لقاء اليوم

يوانيس كاسوليديس.. السياسات القبرصية

تستضيف الحلقة وزير الخارجية القبرصي يوانيس كاسوليديس، ليجيب على التالي: إلى أين وصلت القضية القبرصية بعد عقود من الخلافات بين شطري الجزيرة؟ ما هو موقف الحكومة القبرصية من المبادرة التركية لحل الخلاف؟
‪عمار طيبي‬ عمار طيبي
‪عمار طيبي‬ عمار طيبي
‪يوانيس كاسوليديس‬ يوانيس كاسوليديس
‪يوانيس كاسوليديس‬ يوانيس كاسوليديس

عمار طيبي: أهلاً بكم مشاهدينا إلى هذا اللقاء الذي يجمعنا بوزير الخارجية القبرصي يوانيس كاسوليديس، مرحباً بكم سيد الوزير بدايةً إلى أين وصلت القضية القبرصية بخصوص جمع شطري الجزيرة؟

القضية القبرصية وأفق جديدة

يوانيس كاسوليديس: تعلمون أنه في وقت الرئيس السابق ديميتريس كريستوفياس استمرت المفاوضات حتى الصيف الماضي عندما قرر القبارصة الأتراك التوقف بذريعة أن قبرص اليونانية أصبحت ترأس الإتحاد الأوروبي، وجاء الرئيس الجديد بأفكار جديدة كثيرة للخروج من المواقف التي كانت مسؤولة عن الطريق المسدود الذي وصلنا إليه حتى الآن، ولديه الكثير من النوايا الحسنة للخوض في جوهر المفاوضات لكن باتجاه الخروج بنتيجة ما، لكن هناك أمران أولاً يجب أن يفهم القبارصة الأتراك أنه من الصعب علينا بالنظر إلى وضعنا الاقتصادي الراهن أن نبدأ مباشرة إذ يجب أن نركز أولاً على جهود إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد، ثانياً نحتاج إلى فترة زمنية لبضعة شهور نعدّ فيها بشكل جيد للمحادثات، ولدينا بعض الأفكار لتحسين الأجواء التي ستبدأ فيها هذه المفاوضات هناك الكثير من التأزم بين تركيا وقبرص وهي ليست جيدة لا لتركيا ولا لقبرص.

عمار طيبي: قبل فترة قليلة سيدي الوزير تركيا طرحت خطة لحل هذه القضية، القضية القبرصية، وأعطت مجموعة من الخيارات ما هو موقفكم من هذه الخطة المعلنة من طرف وزير الخارجية التركي؟

يوانيس كاسوليديس: هذه الخطة ليست بالشيء الجديد سمعنا عنها لسنوات عديدة لديهم هذه القدرة على إعطاء مثل هذه الخطط مظهراً جديداً، كل ما يفعلونه هو وضعها في الفرن وتسخينها ثم تقديمها من جديد ومهما يكن نحن لدينا كل النوايا الحسنة وسنثبت ذلك عندما نتمكن من الجلوس مجدداً إلى طاولة المفاوضات.

عمار طيبي: في ظل هذا الواقع ما هي خططكم النهائية لوضع نقطة نهاية لهذه القضية؟

يوانيس كاسوليديس: الحل يجب أن يكون عادلاً للجميع ويجب أن يراعي مخاوف القبارصة الأتراك ومخاوف القبارصة اليونانيين الاثنان لهما مخاوف أمنية، القبارصة الأتراك لديهم مخاوف باعتبارهم الأقل من حيث عدد السكان والقبارصة اليونانيون لديهم مخاوف من تركيا، ولهذا من المهم التعامل بجدية مع هذه المخاوف وهناك أيضاً مسألة حقوق الإنسان وحقوق ممتلكات الناس التي فقدت في عام 1974.

أزمة قبرص الاقتصادية

عمار طيبي: السيد الوزير، الاقتصاد القبرصي الآن يعيش أزمة تاريخية هي أكبر مرة في تاريخه المعاصر إلى أين وصلت بالضبط هذه الأزمة هل إلى القاع أم أنها ما زالت تتدحرج هذه الأزمة؟

يوانيس كاسوليديس: كما تعلمون فإن القرار الذي اتخذته المجموعة الأوروبية باستعمال خطة الإنقاذ لأول مرة في أوروبا أصابت نظامنا المصرفي بالصدمة، فأحد بنوكنا الكبيرة انهار والآخر يواجه متاعب جدية ويحتاج إلى إعادة هيكلة وأنتم تعلمون أن ذلك سيحدث نكسة كبيرة للاقتصاد القبرصي وستكون له تداعيات اجتماعية كبيرة، إذ سيفقد الكثير من الناس وظائفهم لأن الكثير من الشركات التي فقدت رؤوس أموالها في البنوك لم يعد بمقدورها العمل لكن الحكومة الآن عازمة على وضع خطط تحفيزية وقواعد سلامة جديدة وذلك حتى نتمكن من بناء نموذج اقتصادي جديد على أسس قوية إذ لن نعتمد مثلاً على نظام مالي يمنح المودعين فوائد عالية هذا يجب أن يتوقف، من جهة أخرى لدينا السياحة والمراكز التجارية والشركات الموجودة حالياً في قبرص خاصة في مجال الشحن مثلاً كل ذلك سيبقى كما نعمل على جذب آخرين خاصة من دول الخليج ومن أماكن أخرى، هناك مثلاً الصينيون الذين أبدوا اهتماماً بشراء العقارات، والعقارات هي إحدى دعائم الاقتصاد ويجب أن ننتقل إلى نوع آخر من الصناعة غير ما كنا نعرفه في الماضي، نأمل أن تكون احتياطات الغاز الطبيعي التي تأكد وجودها الآن في الجزء الجنوبي من سواحلنا والبنية التحتية اللازمة التي نحتاجها لتسهيل هذا الغاز ومشتقات الصناعات البتروكيماوية كل هذا سيشكل مستقبل قبرص.

عمار طيبي: لكن بكل صراحة ألا ترون أن لهذه الخطط خطة الإنقاذ الأوروبية فاتورة باهظة نتحدث عن البطالة عن الجانب المعيشي وهناك الكثير من الأصوات القبرصية التي تتحدث بالرفض وترفض هذه الخطة؟

يوانيس كاسوليديس: هناك إجراءان في إطار خطة الإنقاذ الأول قرض بقيمة 10 مليارات يورو تسعة منها مقدمة من الإتحاد الأوروبي ومليار واحد من صندوق النقد الدولي وهذا المبلغ سيجعل مديونيتنا في حدود مئة في المئة من ناتجنا المحلي الإجمالي بحلول 2020، أما الإجراء الثاني فيتضمن إعادة هيكلة قاسية لنظامنا المصرفي وهو ما خلّف لدينا مرارة وخيبة أمل من الإتحاد الأوروبي لأننا كنا نرغب في إعادة هيكلة لمدة 3 سنوات لكن ما أراده أكثر وهو ما سيكون له عواقب وخيمة لبضع سنين على اقتصادنا لكننا سنتعافى بعد ذلك.

عمار طيبي: ألم يكن لحكومتكم أي خيار آخر غير التوجه والقبول بهذه الخطة على ثمنها الباهظ؟

يوانيس كاسوليديس: للأسف لم يكن لدينا أي خيار وكما تعلم فقد كنا على حافة الهاوية، الحكومة السابقة تركت كل شيء يتفاقم حتى النهاية وكما رأيتم فقد انهار أحد أكبر مصارفنا وهذا يعني أننا كنا من الناحية الاقتصادية منهكين تماماً وكنا في موقف لم يكن لدينا فيه أي خيار، ستتوقف بالتأكيد فقد وضعت لفترة زمنية محدودة جداً نحن ننتمي لمنطقة اليورو وعلى رؤوس الأموال أن تنتقل بحرية في أوروبا وقد بدأنا برفع القيود بالتدريج على حركة الأموال ونأمل أن يتم ذلك خلال بضعة شهور، البنك المركزي تحدث في تقريره الأول عن شهر واحد فقط آمل أن نكون قادرين فعلاً على النجاح خلال هذه المدة وإلّا فإن الأمر سيأخذ وقتاً أطول بقليل.

خطة إنقاذ قبرص وآلية حل مشكلة البطالة

عمار طيبي: سيد كاسوليديس ما هي خططكم  للتقليل على الأقل من الفاتورة الاجتماعية لهذه الأزمة ولخطة الإنقاذ نتحدث بالخصوص عن جانب البطالة؟

يوانيس كاسوليديس: هذا هو الجانب الأكثر خطورة في المعادلة لأننا نتوقع أن يفقد العديد من الناس وظائفهم والعديد من الشركات التي أخذت أموالها لن تستطيع العودة إلى العمل، لكننا نأمل أن تسهم الحوافز التي سنضعها في خلق فرص عمل جديدة ولدينا أيضاً القطاع الأخضر من الاقتصاد الذي يمكن أن نستفيد منه في توليد الطاقة الشمسية ولدينا كذلك تكنولوجيا تحلية المياه، لدينا العديد من الآفاق لخلق فرص عمل جديدة نحن شعب يتميز بقدرته على التعافي بسرعة، اقتصادنا دمّر عام 1974 إبان الغزو التركي وتهجّر ثلث أبناء شعبنا لكن في غضون سنوات تمكنّا من النهوض فالكثير من مواطنينا ذهبوا للعمل في الخليج بشكل خاص وبفضل تحويلاتهم المالية تمكنّا في النهاية من استعادة حيويتنا وأنتجنا ما سمي بمعجزة قبرص الاقتصادية وأنا على يقين أنّنا سنعيد تلك المعجزة.

عمار طيبي: مشاهدينا فاصل قصير ونعود لمتابعة هذا اللقاء مع وزير الخارجية القبرصي.

[فاصل إعلاني]

قبرص والسيطرة على غاز المتوسط

عمار طيبي: مرحباً بكم مجدداً مشاهدينا الأفاضل إلى هذا اللقاء الذي يجمعنا بوزير الخارجية القبرصي السيد يوانيس كاسوليديس، هل تعوّلون مثلاً على قطاع الغاز للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية وخلال الأيام الماضية الكثير من التقارير تتحدث عن احتياطيات ضخمة لكم بالبحر المتوسط؟

يوانيس كاسوليديس: هذا هو أملنا الكبير لكنه سيأخذ بعض الوقت سنجني عائدات من تعاقدنا مع بعض الشركات لتطوير حقول الغاز كشركة Nobel Energy الأميركية ومقرها تكساس وتوتال الفرنسية وإيني الإيطالية وكوغاز الكورية الجنوبية نأمل إن كنا محظوظين أن نجني ثمار هذه العقود ابتداءً من 2016 لكن ذلك بالتأكيد سيتم ذلك بنهاية هذا العقد.

عمار طيبي: لكن سيد الوزير هل هناك خلافات مع إسرائيل أو مع لبنان حول استغلال هذه الاحتياطيات خاصة في ظل ربما عدم وجود رؤية واضحة لتقاسم هذه الاحتياطيات التي تتواجد في أماكن متقاربة نوعاً ما.

يوانيس كاسوليديس: قبرص تحظى بوضع فريد يسمح لها بعلاقات ممتازة مع كل من مصر وإسرائيل ولبنان التي نتقاسم معها هذا الجزء من البحر المتوسط، وأنا على يقين أن هناك أملاً كبيراً في التعاون، وعلينا العمل معاً في المناطق البحرية حيث يوجد الغاز، كنت في إسرائيل مؤخراً وخرجت متفائلاً من الاجتماعات التي عقدتها مع الحكومة الإسرائيلية وأعتزم أيضاً زيارة مصر كما قام وزير الطاقة لدينا بزيارة إلى لبنان ولذلك فنحن نعمل مع هذه البلدان الثلاثة.

عمار طيبي: في ظل هذا الوضع سيد كاسوليديس هل أنتم مهتمون باستقطاب الأموال العربية والاستثمارات الخليجية بالذات؟

يوانيس كاسوليديس: نعم، نحن نعمل الآن على استقطاب رجال الأعمال الصينيين باستثناء الرؤوس الذين كانوا دائماً هنا وطموحنا الآن أن نستقطب رجال الأعمال من منطقة الخليج، لدينا 4 سفارات في دول مجلس التعاون الخليجي ونمنح تأشيرات دخول في غضون 24 ساعة من طلبها ونحن من أقرب دول الإتحاد الأوروبي للخليج ونطالب كذلك بمنح تأشيرات دخول للمواطنين الخليجيين العاديين إلى دول الإتحاد الأوروبي، وهناك العديد من رجال الأعمال الخليجيين يعملون الآن في قبرص، ونحاول استقطاب آخرين عن طريق بعض المحفزات من بينها: منح تراخيص إقامة للأشخاص الراغبين في إقامة ثانية في قبرص، لدينا صناعات غذائية وزراعية وفي مجال مشتقات الحليب، وهناك مواطنون قبارصة يعملون في الإمارات وقطر وعمان والكويت ونأمل أن يزيد هذا التفاعل.

مستقبل قبرص السياسي والاقتصادي

عمار طيبي: كيف تتوقع مستقبل قبرص نتحدث عن المستقبل السياسي والمستقبل الاقتصادي على مدى 5 سنوات أو المدى المتواصل؟

يوانيس كاسوليديس: لسنا من النوع الذي يتراجع أمام الصعوبات لقد أظهر القبارصة مثالاً على حسن السلوك والتضامن بينهم خلال أزمة البنوك وإغلاقها لمدة 15 يوماً، كان تصرفهم مثيراً للإعجاب ورأينا قدرة المواطن القبرصي على التوجه إلى ما نسميه الآن الأسواق الاجتماعية أي الأسواق التي توفر مجاناً المواد الغذائية والطبية لأولئك الذين يحتاجونها وهذا يظهر أنّنا سنستعيد عافيتنا في وقت أسرع مما يتوقعه أي محلل وسنحقق النمو في غضون سنوات.

عمار طيبي: سيد كاسوليديس مع هذا التفاؤل هل يمكن أن نتوقع مستقبلاً لقبرص خارج منطقة اليورو؟

يوانيس كاسوليديس: فكرنا بشأن ذلك بين الأسبوعين الأول والثاني للقرار الأوروبي لكن هناك عاملان حالا دون ذلك الأول اقتصادي فنحن دولة مستوردة بالأساس وهذا يعني أن العودة إلى عملتنا وتخفيض قيمتها سيؤدي إلى رفع كلفة وارداتنا مما نحتاجه خاصة في مجال الطاقة والأجهزة الطبية ومستلزمات البنية التحتية وأجهزة المكاتب وغير ذلك، أما العامل الثاني فهو سياسي إذ من المهم بالنسبة لنا أن ننتمي للاتحاد الأوروبي لأننا دولة صغيرة لديها مشاكل مع تركيا ولهذا أعتقد أنه لا خيار لدينا سوى البقاء ضمن حظيرة الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو.

عمار طيبي: في ختام هذا اللقاء أشكرك جزيل الشكر السيد يوانيس كاسوليديس وزير الخارجية القبرصي، أشكركم كذلك أنتم مشاهدينا الأفاضل نلقاكم في لقاء قادم، إلى اللقاء.