كلمة جمهورية العراق

undefined

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه

الإخوة الرؤساء والملوك والأمراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ابتداء نحيي جلالة الأخ الملك عبدالله الثاني بن الحسين لما بذله من جهود خيرة من التهيئة والاستعداد لاحتضان مؤتمر القمة العربي الثالث عشر، كما ونشكر الأردن قيادة وشعبا لما أبدوه من حسن الاستقبال وكرم الضيافة آملين أن يتكلل جهد هذا المؤتمر لقرارات ومواقف والتزامات عملية تتناسب والتحديات التي تواجه أمتنا، وخاصة قضية فلسطين وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من الإبادة والتدمير لحياته وكيانه.

الأخ جلالة الملك أرجو أن تسمح لي بتلاوة رسالة السيد الرئيس صدام حسين إلى مؤتمر القمة الثالث عشر.

أيها الإخوة السلام على من يقول وعليكم السلام وعليه رحمة الله (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) صدق الله العظيم

أما بعد.. فإن أعمق أعماق البحر يبدأ من الشاطئ ثم يتدرج حتى يصل إليها، لذلك فإن التوطئة والأمثلة ضروريتان لإيصال الفكرة ولأن الأساس في كلمتي هذه إليكم هو التأثير فيكم والتفاعل لأتأثر بكم من أجل أن يكون عملنا مشتركا لخدمة أمتنا العربية التي تتشكل أقطارنا العربية منها وهي جزء منها وتمثلها بدرجات في فعلها أو ما تتصوره وتفكر فيه فأرجو صبركم علي وتحملكم للتوطئة والأمثلة والأحكام أيضا لأن أي واحد منا ملوكا ورؤساء أو تحت أي مسميات وعناوين أخرى لا يستطيع أن يحقق كل ما نصبو إليه ونتمناه لشعبنا وأمتنا من غير أن يتحمل بعضنا بعضا ويصبر بعضنا على البعض الآخر بالحق فيكون صبره صبرا جميلا.

إننا أيها الإخوة عرب، أليس كذلك؟ لا أظن أن أي واحد منا نحن المجتمعين في هذا المكان أو من لم يحضروا منا ويحملون نفس عناوين من حضروا يقول عكس ذلك، وهذا يعني أن أقطارنا والشعب فيها ينتمون إلى أمة واحدة وأننا مؤمنون وليس فينا من يشذ عن هذا الوصف فيقول إنه ليس بمؤمن أليس كذلك إذن فإن عقيدة شعبنا للحياة والسياسة وبناءه النفسي وتوقع تصرفه وطبيعة موقفه من الأحداث وتقويمه لها في كل أقطارنا تتشكل بالدرجة الأساس ليكون له لونه على أساس هاتين الحقيقتين الإيمان والعروبة معا، فهما جناحا أمتنا اللذان من غيرهما لا تحلق كما الطائر الذي يبقى دونهما طعما لسباع الأرض فمن يعمل ويقول عكس ذلك.

إن من يخاطبكم عربي مؤمن من العراق وأن العراق أيها الأخوة يجاور بلدين هما من أكبر أو أكبر البلدان على محيط العرب الخارجي المباشر وهما بلدان أجنبيان وكانت الأمة ولا تزال إذا أرادت أن تنير لهما الدرب تستعين بالعراق وإذا أرادت أن تطفئ شررا منهما تستعين بالعراق وإذا أصاب العراق شر منهما يستعين بالأمة.

وكان هذا هو الوصف الصحيح لكل الأحداث التي مرت بالعراق أو بالأمة سواء قبل الإسلام أو بعده فصارت العروبة والإيمان الأساس ليكون العراق ويبقى والأساس ليعين آخرين في أن يكونوا وصارت لأحكامه قياسات مرتبطة بهذا، وأي مرونة لا تحقق غاياتهما ولا تحقق ذاتيهما معا تعد مرفوضة في عرف العراقي ولا يتعامل معها وفي أحيان كثيرة يثور عليها. هكذا ينظر بلدكم العراق أيها الإخوة إلى تلازم وجودنا مع الإيمان والعروبة، وهكذا ينظر إلى حتمية تلازم الإيمان مع العروبة أو العروبة مع الإيمان وعلى ذلك اسمحوا لي أن أعطي أمثلة تؤكد ما أقول. إنكم تعرفون أن ثورة تموز 1958 ضد النظام القائم آنذاك كانت ثورة الشعب والجيش وقد حققها الجيش والشعب بعد أن قدما تضحيات سخية لتكون وكان عبد الكريم قاسم واجهة الثورة في الأمام ومنفذ صفحتها العسكرية وكان بالإضافة إلى وصفه هذا الأكبر رتبة عسكرية بين الثوار ومع ذلك عندما أهمل العروبة والإيمان أو لم يضعهما مصدر وحي في الوطنية وتطبيقات السياسة ثار عليه الشعب وعاقبه بالرصاص في شارع الرشيد في الشهر العاشر من عام 1959 أي بعد انبثاق ثورة تموز 1958 بسنة وثلاثة أشهر فقط.. عاقب شعبنا قائد تلك الثورة عبد الكريم قاسم لأنه انحرف عن مفاهيم العروبة والإيمان ثم أجهز عليه وعلى نظامه في الثامن من شباط عام 1963 أي بعد أربع سنوات على قيام ثورة 14 تموز 1958 التي قادها هو ضد ذلك النظام الذي كان متعاونا مع الغرب الاستعماري وقبل ذلك عندما حصل العدوان على مصر عام 1956 كانت دماء العرب تشخب في بغداد من المتظاهرين ضد النظام آنذاك لأنه صديق أو ربيب الاستعمار وشخبت دماء وخرجت مظاهرات ونظمت لوائح تطوع لمساندة شعب مصر الشقيق في أقطار الوطن العربي واهتزت بفعل غضب الجماهير عروش وأنظمة.. وقبلها كان الموقف ذاته إزاء ثورة الجزائر على الاستعمار وفي الخامس من حزيران من عام 1967 تكرر الحال والوصف في ثورة أبناء الأمة العربية ضد العدوان وفقدت سوريا جزءا من أرضها. وقدمت تضحيات وفقدت مصر جزءا من أرضها وغزة وقدمت تضحيات وفقدت الأردن الضفة الغربية والقدس التي اؤتمنت عليها منذ عام 1949 وقدمت تضحيات وقدم العراق تضحيات في هذه وتلك ولا تزال مقابر أبنائه يزورها الفلسطينيون والأردنيون وله شهداؤه على أرض سوريا الشقيقة ولم يحصل أن اصطدمت دول الجوار في حرب مع الكيان الصهيوني إلا كان العراق في حومتها وقدم الفلسطينيون ما قدموا من تضحية حتى حق لهم ووجب علينا أن نصف موقفهم الراهن بوصف البطل المجاهد وهم يواجهون أسلحة التدمير الأمريكية الصهيونية بالحجارة.

ألم يحصل كل هذا تحت ضغط العاملين الأساسيين اللذين ذكرناهما وتلازمهما معا العروبة والإيمان؟ أليس هما الدافع والمحرك الأساس لكل تلك التضحيات؟ إذا كان الجواب مثل جوابنا وجواب كل الجماهير العربية نعم، إذن فلنستمر في معالجة قضايانا العربية على أساس هذا القياس ولا نغير الفرض والسنة اللذين أرادهما الله لنا وعلينا واختارهما الأخيار ليكونا طريقهم من قبل وبذلك نكون خير خلف لخير سلف ولنتذكر أن صلاح الدين الأيوبي ما كان ليحرر فلسطين من الإفرنج ذوي الشعار الصليبي إلا لأنه آمن هو وجيشه بتلازم وحضور العروبة والإيمان في نفسيهما وضميريهما وعقليهما وهما نفساهما حافز الملايين السبعة التي تطوعت في العراق لتحرير فلسطين وتشكل منها الآن جيش القدس بدأ بإحدى وعشرين فرقة. 

أتقدرون أيها الإخوة ماذا يعني أن يتطوع سبعة ملايين بل حتى لو كانوا أقل من هذا بكثير من خارج الجيش ليساهموا في تحرير فلسطين. أشرح لكم بإيجاز مقدمة تساعدكم في فهم هذه الحقيقة هم قد تطوعوا بعد أن عرفوا ماذا تعني الحرب.. فقد قاتلوا ما يقرب من عشرين عاما وأصيبت نسبة كبيرة من الرجال في القادسية وأم المعارك.. ثم إن الحرب تعني أن يقصر المتطوع منهم في خبز أطفاله لأنه عندما يتطوع ينقطع عن العمل إذا لم يكن موظفا وينقطع عنه الرزق الذي يأتيه من كده وعرق جبينه في ظروف الحصار الجائر ومع ذلك تطوع من تطوع لفلسطين وتاجها القدس. أتعذروننا إذن بعد أن عرفتم لماذا لا نقبل مساومة على فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر ومن البحر إلى النهر وتاجها القدس؟ فوالله لنأتينهم بجيش آخره في بغداد وأوله يهز فرائص المحتلين الغزاة الصهاينة المجرمين لو أردتم ذلك وقررتم عليه. جيش مؤلف من رجال يحرصون على الشهادة مثلما يحرص الصهاينة على الحياة. ولن يخيب الله أمة العرب عندما تستحضر قاعدة فعلها وموقفها الصحيحين: العروبة والإيمان والله أكبر..

أيها الإخوة..
نعود لنجمل موضوعنا فنقول إن قياس موقف أي عربي من قاعدة تلازم الإيمان والعروبة.. وتلازم الإيمان بالعروبة الآن هو الموقف من قضيتين نراهما قضية واحدة العراق والحصار شعب فلسطين لتحرير أرضه.. وأي تجاهل لهاتين القضيتين معناه تجاهل للقاعدة المشتركة لينهض عليها موقف الأمة، ويكون حاضرها رصينا مزدهرا، ومستقبلها مضمونا ويعد تجهالهما أيضا تجاهلا لإرادة شعبنا في أقطارنا.

ولا بد أن يكون كل واحد منكم عارفا بحقيقة موقف الشعب في القطر الذي هو حاكمه وأي تجاهل لحقيقة موقف الشعب في أي قطر من قبل من يحكم ذلك القطر بعد الآن وفي هذه القضايا لا يعني إلا دورا بالنيابة عن أجنبي وهو وحده يتحمل مسؤولية موقفه أمام الله والناس والتاريخ. بقي أن أقول إن غاية قصدي في هذا ليس إلا أن أعين من يأمل أو يتوقع أن يعين بعضنا البعض وينخو نفسه على فعل يعز الأمة ويرضي الله وأن نعبئ الجهد بصورة جدية لتحرير فلسطين وفي المقدمة من جدية فعلنا أن ندعم انتفاضة شعب فلسطين البطل بكل أنواع الدعم وفي المقدمة من ذلك أن نحاكم أنفسنا وثروتنا على أساس تلازم الإيمان والعروبة فهما قاعدة أمتنا عندما كانت وقاعدتها لتكون وأن نبتعد عن أشغال أنفسنا بما هو جزئي بعد أن ضاعت فرص وفرص والله أكبر الله أكبر وليخسأ أعداء أمتنا من إمبرياليين وصهاينة وتبا لليهود.
____________
المصدر:
الموقع الرسمي للقمة العربية في عمان

المصدر : غير معروف