صورة عامة - بلاحدود
بلا حدود

الأوضاع السياسية في السودان

تستضيف الحلقة مستشار الرئيس السوداني غازي صلاح الدين ليتحدث عن مبادرات المصالحة الوطنية وقانون الانتخابات الجديد، هل هي مرحلة جديدة أمام أزمة المحكمة الجنائية الدولية؟

– تعامل النظام السوداني مع الأزمة داخليا وخارجيا
– مبادرة الحكومة السودانية لحسم القضية
– الموقفان العربي والأفريقي من الأزمة السودانية
– علاقة المؤتمر الوطني بالمكونات السياسية الأخرى
– نقد تجربة جبهة الإنقاذ في الحكم
– الدور الأميركي ومستقبل الأزمة

علي الظفيري
علي الظفيري
 غازي صلاح الدين
 غازي صلاح الدين

علي الظفيري: أهلا بكم مشاهدينا الكرام إلى هذه الحلقة من بلا حدود، وهي الحلقة التي نخصصها للنقاش في مستجدات الأزمة السودانية المتعلقة بمذكرة الاعتقال الموجهة للرئيس السوداني عمر البشير من قبل محكمة الجنايات الدولية. ضيفنا أيها الأخوة والأخوات مثقف وسياسي وبرلماني سوداني بارز، يعد أحد منظري الحركة الإسلامية في السودان، تقلد مناصب عدة في الحكم منذ الانقلاب الذي قاده البشير أواخر الثمانينات في القرن الماضي وساهم أيضا في التأسيس للسلام مع الجنوب عبر اتفاق مشاكوس الذي أسس فيما بعد طبعا باتفاقية نيفاشا للسلام، وهو أيضا من الرموز السياسية النادرة التي تصدت لنقد التجربة الإسلامية في حكم السودان وطالبت دائما بتحديثها ومراجعتها. باسمكم أيها الأخوة والأخوات أرحب بالدكتور غازي صلاح الدين العتباني مستشار الرئيس السوداني ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الوطني. مرحبا بك دكتور غازي وسعداء بوجودك ضيفا لهذه الحلقة من بلا حدود.


غازي صلاح الدين العتباني: شكرا لك أخ علي.

تعامل النظام السوداني مع الأزمة داخليا وخارجيا


علي الظفيري: هذه الأزمة ومذكرة الاعتقال هي الشغل الشاغل ربما في الساحة السياسية والإعلامية في الفترة الأخيرة، كيف تقيمون، دكتور، تعامل النظام السوداني مع هذه الأزمة داخليا وخارجيا أيضا؟


غازي صلاح الدين العتباني: أعتقد في البداية أن الاهتمام الكبير الذي أعطي لهذا الإجراء من قبل المدعي العام يتناسب مع حجم القضية لأنها في الحقيقة قضية لا تخص السودان، لو أنها مرت كما يريد لها المدعي فهي ستكون قضية تضرب في صميم النظام القضائي الدولي والقانون الدولي ويمكن أن تتأثر بها دول أخرى فهي ليست قضية خاصة بالسودان ولذلك كان الاهتمام بها مركزا وقويا والمعالجة معالجة هادئة، ليس كما توقع بعض الناس أن يقوم السودان بطرد السفراء أو بطرد القوات الدولية أو بطرد الأمم المتحدة أو بشيء من هذا القبيل أو التنصل مثلا من اتفاقيات والتزامات ولكن كان إبراز خطورة القضية من خلال التحرك الدبلوماسي والسياسي على مستوى الاتحاد الأفريقي، على مستوى الجامعة العربية، منظمة المؤتمر الإسلامي، منظمة دول عدم الانحياز أتت بثمارها وفي اعتقادي أنها قد على الأقل ثبتت من خلال قرار مجلس الأمن الأخير أن هذه القضية تستحق النظر وهذا يتطلب أن تظل المعالجة والمقاربة تتسم بالمسؤولية والعقل وأيضا التصويب على جوهر القضية.


علي الظفيري: لكن حتى الآن لم تنجح جهود السودان بالدعم العربي والأفريقي والإسلامي أيضا في إنهاء قضية المذكرة وإنهاء هذا الملف بشكل تام.


غازي صلاح الدين العتباني: ولا أتوقع لها أن تنهي المذكرة والمشكلة بين عشية وضحاها، هذه قضية تتبناها قوى دولية ذات نفوذ في مجلس الأمن في المنظمات الدولية المختلفة، ولكننا على الأقل استطعنا أن نعزل الموقف المناهض للسودان في داخل مجلس الأمن، أنت تلاحظ أن الأفارقة العرب عدم الانحياز المؤتمر الإسلامي المجموعة الباسيفيكية الكاريبية الأفريقية كلها وقفت موقفا مناهضا للدول التي حركت ذلك الإجراء في المقام الأول والتي سندته وهي قسمت مجلس الأمن أيضا، مجلس الأمن انقسم، الصين روسيا فييتنام بوركينا فاسو وأندونيسيا جنوب أفريقيا ليبيا كلها تقف مع السودان في داخل مجلس الأمن. أنا أعتقد ان النجاح الذي تحقق حتى الآن هو دون طموحنا ولكنه لا شك أنه قد استطاع أن يضع القضية الآن في أجندة مجلس الأمن وأن يضعها في الأجندة العالمية أيضا.


علي الظفيري: انتُقد السودان يعني لأنه وضع نفسه في محل الإنكار، إنكار كل شيء وليس فقط فيما يتعلق بالاتهامات التي جاءت في المذكرة، يمكن كل شيء فيما يتعلق بدارفور ولا يريد أيضا أن تصل هذه القضية إلى تسوية، تسوية ملائمة لكل الأطراف.


قضية دارفور قضية موجودة، الحكومة اعترفت بها والدليل على أنها اعترفت بها أنها قبلت التفاوض حولها ووقعت اتفاقية في هذا الشأن

غازي صلاح الدين العتباني: يعني لا يجدي الإنكار لقضية دارفور، قضية دارفور قضية موجودة الحكومة اعترفت بها والدليل على أنها اعترفت بها أنها قبلت التفاوض حولها ووقعت اتفاقية في هذا الشأن. الإنكار هو لمحاولة استغلال الأرقام وتضخيم المشكلة بحيث أنها تفتح الباب أمام المزايدات كما حدث في قضية أوكامبو، قضية أوكامبو هي نفسها هي التي تثبت، هي التجربة هي الاختبار الحقيقي الذي يثبت أن مؤسسات القانون الدولي مؤسسات العدالة الدولية يمكن أن تستخدم، هذا هو المرفوض أما القضية في جوهرها في أساسها لا يستطيع أحد أن ينكرها.


علي الظفيري: من برأيك يستخدم المحكمة في هذه القضية ضد السودان؟


غازي صلاح الدين العتباني: هنالك مجموعات ناشطة في الغرب تؤثر على سياسييها في البرلمان في الكونغرس الأميركي، هذه المجموعات الناشطة هي قد اختطفت قضية دارفور تماما، فيها جمعيات فيها مؤسسات فيها بعض الناشطين السياسيين، لأغراض تتعلق بهم برؤيتهم للعالم برؤيتهم للنظام العالمي بمسعاهم لتغيير هذا النظام، إدخال..


علي الظفيري (مقاطعا): لكن هي رؤية حقوقية وليست مصلحية.


غازي صلاح الدين العتباني: هي رؤية في الأساس سياسية ولكنها تتدثر بالجانب الحقوقي تتدثر بقضية حقوق الإنسان تتدثر بقضية الحريات والديمقراطية حتى تستطيع أن تتلبس هذا اللباس الذي يضفي عليها بعدا أخلاقيا، ولكن يعني لا أحد ينكر أن هنالك قضية تحتاج إلى معالجة.


علي الظفيري: القرار الأخير دكتور لمجلس الأمن الذي طبعا طلب تجديد اليوناميد القوات الأفريقية الأممية المشتركة وأيضا أشار إلى المطالب العربية الأفريقية والمدعومة من الصين وروسيا بتجميد مذكرة التوقيف، فقط إشارة، رحب به السودان ويقال إن السودان فقد ورقة تفاوضية مهمة، قضية التجديد، وإنه استعجل بهذا الترحيب وبقبول أيضا التمديد عاما كاملا لهذه البعثة.


غازي صلاح الدين العتباني: السودان يتحرك في حدود ما تسمح به موازنات القوى في العالم وموازنات القوى في داخل مجلس الأمن يعني حتى لا نكون في غفلة من هذه الحقيقة وحتى لا نكون نبني على أوهام، يعني بعض الناس يتحدثون يقولون لماذا لا تحملون الصين على استخدام الفيتو مثلا..


علي الظفيري: حق النقض..


غازي صلاح الدين العتباني: نحن نعلم أن الصين لها حساباتها الخاصة، لا نستطيع أن نملي ذلك على الصين ولكننا نتحرك في الحدود التي تسمح بها الموازنات. في اعتقادنا أن الموقف الأميركي كان معزولا مثلا يعني في داخل مجلس الأمن..


علي الظفيري: امتنع عن التصويت.


غازي صلاح الدين العتباني: امتنع عن التصويت، هو الوحيد يعني أن الموقف الأوروبي الذي مثلته بريطانيا وفرنسا تحديدا اضطر في النهاية للاعتراف بأن هنالك مشكلة ولذلك أدرج ذلك في.. هذا ما استطعنا أن نحصله، طبعا لن يقف طموحنا عند ذلك، سيمتد إلى معالجة القضية في جذورها ولكن الترحيب لأن هذا هو المتاح والممكن في هذه اللحظة.


علي الظفيري: الاعتراض على التمديد لمدة عام هل كان يعني متاحا للسودان وإذا ما اتخذ السودان هذا القرار هل سيكون له تبعات سلبية كثيرة؟


غازي صلاح الدين العتباني: أصلا السودان لا يبني على قضية التمديد لأن البناء على قضية التمديد يعني أن السودان يعترف باختصاص المحكمة ولكن قضية التمديد هي مقترح جاء من الأفارقة ونحن قلنا لهم إذا استطعتم أن تحققوه دون أن تورطونا في التزام نحو المحكمة فلا بأس، يعني هذا شيء لا يخصنا في شيء ولكن نحن لا نبني على التمديد لأن التمديد يعني أننا قبلنا الاختصاص في أساسه وفقط نحن أجلنا النظر إلى عام، ولذلك أنا أقول لك هذا مكسب هو في حدود، هو مكسب محدود ولكنه أفضل من لا شيء.


علي الظفيري: قيل إن هناك أفكارا فرنسية طرحت على السودان لإيجاد تسوية ما، هل لك أن تطلعنا على ماهية هذه الأفكار، ما الذي تتضمنه، وموقف السودان أيضا منها؟


غازي صلاح الدين العتباني: يعني دعنا نتحدث عن الموقف الفرنسي وكيف يرى النظر إلى الأمور بغض النظر عن المبادرة لأن الجانب الفرنسي في تصريح رسمي تباعد من وجود مبادرة، أنت تعلم أنه في الوفد الدبلوماسي هنالك أحيانا أفكار تطرح فيما يسمى non cover تُقدم ولكنها لا تكون ملزمة وتكون هنالك دائما إمكانية الإنكار. ولكن دعنا نتحدث عن الموقف الفرنسي، هي أكثر دولة داعمة لمحكمة الجنايات الدولية، محكمة الجنايات الدولية في نظرنا هي ناد أوروبي هي ليست محكمة دولية، الولايات المتحدة ليست فيها روسيا ليست فيها الصين ليست فيها الهند ليست فيها معظم الدول العربية ليست فيها عشرين دولة عربية ليست فيها..


علي الظفيري: فقط دولتان.


غازي صلاح الدين العتباني: فقط دولتان، فهي ناد أوروبي هي إجراء أوروبي هي حفلة أوروبية يعني لا علاقة لنا بها نحن. فرنسا هي الداعم لمحكمة الجنايات الدولية ولذلك هي تتبنى أكثر موقف متطرف، الموقف الفرنسي يتمثل في تسليم، لتجاوز الأزمة الحالية يعني اعترافا بأن هنالك أزمة قد نشأت بسبب مبادرة المدعي، تطالب بتسليم الذين سموا سابقا من من محكمة الجنايات بتسليم أحدهم أو تسليمهما كليهما..


علي الظفيري: أحمد هارون وعلي كوشير.


غازي صلاح الدين العتباني: نعم. طبعا هذا غير مقبول تماما بالنسبة للسودان لأنه يعني إضاعة الورقة الأساسية التي يعتمد عليها السودان والتي تقوم على مبادئ القانون الدولي والتي تقول إن العقد شريعة المتعاقدين، إن محكمة الجنايات الدولية لا اختصاص لها في السودان فقط ببساطة لأن السودان غير موقع. فإذاً نحن نرى في الموقف الفرنسي استدراجا، يحاول أن ينتزع اعترافا من السودان باختصاص المحكمة من خلال تسليم.. فضلا عن الموقف غير أخلاقي طبعا بالنسبة..


علي الظفيري (مقاطعا): ألا.. يعني البعض ينظر لموقف السودان الآن على أنه مغامرة بالبلد بأكمله على حساب شخصيات معينة أو نافذين معينين في الحكم، يعني ألا يمكن تقديم تنازل ما في هذه المسألة لحماية البلد خشية من تصاعد الأمور فيما بعد؟


غازي صلاح الدين العتباني: المغامرة بالبلد هي ما فعله أوكامبو في الحقيقة لأنه داس على كل مفاهيم القانون الدولي. السودان لم يخطئ على أحد لم يتقدم بعدوان على أحد يعني في هذه المسألة حتى يتهم بأنه يدمر..


علي الظفيري (مقاطعا): وما حدث في دارفور؟ يعني ماذا يوصف؟..


غازي صلاح الدين العتباني (مقاطعا): لا هذه قضية منفصلة، يمكن أن نناقش قضية دارفور ويمكن أن نقول ماذا جرى فيها ويمكن أن نقول ماذا يمكن أن نفعل فيها، هذا كله وارد ولكن هذه القضية تتمثل في أنها تهدم جوهر النظام الدولي القائم الآن والذي قام بعد اتفاقية وستفاليا في عام 1948 والذي قام على الدولة القطرية، الدولة القطرية وسيادة الدولة القطرية. نحن لا مانع لدينا أن يعيد العالم النظر في الدولة القطرية، أن يعيد النظر في كل المفاهيم التي تقوم عليها الدولة القطرية، الحقيقة الدولة القطرية هي فرضت علينا من قبل القوى الاستعمارية، نحن لم ننادي بها في الأساس، ولكن يجب أن يحترم ذلك، قضية السيادة تتجسد في الرئيس متى ما هو ظل رئيسا وبالتالي فإن هذه القضية لا تتعلق بالسودان وحده، هذه القضية إذا ما أجيزت بما هي عليه الآن ستؤثر في النظام الدولي بأكمله وستؤثر بالذات في الدول الضعيفة التي لا تستطيع أن تدفع عن نفسها.

مبادرة الحكومة السودانية لحسم القضية


علي الظفيري: هناك حديث عن تنازلات يقدمها السودان لحسم وطي هذه القضية، ما الذي يمكن أن يقدمه السودان في هذا الموضوع؟


غازي صلاح الدين العتباني: البديل الذي قدمه السودان والذي أيدته فيه تقريبا كل الهيئات التي ذكرتها لك..


علي الظفيري (مقاطعا): العرب والأفارقة؟


غازي صلاح الدين العتباني: العرب والأفارقة ومجموعة عدم الانحياز والمؤتمر الإسلامي ومجموعة الباسيفيك، كلها تقول الأولوية هي للسلام يعني يجب أن نتقدم بمبادرة حقيقية لتحقيق السلام في دارفور، ويمكن أن ننظر في قضية المطالبات ويمكن أن ننظر في قضية الملاحقات القانونية في إطار الحزمة أما أن نضع قضية المطاردات والملاحقات القانونية أمام قضية السلام فهذا وضع العربة أمام الحصان، هذا هو ما يتقدم به السودان..


علي الظفيري (مقاطعا): هل الآن متاح للسودان أن يتقدم بمبادرة؟ أنت لك مقال يا دكتور نقدت فيه وتحدثت فيه عن قضية دارفور، تحدثت عن مشكلة غياب المبادرات الحكومية وأيضا قضية استباقيتها، الآن وهذا المقال سأرتكز عليه كثيرا ربما في نقاشي معك، هل هذا الظرف هو الظرف الأنسب الذي يمكن أن تقدم فيه مبادرة ما لتسوية ملف؟


غازي صلاح الدين العتباني: هذا أنسب وقت في الحقيقة يعني هو كان ينبغي أن تقدم قبل ذلك، أنا أوكد أن قضية دارفور حدث فيها تأخر كثير جدا في معالجة عناصرها ولكن الآن تقدم مبادرة، هنالك ما يسمى المبادرة الوطنية والقومية والتي تجمع كل القوى السياسية والتي هي الآن في طور الإعداد والتهيئة أغلب الظن أن تعلن في الأسبوع القادم وهي تضم كل القوى السياسية، تضم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وحزب الأمة والأحزاب الأخرى، كل الأحزاب مدعوة للمساهمة في هذه المبادرة وقد وافقت وستخرج هذه المبادرة ليكون التفاوض ليس بين حكومة السودان أو ليس بين المؤتمر الوطني كحزب رئيسي في الحكم وبين حاملي السلاح في دارفور ولكن بين القوى السياسية في السودان جمعاء معها القوى الاجتماعية المؤثرة كالإدارة الأهلية مثلا، معها الحركات الموقعة على اتفاقية أبوجا للسلام، هؤلاء جميعا سيشكلون المبادرة الوطنية التي ستطرح في خلال أيام.


علي الظفيري: ما الذي سيتغير في هذه المبادرة قياسا بما قدم سابقا من قبل طبعا الحكومة السودانية ممثلة بالحزب الوطني الحاكم؟


غازي صلاح الدين العتباني: الجديد في هذه المبادرة هي أنها تجمع إرادة القوى الوطنية جمعاء، يعني هي ليست اتفاقا بين المؤتمر الوطني يمكن أن يسمى اتفاقا ثنائيا يمكن أن يسمى.. يرجم بأنه اتفاق يعني إقصائي أقصى الآخرين، يمكن أن توجه إليه هذه الاتهامات. الشيء الثاني في هذه المبادرة الجديدة هو أن المؤتمر الوطني يقول أنا لست متمسكا بمواقفي التفاوضية، المواقف التفاوضية من القضايا المطروحة في مسألة دارفور التي ظلت معلقة، قضية التعويضات، قضية الإقليم مثلا، هذا نحن نعتصم فيها بالموقف الوطني يعني يمكن أن نتنازل نحن من موقفنا الخاص لصالح الموقف الوطني..


علي الظفيري (مقاطعا): لكنه تنازل المضطر وبالتالي هنا حديث أن حركات التمرد التي رفضت في السابق تقديم شيء أو الوصول إلى تسوية مع الحكومة السودانية اليوم الظروف مهيأة لها بشكل أفضل وبالتالي سقف مطالبها سيرتفع كثيرا مما يؤدي أو قد يؤدي إلى عدم الوصول إلى تسوية.


غازي صلاح الدين العتباني: هذا كان موقفها دائما، هذا كان موقفها دائما لأنها رفعت سقف المطالب لأنها رفضت الاتفاقية في أبوجا بينما وقعت مجموعات أخرى، هنالك طبعا من يقول إن..


علي الظفيري (مقاطعا): حتى الفصيل اللي وقع معكم يا دكتور أيضا الآن يتهم الحكومة بقصف أو مهاجمة مسلحيه ومقاره، فصيل مللي مناوي.


غازي صلاح الدين العتباني: لكنه ما يزال موجودا في الحكومة، يعني هو يقول ذلك وله الحق في أن يقول ذلك، وكلامه غير صحيح طبعا، ولكن له الحق في أن يقول ذلك ولكنه موجود في داخل الحكومة ولم يخرج من الاتفاقية، لم يعلن..


علي الظفيري (مقاطعا): ولكن موقفه يعني غير مشجع للأطراف الأخرى حينما يعني يوجه هذه الاتهامات وحينما يشكك بهذه العلاقة أيضا غير مشجع للأطراف الأخرى أن تدخل في تسوية مع الحكم في السودان.


غازي صلاح الدين العتباني: نعم، طبعا نحن لدينا تفسيرنا لذلك، تفسيرنا أن الحركات المسلحة فشلت في أن تتحول إلى حركات سياسية، أن تتفاهم بمقتضى قوانين السياسة وقوانين السياسة ليست كالقوانين العسكرية يعني أنت لا تنال كل ما تطلبه ولا تقدم طلبا فتنال مباشرة ما تطلبه ولكن أنت محتاج إلى حراك سياسي. على كل حال الآن المبادرة الوطنية تقول دعونا نُملّك الحل في دارفور من أن يكون خاصا بحزب مهما كانت قوته مهما كان وجوده في الحكومة، أن نُملّك هذه المبادرة للقوى السياسية جمعاء..


علي الظفيري: لكافة الأطراف.


غازي صلاح الدين العتباني: لكافة الأطراف، وعندئذ يمكن أن تقوم رقابة داخلية حتى لا يتهم طرف طرفا آخر بأنه قد تقاعس وقصر في تطبيق الاتفاقية، فليكن ذلك واجبا قوميا. هذا أيضا من المسائل الجوهرية في..


علي الظفيري (مقاطعا): ما هي رؤية الأطراف الأخرى التي تتحدث عنها، المكونات السياسية الأخرى في قضية تسوية ملف دارفور، هل أضافت شيئا جديدا لرؤيتكم أنتم في حزب المؤتمر؟


غازي صلاح الدين العتباني: هي كلها الآن توافق على المبادرة الوطنية التي حدثتك عنها، بعضها وافق يعني كتابة وبعضها وافق بإعلان موقفه صراحة. فيما يتعلق بالمواقف التفاوضية تختلف، بعض هذه القوى قد تتبنى موقفا أكثر تطرفا من موقف الحزب الحاكم يعني أو المؤتمر الوطني تحديدا في بعض القضايا، هنالك قوى لا مانع لديها من التنازل في بعض المسائل المتعلقة بالقضايا المعلقة، هنالك بعض القوى لديها مقترحات جديدة مثلا في قضية التعويضات. هذا الثراء في المواقف في نظرنا سيكون مدعاة لنجاح المبادرة إذا ما يعني برزت إرادة سياسية حقيقية من جميع القوى في اقتناص هذه اللحظة التاريخية وهي لحظة تاريخية مهمة جدا من أجل التعامل مع قضية دارفور تعاملا جديدا.


علي الظفيري: كيف سيتعامل السودان مع هذه المذكرة، مذكرة طبعا، أو طلب الاعتقال اعتقال الرئيس السوداني البشير إذا ما أقرها القضاة في المحكمة، هي حتى الآن في المرحلة الأولى هنالك مرحلة أخرى إذا ما أقر القضاة هذا الطلب؟


غازي صلاح الدين العتباني: سيظل السودان في موقفه الرافض لأن الورقة القوية التي نعتقد أنها في أي محفل قانوني إذا ما أتيح له النظر في هذه المسألة وقد تكون هناك محافل قانونية يتاح لها النظر مثل محكمة العدل الدولية مثلا وهي مختلفة عن محكمة الجنايات الدولية، يعني هذا رأيي يعني ليس بالضرورة أنه رأي الحكومة ولكنه مما اطلعت عليه، يعني سيظل هذا الموقف الرافض لاختصاص المحكمة لأن المحكمة قائمة على مبدأ الشريعة الدولية تقول العقد شريعة المتعاقدين، السودان ليس طرفا في هذه الاتفاقية القانون الدولي يقول إن تطبيق الاتفاقيات لا بد أن يكون بنية حسنة. هنالك قانون دستوري للاتفاقيات اسمه قانون معاهدة فيينا لعام 1969 وهي خاصة بقوانين المعاهدات، القوانين كيف نفسرها، هذه المعاهدة هي التي تحكم تفسير الاتفاقيات الدولية، هذه المعاهدة تقول إن الاتفاقيات لا تسري إلا على أعضائها، الأعضاء الموقعين فيها، هذه الاتفاقية تقول إنه لا يمكن تطبيق اتفاقية بسوء نية تجاه طرف ثالث، هذه الاتفاقية أيضا الدولية في فيينا تقول إنه لا يمكن لطرفين أن يعقدا اتفاقا يلزم طرفا ثالثا إلا بموافقة منه. فإذاً هذه ورقة قوية جدا من الناحية القانونية. من الناحية السياسية طبعا سيستمر عملنا مع نفس الهيئات التي ذكرناها، هنالك مناسبة الجمعية العامة التي ستنعقد في الشهر القادم في نيويورك هذه مناسبة أيضا للعمل يعني يمكن تسمي المسارات اللي هي متاحة للحكومة السودانية الآن هي المسار القانوني والمسار السياسي الدبلوماسي.

الموقفان العربي والأفريقي من الأزمة السودانية


علي الظفيري: قبل أن أخوض في مواقف القوى والمكونات السياسية السودانية في التعامل مع هذه القضية وهناك تفاصيل كثيرة في العلاقة بينكم في حزب المؤتمر الوطني مع المكونات الأخرى أريد فقط ما يتعلق بالموقفين العربي والأفريقي، لاحظنا حالة من الامتعاض وإن كانت خفية من الموقف العربي فيما يتعلق بهذه المذكرة وإن كان الظاهر ربما أو الحراك على المستوى الإعلامي كان هناك تفاعل عربي ودعم عربي أيضا للسودان في موقفه، ما الذي أزعجكم من، أو ما الذي تحفظتم عليه في موقف الجامعة العربية؟


غازي صلاح الدين العتباني: الجامعة العربية كانت هي تقريبا أول مؤسسة اجتمعت للنظر في هذه القضية وكان بيانها الذي صدر وقرارها الذي صدر هو أول البيانات الصادرة، نحن لاحظنا أنه كلما تأخرت المجموعات في إصدار قرارها كلما كان أكثر قوة وأكثر تصويبا نحو المشكلة..


علي الظفيري: وأنضج.


غازي صلاح الدين العتباني: وأنضج، ولذلك نحن لا نستطيع أن نلوم الجامعة العربية بالمعنى، طبعا كان يمكن أن يكون قرارها أفضل من ذلك وأقوى من ذلك..


علي الظفيري (مقاطعا): كيف؟


غازي صلاح الدين العتباني: كان يمكن أن يكون فيه إدانة واضحة للمدعي وإشارة واضحة بأن ما فعله ليس صحيحا وأن الدول العربية ستقف مع السودان في خندق واحد، كان يمكن أن تقول ذلك. على كل حال..


علي الظفيري (مقاطعا): قيل إن الأفكار الأوروبية أيضا ممثلة بالأفكار الفرنسية مرت عبر موقف الجامعة وعبر ما حمل من الجامعة لكم.


غازي صلاح الدين العتباني: طبعا هي الجامعة كان فيها جدل كثير ولا أستطيع أن أقول إن بعض الدول قد تبنت يعني الموقف الفرنسي أو شيء من هذا القبيل، ولكن الجدل قادهم إلى أن يقولوا مثلا ماذا تملكون أنتم أن تقدموا؟ هل تستطيعون أن تقدموا مثلا المطلوب عليهم سابقا؟ بعضهم قال ذلك، بعضهم قال ذلك ليس بسوء نية في تقديرنا ولكنه هو..


علي الظفيري: يريد حلا يعني اعتقد أن هذا هو الحل.


الموقف العربي في مجمله رفض قرار أوكامبو لكنه جاء بلغة ضعيفة

غازي صلاح الدين العتباني: يريد حلا. ولكن الموقف العربي في مجمله هو رفض لقرار أوكامبو وإن كان بلغة ضعيفة، يعني هو انتقد..


علي الظفيري: دون إدانة واضحة بعكس الأفارقة.


غازي صلاح الدين العتباني: دون إدانة واضحة. ولكن على كل حال هذا هو ما أتيح، نحن نقبل يعني نعرف التناقضات وتوازنات القوى في داخل المجموعة العربية.


علي الظفيري: يعني هل المسألة مسألة ضعف أم مسألة فعلا توافق عربي مع تسليم مثلا بعض..


غازي صلاح الدين العتباني (مقاطعا): أنت تعلم أنه ليس في حالة السودان وحدها، في حالة أي قضية عربية الأمة العربية الآن تمر بأضعف حالاتها، يعني اذكر لي القضية الوحيدة التي يمكن أن نسجل فيها للعرب موقفا جماعيا صارما وحاسما؟ ولذلك لا نستطيع أن نشكو نحن، هذه..


علي الظفيري (مقاطعا): ولكن أيضا دكتور يعني وأنت المفكر، هذه حالة عربية تتكرر كثيرا يعني أن يرتبط مصير دول بمصير أشخاص وأن يتم التضحية أحيانا بالدول على حساب الأشخاص وتُفقد الأشياء كلها يعني، فبالتالي ربما البعض انطلق من هذا الأساس أنه لديكم مشكلة مع المجتمع الدولي، لديكم قضية ومشكلة في دارفور وبالتالي يجب أن تقدموا بعض الأمور، أو بعض التنازلات أو تسليم أيضا المتهمين.


غازي صلاح الدين العتباني: لا، هي القضية ليست هكذا، يعني المقارنة ليست هكذا ليست صحيحة. نحن قبل أسبوعين فقط مما فعله أوكامبو أجزنا واحدا من أهم القوانين في السودان وهو قانون الانتخابات وكنا سنعيد الانتخابات في العام القادم وكان يمكن أن يذهب الرئيس البشير من خلال هذه الانتخابات وإحنا قبلنا هذا المبدأ قبلنا أن يذهب بطريقة الانتخابات، ولذلك ليس هنالك..


علي الظفيري (مقاطعا): طبعا مع ضعف الاحتمالية هذه أن يذهب بالانتخابات.


غازي صلاح الدين العتباني: والله هو احتمال قائم طبعا على كل حال نحن نرضى به، نحن الآن نعلن موقفنا أننا نرضى به ونرضى بالتداول السلمي وإذا ذهب البشير من خلال الانتخابات ولكن ثبت المبدأ، المبادئ التي ندعو لها وأن يكون هنالك تداول سلمي وعمل سياسي لا يلجأ للعنف فهذا مكسب كبير يعني نحن لا نتمسك بالأشخاص من حيث هم أشخاص وبالتالي فإن القضية ليست.. المشكلة الآن أنك أنت تثير القضية ضد الشخص الذي هو في الحقيقة ضامن لاتفاقيات السلام، شين ما بين، ليست القضية في أنه اسمه عمر البشير او أنه الشخص الفلاني، هذه..


علي الظفيري (مقاطعا): لموقعه هو..


غازي صلاح الدين العتباني: هو موقعه في هذه اللحظة التاريخية، هو الشخص الذي أنت تدعوه إلى إقامة السلام في دارفور، كيف يمكن أن تدعوه إلى إقامة السلام في دارفور وأن يصبح السلام في دارفور أولوية قصوى بالنسبة للبلاد وهو مطارد وهو مطلوب القبض عليه؟! يعني هذا هو جوهر القضية، نحن لا نتمسك بأشخاص ولا بأسماء، المسألة مبدئية. كما ذكرت لك يعني هدم مبدأ السيادة التي يمثلها رئيس جمهورية في دولة ذات مشروعية في لحظة ما هو هدم لأساس متين جدا في القانون الدولي يمكن أن يطّرد في دول كثيرة ويمكن أن يؤدي إلى خراب كبير.


علي الظفيري: تغيير الرئيس البشير يعني طبعا سواء عبر انتخابات أو عبر آليات أخرى وأيضا علاقة حزب المؤتمر الوطني بالمكونات السياسية الأخرى، مشاهدينا الكرام، هي ما سنتناوله مع الكتور غازي صلاح الدين المستشار الرئاسي وقضايا أخرى أيضا فيما يتعلق برؤيته للتجربة الإسلامية بشكل عام للحكم في السودان. تفضلوا بالبقاء معنا بعد هذا الفاصل القصير.

[فاصل إعلاني]

علاقة المؤتمر الوطني بالمكونات السياسية الأخرى


علي الظفيري: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام في بلا حدود، مع الدكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني عمر البشير، مرحبا بك مجددا. دكتور تغيير الرئيس والحديث عن.. طبعا أنت أشرت له في سياق انتخابات كانت مفترضة أن تكون في أول أو مطلع العام القادم، الآن لا نعرف هل الانتخابات في موعدها أم تغيرت الأمور؟


غازي صلاح الدين العتباني: لا، في موعدها نحن..


علي الظفيري (مقاطعا): الموقف الرسمي طبعا، ولكن الظروف هل تشير إلى عقد مثل هذه الانتخابات، الظروف ملائمة مثلا؟


غازي صلاح الدين العتباني: يعني رأيي الشخصي فقط كمراقب للأحداث وعالم بالأمور في السودان إذا تصاعدت هذه القضية وتعقدت ستصبح قضية الانتخابات قضية من الصعب الحكم فيها.


علي الظفيري: كأنكم وجدتم يعني مبررا ربما..


غازي صلاح الدين العتباني: لا، بالعكس المؤتمر الوطني كان هو المصر على إجازة قانون للانتخابات، بالمناسبة وحدث في هذه المسألة جدل كبير يشهده المجتمع السياسي في السودان، كثير من الأحزاب لم تكن متحمسة لهذا القانون نحن أجزنا القانون قبل أسبوعين تقريبا من مذكرة أوكامبو وكنا نعد العدة وما زلنا نحن نعد العدة من أجل الانتخابات في العام القادم، نعتبر أن القرارات اللاحقة بالذات قانون تقرير المصير يجب أن يكون قانونا صادرا من جهاز تشريعي منتخب، أنت تعلم أن البرلمان الحالي هو برلمان معين بمقتضى اتفاقية نيفاشا وبالتالي نحن لا نريد أن نتحمل مسؤولية تاريخية وطنية إلا في ظل أجهزة تشريعية منتخبة ورئاسة منتخبة، هذا ما يدفعنا إلى تبني مقترح الانتخابات في موعدها.


علي الظفيري: كما أشرت قبل الفاصل نتحدث الآن على علاقتكم علاقة المؤتمر الوطني حزب المؤتمر الوطني بالمكونات السياسة الأخرى، نبدأ بالحركة الشعبية الشريك الرئيسي في الحكم في السودان وأيضا انطلاقا من قضية مذكرة الاعتقال، كان هناك ضبابية ربما في موقف الحركة وإن كانت طبعا تبدي تأييدا ودعما للرئيس البشير في هذه المسألة وأيضا سيلفا كير الذي ترأس اللجنة العليا لإدارة الملف، لكنهم وكأنهم يتعاملون أنهم في موقع مختلف أنهم في منأى ربما عن هذا الصراع مع المجتمع الدولي بخلاف الحزب الوطني، كيف تقيمون العلاقة الآن وموقف أيضا الحركة في هذه القضية في قضية المذكرة؟


غازي صلاح الدين العتباني: موقفهم السياسي والقانوني هم يقولون إنهم ينادون بالتعاون مع المحكمة وهم في هذا الموقف متناقضون معنا، نحن نقول أقوى ورقة هي الاستناد على عدم اختصاص المحكمة ولكن الموقف العملي لهم من خلال مجلس الوزراء من خلال البرلمان وقد أجزنا قرارا في البرلمان برفض المذكرة ورفض الاتفاقية وهم قد صوتوا معنا بالإجماع وصوتوا معنا أيضا في داخل مجلس الوزراء بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة، فإذاً نحن نميز ما بين الموقف السياسي الذي يدعو إلى التعامل ونرحب أن نسمع منهم يعني..


علي الظفيري (مقاطعا): لكن موقفهم متناقض في هذا الأمر، متناقض أنهم يعني يرحبون أو يؤمنون بالتعامل مع المحكمة من جهة، وأنهم من جهة أخرى يدخلون في إجراءات وفي ممارسات عملية تطبيقية مؤيدة للموقف السوداني في رفض التعامل مع المحكمة؟


غازي صلاح الدين العتباني: لا أفسر هذا بالتناقض، يعني يمكن أن تتبنى أنت موقفا يرفض المذكرة ويرفض الإجراء وينادي بأن هذا الإجراء خطير على القانون الدولي ولكن أن تتعامل مع الجهة التي أصدرت المذكرة، بمعنى أن تقنعهم بأن هذا خطأ، وموقفنا نحن من الناحية القانونية في تقديراتنا القانونية أن أي اعتراف بمحكمة الجنايات الدولية سيضعف موقفنا جدا..


علي الظفيري (مقاطعا): بأي تفصيل من التفاصيل؟


غازي صلاح الدين العتباني: بأي تفصيل من التفاصيل.


علي الظفيري: ترشيح سيلفا كير كان توقيته يعني نظر له على أنه توقيت غير جيد ربما توقيت مستفز بالنسبة لكم أنتم كشريك رئيسي في الحكم؟


غازي صلاح الدين العتباني: المؤتمر الوطني لم يصدر رأيا في هذه المسألة..


علي الظفيري (مقاطعا): لا، يعني المؤتمر قال إن له الحق في الترشيح هذه ليست مسألة جديدة لكن حينما يختار هذا التوقيت في الترشيح هي القضية؟


غازي صلاح الدين العتباني: صحيح أنا أتفق معك أن التوقيت غير موفق.


علي الظفيري: يترتب عليه أمر معين شيء معين؟


غازي صلاح الدين العتباني: يعني هو يشير إشارات مربكة في تقديري، هذا ليس رأي المؤتمر الوطني صراحة هذا رأيي، ولكن التوقيت غير مناسب وغير مفيد يعني كان يمكن أن ينتظر حتى تأتي الانتخابات وله الحق في الحقيقة أن يرشح نفسه أو يرشح يعني من قبل حزبه هذا حق مكفول، ولكن طبعا ينبغي أن تنظر للمسألة بصورة أدق وأعمق يعني كيف سيتعامل هو إذا ما نزل في انتخابات الرئاسة ولم ينزل في انتخابات رئاسة الجنوب؟ يعني كيف سيكون الوضع لو أنه لم يفز بانتخابات الرئاسة؟ أنا كنت أتصور أن يخضع هذا الأمر داخليا في داخل الحركة الشعبية لنقاش أكثر. الشيء الثاني هو إذا أنت نزلت في الرئاسة وأقصيت البشير من الحكم، دعك من قضية أوكامبو، ما هو مصير اتفاقيات السلام؟ يعني كيف ستضمن مع شريك جديد نفس المصير الذي تتطلع إليه اتفاقات السلام؟ هذه كلها حسابات في نظري أنا شخصيا كان ينبغي أن تأخذ اعتبارات..


علي الظفيري (مقاطعا): قفزة في الهواء ربما يعني.


غازي صلاح الدين العتباني: نعم ولكن طبعا في النهاية هم لهم..


علي الظفيري (متابعا): مارسوا الحق يعني، المؤتمر الشعبي دكتور ترابي هو الموقف الوحيد ربما سودانيا الذي لم يصطف مع حزب المؤتمر الوطني، وصفته أنت دكتور غازي بأنه موقف شاذ جدا، برأيك لماذا اتخذ هذا الموقف؟ وما موقفكم أنتم أيضا من موقفهم؟


غازي صلاح الدين العتباني: يعني نحن لم نستغرب الموقف طبعا لأنه هو في كل تصريحاته في الفترة الماضية يعمد ويقصد إلى إبراز موقف مناقض لموقف المؤتمر الوطني، أصبحت كأنما هذه هي رسالة جوهرية يتبناها وبالتالي فلم يكن هذا مدهشا بالنسبة لنا، ولكنه موقف يعني، دعني من كلمة شاذ، ولكنه معزول في الساحة السياسية يعني هو الموقف الوحيد كما وصفته أنت وبالتالي فهو موقف معزول.


علي الظفيري: لماذا تريدون من الجميع أن يقف معكم يقف مع حزب المؤتمر الوطني هذا الحزب الذي حكم السودان فترة طويلة وأدخله في متاهات كثيرة ومشاكل وكوراث كثيرة على الصعيد الداخلي وعلى الصعيد الخارجي أيضا؟


غازي صلاح الدين العتباني: يعني أنا أقول قلت لك وأقول لك مرة ثانية القضية ليست المؤتمر الوطني الآن، القضية ليست عمر البشير بشخصه، القضية هي السودان، الحكومات يمكن أن تخطئ ولكن هذا لا يعني أن تقود البلد بكامله إلى المقصلة كما يريد أوكامبو يعني هذا ما نقوله، نحن يعني نقول ولذلك اصطف السودانيون الآن حول موقفنا، يعني نحن الآن هذا التماسك الوطني غير مسبوق ينبغي أن تسأل السؤال لماذا؟ لماذا هذا حزب المؤتمر الوطني الذي وصفته أنت بهذه الأوصاف وقلت إنه قد أدخل البلد في متاهات لماذا تقف القوى السياسية معه؟ لأنها تدرك أن القضية ليست قضية المؤتمر الوطني القضية ليست قضية عمر البشير القضية قضية السودان والمستهدف هو السودان في الحقيقة والمستهدف هو الاتفاقيات القائمة والمستهدف هو التحول السياسي الحادث في السودان، وبالتالي القوى السياسية انحازت انحيازا طبيعيا وفطريا إلى هذا الموقف الذي..


علي الظفيري (مقاطعا): طبعا أنا قد أتفق معك دكتور ولكن أيضا أعرف أن البعض يقول إن هذا هو ديدن الأنظمة الشمولية حينما يستهدف الحزب الحاكم ويستهدف جهات معينة بذاتها، دائما يتم الربط بين مصير البلد ومصير هؤلاء الأشخاص، هناك من يرى هذا الرأي، بالنسبة للمؤتمر الشعبي انقطعت حبال الود والوصل تماما، هل ثمة آمال ربما لردم هذه الهوة بينكم وخاصة أنكم الآن بصدد رؤية منفتحة تجاه كافة المكونات السياسية في داخل السودان؟


غازي صلاح الدين العتباني: الود في السودان أصلا لا ينقطع تماما يعني..


علي الظفيري (مقاطعا): على المستوى الشخصي يعني..


غازي صلاح الدين العتباني: نعم يظل قائما ويمكن أن يقفز من المستوى الشخصي إلى الموقف الرسمي، ولكن بالنسبة إلى المؤتمر الشعبي هو مدعو وقد يرى الاتصال به ليكون واحدة من مكونات المبادرة الوطنية التي وصفتها والأمر له طبعا إذا شاء أن يكون مع الوطني أو لم يشأ، القرار عنده، ولكنه هو دعي يعني مدعو، المبادرة لا تستثني أحدا..


علي الظفيري (مقاطعا): وقالوا إنكم تسعون لإدانة المؤتمر وحظر نشاطه، هناك أقطاب في المؤتر الشعبي تحدثت عن نوايا مبيتة خاصة بعد هذا الموقف الذي طبعا استنكرتموه، الموقف من المذكرة وعدم تأييد المؤتمر الوطني.


غازي صلاح الدين العتباني: لا أعتقد، هذه أوهام فقط أوهام لا ألمس أي اتجاه نحو معاقبة المؤتمر الشعبي، هذا موقفهم، دع الساحة السياسية تتعامل معهم أنا كما ذكرت لك أنا، موقف معزول هذا يكفي.


علي الظفيري: تعتقدون أن للمؤتمر تأثير مستمر وقوي حتى الآن في قضية دارفور في قضية التصعيد المستمر؟


غازي صلاح الدين العتباني: لا أعتقد يتجاوز التصعيد الكلامي، يعني هذا رأيي الشخصي.


علي الظفيري: بالنسبة لباقي المكونات السياسية يقال أيضا إن هذا التوافق وهذا التراضي هو مؤقت فقط في ظل هذه الضغوط التي ربما يواجهها حزب المؤتمر الوطني الحاكم؟


غازي صلاح الدين العتباني: يقال هذا الكلام من مراقبين سياسيين من أشخاص مغرضين لهم الحق في أن يقولوا..


علي الظفيري (مقاطعا): كيف يمكن أن يثبت المؤتمر الوطني مصداقية وأن تكون الرؤية مستمرة قابلة للاستمرار أيضا؟


غازي صلاح الدين العتباني: حتى الآن هو يثبت مصداقية والدليل على أنه يثبت مصداقية في هذه القضية الجزئية على الأقل تحديدا بدلالة استجابة القوى السياسية لما طرحه وحماسة القوى السياسية لما طرحه، والآن هذه القوى تتحمس لهذه المبادرة جدا وعلى كل حال المبادرة عندما تصبح شأنا قوميا يمتلكها الجميع يكون هذا أفضل الضمانات لها.

نقد تجربة جبهة الإنقاذ في الحكم


علي الظفيري: دكتور أنت من الأسماء أو الرموز السياسية حقيقة في السودان النادرة جدا والقليلة التي تمارس باستمرار ربما يعني تتبنى خطابا مغايرا للخطاب الرسمي الثابت والواحد المتشابه، تمارسون أيضا نقدا مستمرا في التجربة، لك يعني مقالة تتحدث عن قضية دارفور ولكن بإمكاني تعميمه طبعا على السياسة السودانية بشكل عام سواء في الصعيد الداخلي أو الخارجي، تحدثت عن الخطاب الحكومي إشكالية غياب خطاب حكومي واضح في التعاطي مع المشكلة مشكلة الإعلام قضية الإعلام أشرت لها، مشكلة المشروعية، غياب المبادرات الحكومية وأشرت لها سابقا، باعتقادك لماذا كان كل هذا الضعف في إدارة الحكومة السودانية والمؤتمر الوطني للقضية في دارفور؟


غازي صلاح الدين العتباني: أنا يعني نعم كتبت هذا الكلام وأقف بهذا الكلام حتى الآن يعني هذا رأيي ولو أنه بعد هذا الكلام حدثت مبادرات كثيرة، منها مبادرة أبوجا نفسها التي وقعت في النهاية. في اعتقادي أن السياسة السودانية ظلت دائما في ظل العهود المختلفة للحكومات المختلفة تعاني من نقص أعتقد أنه موجود في البنية الثقافية لنا كأمة يعني ليست في السودان وحدها وهي في التخطيط الإستراتيجي، يعني كيف ننظر إلى مستقبلنا؟ كيف نخطط إلى مستقبلنا؟ ولذلك تدهمنا الأحداث كثير من الأحيان تدهمنا الأحداث ولا نكون مستعدين لها وتتعقد بعد ذلك وتتفاقم، وفي اعتقادي أن هذه المسألة لا بد أن نعالجها بتغيير جوهري في الثقافة السياسية. في اعتقادي أن مديَنة الحياة السياسية وإصلاح الحياة السياسية بحيث تكون المجادلة السياسية بالحسنى بحيث يكون العمل السلمي بحيث يكون التنافس الشريف بين النظرات والأفكار، لأنه الآن نحن في السودان واحدة من الأدواء التي نعاني منها، دعك من قضية دارفور، هي قضية القبلية السياسية وهي موجودة في العالم العربي كله، يعني أصبحت الأفكار ليست محركا رئيسيا وجوهريا في الساحة السياسية كما الانتماء إلى قبيلة والانتماء إلى جهة، هذه أدواء خطيرة جدا لمستقبل أي تجربة سياسية بغض النظر عن الحاكمين فيها إن كانوا من هذا الاتجاه أو ذاك. وبالتالي فنحن نحتاح إلى مراجعات جذرية ليس على مستوى حركاتنا السياسية ليس على مستوى أحزابنا ولكن على مستوى الثقافة السياسية الجامعة ولذلك نحن تحمسنا جدا لقانون الانتخابات وتحمسنا جدا لكل القوانين التي أصدرناها مؤخرا في البرلمان والتي تضع ما يمكن أن تسميه البنية الأساسية للعمل السياسي في السودان لأن هذا هو الحل الوحيد بصراحة شديدة.


علي الظفيري: بعض ما كتبته طبعا قلت إنك ترددت كثيرا في الكتابة في هذا الموضوع الشائك لعدة أسباب منها فعلا أنه شائك ومحفوف بالألغام، الحديث فيه مجلبة لسوء الظنون، طبعا بما أنك اتهمت بالصمت المريب وكتمان الحق بالتالي اضطررت لكتابة هذه الأمور. هل الحكم اليوم في السودان هل القيادات الرئيسية في حزب المؤتمر الوطني الحاكم على رأسهم طبعا الرئيس عمر البشير لديها القدرة حقيقة للاستماع لهذا النقد ولاستيعابه ولمحاولة أيضا الانفتاح بشكل أكبر على المنتقدين في الداخل وليس خارج الحزب؟


غازي صلاح الدين العتباني: في حدود، يعني دعنا نكن متواضعين في توقعاتنا من الناس جميعا يعني هذا ما يدفعني لأن أظل أعمل في الساحة فليس كل ما أطلبه أجده ولا أتوقع أن أجد كل ما أطلبه، بالطبع هذا شيء يعني طبيعي ولكن ما وصفته لك عن مديَنة الحياة السياسية وعن الإصلاح يجعل الصدع بالرأي المجرد من الهوى الذي لا يستند إلى مصلحة ذاتية أو مصلحة متعلقة بجماعة أو فئة يرتفع شيئا فشيئا، وعندئذ سيكون اجتماع الناس وائتلافهم على الأفكار أكثر من اجتماعهم وائتلافهم على الجهات وعلى القبائل، ولذلك في نظري أن قضية المراجعات النقدية لأي حركة سياسية، ليس لحركتنا نحن وحدنا لأي حركة سياسية، ينبغي أن تكون في الممارسة السياسية، للأسف الشديد أنها غير موجودة الآن إلا بقدر ضئيل وأحيانا تجميلي وتحسيني أكثر منه مراجعة حقيقية لكل التجربة. على سبيل المثال نحن أناس انطلقنا من تجربة إسلامية معاصرة نحن كنا نرى دائما أن التجربة الإسلامية تختص بأنها تجربة تحديثية وقد يدهشك هذا الكلام ولكنها تجربة تحديثية بخصائص إسلامية تجربة تتجاوز العصبيات البدائية إلى عصبيات أرفع وأرقى رفع الناس على أفكار تجربة يعني تحدث انقلابا حقيقيا انقلابا بالمعنى الإيجابي يعني في المجتمع في مفاهيمه في ثقافته في كذا..


علي الظفيري (مقاطعا): هذا لم يحدث طبعا، تجربة الإنقاذ هي تجربة بارزة بالنسبة للإسلاميين في تولي حكم بلد كبير ومهم وغني أيضا كالسودان، لكن هذا كله لم يحدث بل بالعكس كرست كثير من الأمور ربما فيما يتعلق بالقبلية والعصبيات.


غازي صلاح الدين العتباني: لا ليس صحيحا يعني هو حقيقة إذا أردنا أن نكون منصفين شيئا ما، من السهل أن نرجم تجربة رجما يعني دون تمييز، ولكن أذا أخذنا الجانب التحديثي التحديث الذي حدث في المجتمع السوداني بالمناسبة فترة العشرين عاما الماضية، لا يستهان به كبير جدا، التحول السياسي نفسه الآن القوانين التي ذكرتها لك التي تضع البنية الأساسية للسياسة في السودان هذه ما كانت لتحدث لولا تجربة الإنقاذ الحالية، اتفاقيات السلام التي أنهت حتى الآن على الأقل على مستوى الجنوب حربا استمرت خمسين عاما هذا إنجاز كبير أيضا يساهم في وضع البنية الأساسية، ولكن إذا سألتني رأيي الصريح والخاص في أن هل هذا كل ما كنت أتوقعه، فأقول لك بالطبع لا..


علي الظفيري (مقاطعا): بأي درجة؟ أي نسبة مما كنت تتوقعه؟ قليل جدا؟


غازي صلاح الدين العتباني: سئلت هذا السؤال في الجزيرة من قبل وسبب لي مشاكل قلت طبعا هذا يعتمد على نظرتك أنت..


علي الظفيري (مقاطعا): أكثر من 10% دكتور؟


غازي صلاح الدين العتباني: أنا قلت أكثر من 10% قليلا ولكن طبعا يعتمد على الزاوية التي تنظر إليه، يعني أنا في الحقيقة منفعل وحتى على مستوى العالم الإسلامي أعتقد أن التجارب التي تجدد نفسها والتي تنتقد نفسها والتي تراجع نفسها والتي تقوي نفسها التي تهيء نفسها بصورة أفضل يمكن أن تحقق أفضل من التجارب التي تتكلس من الزمن، وأي تجربة عاشت عشرين عاما هي مدعاة وهي مظنة أن تتكلس، تتكلس بمعنى أنها تفقد الروح تفقد المقدرة على إفراز رؤى جديدة وعلى إفراز أفكار جديدة وعلى استيعاب التيارات الحية في المجتمع مثل الشباب وتصبح تجربة عجائز يعني عفا عليهم الزمن، طبعا تلاحظ في الكثير من التجارب القومية مثلا وبعض التجارب الإسلامية وبعض التجارب الوطنية أيضا أنها تكلست في الحقيقة..


علي الظفيري (مقاطعا): وهذا خطير في التجربة الإسلامية السودانية أنها ربما أيضا سارت على الطرق التي سار عليها الغير يعني في الاتجاهات القومية والوطنية..


غازي صلاح الدين العتباني (مقاطعا): يمكن أن تنتهي إلى تجربة طائفية، لدينا تجارب في العالم الإسلامي نشأت تجارب تحديثية تجريدية حقيقية لم تأتلف حول أفراد بقدر ما ائتلفت حول أفكار قبل مائة عام قبل مائتي عام ولكنها في النهاية انتهت إلى تجارب طائفية تلتف حول أشخاص تلتف حول طقوس تاريخية تلتف حول ممارسات أكثر مما تلتف حول أفكار تستطيع أن تجدد نفسها، فقدان المجتمع لمقدرته على تجديد نفسه وعلى رؤية مشكلاته وتشخيص مشكلاته ونقد ذاته هو من أكبر أدواء السياسة عندنا في العالم..


علي الظفيري (مقاطعا): حديث مهم دكتور تتفضل به وهذا أيضا حديث يطول في قضية تحديث التجربة ممارسة النقد الكبير لها خاصة التجارب الإسلامية التي تتولى الحكم ومنها طبعا التجربة السودانية، ولكن لدينا مكالمات حقيقة هاتفية، أبدأ مع الأخ بدر الدين حسين؟


بدر الدين حسين/ السودان: مرحبا.


علي الظفيري: حياك الله.

بدر الدين حسين: كيف الحال؟


علي الظفيري: تفضل أخي الكريم بسؤالك لو سمحت.

الدور الأميركي ومستقبل الأزمة


بدر الدين حسين: أنفذ مباشرة لسؤالي الأول للدكتور غازي صلاح الدين، كيف يقرأ الدكتور غازي مسألة التوقيف في ظل العلاقة السودانية الأميركية منذ أن اعتلت الإنقاذ سدة الحكم في السودان؟ المسألة الثانية هل يمكن إرجاع هذا القرار للجوانب الاقتصادية المتعلقة بازدياد حجم الاستثمار الصيني في السودان والذي يشكل قلعا للولايات المتحدة الأميركية؟


علي الظفيري: وضحت أستاذ بدر، الأخ سلمان أحمد من الإمارات تفضل، الأخ سلمان؟ لا أعرف يبدو أنه فقدنا الاتصال. عموما سؤال واحد كاف لأنه لم يتبق لدينا وقت كبير جدا، دكتور تفضل.


غازي صلاح الدين العتباني: نعم لا شك عندي أن القضية قضية سياسية طبعا ونحن نقول ذلك نقول إن محكمة الجنايات هي جسم قانوني ولكن أحيل الاختصاص لها من مجلس الأمن، مجلس الأمن جهاز سياسي وجهاز سياسي مختل لأن العلاقات فيه ليست قائمة على المساواة ليست قائمة على المبدأ الديمقراطي الذي يقول لكل شخص صوت واحد، نحن نعلم أن الولايات المتحدة الأميركية متنفذة جدا في مجلس الأمن وبالتالي هذا القرار صدر تحت نفوذ قوى غربية..


علي الظفيري (مقاطعا): طيب السؤال الأخير يا دكتور، ما المطلوب من السودان حتى تبتعد عن كل هذه الاتهامات وكل هذه الضغوط من قبل القوى الغربية تحديدا؟


غازي صلاح الدين العتباني: المطلوب من القوى الغربية هو أن يستسلم السودان تماما لمخططاتها طبعا بما في ذلك إقصاء الصين كما أشار إليه الأخ بدر الدين في سؤاله، العلاقة السودانية الصينية بالمناسبة كانت مفتاحا للعلاقة الصينية الأفريقية لأن النموذج السوداني الصيني في التعاون والذي تجاوز كل صيغ التمويل الأوروبية الغربية في قضية البترول وقضية المعادن وقضية الاستثمارات الصينية، قدم نموذجا لأفريقيا وبالتالي الصين دخلت أفريقيا عبر السودان عبر بوابة السودان والسودان يعاقب الآن على هذه العلاقة السودانية الصينية، طبعا المطلوب هو أن تستسلم تماما أن ترفع يديك تماما وأن تلقي السلاح تماما وأن تستسلم تماما للمخططات الأميركية، هذا لم يحدث من قبلنا، نحن نعتبر أن تمكين الجبهة الداخلية هو خط الدفاع الأول بالنسبة لنا وإقامة بنية تضامن قوية من أخواننا وأشقائنا في المنطقة العربية والأفريقية على وجه الخصوص هي خط الدفاع الثاني، ولكن العمل الداخلي داخل السودان تحل مشكلة دارفور..


علي الظفيري (مقاطعا): تصنفون أنفسكم في خانة العداء للولايات المتحدة الأميركية مثلا؟


غازي صلاح الدين العتباني: والله الولايات المتحدة الأميركية هي التي أصابت قدمها يعني كما يقال في المثل..


علي الظفيري (مقاطعا): يعني تعاونتم معها كثيرا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، قدمتم معلومات قيل إنها مهمة جدا..


غازي صلاح الدين العتباني (مقاطعا): يعني خذ موقفهم الآن المعزول في قضية محكمة الجنايات، القرار الأخير، هم يقولون إنهم ضد محكمة الجنايات ولكنهم صوتوا ضد السودان، في الحقيقة هذا يذكرني بمقولة، اقتباس شهير لقائد روماني يقول "عندما ينكشف الجرم ويستحيل الإنكار لا يبقى أمام المجرم إلا الوقاحة" هذا ينطبق على أميركا لم يبق أمامهم إلا الوقاحة، هم يشرعون الحوار هم يبدؤون الحوار هم يقطعون الحوار هم يشرعون الحوار مرة أخرى هم يجيّرون الحوار لقضاياهم والإرهاب وما أدراك ما الإرهاب وكذا، يعني التعاون مع أميركا هو يعني الحوار ليس حوارا بين اثنين هو إملاء من طرف واحد.


علي الظفيري: حوار ورجع صداه. هل يسير السودان يا دكتور في طريق الصمود في مواجهته هذه مع المحكمة ومع القوى الداعمة لها أم ربما تسير الأمور في طريق آخر؟


غازي صلاح الدين العتباني: لا، نحن منفتحون للحلول نحن قدمنا حلولا نحن قلنا الآن من خلال المبادرة الوطنية من خلال لقاءاتنا حتى مع الأميركان وومع غيرهم، نقول لهم حلنا الذي تبنته تقريبا المبادرة العربية والمبادرة الأفريقية بدرجة ما، هو إعطاء الأولوية للسلام معالجة قضية المعاقبات إذا شئتم حتى شكوى الرئيس لا شيء يمنع أن يشتكى الرئيس رئيس الجمهورية في القضاء الوطني بالمحاكم الوطنية أن يشتكى أحمد هارون إذا شاء بعض المواطنون أن يشتكوه، لهم ذلك. دعونا نتحرك من خلال هذه المبادرة الوطنية التي هي ليست مبادرة المؤتمر الوطني هي مبادرة السودانيين جميعا، والضمانة لها هي السودانيون جميعا، نتحرك وننظر في القضية الأولى فالأولى، الأولى بالنسبة لأهل دارفور كما لاحظت لاستقبالهم لرئيس الجمهورية عندما زارهم، الأولى ليست هي قضية المحاكمات وجز الرؤوس، الأولى ليست هي الانتقام من شخص، الأولى بالنسبة لهم قضية الحل السياسي ويمكن النظر في قضية التعويضات وقضية الملاحقات القضائية فيما بعد بمحاكم سودانية لا تستثني أحدا.


علي الظفيري: متفائل دكتور بمستقبل السودان في ظل هذه الإدارة الحالية؟


غازي صلاح الدين العتباني: متفائل جدا أنا كما ذكرت لأحد الأخوة الفلسطينيين تعلمنا من أبو عمار مقولة كان يقولها قال "نحن تعلمنا أن نقاتل في حافة الهاوية" فنحن في السودان تعلمنا أن نقاتل في حافة الهاوية، وإن شاء الله كل تحد جديد سيزيدنا قوة.


علي الظفيري: نتمنى عدم الوقوع ربما. دكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم شكرا جزيلا لك على حضورك في هذه الحلقة. الشكر موصول لكم أنتم مشاهدينا الكرام على طيب متابعتكم، الأسبوع القادم يجمعنا أيضا لقاء وربما يكون له علاقة بهذه الأزمة وهذا الملف الذي فتح لا نعرف متى يطوى. تقبلوا تحيات الجميع، دمتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.