صورة عامة/ أرشيفهم وتاريخنا- الجزء الثالث/ الطريق إلى مراكش- 18/11/2010
أرشيفهم وتاريخنا

ملف الوحدة المغاربية ج3 والأخير

تواصل الحلقة عرض ملف الوحدة المغاربية، وتتناول الاتفاقية السرية التي وقعت فيها المغرب وموريتانيا مع إسبانيا لاقتسام الصحراء الغربية.

– معارك الحدود، مشكلات السيادة الوطنية
– حرب الرمال، مسمار جديد في نعش الوحدة

– ملف الصحراء الغربية، خلافات بلا نهاية

– تعددت الأسباب والفرقة مستمرة

خديجة محسن فنان
خديجة محسن فنان
محمد ضيف الله
محمد ضيف الله
عثمان السعدي
عثمان السعدي
عبد الحميد مهري
عبد الحميد مهري
محمد العربي المساري
محمد العربي المساري

حسين شحادة: تعثر القطار المغاربي مع بداية الأزمة الجزائرية وتفجر أزمة لوكربي بين ليبيا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والتي تطورت إلى فرض عقوبات دولية على ليبيا عام 1992 وتقصير باقي الدول المغاربية في إظهار التضامن معها بسبب انكفاء الأنظمة على نفسها لحل مشكلاتها الداخلية بدءا من موريتانيا الغارقة في همومها السياسية والاقتصادية مرورا بالجزائر التي تواجه حربا أهلية طاحنة والمغرب الذي ينشغل بقضية الصحراء وأثرها المباشر على احتدام الصراع بين المغرب والجزائر.

معارك الحدود، مشكلات السيادة الوطنية


حسين شحادة: إن أهم عوائق التقارب الحقيقي والتعاون الفعلي على طريق التكامل والاتحاد المغربي تتمثل بمشكلات السيادة الوطنية على بعض المناطق وقد كانت هذه المشكلات من آثار المرحلة الاستعمارية، فقد ورثت البلدان المغاربية حدودا متفجرة بفعل التقسيم الاستعماري. كانت فرنسا تعتقد أن الجزائر أصبحت جزءا من إمبراطوريتها لذا راحت تقضم من الأراضي التونسية والمغربية لضمها إليها أي إلى التراب الجزائري وتركت المناطق الصحراوية مجرد مراع لسكان البلدين من غير تحديد تبعيتها لأي سلطة مع أن هؤلاء السكان يدينون بالولاء لسلطان المغرب.


عثمان السعدي/ سفير سابق ونائب في البرلمان الجزائري: الجزائر حددت حدودها في العهد العثماني تحققت الوحدة الترابية الجزائرية والخريطة الجزائرية اللي ورثناها، الفرنسيون جاؤوا فوجدوا الخريطة كاملة لم يأخذوا شيئا من المغرب أو من تونس.


محمد العربي المساري/ كاتب ومؤرخ عربي: لأن الجزائر التي احتلتها فرنسا في 1830 لم تكن مساحتها تزيد على حوالي ثلاثمئة ألف كيلومتر مربع، هذا معروف تاريخيا.


حسين شحادة: كانت فرنسا قد أبرمت اتفاقية للاّ مغنية حول الحدود مع المغرب بتاريخ 18 من مارس/ آذار 1845 وتضمنت سبع نقاط رئيسية ويمكن تلخيصها على الشكل التالي، ستبقى الحدود كما هي وكما كانت سابقا بين المغرب وتركيا بدون تعديل ولا يمكن لأي دولة أن تقوم بأعمال إنشائية على الهوامش الحدودية كما لن يكون هناك أي تحديد لهذه الحدود بالحجارة، قام المفاوضان بترسيم الحدود بواسطة الأماكن التي تعبر من خلالها كما لو أنها خط مرسوم عبر الجبال والوديان حتى الصحراء جنوبا والمتوسط شمالا فكل ما هو جهة الشرق تابع لفرنسا وما هو من جهة الغرب تابع للمغرب.


عثمان السعدي: الحدود بين الجزائر وتونس وليبيا وبين الجزائر والمغرب كانت قائمة منذ 1500 وجاء الفرنسيون وثبتوا هذه الحدود لا أكثر ولا أقل، لم يخرقوا حدودا، لم يأخذوا شيئا من هذا ويضموه إلى ذاك، هذا واقع تاريخي.


محمد العربي المساري: فرنسا منذ 1830 وهي تقتطع أطرافا من شرق المغرب وضمها إلى ما كانت تعتبره جزائر فرنسية خالدة.


عثمان السعدي: وما إن أخذت بوادر استقلال المغرب تلوح بالأفق حتى تقدمت فرنسا بعرض إلى المغرب تقترح عليه إرجاع ما اقتطعته من ترابه وألحقته بالأراضي الجزائرية مقابل تخليه عن الثورة الجزائرية، رفض الملك محمد الخامس العرض والمقترحات الفرنسية وفضل التفاهم مع قادة الثورة الجزائرية على أساس تعهد خطي موقع من طرف السيد فرحات عباس بوصفه رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة، ومما جاء في هذا التعهد "إن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية تعترف من جهتها أن مشكلة الأراضي التي أقرت فرنسا حدودها بصفة جائرة سيتوصل إلى حل في شأنها عن طريق المفاوضات بين حكومة المملكة المغربية وحكومة الجزائر عندما تحصل الجزائر على استقلالها".


روني غاليسو/ مؤرخ فرنسي: إن المفاوضات بين جبهة التحرير الوطني والملك محمد الخامس كانت تنص على أن يتم تعليق قضية الحدود حتى تحصل الجزائر على الاستقلال.


عبد الحميد مهري/ الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني-الجزائر: بين الثورة الجزائرية والمغربية خاصة في قضية الحدود كانت صعوبات عديدة في فترة الكفاح المسلح مسكوت عليها، مسكوت عليها لأننا إذاك قررنا السكوت عليها حتى لا يستغلها العدو.


حسين شحادة: أثناء انعقاد مؤتمر طنجة سنة 1958 تحدث السيد عبد الحميد مهري الناطق باسم الوفد الجزائري بخصوص الحدود الجزائرية المغربية أدلى بتوضيحات مهمة جاء فيها "وكأي مؤتمر لم يكن مؤتمر طنجة ليخلو من مفاجآت فقد قام المهدي بن بركة عن الوفد المغربي في الكواليس بتوزيع خريطة حزب الاستقلال للمغرب العربي وفيها المغرب الكبير الذي يمتد شرقا إلى عين صالح في الصحراء الجزائرية وجنوبا إلى نهر السنغال" هذه المناورة اجتمع حولها الوفد الجزائري للتشاور وقد طرح أحمد بومنجل ثلاثة احتمالات، هل نواصل المشاركة في المؤتمر أم ننسحب أم نتجاهل الموضوع، فضل الوفد في النهاية الاحتمال الأخير.


عبد الحميد مهري: بحث قضية الحدود أثناء معركة الكفاح المسلح كنا لا نريده لأننا لم نكن مخولين كقيادة للثورة ببحث هذه القضية لأن نداء أول نوفمبر ينص على استقلال الجزائر بحدودها الحالية فقيادة الثورة كانت ترفض الدخول في بحث قضية الحدود قبل الاستقلال.


حسين شحادة: في وثيقة مغربية تم العثور عليها في الأرشيف الوطني الفرنسي وهي بروتوكول اتفاق بين حكومة جلالة ملك المغرب والحكومة الجزائرية المؤقتة ويتلخص فيه "الحكومة المغربية تدعم الشعب الجزائري في حربه من أجل الاستقلال وتقف إلى جانب الحكومة المؤقتة في مفاوضاتها مع فرنسا وتعارض بشدة أي محاولات لتجزئة الأراضي الجزائرية، الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية تقر بأن مسألة الحدود التي قامت فرنسا بترسيمها مع المغرب سيتم حلها من خلال مفاوضات تجمع حكومة المغرب والحكومة الجزائرية المؤقتة" وقع على هذا الاتفاق جلالة الملك الحسن الثاني ملك المغرب وعن الحكومة الجزائرية سعادة فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة بتاريخ 6 يوليو/ تموز 1961.


عبد الحميد مهري: الإخوة في المغرب كانوا حريصين على بحث قضية الحدود قبل الاستقلال وأغلب الصعوبات جاءت من هذا الطرح المختلف الذي أعتقد له مبررات من كل جانب.


محمد العربي المساري: المغرب رفض عرضا من جانب الفرنسيين لتسوية هذه المسألة مع فرنسا ولكن هم فضلوا -المغاربة- فضلوا أن يقوموا بتسوية هذا الموضوع مع الجزائر الشقيقة حينما تنال استقلالها.


عبد الحميد مهري: استمرار التفاوض مع فرنسا على ضبط الحدود بين الجزائر والمغرب يعتبر اعترافا لفرنسا بالسيادة على الجزائر وما كنا نرفضه.


حسين شحادة: في رسالة بعث بها السفير الفرنسي في الرباط السيد روجيه سايدو إلى كوف دومغفيل وزير الخارجية الفرنسي وفيها ينقل عن دبلوماسي مغربي مقرب من البلاط الملكي خلاصة لقاء مطول مع الملك الحسن الثاني حول مشاكل السياسات العامة وجاء فيها "إن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وبموجب اتفاقات يوليو/ تموز عام 1961 بين الحسن الثاني وفرحات عباس قد اعترفت بمتانة الموقف المغربي في بعض النقاط الحدودية بينما ظل النزاع على نقاط أخرى وإن دراسة ملف الحدود سيبقى من اختصاص القنوات الدبلوماسية وإذا تعذر عليها التوصل إلى حل فسيلجأ الطرفان إلى التحكيم الدولي ولكن المغرب لن يترك الجزائر تفاجئه فيما يخص مسألة الحدود"


روني غاليسو: كان جناح اليسار في جبهة التحرير الوطني قد خطط لمشروع استغلال مشترك لموارد الصحراء إذاً كان الأمر يتعلق بفيدرالية مغاربية واستغلال مشترك لموارد الصحراء النفط والغاز ثم تتم بعد ذلك مناقشة قضية الحدود في حال تحقيق فيدرالية بين الدول.


حسين شحادة: في وثيقة بتاريخ 7 أبريل/ نيسان 1962 صادرة عن الإدارة الفرعية الفرنسية لشؤون المغرب بالرباط جاء فيها "إن تصريحات الحكومة المغربية بتاريخ 19 مارس/ آذار 1962 حول الحدود العالقة بين المغرب والجزائر أثارت مسألة استغلال باطن الصحراء الحدودية الغني بالثروات المعدنية لهذا ففرنسا والجزائر تتعهدان بمواصلة جهودهما لاستغلال الأفضل لهذه الثروات الحدودية.


محمد العربي المساري: المغرب فوجئ بأن الأحوال الداخلية في الجزائر لم تساعد على تسوية معقولة لهذه المشكلة.

حرب الرمال، مسمار جديد في نعش الوحدة


حسين شحادة: بعد استقلال الجزائر لم يستطع قادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية الوفاء بالاتفاق الذي عقده فرحات عباس مع الملك الحسن الثاني حول الحدود والصحراء الشرقية فكان على المغرب أن يحل هذا النزاع بتدخل عسكري، وفي أكتوبر/ تشرين الأول 1963 اجتازت الجيوش المغربية الحدود الجزائرية ودارت حرب بين البلدين الشقيقين.


روني غاليسو: بعد الاستقلال كل تقوقع داخل وطنيته التنافسية والنتيجة بالنهاية كانت حرب الرمال.


أنخيلا هيرناندز مورينو/ مؤرخة إسبانية: كانت حرب الرمال بين الجزائر والمغرب نتيجة لمطالب المغرب بالمناطق الخاضعة للإدارة الفرنسية في الجزائر. بعد استقلال المغرب لم يقبل محمد الخامس بمناقشة موضوع الأراضي الجزائرية مع فرنسا بل انتظر حتى نيل الجزائر استقلالها كي يناقش هذه المسألة مع إخوانه الجزائريين بحسب تعبيره وقد توصل إلى عدة اتفاقيات مع القائد الجزائري فرحات عباس غير أن هذه الاتفاقيات قوبلت برفض القائد أحمد بن بيلا الذي كان أكثر راديكالية وثورية، هذا هو سبب حرب الرمال.


خديجة محسن فنان/ باحثة في معهد الدراسات السياسية – باريس: على الأرجح أن قضية الحدود هي السبب وراء حرب الرمال وربما السبب الوحيد طالما ان قضية الأنظمة السياسية ظهرت فيما بعد.


روني غاليسو: في صيف وخريف 1962 لا أحد كان يتوقع أنه ستكون هناك حرب بين الجزائر والمغرب وبما أنني كنت أتنقل بسهولة في المغرب فلا أحد هناك كان يعتقد أن الحرب ستقوم.


محمد العربي المساري: النظام المنبثق في الجزائر من 1962 لم يكن قادرا على التصرف بكيفية قوية في هذا الموضوع فحدث ما حدث.


روني غاليسو: كانت هناك تعبئة غير معقولة من أجل الحرب كانت أشبه بهوس وطني تم تعبئة الوطنية في هذا البلد ضد الوطنية في البلد الآخر، تركت حرب الرمال شرخا قويا في العلاقات المغربية الجزائرية حينها نسي قادة الدولتين سنوات التآزر والتنسيق من أجل إجلاء الاستعمار الفرنسي ونسيت الشعوب روابط اللغة والدين والتقليد وحلت الضغينة والعدوانية.


خديجة محسن فنان: إن الكلام حول حرب الرمال قليل، لكن العواقب كانت جد كبيرة لأن هذه الحرب أحدثت شرخا في صرح شيد قبل استقلال الجزائر حين كان المغرب العربي موجودا في اعتبار السياسيين والمثقفين والفنانين، لقد كان موجودا وكان الجميع يقف جبهة واحدة في وجه المحتل، لقد كان من الممكن لهذا المغرب العربي أن يتوسع ويبلغ حدود القاهرة أن يمتد على طول شمال إفريقيا بهدف إيجاد حلول لقضاياه والوقوف في جبهة واحدة.


روني غاليسو: وهنا أجد ما قاله المهدي بن بركة آنذاك أمرا رائعا حيث قال المستقبل ليس في الحرب، المستقبل مستقبل الجميع فأنا أدين حرب الرمال بين المغرب والجزائر. كانت تلك وقفة قوية، من النادر رؤية زعيم سياسي يستنكر التعبئة الوطنية والثورية من أجل دخول طرفي الحدود في حرب، فيما مضى نادى جون ريس بألا تقوم حرب بين فرنسا وألمانيا فتم اغتياله، والمهدي بن بركة الذي نادى بألا تقوم حرب بين المغرب والجزائر حكم عليه بالموت.


حسين شحادة: ضمن تغطية الصحف الفرنسية الصادرة في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1963 للأزمة الحدودية بين المغرب والجزائر نجد جريدة لوفيغارو وفي عدديها الخامس والسادس من أكتوبر/ تشرين الأول 1963 وتحت عنوان "أحداث إفريقيا" مقالا بعنوان "من أجل تسوية النزاع القائم على الحدود بين الجزائر والمغرب" يتناول لقاء وجدة على الحدود بين وزيري الخارجية المعنيين بوتفليقة وكديره وحديث الرباط عن الاتفاق السري المبرم بين فرحات عباس رئيس جمهورية الجزائر المؤقتة والملك الحسن الثاني كما يناقش المقال المشكلة الموريتانية التي سببها المغرب أيضا واستدعاء السفير المغربي إلى قصر الأليزيه لمعرفة رأي بلاده في النزاع.


خديجة محسن فنان: حرب الرمال جاءت لتضع نقطة توقف وكأنها حكم جاء ليغرق المغرب العربي وشمال إفريقيا في مرحلة أخرى هي مرحلة القومية وهي المرحلة التي سعت خلالها الدول القومية لإثبات وجودها بطريقة مستقلة داخل حدودها وعبر أنظمة سياسية مختلفة ومواصلة الصراع بين دولتين هما الجزائر والمغرب.


حسين شحادة: في بيان مغربي جزائري مشترك حول الحدود تم عقد لقاء في وجدة يوم السبت 5 أكتوبر/ تشرين الأول 1963 خلال هذا اللقاء تمت مراجعة العلاقات بين الجزائر والمغرب التي شهدت في الآونة الأخيرة أحداث عكرت أجواء العلاقات بين البلدين وبعد اجتماع الوفدين تم إقرار التالي "تفعيل المعاهدات الموقفة في مارس/ آذار وأبريل/ نيسان عام1963 واعتبارها خطوة أولى في مشروع المغرب العربي الموحد، عدم تدخل أي من البلدين في الشؤون الداخلية لكل منهما.


عبد اللطيف جبرو/ كاتب وصحفي مغربي: سيتولد عن هذه الأزمة عدة لقاءات ما بين الرئيس الجزائري أحمد بن بيلا والملك الحسن الثاني.


حسين شحادة: في رسالة غير مؤرخة وجدناها في الأرشيف الفرنسي كان قد بعث بها الملك الحسن الثاني إلى الرئيس الجزائري أحمد بن بيلا بعد اندلاع حرب الرمال جاء فيها "فخامة الرئيس، أثناء اللقاءات التي جرت مع مندوبي بلدينا حول الأحداث الأليمة التي وقعت في حاس بيضة وتنجوب ومحاولة الوفد المغرب الجزائري المشترك التوصل إلى وسيلة لوضع حد للخلاف العسكري واتساعه إلى مناطق أخرى وصلتنا معلومة رسمية من ولاية وجدة، فبحسب هذه المعلومة الجيش الجزائري تسلل إلى أراضي هذه الولاية وشن هجوما شرسا على نقطة المراقبة في عيش على بعد خمسين كيلومترا شمال شرقي فيقيق وبصفتك المسؤول الأول عن مصير الجزائر ومستقبل شعبها فمن المستحيل ألا تدرك خطورة هذه التصرفات أو نتائجها، إن توجه السياسة الجزائرية التي ترجمتها تصرفات عنيفة لا يسمح بأي حال من الأحوال إيجاد حلول للمشاكل العالقة عبر التفاوض والحوار المباشر، في الختام أبلغكم أن المغرب مستعد لمواجهة كل الظروف الطارئة بكل الوسائل الممكنة".


محمد العربي المساري: وقع وقف إطلاق النار بتدخلات من دول إفريقية حيث تأسست لجنة اجتمعت في بوماكو وظلت هذه اللجنة تجتمع إلى حتى سنة 1964 حيث أقرت بأن هناك فعلا خلاف على الحدود بين المغرب والجزائر.


حسين شحادة: عام 1965 وقع انقلاب عسكري على حكومة أحمد بين بيلا قاده وزيره في الدفاع هواري بومدين وتوجهت البلاد بعد ذلك نحو المعسكر الشرقي فتباينت التوجهات السياسية في كل من الجزائر والمغرب الذي اتبع منحى المعسكر الغربي وازدادت الصراعات حدة بين البلدين في عهد الرئيس هواري بومدين الذي أراد الحفاظ على وضعية الحدود كما تركها الاستعمار الفرنسي.


عبد اللطيف جبرو: 1967 بدأت محادثات بين الجزائر ومدريد هدفها أن يكون تعاون بين الجزائر وإسبانيا لاستغلال منجم حديدي اكتشف في غارة جبيلات.


حسين شحادة: في رسالة بعث بها السيد ديلاتوغنيل السفير الفرنسي في مدريد إلى السيد بينو وزير الشؤون الخارجية الفرنسية مصحوبة برجاء نقل محتوى الرسالة إلى وزارة الدفاع الفرنسية بتاريخ 20 يوليو/ تموز 1956، في هذه الرسالة يلخص السفير الفرنسي في مديري ما جرى في جلسة عمل خبراء عسكريين من الجانبين ويبلغ وزير الخارجية الفرنسي بينو أن الحكمة الإسبانية ترغب بـ"الاحتفاظ بإفني وكامل الصحراء الإسبانية أي المنطقة التي تمتلكها جنوب خط العرض 27 أربعين ونهر ريودورو ورغم أن التنقيبات التي تمت تتعلق بالفوسفات فقط يرى الجيولوجيون الإسبان أن الموارد البترولية في منطقة تندوف والموارد الكربونية في قطاع كولون بشار لا بد وأن تمتد داخل التراب الإسباني" مما يكفي لتفسير عزم الحكومة الإسبانية على عدم التنازل عن شبر منها.


عبد اللطيف جبرو: كانت هناك فكرة تقدمية تقول إننا نعمل استغلالا مشتركا لهذه المناجم ونحل المشكلة، يعني الاستغلال المشترك يفيد المغرب ويفيد الجزائر لكن في تلك اللحظة ظهر أن في الجزائر من لا استعداد له لهذا الاستغلال المشترك أو المغرب العربي أو أي شيء.

[فاصل إعلاني]

ملف الصحراء الغربية، خلافات بلا نهاية


أنخيلا هيرناندز مورينو: طالبت موريتانيا بالصحراء لأنها كانت جزءا من تاريخها ومع ذلك وافقت على دعم المغرب في مطلبها لأن هذا كان سيزيد من قوة موريتانيا التي كان رئيسها آنذاك مختار ولد داداه، في ذلك الوقت اعترف المغرب بموريتانيا ولم يكن قد سبق له الاعتراف بها من قبل لأنها كانت تطالب بالمنطقة نفسها وهكذا فقد كانت العلاقة بين المغرب وموريتانيا فيما يخص الصحراء قائمة على اعتراف المغرب بموريتانيا كدولة مستقلة وعلى اتحادهما ضد إسبانيا.


محمد العربي المساري: تم اجتماع نواديبو ثلاثي بين الجزائر وموريتانيا والمغرب على أساس توحيد الصف ضد إسبانيا ولكن الجزائر لم تكن واضحة في الالتزام بما تم الاتفاق عليه في نواديبو وأخذت تناور في الأمم المتحدة.


أنخيلا هيرناندز مورينو: بعد الاستقلال بفترة من الزمن طالب الملك محمد الخامس وابنه الأمير مولاي الحسن بالأصل المغربي لمنطقة الصحراء كما ادعيا أن موريتانيا تنتمي إلى المغرب الكبير.


حسين شحادة: تشير الوثيقة الفرنسية الصادرة بتاريخ 4 سبتمبر/ أيلول 1958 كان قد بعث بها السيد بارودي سفير فرنسا بالرباط إلى السيد كوف دومغفيل وزير الخارجية الفرنسي جاء فيها "إن مؤتمر موريتانيا والصحراء المنعقد بالرباط منذ يومين والذي يجمع الملك محمد الخامس وبعثة موريتانية من شيوخ القبائل أنها أشغاله بتبني النقاط التالية اعتبار موريتانيا والصحراء جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي ومطالبة الأمم المتحدة بتبني هذه المسألة، إن المؤتمرين يعترضون على مبدأ الاستفتاء الذي طرحته فرنسا ويشككون في نزاهته ويعتبرون ثروات الصحراء وموريتانيا ملكا للسكان المحليين ويعترضون على الشركات الأجنبية بالمنطقة".


أنخيلا هيرناندز مورينو: بدأت محادثات سرية مع الحكومة الإسبانية كما أن المغرب قدم مطالبه أثناء كل المؤتمرات واللقاءات العالمية التي حضرها وجرى تقديم طلب انسحاب الاحتلال من المنطقة التابعة للمغرب إلى الأمم المتحدة وقد أزعج هذا التصرف الإسبان كثيرا إذ إنه لطالما اعتبرت الحكومة الإسبانية والجيش الإسباني تحديدا هذه المنطقة خاضعة لسيادتهم.


عبد اللطيف جبرو: في هذا السياق جاءت فكرة أن نقيم محورا مغربيا موريتانيا على أساس أن الصحراء نسترجعها نحن الاثنان ونتقاسمها أو نتقاسم استغلالها وهناك من كان يرى في هذا تنازلا لموريتانيا ولكن كانت الحكمة تقول إنه من الأفضل أن نكون نحن وموريتانيا شريكين في هذه العملية على أن نترك موريتانيا تتحالف مع الجزائر وإسبانيا ونصبح نحن معزولين.


محمد العربي المساري: وأخذ يعمل في اتجاهين اتجاه تكريس الاتفاق مع موريتانيا وتوطيد التفاهم المغربي الموريتاني ضد إسبانيا واتجاه آخر هو مراودة إسبانيا على أن تحل المشكلة مع المغرب وموريتانيا.


حسين شحادة: نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 1974 وقعت المغرب وموريتانيا مع إسبانيا في مدريد اتفاقية سرية لاقتسام الصحراء الغربية وينسب في بعض المصادر إلى بالعيد عبد السلام وزير الصناعة في حكومة الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين قوله إن الملك الحسن الثاني اتصل بالرئيس بومدين ليبلغه توصله مع الرئيس الموريتاني مختار ولد داداه إلى اتفاق غير معلن يقضي بتقسيم الصحراء وأن بومدين رحب بالفكرة ولكن وبحسب القول المسند إلى بالعيد كان إعلان الحسن الثاني أن الجزائر لم تعد طرفا في القضية نقطة بداية الخلاف الجزائري المغربي حول ملف الصحراء الغربية.


عبد اللطيف جبرو: استدعى بومدين الرئيس ولد داداه إلى كولون بشار وكان جدول الأعمال يحتوي على نقطة واحدة تهديد المختار ولد داداه لمصير غير معروف في حالة إذا ما استمر في هذه العلاقات مع المغرب.


حسين شحادة: كانت التناقضات بين المغرب والجزائر لها طبيعة سياسية فكلتاهما يشهدان حركة وطنية قوية وشعورا وطنيا قويا وتسعى كل واحدة لتكون الدولة الأقوى لتترأس مجريات الأحداث في منطقة المغرب العربي.


محمد العربي المساري: الاتفاق كان صارخا بين إسبانيا والجزائر على الكيد للمغرب ولهذا فإن جميع الأمور التي حدثت فيما بعد كانت منسجمة مع هذا الاختيار، الكيد للمغرب وتأييد إسبانيا في انتظار أن إسبانيا ستخرج لتحتل مكانها الجزائر.


عثمان السعدي: نحن ليس لنا أطماع، عرض علينا أن نأخذ جزء من الصحراء ورفضنا لأن قضية الأرض ليست قضية قطعة من الجاتو تقطع كل واحد يأخذ قسما، الأرض أسمى من ذلك.


حسين شحادة: بعد توقيع اتفاقية تقسيم الصحراء نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 1974 بين المغرب وموريتانيا وإسبانيا بدأ المغرب بالتحضير لمفاجأة ستغير معالم المنطقة، ففي 16 أكتوبر/ تشرين الأول 1975 دعا الملك الحسن الثاني لبدء التعبئة السلمية التطوعية لاستعادة الأراضي الصحراوية وهكذا خرج حوالي 350 ألف مغربي من كل المدن المغربية باتجاه الصحراء في ما سمي بالمسيرة الخضراء.


خديجة محسن فنان: غير أن الأمور تغيرت في العام 1975 إذ كانت مفاجأة كبيرة تنتظر وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لدى عودته إلى الجزائر قادما من المغرب عندما علم أن الرئيس بومدين سيقف هو وشعبه إلى جانب جبهة البوليساريو.


حسين شحادة: تشير وثيقة من الأرشيف الفرنسي بتاريخ الخامس من يوليو/ تموز 1975 إلى بيان حول زيارة وزير الخارجية الجزائري السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى المغرب حيث تمت محاولة التقرب بين البلدين بعد فترات قطيعة. يشير البيان في فقرته الرابعة إلى فشل المحاولات الجزائرية التي سعت إلى زعزعة الوحدة الوطنية المغربية وقد ظهرت هذه المحاولات من خلال موقف الجزائر من الاتفاق الموريتاني المغربي وقضية الصحراء الذي عبرت عنه الجزائر في محافل دولية كمحكمة العدل الدولية في لاهاي ومؤتمر منظمة الدول الإسلامية المنعقد بجدة ومنظمة الوحدة الإفريقية المجتمع بكمبالا.


خديجة محسن فنان: إن الجزائر اقتنعت متأخرة خلال العام 1975 بضرورة مساعدة جبهة البوليساريو، صحيح أن ذلك كان متأخرا نوعا ما ولكن تم بشكل فعال حين قدمت الجزائر لجبهة البوليساريو ملاذا رمزيا هو مدينة تندوف المتنازع عليها وقدمت لها أيضا السلاح والمال وأكثر من ذلك قدمت لها دبلوماسيتها التي كانت أكثر من رائعة في تلك الفترة.


أنخيلا هيرناندز مورينو: كانت العلاقة بينهما علاقة حميمة، كانوا يشكلون وحدة، تقع جبهة البوليساريو في منطقة جزائرية في تندوف وكانت الجزائر تدعمها وتدافع عنها وكان أبناؤها يحملون جوازات سفر جزائرية لذلك فقد كانت هناك وحدة حقيقية بينهما، ليس بمقدور جبهة البوليساريو القيام أو القبول بأي شيء من دون الجزائر، كان ينقصها الاستقلال السياسي بالرغم من ادعاء قادتها الاستقلالية ليس بإمكانهم القيام بأي شيء مخالف للسياسة الجزائرية الخارجية.


حسين شحادة: ظهرت جبهة البوليساريو الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب في فترة السبعينيات من القرن الماضي وقد أسهمت عوامل عدة في نشوئها منها كون قادة جبهة البوليساريو من الشباب الصحراوي المغربي المثقف إذ إنهم درسوا في جامعات مغربية واحتكوا بالأحزاب اليسارية المغربية التي إما انتسبوا إليها أو على الأقل شعروا برابط يجمعهم خصوصا في مقاومة الاستعمار الإسباني.


محمد ولد مدو/ صحفي وأستاذ التواصل وعلم الحضارة بجامعة نواكشوط: جبهة البوليساريو في البدء في حقيقة الأمر كانت تركز بالأساس على تحرير الصحراء الغربية من المحتل الإسباني وحظيت من ذلك بدعم معتبر حتى من موريتانيا ومن الجزائر.


أنخيلا هيرناندز مورينو: توتر العلاقات الناجم عن قضية الصحراء تسبب بإغلاق الحدود، دعنا لا ننس أن الجيش الجزائري دخل مقاطعة الصحراء الإسبانية القديمة ليدعم جبهة البوليساريو في معاركها الأولى وقد كان في هذا اعتداء على الجيش المغربي كما أن دعم الجزائر غير المشروط لجبهة البوليساريو أيضا تسبب بالعداء وإغلاق الحدود.


عثمان السعدي: قلنا هؤلاء الناس قاوموا الإسبان وطردوا الاستعمار الإسباني وحققوا استقلالهم يعطى لهم حرية الاستفتاء إذا قبلوا ينضموا إلى المغرب أهلا وسهلا، قبلوا أن يستقلوا يستقلوا.


حسين شحادة: دخلت موريتانيا في حرب ضد جبهة البوليساريو استمرت حتى الانقلاب الذي حدث عام 1979 والذي كانت قضية الصحراء سببا رئيسا به، إبان تلك الفترة تم اتفاق بين نواكشوط والرباط على اقتسام الصحراء الغربية حيث استولى المغرب على وادي الذهب فيما أعطى المنطقة الغربية لموريتانيا.


أنخيلا هيرناندز مورينو: حاولت إسبانيا التفاوض مع جبهة البوليساريو ولكن الجبهة بسبب كبريائها وغرورها وتأكدها من دعم الجزائر لها فرضت شروطا لم يكن من الممكن أن تقبل إسبانيا بها  وكانت إسبانيا مصممة على فعل المستحيل لتحول دون انضمام الصحراء إلى المغرب.


محمد ولد مدو: من مدخل الاستشارة والاستفتاء هذا ستجد جبهة البوليساريو لاحقا سندا قانونيا لها يفيد بأن الجماعة لم تتم استشارتها في هذه القضية وبأن من واجبها للتحرر من المستعمر أن يتم استفتاء أو استشارة المجموعة الساكنة لهذه المنطقة وحظيت بدعم كبير من الجمهورية الجزائرية لاعتبارات متعددة بعضها تحرري وبعضها استقطابي وبعضها وليد التناقضات والمشاكل الحاصلة بين العنصرين أو الدوليتين الكبريين في المنطقة الجزائر والمغرب.


أنخيلا هيرناندز مورينو: كان الحسن الثاني أول من طرح فكرة الاستفتاء الشعبي ثم أخذها الإسبان وتم طرح هذه الفكرة لاحقا كحل للنزاع من قبل مفوضية الأمم المتحدة التي زارت الصحراء عام 1975.


حسين شحادة: بدأ الحسن الثاني انتهاج سياسة مغايرة عندما طالب بإجراء استفتاء لتقرير المصير وكان أول من اقترح هذه الفكرة لتقرير مصير الصحراء، ومع وصول بعثة الأمم المتحدة إلى الاستفتاء الشعبي في الصحراء الغربية المينورسو بدأت عملية تعريف السكان ببطء شديد وهكذا وبسبب مرور الوقت وعدم الثقة المتبادلة أصبح تنفيذ الاستفتاء مستحيلا.


خديجة محسن فنان: تم طرح سؤالين، هل هذه الأرض كانت بلا سيادة قبل أن يحتلها الإسبان؟ ثم ما هو تأثير القبائل؟ أجابت المحكمة الدولة على السؤال الأول قائلة إن تلك الأرض لم تكن بلا سيادة، أما السؤال الثاني فقد أجابت عنه بطريقة جعلت الأمور تتعقد أكثر فأكثر.


أنخيلا هيرناندز مورينو: إن مينورسو بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء الشعبي في الصحراء الغربية وصلت إلى الصحراء لضمان عملية التعريف والمساعدة على تحقيقها والتحكم بها وذلك كي لا تحصل أي أمور غير مرغوب فيها مع كلا الطرفين ولمساعدة السكان والإدارة على تنفيذ الاستفتاء الشعبي وقد حافظت هذه المنظمة على قوة موازية أو جزئية لا تزال قائمة في الصحراء والأقاليم.

تعددت الأسباب والفرقة مستمرة


خديجة محسن فنان: ولكن لنتصور أن هناك مخرجا ما لهذه الأزمة، إذا ما وجد الحل لقضية الصحراء الغربية فهل سيختفي النزاع بين الجزائر والمغرب؟


حسين شحادة: إن تأزم العلاقات المغربية الجزائرية سببها تراكم الأزمات بين البلدين منذ استقلالهما وفي رصدنا لكرونولوجية هذا النزاع نجد حادثة اختطاف الطائرة المغربية التي كانت تقل القادة الجزائريين عام 1956، حرب الرمال التي اندلعت على حدود البلدين 1963، اقتسام الصحراء بين المغرب وموريتانيا بدون استشارة الجزائر 1974، دعم الجزائر لجبهة البوليساريو الانفصالية منذ عام 1976، تفجيرات فندق آسني بمراكش عام 1994 حيث كان منفذو العملية من أصول جزائرية، إغلاق الحدود البرية بين البلدين منذ عام 1994 وحتى اليوم.


محمد العربي المساري: المغرب موقن بأن هذه أرضه وهو فيها ومنذ 34 سنة وهو يرسخ وجوده فيها ولا توجد قوة يمكن أن تقتلعنا منها، هذا شيء واضح.

عبد الحميد مهري: مشاكل الصحراء الغربية بالطريقة التي يعالج بها الآن هو عائق بلا شك لتطور وحدة المغرب العربي، تصحيح المعالجة للمشكلة يمكن أن تكون على العكس مدخلا لهذه الوحدة.

خديجة محسن فنان: إنني أعتقد أن قضية الصحراء الغربية ليست السبب الوحيد في وجود خلاف بين الجزائر والمغرب.

عثمان السعدي: إذا حلت قضية الصحراء الغربية تأكد الاتحاد الفيدرالي للمغرب العربي سيتحقق.

خديجة محسن فنان: لكن الجيد أيضا لو أن عوامل هذا النزاع سقطت الواحد تلو الآخر بمعنى أن تحل قضية الحدود مباشرة بعد قضية الصحراء وأن يستبدل الشك المتبادل بثقة متبادلة.


حسين شحادة: عندما توفي الملك الحسن الثاني في يوليو/ تموز 1990 انتقل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الرباط حيث تكلم بحرارة عن مستقبل العلاقات بين البلدين قابله استعداد مماثل من الملك الشاب محمد السادس لبدء عهد جديد مع الجزائر، واعتقد الجميع أن مناخا دافئا جديدا سيستمر بيد أنه في اليوم الذي أعلن فيه فتح الحدود البرية الذي تحدد موعده في أغسطس / آب 1999 حصلت مجزرة رهيبة راح ضحيتها 36 مدنيا على يد الجماعات الإسلامية المسلحة التي تقول الجزائر إن لها قواعد خلفية في المغرب فتبخرت كل الآمال التي كانت معلقة على معاودة التطبيع بين البلدين من جديد.


روني غاليسو: إذا كانت قضية الصحراء لم تحل ولا قضية الحدود أيضا فضلا عن أن الحدود مغلقة فكأن المغرب العربي أحكم إغلاقه بقفل في تلك اللحظة ذاتها.


حسين شحادة: جاء الحصار على ليبيا منذ عام 1992 جراء حادثة لوكربي وما تمخض عنه من موقف ليبي محتج على المواقف المغاربية التي أيدت الحصار وخرجت عن معاهدة اتحاد المغرب العربي ليدق إسفين التباعد بين الأقطار المغاربية ويصيب اتحاد المغرب العربي بالشلل التام منذ مطلع العام 1995 وحتى اليوم.


محمد العربي المساري: ولا يمكن تصور أن تستمر هذه الحماقة المتمثلة في أن الحدود بين المغرب والجزائر مقفلة، هذه حماقة اقتصادية وحماقة سياسية.


محمد ضيف الله/ أستاذ في التاريخ المعاصر بجامعة منوبة-تونس: هذه الوضعية في الوقت الحاضر مكلفة لكل بلد على حدة.


عبد اللطيف جبرو: فقط لما يأتي الجراد يمكن أن يحصل تحالف وتكامل ما بيننا.


محمد ضيف الله: المغرب العربي لم يتحقق، وحدته لن تتحقق بأي شكل من الأشكال سواء بشكل فيدرالي أو بشكل اندماجي أو أي شكل من الأشكال.


إبراهيم بوخزام/ عميد جامعة ناصر وأمين اللجنة الشعبية الليبية: اتحاد المغرب العربي يمتلك المقومات وعلينا أن نصبر عليه وعلينا أن نأخذ الاعتبار في الزمن وعلينا أن نصحح الأخطاء.


عثمان السعدي: مصير الوحدة يعني وحدة المغرب العربي مؤكدة طال الزمن أو كثر.


حسين شحادة: اليوم وبعد مرور 21 عاما على ولادة الاتحاد نجد انعدام التحرك الوحدوي حتى في المجال الاقتصادي فلا منطقة التبادل الحر تأسست ولا الوحدة الجمركية ولا السوق المشتركة ولم تنجح المجموعة المغاربية في تحويل مشروع المغرب العربي الكبير إلى فعل تاريخي قادر على تعزيز مقومات التنمية في الأقطار المغاربية، ورغم المعطيات الجغرافية والتاريخية والثقافية العامة التي صنعت مشروع الاتحاد وحلمه فإن ضغوط الواقع في أبعاده المختلفة قد كرست واقع الحال القائم بين أقطار المغرب العربي ولو لم يتبادل قادة الأقطار العربية رسائل التهنئة بمناسبة ذكرى تأسيسه لنسي الناس تماما وجود مثل هذا المشروع المغاربي الذي بقي في مصاف الأماني ومرتبة الأحلام.

archives-history@aljazeera.net