بالدواجن وبيض المائدة، إذ تصل الكميات المنتجة ما نسبته 130% من حاجة السوق.

ويشار إلى أن السلطات قامت بتخفيض رسوم فحص ومعاينة السلع المستوردة بنسبة 30%، وذلك لمواجهة الارتفاعات المتتالية لأسعار السلع.

المصدر : الجزيرة