جميل عازر- توفيق السيف
الملف الأسبوعي

الانسحاب السوري، العلاقات السعودية الأميركية

موضوعات جديدة يفتحها الملف الأسبوعي ومنها سوريا ولبنان.. مرحلة ما بعد الانسحاب، جولة فلاديمير بوتين في الشرق الأوسط، السلطة الفلسطينية وإصلاح الأجهزة الأمنية.

– سوريا ولبنان.. مرحلة ما بعد الانسحاب
– جولة فلاديمير بوتين في الشرق الأوسط

– السلطة الفلسطينية وإصلاح الأجهزة الأمنية

– العراق بين تشكيل الحكومة والانفلات الأمني

– القمة السعودية الأميركية في مزرعة بوش

– توني بلير.. شخصية الأسبوع

– تركيا ومذبحة العثمانيين ضد الأرمن

undefined

جميل عازر: مشاهدينا الكرام أهلا بكم إلى جولة جديدة في الملف الأسبوعي وفيها.. سوريا ولبنان بداية مرحلة جديدة في العلاقات بعد الانسحاب السوري، بوتين في الشرق الأوسط بحثا عن دور روسيا الضائع في المنطقة وولي العهد السعودي في ضيافة بوش والسوق النفطية في رأس الأولويات.. أعلن السوريون أنهم أكملوا انسحابهم من لبنان رغم أن الأمم المتحدة لم تعتبر الأمر مسلما به فأرسلت فريقا للتحقق من الإعلان السوري ومع ذلك بدأت مرحلة جديدة في العلاقات بين دمشق وبيروت ستتأثر بما تشهده المنطقة من تطورات ستَفرض على الجانبين واقعا يتطلب التعامل معه بحنكة وبُعد نظر، فإعادة توضيب ملف العلاقات ستحتاج إلى وقت قد يطول أو يقصر بقدر ما تقتضيه المصالح المشتركة والإملاءات الخارجية المتمثلة في قرارات دولية أو في إيماءات من دول كبرى بفرض عقوبات أو اتخاذ إجراءات من نوع أو آخر ضد سوريا على وجه الخصوص.

سوريا ولبنان.. مرحلة ما بعد الانسحاب

[تقرير مسجل]

"
الملف السوري لا يزال مفتوحا سواء عبر مجلس الأمن أو واشنطن التي تعتبر سوريا أحد أضلاع مثلث الشر إذ تتهمها بدعم وإيواء فصائل فلسطينية والسماح بتسلل عناصر إرهابية إلى العراق
"
         تقرير مسجل

أسامة راضي: مرحلة جديدة تدخل فيها كل من سوريا ولبنان، فالقوات السورية وبعد تسعة وعشرين عاما من حضورها في لبنان أكملت سحب وحداتها العسكرية والاستخبارية منه رسميا وأبلغت دمشق الأمم المتحدة بذلك لكونه إنجازا لكل ما يترتب عليها في القرار 1559 وفي بيروت أيضا تمكن نجيب ميقاتي من تشكيل حكومة تحظى بقدر من القبول من كافة الأطراف ومنح البرلمان الثقة للحكومة الجديدة كما تحدد موعد للانتخابات النيابية حتى وإن جرت وفقا لقانون عام 2000، كما ترك عددا من قادة الأجهزة الأمنية ومدعى عام التمييز مناصبهم وهو ما كان مطلب أساسيا للمعارضة التي حمَّلتهم المسؤولية مباشرة أو غير مباشرة عن اغتيال الحريري، الأوضاع على الساحة اللبنانية إذاً تتجه نحو حالة يسودها ارتياح أو نحو تصالح وطني، فهل انتهت توابع ما بعد زلزال اغتيال الحريري من ازدياد حدة المطالبة بالانسحاب السوري إلى مقتضيات إجراء الانتخابات اللبنانية والتحقيق في الاغتيال وهل طويت صفحة القرار 1559؟ لا شك في أن من مصلحة سوريا أن يكون الأمر كذلك وإن كانت لديها انشغالات تتحسبها لمرحلة ما بعد الانسحاب وتشاركها في ذلك حتى أوساط معارضة لبنانية كان لها موقف مؤثر في المطالبة بإنهاء الوجود العسكري السوري في لبنان وكان من قادتها وليد جنبلاط الذي حذر مما اعتبرها محاولة استخدام لبنان قاعدة لتنفيذ مخططات أميركية لزعزعة الاستقرار في سوريا، خاصة مع تأكيد واشنطن أن مسؤولين أميركيين التقوا بممثلين للمعارضة السورية في الخارج وتثير تصريحات المسؤولين الأميركيين وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة قلقا في دمشق، فعنان أشار إلى أن عناصر من الاستخبارات السورية لا تزال موجودة في بيروت كما أنه يعتقد أن سوريا لم تنفذ بعد كافة بنود القرار 1559 فيما يتعلق بضرورة نزع سلاح الميليشيات اللبنانية أي حزب الله وغير اللبنانية أي الفصائل الفلسطينية وما يتردد عن وجود لعناصر تابعة للحرس الثوري الإيراني في لبنان وضرورة بسط الحكومة اللبنانية سيطرتها على كامل أراضي لبنان، فالملف السوري لا يزال مفتوحا سواء عبر مجلس الأمن أو واشنطن التي مازالت تعتبر سوريا أحد أضلاع مثلث الشر إذ تتهمها بدعم وإيواء فصائل فلسطينية تصفها الولايات المتحدة على أنها إرهابية وبالسماح بتسلل عناصر إرهابية تعكر الأمن في العراق وذلك ضمن قائمة من الملفات من قبيل الأسلحة الكيمائية أو انتهاكات حقوق الإنسان وهي ملفات يرى السوريين أنها لا تصب إلا في مصلحة الخطة الأميركية لشرق أوسط كبير.

جولة فلاديمير بوتين في الشرق الأوسط

جميل عازر: وإلى الشرق الأوسط جاء فلاديمير بوتين في جولة استغرقت بضعة أيام استهلها من القاهرة.. ولهذه الزيارة مدلولاتها فالرئيس الروسي وصل إلى المنطقة في محاولة لاستعادة المكانة التي احتلتها موسكو أيام العهد السوفيتي عندما كانت الآمر الناهي تقريبا في عدد من الدول العربية، فالإعلان عن صفقة نظام دفاع جوي لمصر واقتراح عقد مؤتمر دولي بشأن القضية الفلسطينية ليسا المؤشرين الوحيدين اللذين يدلان على الأهمية التي يعلقها الروس على محاولات تجديد علاقاتهم مع الدول العربية. ورغم اعتراض إسرائيل على بعض جوانب أو تداعيات هذه الزيارة فإن الكريملين يبدو عازما على الدفع نحو استراتيجية جديدة في المنطقة العربية.

[تقرير مسجل]

عبد القادر دعميش: فلاديمير بوتين ضابط المخابرات السابق قام بالسفرة التاريخية إلى الشرق الأوسط عن طريق البوابة المصرية وبدا ذلك نوع من التأكيد لمواقف سوفيتية ثم روسيا تقليدية من الصراع العربي الإسرائيلي وتسائل عرب في جدل تقليدي هو الآخر عن فعالية دور روسي مع واقع الحال الموصوفة بالإحباط ولكن صاحب الكريملين الذي يريد إعادة روسيا إلى خريطة الشرق الأوسط السياسية استبدل الإيديولوجيا وأدبيات التضامن بالمصالح المشتركة وبين مصر وروسيا كثيرا منها في اللحظة الراهنة، القاهرة تطمح إلى مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي وموسكو تبحث عن عضوية منظمة التجارة العالمية، الرئيس مبارك الذي وصل إلى السلطة عام 1981 استخدم الممحاة في التعامل مع قرارات سلفه أنور السادات الذي طرد الخبراء السوفيت، بل وهاهو اليوم يرحب بفتح جامعة روسية في مصر التي تحتاج إلى تكنولوجيا الروسية تشبع طموحها في أن تكون مصدرا كبيرا للغاز وتتفهم موسكو على الصعيد العسكري احتياجات مصر لقطاع سلاح الطيران وأنظمة الصواريخ والدفاع الجوي، الرئيسان بوتين ومبارك وفي مواجهة ضغوط واشنطن عليهما حول مسألة الحريات، اتفقا على أن الديمقراطية ليست سلعة للتصدير والاستيراد وإنما تصنع مع التطور الداخلي لكل مجتمع وقبل توجهه إلى إسرائيل اقترح الرئيس بوتين تنظيم لقاء دولي في موسكو حول السلام في الشرق الأوسط في الخريف المقبل وبدت دعوته كصرخة في وادي بالنظر إلى التحفظين الإسرائيلي والأميركي، الإسرائيليون ضمنوا الأمن لقيصر أراد الوقوف على عتبات دينية في القدس الغربية بعيدا عن الطابع الرسمي وكأن الطابع الشخصي لحج سياسي أراد منه بوتين القول بالحرية الدينية في روسيا وعدم معاداة السامية.. وكان ذلك كفيلا لاتفاق الجانبين على محاربة إرهاب تصفه إسرائيل جهارا بالإسلامي ولا تصحح موسكو المفردات وهي تنشد التعاون لوضع حد لمتاعبها خاصة في الشيشان.. وبدا أن صداقة روسية إسرائيلية استيقظت بعد غروب دام عقود من الزمن وطمأن الرئيس بوتين مضيفيه الإسرائيليين الذين وصفوه بصدق دولتهم بأن صواريخ استريلتس أرض جو المُزمع تزويد سوريا بها لا تشكل خطر عليهم وبأن روسيا لن تتجاوز الطابع المدني السلمي في التعاون النووي مع إيران، قال بوتين لديكم أكثر من مليون مهاجر يهودي روسي أمنهم مهم لدي.. ومع الفلسطينيين بقي للرئيس الروسي وضع إكليل من الزهور على قبر الراحل ياسر عرفات ووعود بتزويد قيادة السلطة بطائرتي تنقل دون ضمانات بعدم تدميرها من إسرائيل كما فعلت سابقا مع طائرتي عرفات، الفلسطينيون لا مطار لهم والمسافة نحو بناء الدولة ليست على مرمى حجر، الزيارة التاريخية للرئيس الروسي ومن خلال محطاتها لا تبدو قادرة على استرجاع مجد تليد، فهذا مرهون بإرادة عربية غائبة في الوقت الراهن ومنذ سايكس بيكو وقد تكون موسكو استخلصت أن مصالحها تقتضي التعامل بالقطعة مع العرب وبالتوازن مع كل المنطقة.

السلطة الفلسطينية وإصلاح الأجهزة الأمنية

جميل عازر: وفي هذه الأثناء بدأ الرئيس محمود عباس عملية إصلاح أجهزة الأمن الفلسطينية بتعيين ثلاثة قادة جدد لها بعد إقالته أو إحالته للتقاعد، الثلاثة الذين عيَّنهم سلفه الراحل ياسر عرافات.. وإذ يبدو هذا الإجراء للبعض ضروري وقد يرضي الأميركيين أكثر من الإسرائيليين فإن هناك بعض الفلسطينيين الذين يعتبرونه نيلا من نفوذهم أو موجها ضد معاقلهم.. ومن هنا يبدو واضحا أن الرئيس عباس ربما يتوخى الحرص لكي لا تبدو عملية الإصلاح وكأنها تفكيك لما بناه عرفات ولكي يتفادى أيضا إثارة غضب بعض الشخصيات النفاذة في حركة فتح التي يتزعمها رغم وعيده لمن يهددون التهدئة الحالية.

[تقرير مسجل]

وليد العمري: يبدو الرئيس الفلسطيني محمود عباس كمن يقف وسط حقل من الألغام وتطلق عليه النيران من كل حدب وصوب وفي الوقت نفسه مُلزم بالتقدم، مهمة مستحيلة لرجل لا يملك عصا سحرية والتوقعات منه أكثر من كبيرة، لكن رغم خطورة المهمة أتخذ عباس خطوات لا يمكن التقليل من أهميتها، تحدى فيها الواقع الأليم لسلطته وشعبه على حد سواء، مائة يوم مضت منذ توليه الرئاسة بعد رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، مائة يوم حمل فيها عباس على كتفيه تركة عرفات التي جاءته على هيئة نظام لا يُحسن إدارته سوى من أسسه كما كتب نبيل عمرو أحد المقربين والمتبحرين في تعقيدات الحالة الفلسطينية وذلك في إشارة إلى وضع إداري وأمني واقتصادي هو الأكثر تفككا وضعف على صعيد العالم.. لكن الوتيرة شديدة البطء التي يتحرك فيها الرجل قد تقلب حساباته، صحيح أنه انطلق من تفاهم على التهدئة مع فصائل المقاومة وأحال ملفات مسؤولين كبار إلى التحقيق بتهم الفساد والإفساد لكن الأبرز والأخطر شملته الإصلاحات الأمنية وهي استحقاق داخلي وخارجي، توحيد الأجهزة الأمنية في ثلاثة أجهزة وفق ما أملته خريطة الطريق وإجراء تغيير شامل على قياداتها التي تمتع البعض منها بحصانه واستقلالية لم تسهم في استتباب الأمن والاستقرار وهو استحقاق أملاه التفاهم مع الفصائل في القاهرة، من خلال تنفيذ قانون التقاعد العسكري شرَّع عباس بإقالة قادة مثل اللواءين موسى عرفات قائد الأمن الوطني وأمين الهندي مدير المخابرات العامة بالإضافة لعشرات من كبار الضباط والعسكريين الذين تجاوزوا سن الستين، صحيح أن عباس قلد الكبار منهم أوسمة نوط القدس بيد أن ذلك لا يغير في الود قضية بالنسبة للمواطن الفلسطيني المغلوب على أمره وربما لا يعنيه كثيرا ما لم تتبعه ترجمة عملية على الأرض، أي أن يأتي الجديد بجديد يعيد للمواطن شيء من أمنه المفقود، أمن انتهكه الاحتلال وداسه تحت جنازير دباباته وفتك به الفلاتان الأمني الذي أسهمت الأجهزة الأمنية على هذا النحو أو ذاك في استفحاله، ربما نجح عباس في الحد من نفوذ مراكز القوى داخل المؤسسة السلطاوية المتهالكة لكن ذلك كله يظل غير ذي جدوى ما لم يشعر المواطن بتغيير فعلي في عمل السلطة يؤثر على تحسين وضع النظام العام المهدر والقانون فاقد السيادة، دون مردود حقيقي من الإجراءات للمواطن وحياته تظل كل التغيرات الأمنية منها وغير الأمنية شكلية، من شأنها أن تتلاشى مبقية الوضع على سوءه والسلطة على ضعفها، وليد العمري الجزيرة خاص لبرنامج الملف الأسبوعي من رام الله.

العراق بين تشكيل الحكومة والانفلات الأمني

جميل عازر: في العراق يستمر العنف وفي ظله وبعد أسابيع منذ الانتخابات والكثير من المفاوضات والمساومات والضغوط الأميركية أعلن الدكتور إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء المكلف تشكيل حكومة يفترض أن تمثل مختلف ألوان الطيف السياسي والعرقي والمذهبي في العراق.. ورغم أن هناك عدد من الحقائب الوزارية التي مازالت تنتظر من يحملونها فإن البرلمان العراقي وافق بأغلبية كبيرة على التشكيلة الحكومية، الأمر الذي يدل على الأهمية التي يعلقها برلمان النظام الجديد على وجود سلطة تنفيذية بدأت منذ اللحظات الأولى لتكوينها تواجه تحديات صعبة حتى قبل أن تحدد أولوياتها.

سعد إبراهيم: في توقيت لا يخلوا من مغزى سياسي أُعلن عن تشكيل الحكومة العراقية في الثامن والعشرين من نيسان إبريل، اليوم الذي قد يكون فيه الرئيس العراقي السابق صدام حسين أطفأ الشمعة الثامنة والستين من عمره وحيدا في زنزانته بانتظار من يقرر مصيره، حكومة الوحدة الوطنية التي أعلنها رئيس الوزراء المكلف إبراهيم الجعفري لم تكن كذلك بحسب المراقبين رغم كثرة حقائبها وبسبب إبقاء بعض المناصب فيها شاغرة ومع إعلان بعض السُنة عن مقاطعتهم لها فقد كانت أقرب إلى حكومة استحقاق انتخابي وإلحاح ظرفي وضغط أميركي وسط اتهامات من عدد من القوى العربية السُنية بتهميشهم في النظام الجديد وهذا قد يعقد مهمة الجعفري الذي وجد نفسه في سباق من الزمن، بينما تنتظره ملفات ساخنة أهمها الملف الأمني ومكافحة الفساد وخلق أجواء عامة ملائمة لصياغة الدستور. وإذا كانت الجمعية الوطنية الانتقالية قد تجاوزت عقبة تشكيل الحكومة فإن ما هو آت سيكون أكثر إلحاحا، فكتابة الدستور التي يفترض أن تُنجز خلال الأشهر الأربعة المقبلة تواجه عقبات، إذ إن اللجنة البرلمانية المشكلة لهذا الغرض سيتمثل فيها أعضاء الجمعية بنسبة 10% وفقا للتمثيل البرلماني ما قد يضعف موقف الشيعة العرب خاصة في مواجهة مطالب الأكراد في مدينة كركوك الغنية بالنفط بسبب ضعف تمثيل العرب السُنة في الجمعية ولذلك وبرغم الخلاف بين الطرفين هناك ما قد يدفع العرب السُنة للوقوف في جبهة واحدة مع العرب الشيعة إزاء قضية كركوك، نحو مائة عملية مسلحة أُعلن عنها، منها أربع وعشرون هجوما بسيارة مفخخة منذ التاسع عشر من نيسان أبريل وحتى إعلان الحكومة، حصيلة هذه العمليات وصلت إلى 190 قتيلا في صفوف العراقيين مدنيين وشرطة وثلاثة عشرة جنديا أميركيا، بينما أصيب نحو أربعمائة عراقي آخر وأربعة جنود أميركيين وقد تبنى تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين الذي يتزعمه أبو مصعب الزرقاوي عددا من هذه العمليات، كما حث الزرقاوي أتباعه على مزيد من العمليات ضد القوات الأميركية، بيان جابر سولاغ القيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي آلت إليه وزارة الداخلية بعد جدل طويل توعد بالقسوة في مواجهة ما سماه بالإرهاب، في وقت تنشط فيه ستون شركة أمنية أجنبية في العراق، توظف خمسية ألف عامل يتقاضون أجورا مغرية.. وحتى الانتخابات المقبلة نهاية هذا العام فإن القوى السياسية العراقية بما فيها تلك التي قاطعت انتخابات الحادي والثلاثين من كانون الثاني يناير الماضي قد تعيد ترتيب أوراقها تمهيدا للدخول في العملية السياسية بواقع جديد وربما بأحلام جديدة.

جميل عازر: ومن قناة الجزيرة في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في الملف الأسبوعي وفيها أيضا بعد الفاصل.. توني بلير يخوض معركتين، الأولى لدرء اتهامه بالكذب والثانية للفوز مرة ثالثة بأغلبية برلمانية.

[فاصل إعلاني]

القمة السعودية الأميركية في مزرعة بوش

جميل عازر: إلى مزرعة الرئيس الأميركي في كروفورد بولاية تكساس توجه ولي العهد السعودي حيث لقي استقبالا حارا من جورج بوش.. وليس خافيا على أحد أن العلاقة بين واشنطن والرياض مرت في مرحلة صعبة كجزء من تداعيات هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول عام 2001 عندما كان معظم خاطفي الطائرات الثلاثة التي استعملت في الهجوم مواطنين سعوديين. ورغم الإيماءات الدبلوماسية وانتهاج سياسة وضع يد بيد للدلالة على تشابك المصالح ودفء العلاقة فإن هناك قضايا لا تزال تؤثر في العلاقات الثنائية والمصالح المشتركة ابتداءً من النفط وحتى موضوع الإصلاحات السياسية والثقافية التي تطالب إدارة بوش المسؤولين السعوديين بإجرائها.

[تقرير مسجل]

وجد وقفي: لقاء الأصدقاء والحلفاء بالنسبة للبعض ولقاء أكبر مصدر وأكبر مستهلك للطاقة بالنسبة للبعض الآخر وأيا كان الوصف فإن ما تسرب من الحديث بين جورج بوش والأمير عبد الله بقي بعيدا عن أعين وسمع وسائل الإعلام وكل ما تسرب كان مجرد حديث عن العلاقة الاستراتيجية التي تربط واشنطن والرياض.. ومع أن الزيارة تزامنت مع اكتمال الانسحاب السوري من لبنان إلا أنها لم تركز على هذا الجانب لكن السعوديين أكدوا على أن دمشق بموجب هذا الانسحاب قد أوفت بالتزاماتها، في حين رحب الأميركيون بحذر وفي الشأن الفلسطيني الإسرائيلي وحسب وزيرة الخارجية كوندليزا رايس فإن الجانبين حققا تقدما حقيقيا، علما بأن إدارة بوش لم تكترث بمبادرة السلام العربية التي طرحها الأمير عبد الله في قمة بيروت وأكد عليها القادة العرب في قمة الجزائر، بل أن الإدارة تركز جُل طاقتها على خطة الانسحاب من غزة وخارطة الطريق، مكافحة الإرهاب موضوع جمع الجانبين وفرَّق بينهما في آن واحد، فبينما اتفق الزعيمان على ضرورة محاربة الإرهابيين وبخاصة في ظل المواجهات التي تقع في السعودية ترى واشنطن أن الإصلاح ونشر الحرية والديمقراطية هما السبيل لاجتثاث الإرهاب من جذوره ولكن إدارة بوش ترى أن بإمكان المسؤولين السعوديين أن يبذلوا المزيد من الجهد في هذا الاتجاه وقد استبقت منظمة (Human Rights Watch) زيارة ولي العهد السعودي برسالة بعثت بها إلى الرئيس بوش تحثه فيها على الضغط على الرياض لإطلاق سراح ثلاثة سعوديين من دعاة الإصلاح اعتقلوا قبل عام، إضافة إلى إشراك المرأة في انتخابات المجالس المحلية ومجلس الشورى.. ومع أن البيت الأبيض لم يُعَلق على الرسالة إلا أن دفع السعوديين نحو الإصلاح يمكن أن يكون إحدى أدوات الضغط في يد واشنطن لتحقيق منافع خاصة من بينها معالجة أزمة ارتفاع أسعار النفط أملا في الحصول على مساهمة سعودية فعالة في إنتاج مزيد من النفط الخام، إلا أن الوفد السعودي أكد على لسان مستشار ولي العهد السعودي للشؤون الخارجية بأن المشكلة لا تكمن في نقص الخام بل في عدم قدرة المصافي الأميركية على تلبية متطلبات السوق من المشتقات البترولية ويبدو أن إدارة بوش تحاول تدارك الأمر بإعلانها السماح لشركات النفط بناء مصاف جديدة في قواعد عسكرية مهجورة، علما بأنه لم تبني مصاف جديدة لتكرير النفط في الولايات المتحدة منذ السبعينات وكان السعوديون يأملون توقيع اتفاق ثنائي مع واشنطن خلال الزيارة يمهد لانضمام الرياض إلى منظمة التجارة العالمية، إلا أنه أُعلن فيما بعد عن احتمال توقيع الجانبين لاتفاق نهاية العام الحالي، آمال كبيرة بناها الجانبان على هذا اللقاء لكن كلا منهما حصل على جزء يسير فقط مما يريد لكن الحوار مستمر بين الطرفين، فواشنطن والرياض تعيان جيدا أهمية العلاقة الاستراتيجية التي تربط بينهما على الرغم من تشكيك بعض الأطراف الأميركية المحافظة بأهمية هذه العلاقة خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وجد وقفي لبرنامج الملف الأسبوعي واشنطن.

جميل عازر: وينضم إلينا من لندن الباحث في الشؤون السعودية توفيق السيف، سيد توفيق بين النفط والسياسة كيف تبدو لك العلاقات السعودية الأميركية في الوقت الراهن؟

توفيق السيف– باحث في الشأن السعودي- بريطانيا: يبدو أن هذه الزيارة التي قام بها ولي العهد لواشنطن قد رممت يعني العلاقات التي كانت قد تأثرت كثيرا لا سيما في نهاية العام 2001 لكن لا أظن أن العلاقات السعودية الأميركية ستعود.. على الأقل ضمن المعطيات الراهنة إلى الوضع الذي كانت عليه قبل الحادي عشر من سبتمبر.

جميل عازر: طيب مَن يتحمل مسؤولية إعادته إلى ما كانت عليه قبل ذلك؟ ما هي المسؤولية السعودية في ذلك؟

توفيق السيف: لا شك أن المطالب التي قدمتها واشنطن إلى المملكة ليست سهلة التحقيق، يعني تحتاج المملكة إلى تجاوز الكثير والكثير جدا من الأمور التي اعتادت عليها لزمن طويل سواء فيما يتعلق بنظامها السياسي، فيما يتعلق بنظامها القانوني، بعلاقاتها الداخلية.. علاقاتها مع القوى السياسية الداخلية كي يعني تستطيع تقديم نموذج جديد يرضي الولايات المتحدة الأميركية ولكن أعتقد أن مثل هذا المسعى.. يعني لا يبدو أن المملكة سوف تقوم به بالصورة التي ترضي الولايات المتحدة ولهذا لا أعتقد أن العلاقات السعودية الأميركية ستكون يعني بالدفء والحرارة التي كانت عليه في السابق، لكن يعني يجب ألا ننسى أن هنالك ثوابت في هذه العلاقة لا ترتبط بالتغيرات السياسية، يعني أبرزها من الواضح هي العلاقة يعني في مجال البترول، الولايات المتحدة الأميركية تحتاج إلى مزودين استراتيجيين مضمونين للبترول والمملكة يمكن أن تمثل يعني أبرز هؤلاء المزودين وأعتقد أن المملكة تحاول اليوم ولا سيما في ظل ارتفاع أسعار البترول، تحاول التلويح للأميركان بهذه الورقة بقوة من أجل أن يغضوا الطرف أو أن يتناسوا الجوانب الأخرى المحرجة لنقل في ملف العلاقة بين البلدين.

جميل عازر: طيب أنت أشرت إلى المطلوب سعوديا لتحسين العلاقة، ماذا عن موقف واشنطن في هذا الشأن إذاً؟

"
مطالب أميركا للإصلاح السياسي السعودي تتمثل في تعديل النظام القانوني وإصلاح الهيكل السياسي للمملكة وإصلاح الثقافة أي النظام التعليمي والإعلامي
"
        توفيق السيف

توفيق السيف: الولايات المتحدة لديها ثلاث مطالب رئيسية فيما يتعلق بالإصلاح السياسي، يعني هم ينظرون إلى المملكة باعتبارها نموذجا لدولة تقليدية.. لنقل تمثل وضعا غير طبيعي ضمن منظومة الدول الحليفة للولايات المتحدة، ثلاث مطالب بشكل خاص يطرحونها، أحدها تعديل النظام القانوني لتمكين انسيابية أكبر بين الأسواق الأميركية والأسواق العالمية بشكل عام والأسواق السعودية، في هذا المجال هنالك تقدم ولذلك فان المملكة ربما.. فإن الولايات المتحدة ربما تدعم بصورة أقوى طلب المملكة الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية، في الاتجاه الثاني هنالك مُطالبة بإصلاح الهيكل السياسي للمملكة باتجاه تمثيل أوسع للجمهور، للأقليات، للنساء، في هذا الاتجاه حركة المملكة حركة لنقل بطيئة جدا وغير مرضية، هنالك ملف ثالث هو رغبة مشتركة ولكن أيضا هو محرج جدا للمملكة وهو إصلاح.. لنقل الثقافة، النظام التعليمي، النظام الإعلامي للمملكة من أجل لنقل تخفيف الحالة المتشددة، الحالة الراديكالية التي يرى الأميركيون أنها أدت إلى تبرير الهجمات، تبرير الإرهاب المسلح، العنف المسلح الموجه ضد الأميركان وحلفاءهم في المنطقة، هذا المطلب هو مطلب سعودي أيضا لكن هنالك قوى لا زالت نافذة في داخل المجتمع السعودي تعيق يعني التحرك نحو يعني.. توفير يعني.. توفير أو تحقيق هذا المطلب لنقل السعودي والأميركي.

جميل عازر: طيب يعني لنقل هل هذه المطالب لابد وتشكل ضغوط كبيرة وقوية على النظام في المملكة، هل يستطيع أن يتحمل هذه الضغوط وينفذ هذه المطالب؟

توفيق السيف: هو بالنسبة للمطلب الأول المتعلق بإصلاح القوانين والنظم التي تسهِل انسياب رؤوس الأموال ويعني الانسياب الحركة الاقتصادية، يعني المملكة تقدمت بشكل لا بأس به في هذا الاتجاه رغم أنه لا زال هناك الكثير يعني مما يجب فعله، لكن فيما يتعلق بالمطلبين الآخرين هنالك صعوبات جدية تجعل المملكة غير قادرة على التقدم بسرعة، يعني هي تحتاج إلى تقديم تضحيات جسيمة لنقل من أجل الوفاء بالصورة التي تتصورها الولايات المتحدة وأعتقد أن الحكومة في الوقت الراهن ليست مستعدة لتقديم هذا الحجم من التضحيات، لذلك فإني أميل إلى الاعتقاد بأن المملكة تحاول القيام بسياسة شبيهة التي قام بها الملك فيصل في الستينات وهي نقل نقاط الضغط إذا صح التعبير، يعني هي تحاول اليوم الاستفادة من ارتفاع أسعار البترول في نقل العبء.. لنقل ثقل العلاقة إلى الموضوع المالي، هي مثلا تعرض الاستعداد لزيادة مشترياتها من الأسلحة والطائرات وزيادة التبادل التجاري مع الولايات المتحدة، إعطاء امتيازات إضافية للشركات البترولية وشركات الغاز الأميركية في المملكة، تعرض أيضا تعاونا أكبر فيما يتعلق بالعراق والقضية الفلسطينية، هذا كله سيؤدي التي تؤدي إلى تحويل جانب كبير من التركيز السياسي الأميركي.. الضغط الأميركي إلى هذه القضايا التي يمكن للمملكة أن تقدم شيء يعني يستحق الثمن.

توني بلير.. شخصية الأسبوع

جميل عازر: توفيق السيف في لندن شكرا جزيلا لك، يمكن القول أن الجدل الذي يحيط برئيس الوزراء البريطاني توني بلير واتهامه بالكذب فيما يتعلق بترويجه للحرب على العراق يؤرقه كثيرا بينما يقترب موعد الانتخابات العامة رغم أنه يحاول الظهور بمظهر اللامبالي.. ولكن الرجل الذي قاد حزبه للعودة إلى الحكم بعد ما قضى ستة عشر سنة في مقاعد المعارضة البرلمانية سيحقق رقما قياسيا في سجل حزب العمال عندما يتمكن من الفوز في الجولة وفقا لاستطلاعات الرأي وتوني بلير شخصية الأسبوع في الملف كان في عام 1997 أصغر رؤساء الحكومات سنا في بريطانيا منذ وليام بيت الذي كُلف بتشكيل حكومة في عام 1783.

[تقرير مسجل]

"
رغم محاولات بلير التركيز في الحملة الانتخابية على قضايا الاقتصاد والتعليم ومكافحة الإرهاب تظل قضية الحرب على العراق تسيطر على مختلف جوانب هذه الحملة وسط اتهامات صريحة لبلير بالكذب وخداع الشعب
"
         تقرير مسجل

ناصر البدري: بضعة أيام فقط تفصل توني بلير رئيس الوزراء البريطاني عن أصعب امتحان في تاريخه السياسي أمام الناخبين، فشل بلير هذه المرة أو تحقيقه نصرا جزئيا كأن يكسب الانتخابات بأغلبية برلمانية أقل من الحالية بكثير سيدشن بداية أُفول نجمه على مسرح الحياة السياسية البريطانية. ورغم محاولات بلير وطاقمه الحكمي التركيز في الحملة الانتخابية على قضايا الاقتصاد والتعليم ومكافحة الجريمة والإرهاب تظل قضية الحرب على العراق تسيطر على مختلف جوانب هذه الحملة وسط اتهامات صريحة لبلير بالكذب وخداع الشعب، أما أنصار بلير فيؤكدون إنه لا يفر من ساحة المواجهة وأن تشكيك المعارضة في نزاهته وصدقة لن يزيده إلا إصرارا على مواصلة إصلاحاته، فبلير الذي امتهن المحاماة بعد تخرجه من إحدى أعرق الجامعات البريطانية صعد نجمه داخل حزب العمال صعودا صاروخيا واستطاع منذ أن انتخب لعضوية مجلس العموم قبل أكثر من خمسة عشر عاما أن يتدرج في مناصب عدة داخل حزب العمال أيام زعامة نيل كنيك، ثم أنيط به ملف الداخلي أثناء زعامة جون سميث، غير أن وفاة جون سميث المفاجأة فتحت الباب أمام قيادات حزب العمال الشابة من أمثال توني بلير وغولدن براون وبيتر ماندلسن وغيرهم ليتفق هؤلاء في النهاية على بلير زعيما جديدا لحزب العمال، حكم بلير بدأ بإصلاحات جذرية داخل الحزب كإلغاء بند الملكية العامة لوسائل الإنتاج وتحجيم دور اليسار وإطلاق صفة الجديد على الحزب وغيرها من الإصلاحات المثيرة للجدل، غير أن تلك التعديلات لم ترق لكثير من أعضاء الحزب، إلا أن النصر الساحق الذي حققه بلير عام 1997 على حساب حزب المحافظين أسكت هؤلاء إلى حين واستمرت علاقة الغزل بين بلير وحزب العمال الجديد الذي جاء شابا يافعا من رحم إصلاحاته لدرجة جعلت بعض المعلقين السياسيين يشبهونه بمارغريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية عن المحافظين، غير أن تمادي بلير وحكومته في الاعتماد على أساليب العلاقات العامة ومبالغته أيضا في إفساح المجال أمام القطاع الخاص لإدارة المرافق العامة أعاد زخم المعارضة لسياساته إلى الساحة. وجاءت أزمة الحرب على العراق لتعطي دفعة قوية لهؤلاء خاصة بعد ما لم يعصر فريق المسح الدولي عن أسلحة تدمير شاملا في العراق، بالإضافة إلى فضيحة مقتل خبير الأسلحة البريطاني ديفد كيلي، نتيجة ذلك تراجعا كبير في ثقة الناخبين في توني بلير وبدأ الحديث صراحة داخل حزب العمال عن مرحلة ما بعد بلير وعادت أجواء التنافس بين بلير ورفيق دربه القديم غولدن براون إلى الساحة لأن هذا التنافس بين أقوى شخصيتين في الحزب قد يضر بوحدة الصف العمالي وبالنتائج التي قد يحصل عليها الحزب في الخامس من مايو المقبل، يجمع أغلب المحللين السياسيين على أن نتيجة الانتخابات البريطانية العامة قد تكون محسومة لصالح حزب العمال، غير أن مستقبل توني بلير كزعيم للحزب ورئيسا للوزراء يبقى مرهونا إلى درجة كبيرة بحجم الأغلبية التي سيحصل عليها الحزب في هذه الانتخابات، نصر البدري لبرنامج الملف الأسبوعي، الجزيرة، لندن.

تركيا ومذبحة العثمانيين ضد الأرمن

جميل عازر: أحيا الأرمن في مختلف أنحاء العالم الذكرى التسعين للمذبحة التي ارتكباها العثمانيون ضد الأرمني في تركيا إبان الحرب العالمية الأولى وتثير هذه القضية الكثير من الإحراج لتركيا التي تولت التركة العثمانية، أولا بسبب ما يلاقيه الأرمن من دعم أوروبي وهم يطالبون أنقرة بالاعتراف بوقوع إبادة جماعية وثانيا لما ينطوي عليه الاعتراف من تداعيات قانونية وأخلاقية.. وإذا أراد الساسة الأتراك نزع الفتيل باقتراح تكوين لجنة تحقيق مشتركة مع الأرمن وجهات دولية فإن وراء ذلك رغبة في إرضاء الأوروبيين مع اقتراب موعد بدء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

[تقرير مسجل]

جميل حمادة: يريفان في ساعات الصباح الأول في الرابع والعشرين من نيسان أبريل ومسيرة مشاعل، يتهيأ الجميع في وقت مبكر لهذه المسيرة إحياء لذكرى ما يعتبرونها إبادة جماعية، يتهم الأرمن تركيا العثمانية بقتل ما يصل إلى مليون ونصف مليون أرمني بشكل منتظم بين عامي خمسة عشر وثلاثة وعشرين من القرن الماضي ويطالبون تركيا وارثة الدولة العثمانية بالاعتراف بوقوع المذبحة وبقبول ما يترتب على الاعتراف من تبعات، أعداد المشاركين هذا العام لم يسبق لها مثيل أو هكذا أريد لها ولم يفوت ذوي الأصول الأرمنية في دول أخرى هذه المناسبة فنزلوا إلى الشوارع لتوسيع مساحات التذكير بها في أصقاع الأرض، فانتزاع اعتراف تركي بالشكل الذي تريده يريفان أمرا مهما على أكثر من مستوى، فضلا عن إنه يعد من مسائل الأمن القومي في أرمنيا، أما تركيا فترفض الاعتراف بوقوع مذبحة، فهي تقول إن عدد الأرمن آنذاك لم يكن يصل إلى المليون وإن ما وقع كان تناحر داخليا قضى فيه ألوف من الأرمن والأتراك معا خلال الحرب، حينما ثار الأرمن ضد الحاكم العثماني بينما كانت الإمبراطورية العثمانية تلفظ أنفاسها ووقفوا إلى جانب القوات الروسية الغازية ومع ذلك فقد عرضت أنقرة الاستعداد لبحث المسألة من الناحية التاريخية في رسالة بعث بها رئيس الوزراء التركي إلى الرئيس الأرمني واقتراح تشكيل لجنة من الباحثين والأكاديميين الأتراك والأرمن والأوروبيين لفتح محفوظات البلدين للدراسة والبحث ومن ثم تحميل المسؤولية، عرضا لم يرفضه الأرمن لكنهم اشترطوا إقامة علاقة أفضل بين البلدين تبدأ بالاعتراف بأن ما حصل كان عملية إبادة، تركيا رأت في الرد الأرمني عقبة في طريق إقامة علاقة رسمية بين البلدين، واضح أن الموقف الأرمني يكتسب قوة بأمرين، أولهما حاجة تركيا الملحة في موضوع انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي وهي على موعدا مع بدء المفاوضات في تشرين الأول أكتوبر القادم وثانيهما تأييد عدد من أعضاء هذا الاتحاد وكندا والولايات المتحدة وروسيا ومؤتمر الكنائس الأوروبية للأرمن، فالمسؤولون الأوروبيون ما فتؤو يزيدون طين أنقرة بله بتذكيرها بالمعايير الإنسانية والسياسية التي يشترطها اتحادهم ويرون أن هناك أدلة على تراجع الحريات في تركيا، الرئيس الفرنسي الذي تحتضن بلاده أكبر جالية أرمنية في أوروبا طالب تركيا العام الماضي بالاعتراف بالمذبحة إذا كانت تريد أن تصبح عضوا في الاتحاد ومجلس الدومه الروسي جدد تضامنه مع قضية الأرمن والبولنديون اعتبروا ما حصل إبادة وأعرب الرئيس الأميركي جورج بوش من مزرعته في كروفورد في تكساس عن حزنه بمناسبة ذكرى عمليات النفي القصري والمجازر الجماعية التي تعرض لها الأرمن في ظل السلطة العثمانية بالرغم من أنه لم يصفها بالإبادة، التاريخ يفرض نفسه شاهدا وحكما في صيرورة أحداث عالم اليوم لكنه يبقى شاهدا متعدد الألسن والملامح والروايات.

جميل عازر: وبهذا نختتم جولتنا في الملف الأسبوعي، نذكر حضاراتكم بأن بإمكانكم الوصول على مضمون هذه الحلقة بالنص والصورة والصوت في موقع الجزيرة نت في الشبكة المعلوماتية أو الكتابة إلى عنوان البرنامج الإلكتروني، على أننا سنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفا جديدا لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة الجزيرة في قطر، فتحية لكم من فريق البرنامج وهذا جميل عازر يستودعكم الله فإلي اللقاء.