بلا حدود

تغول العسكر ودور الجيوش العربية بعد ثورات الربيع

ناقشت الحلقة دور الجيوش العربية في أنظمة الحكم والسلطة، وتغول المؤسسة العسكرية على الحياة المدنية وتمزيق النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي بدول الربيع العربي.

قال الدكتور يزيد صايغ الخبير المتخصص في شؤون الدفاع والجيوش العربية في معهد كارنيغي للسلام إن لكل جيش من الجيوش العربية حالته الخاصة وعلاقته بالحكم والمؤسسات المدنية، وذلك في سياق تفسيره لأسباب الحالة التي صارت إليها دول الربيع العربي.

وأضاف صايغ أن دور الجيش المصري "المفصلي" بتاريخ مصر "منذ الانقلاب على العرش في 23 يوليو/تموز 1952" عاد للظهور وأصبح اليوم هو العامل الحاسم والأساسي في الحياة السياسية المصرية.

تنبؤ بالانقلاب
وكان صايغ قد ألف كتابا بعنوان "الضباط فوق السلطة" ونشره بعد شهر واحد من تولي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي للسلطة، وحذر فيه من الانقلاب على مرسي من قبل الجيش الذي قال إنه لن يتركه في كرسي الرئاسة لأكثر من عام، وهو ما تحقق بالفعل.

وفسر ما حدث عقب ثورات الربيع العربي أن العلاقات السابقة بين السلطة المدنية -المتمثلة بشخص واحد قوي- والمؤسسة العسكرية، أدت إلى اختلاط الأمور وإعادة التفاوض المجتمعي على كل شيء بما يشمل الدساتير وقواعد اللعبة السياسية، معتبرا أن هذا الوضع المتقلب والغامض أنتج في النهاية ما وصلت إليه هذه الدول، وأكد أن السمات الخاصة بكل جيش عربي استفحلت وتعززت أكثر فأكثر.

ففي ليبيا على سبيل المثال، فإن تهميش الجيش الليبي من قبل العقيد الراحل معمر القذافي عبر تخفيف الميزانيات وتقليل التسليح وتحويل الميزانيات لكتائب خاصة لحماية النظام، كل ذلك أدى في النهاية بالجيش للانهيار والتفكك التام.

وفسر انهيار الجيش الليبي تماما أثناء الثورة بأنه في الأساس كان مهمشا، فهناك من انشق ومن عاد لمنزله وهناك من قاتل.

الدولة المركزية
وفي مصر، ازدادت شوكة الدولة المركزية في الوقت الحالي عما كانت عليه في زمن الرئيس المخلوع حسني مبارك، فبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، اكتشفت القوات المسلحة التي تولت الحكم في الفترة الانتقالية أنها الأقوى على الساحة السياسية وأن الأحزاب والجماعات السياسية أكثر ضعفا مما كانت تتصور، وفق رأيه.

أما في سوريا والعراق فالدولة الوطنية بحد ذاتها أصبحت في حالة تفكك وتآكل، ثم إعادة بناء واصطفاف على أسس جديدة، ليتحول الأمر إلى التفاوض على بنية الدولة نفسها.

وأضاف أن الوضع في سوريا جاء مغايرا لليبيا حيث ظل السواد الأعظم من الجيش السوري متماسكا ومواليا للرئيس بشار الأسد لأسباب تتعلق بالتنشئة وعوامل الطائفة وغيرها.

وفي العراق قام الاحتلال الأميركي بحل الجيش وتسريح جنوده، ثم عمد إلى تكوين جيش قليل العدد، إلا أنه سرعان ما تحول إلى إنشاء جيش أكبر لمواجهة المقاومة العراقية.

وأضاف أن الجيش العراقي شهد تحولات كثيرة في بنيته منذ الغزو الأميركي وحتى الآن، فبعد الانسحاب وتقليص الوجود العسكري الأميركي وتحويل المسؤولية للجيش العراقي بدا التحول الطائفي في المؤسسة العسكرية العراقية أكثر وضوحا.

وختم الدكتور يزيد صايغ بأن سرية الميزانيات العسكرية في العالم العربي كذبة كبيرة، وكلمة حق يراد بها باطل، فكل المعلومات معروفة عند الدول التي يخشى منها، كما أنه لا يوجد جيش عربي لا يرسل ضباطه للتدريب في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وغيرهم.