الطاهر زبيري - سامي كليب
زيارة خاصة

الطاهر زبيري.. مقاومة الاحتلال والانقلاب بعد الاستقلال

تستضيف الحلقة رئيس الأركان السابق في الجيش الجزائري طاهر زبيري الذي أسس أولى خلايا المقاومة إبان حرب التحرير الجزائرية. سجنه المحتل، فتجاوز ظلمة السجن وهرب.

– الانقلاب على بن بيلا.. أسبابه وكيفيته
– خلافات بن بيلا مع كبار الضباط

– الإعداد للانقلاب ودور بوتفليقة فيه

– إقالة بن بيلا والانقلاب الفاشل على بومدين

undefined

سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى حلقة جديدة من برنامج زيارة خاصة حين انطلقت الثورة الجزائرية كان ضيفنا من بين الذين أطلقوا شرارتها الأولى وحين قام هواري بومدين بانقلابه الشهير على الرئيس السابق أحمد بن بيلا كان ضيفنا هو الذي أبلغ بن بيلا بالقرار عند منتصف الليل في منزله ولكن هو نفسه عاد ينقلب على صديقه ورفيقه السابق هواري بومدين كيف انتهى هذا الانقلاب ولماذا نُفي؟ هذا ما يخبرنا عنه اليوم رئيس الأركان السابق في الجيش الجزائري الطاهر زبيري، هنا في منزله الواقع في حي راق في العاصمة الجزائرية يقطن الطاهر زبيري ربما الجيل الجديد لم يعد يعرف عن هذا الرجل شيئا فهو نفسه مقل في الكلام والتاريخ الجزائري الحديث لم يحفظ عنه إلا أنه صاحب أحد أهم الانقلابات ولكن الطاهر زبيري الذي وصل إلى رئاسة الأركان في بلاده كان قاتل الاستعمار الفرنسي وساهم في تأسيس أولى خلايا المقاومة تماما كما كان له دور كبير في قيام جيش ما بعد الاستقلال أسرار كثيرة يعرفها الطاهر زبيري المعروف هنا بسي الطاهر وخلال زيارتي له عشية تصوير هذه الحلقة أخبرني ونحن نشرب القهوة الجزائرية الحاملة هي أيضا بذور استعمار فرنسي في حديقة منزله الأنيق أخبرني عن الكثير من تلك الملفات التي يعتقد أن التاريخ الحديث لم يعطها حقها وعلى غرار الكثير من أبناء جيله فإن الطاهر زبيري لا يتحدث للأسف إلا اللهجة الجزائرية وبعض الكلمات العربية والفرنسية.

الطاهر زبيري: لغتي عربية أنا مش لغة.

سامي كليب: ليش ما اتفرنست مثل الثانيين؟

الطاهر زبيري: الفرنسية فرنسة شيء، شيء ما يعني مش منهج أنت بتعرف ولكن العربية أنت هي أقوى من الفرنسية.

سامي كليب: أقوى ها، بعكس بعض الضباط الآخرين.

الطاهر زبيري: بعكس كل الضباط كل واحد وين عاش اليوم اللي عاشوا في الكليات العسكرية انتهى في فرنسا تعايش في الجيش الفرنساوي في اليوم اللي قراره من ناحية الظروف اللي قراره بعيد وبتاع فيهم وفيهم بعدين وعندنا مثلا بومدين يعرف فرنساوي ولكن ما يتكلمهاش.

سامي كليب: سؤالي عن بيتك هو كان تابع لأحد الفرنسيين اللي نحن الآن موجودين فيه؟

الطاهر زبيري: هذا البيت هذا من وقت الترك من وقت اللي كان فيه هنا.

سامي كليب: من الأتراك؟

الطاهر زبيري: من الأتراك نعم كان هذا جناح موجود سابقا وهذا أيضا وهنا منزل السفير السويسري بجواري.

سامي كليب: هذا منزل السفير السويسري.

الطاهر زبيري: وهذا المنزل بتاعه.

سامي كليب: يعني بيتك عرف الاستعمار التركي والاستعمار الفرنسي.

الطاهر زبيري: نعم هو هذه هي في الحقيقة نعم ولكن حصلت تغييرات كبيرة في هذا البيت وجرى إصلاحه وقد سكن هنا فرنسي تماما كما قد سكن آية حسين.

سامي كليب: آه آية الحسين وزير اللي كان وزير.

الطاهر زبيري: نعم كان وزيرا ولكنه كان قبل ذلك مديرا لسون أتراك شركة النفط الجزائرية ثم أدخل إلى الحكومة مع سيد أحمد.

سامي كليب: هذا في عهد حكومة سيد أحمد وزاري.

الطاهر زبيري: نعم ولكن أنا حين عدت من المنفى قلت أني لن أعمل في السياسة ولا في شيء آخر على عكس أولئك الذين يريدون أكل كل شيء أكل ما تركته فرنسا وغيرها.

الانقلاب على بن بيلا.. أسبابه وكيفيته

سامي كليب: الطاهر زبيري الذي كان يتحدث إلينا بلهجته الجزائرية الأمر الذي اضطرنا إلى نقل كلامه إلى اللغة العربية الفصحى كان قد سجن وعذب وحوكم عليه بالإعدام في خلال الاستعمار الفرنسي وهرب من السجن ليصبح قائد الولاية الأولى من عام 1960 حتى عام 1962 ثم قائدا للولاية الخامسة ثم رئيسا لأركان الجيش الجزائري عام 1963 قام بأول انقلاب ضد أحمد بن بيلا في التاسع عشر من حزيران من عام 1965 بإشراف هواري بومدين ثم سعى للانقلاب على بومدين وفشل ورغم كل ذلك فإني لم أسأل جزائريا هنا إلا وامتدح نزاهته وإخلاصه لبلاده فلماذا انقلب على بن بيلا هل بسبب خلاف فعلا على تعيين ضابط كبير أم لأن بن بيلا كان يتعاطى مع الضباط بشيء من الاستعلاء كما يقول؟

الطاهر زبيري: كان بن بيلا كلمني بكلام وطريقة جارحتين فنحن ذهبنا معه إلى موسكو لحضور احتفالات أول مايو وتم استقبالنا بشكل حافل ذهبنا للغذاء في المقر الذي خصص لنا وكان معنا بن بيلا وكنا اثنين في الوفد العسكري ومعنا أيضا وفد حكومي فنحن نزلنا في الكرملن مع بن بيلا وبقية أعضاء الوفد ووُضعوا في الفندق وبما أننا كنا نحضر تلك الاحتفالات للمرة الأولى ونشاهد بأم العين القوات والسلاح السوفيتي والصواريخ والضباط والمارشيلات وراح أعضاء وفدنا يفسرون لبن بيلا كيف أنه يوجد مارشيلات وجنرالات وضباط في الاتحاد السوفيتي بينما عندنا الرتب ليست كبيرة وأنا دخلت في هذا الحديث فقط من باب المزاح وقلت لأحمد بن بيلا والله جيشنا يحتاج إلى مارشيل وهنا معنا محمد ولحاج يستحق من قبيل العمر لأنه الأكبر بيننا يستحق أن يصبح مارشيلا حينها تغير وجه بن بيلا فهو تماما كأبو الخيدر وبوضياف لم يكن يعلم كل تفاصيل الثورة كما كنا نعرفها نحن العسكريين لأننا كنا نعايشها عن قرب ويوميا فقال بن بيلا بلهجة ساخرة لحسن الحظ وقت الموس قد فات انقطعت أنفاسي لجوابه قلت له يا سيد أحمد ألسنا نحن أيضا مسؤولي الثورة هل ما تقوله يعني أن مارشيلات السوفييت تخرجوا من المعاهد والمدارس العسكرية ونحن تخرجنا بالموس والسكاكين؟

سامي كليب: وصحيح قلت له صحيح قلت له أنه لولا الموس لم تصبح رئيس جمهورية؟

الطاهر زبيري: نعم قلت له ذلك ولا تجعلني هنا أعيد لك كل ما قلته له آنذاك فأنا كررت له السؤال التالي هل إن الضباط السوفييت تخرجوا من المعاهد ونحن لم نتعلم سوى السكاكين؟ وبالفعل غضبت، غضبت حينها وقلت له أيضا والله لولا موسنا لما استطعت أن تذبح الدجاجة لا أن تواجه الفرنسيين ورصاصهم وقلت له لولا الموس لما كنت أنت اليوم أنت نفسك تدخل إلى الكرملن ويعطوك..

سامي كليب: النياشين والأوسمة.

الطاهر زبيري: نعم نجمات السوفييت وغيرها غضبت جدا ووقفت وكان معنا بعض الرفاق على غرار محمد بن حربي وغيره وحين بادرني بن بيلا قائلا أنه لم يقصد ذلك وأراد أن يطيب خاطري لم آبه وخرجت.

سامي كليب: وخرج خلفك محمد حربي وقال لك أنه الرئيس يمزح معك؟

الطاهر زبيري: نعم هم حاولوا أن يصححوا الخطأ وقال لي حربي إنه يمزح ولكن الكلمة كانت خرجت كما هي ثم جاءني بن بيلا نفسه يحاول أن يهدئ من روعي والواقع لقد حصل الكثير من هذه الأمور في حينه ولا يمكن ذكر كل شيء الآن أنا كنت مع اتفاق مع الاثنين.

سامي كليب: من يعني مع بن بيلا وبومدين؟

الطاهر زبيري: أنا كنت على اتفاق تام مع الاثنين مع أحمد بن بيلا لكونه رئيسا للدولة وقائدا للقوات المسلحة وأمينا عام لحزب جبهة التحرير والثاني بومدين لكونه وزيرا للدفاع.

سامي كليب: طب ولكن حضرتك ضابط في الجيش كنت أقرب لأحمد بن بيلا في البداية أم لهواري بومدين؟

الطاهر زبيري: لا كنت أتمنى الخير للرجلين وأريدهما أن يتفقا ولكني ربما كنت أقرب قليلا لبومدين.

سامي كليب: أقرب ولكن يعني بن بيلا هو اللي عينك قائد للأركان العامة للجيش بدون علم بومدين في البداية؟

الطاهر زبيري: لا بعلمه فحين جاء إلى هنا قادة الثورة من محمد خير وبن بيلا ومحمد بوضياف وغيرهم وكانوا أعضاء في المكتب السياسي ومعهم حمدي السعيد وكانت تحصل اختلافات بينهم بين خضر ورفاقه مثلا أو العكس ولكن بومدين كان يعرف نفسيات الجيش ويدرك كيف يجب أن تدار أو تهدأ الأمور لكي لا يذهب الخلاف بعيدا فيما بينهم هؤلاء القادة كان يعتبرون أنفسهم أنهم حرروا العالم كله وينظرون إلى أنفسهم نظرة عالية ونحن في الجيش كنا نقول لا بأس فهم قادتنا السياسيون ونحن نعترف بذلك ولكن يجب ألا تحصل مغالاة.

سامي كليب: لا.. أصدقك ولكن يعني برأيك أحمد بن بيلا والقيادات السياسية الأخرى لم تكن تعلم ماذا يريد الجيش بالضبط يعني أو ما كانوا يعرفوا شو فيه على الأرض فعليا؟

الطاهر زبيري: لا هو وغيره من القادة كانوا على علم بذلك ولكن كانت تحصل بعد الانزلاقات التي كانت من شأنها لو تفاعلت أن تضرب كل النظام القائم.

سامي كليب: تفاقم التبيان بين أحمد بن بيلا وبعض كبار ضباط الجيش كانت خيوط الانقلاب عليه قد نسجت بشكل جيد آنذاك فالرئيس الأول للجزائر المستقلة وجد نفسه فجأة محاطا من قبل أناس إما يعيبون عليه ما يصفونه بالتفرد بالقرارات أو يطمحون إلى تولي مكانه وثمة روايات تقول بأن بن بيلا كان قد وصل إلى مرحلة بات يشعر معها بأن الانقلاب عليه صار وشيكا جدا ولكنه إما لم يصدق أو قبل بالأمر الواقع وهكذا وفي منتصف إحدى الليالي ذهب ضيفنا الضابط الجزائري الكبير الطاهر زبيري يقول لرئيس الدولة لأحمد بن بيلا إنه لم يعد رئيسا للجمهورية فما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك وكيف حصل الأمر؟

الطاهر زبيري: كان بن بيلا قد أصبح وحيدا آنذاك رغم الشعبية الكبيرة التي أحاطت به حين وصل إلى الحكم وأنا شخصيا أعتبر أن الخطأ الأول الذي ارتكبه تمثل في أنه ألغى ما تمسى بـ (كلمة بلغة أجنبية).

سامي كليب: يعني ألغى الحكومة المؤقتة؟

الطاهر زبيري: نعم ألغاها تماما وقد حاولنا ونحن في تونس حيث كان مكان الحكومة المؤقتة أن نقنعه بأن يضم إليه أشخاصا على غرار كريم بالقاسم أو بوصوف أو بن طوبال ولكن لم يشأ كنا آنذاك في تونس.

سامي كليب: طيب السبب الأول لم يأتي بأي أحد من الحكومة المؤقتة؟

الطاهر زبيري: أما السبب الثاني فإنه بن بيلا وحين استولى على السلطة حاول أن يجمع كل الصلاحيات بين يديه وكنا غالبا ما نتحدث بالأمر مع بومدين ونقول أننا لا نقبل بذلك.

سامي كليب: بومدين كان يقول لكم إنه أحمد بن بيلا يريد السيطرة على البلاد؟

الطاهر زبيري: نعم كان يقول ذلك وهو بالفعل كان يسيطر على السلطة ولاحظنا أن بن بيلا يتجه نحو حكم الفرد الواحد طبعا إحنا هذه ما قبلنهاش وحين ذهب بومدين إلى موسكو وتعينت أنا قائد للأركان في مهرجا شعبي كبير بدأ الخلاف وهذه المسألة بحاجة طبعا إلى تفاصيل قد لا تسمح لي بذكرها جميعا الآن.

سامي كليب: لا اليوم نحكي للتاريخ السبب الثاني إذا كان تفرد أحمد بن بيلا بالحكم؟

الطاهر زبيري: نعم بالحكم وهنا وجد الجيش نفسه أمام أولى المشاكل المتمثلة بكيفية إدارة شؤون البلاد إلى جانبه.

سامي كليب: طيب صحيح سيد طاهر زبيري إنه بعد عودتكم من موسكو.

الطاهر زبيري: بعد عودة.

خلافات بن بيلا مع كبار الضباط

سامي كليب: لحظة اسمح لي بعد عودة الرئيس أحمد بن بيلا وكنت معه وعدتم من موسكو إلى الجزائر التقيت بهواري بومدين وقال لك كان عرف ما حصل في موسكو وقال لك شوفت سيذبحنا جميعا صح؟

"
بعد عودتنا من موسكو كل الضباط والمسؤولين كانوا يشعرون بأن بن بيلا يريد أبعادنا جميعاً
"

الطاهر زبيري: نعم قال ذلك ولكن بعبارة أخرى قال أن بن بيلا سوف يزيحنا جميعا وعلى كل حال كل الضباط وكل المسؤولين آنذاك منهم مثلا شريف بالقاسم وعبد العزيز بوتفليقة وعلي بن مجلي يعني الجميع كان يشعر آنذاك بأن بن بيلا يريد إبعادنا جميعا.

سامي كليب: طيب يعني بالبحث عن هذه الأسباب لو سمحت سيد طاهر زبيري يعني كان أحمد بن بيلا يحصل بينه وبين الضباط خلافات كبيرة يعني أنت حضرت بعض الخلافات بعض اللي حصلت؟

الطاهر زبيري: لا في الواقع الضباط لم يدخلوا معه آنذاك بخلافات علانية فهو مسؤول كبير وهو رئيس الدولة وهو قائد القوات المسلحة.

سامي كليب: ولكن الضباط كانوا يقبلوا بهذه المسؤولية؟

الطاهر زبيري: يعني الضباط وكما تعلمون كانوا خاضعين للرأس المدبر لهم أي هواري بومدين ولكن حين كان يقع خلاف بينهم وأحدهم وبن بيلا كان يأتي ويشكو لبومدين مثلا يحياوي.

سامي كليب: محمد صالح يحياوي.

الطاهر زبيري: محمد صالح يحياوي صحيح ففي إحدى المرات كان هناك اجتماع بين الضباط وبن بيلا وقال له بن بيلا أمام الجميع ماذا جاءت تفعل هنا؟

سامي كليب: لمحمد صالح يحياوي.

الطاهر زبيري: لمحمد صالح يحياوي.

سامي كليب: رغم أنه كان ضابط كبير.

الطاهر زبيري: كان ضابطا كبيرا ويتحدث بشكل جيد وكان ربما يقلق بن بيلا فمثل هذه الأمور مثلا كانت تؤدي إلى مشاكل إضافة إلى قضايا أخرى.

سامي كليب: يعني بن بيلا كان يهين الجيش الضباط؟

الطاهر زبيري: أنا لا أحبذ كلمة إهانة فهو كان يريد أن يفرض نفسه ورأيه وأن تطاع أوامره وشخصه ولكن لم يصل الأمر إلى درجة الإهانة أما الإهانة الحقيقية فهي التي جاءت من خيضر يرحمه الله فهو قال يجب أن يدخل الجيش إلى ثكناته ونحن لم نقل ذلك لأننا لسنا فقط ضباطا ولم نأتي من صفوف الجيش الفرنسي بل كنا مناضلين ولبسنا اللباس العسكري لكي نحارب بصفة عسكرية ونسير أمور الثورة وحين ينتهي العمل العسكري نقرر ما يجب أن يكون.

سامي كليب: طب عال ولكن انتهت الثورة وبدأ يعني ترتيب الدولة الجزائرية.

الطاهر زبيري: ترتيب الدولة مازالت مكملتش يا سيدي لليوم مكملتش.

سامي كليب: نعم ولكن كان بدأ ترتيبها وكان لابد من رئيس جمهورية هو الحاكم وأنتم لازم تخضعوا له.

الطاهر زبيري: طبعا نخضع له ولكن كان ينبغي أن لا يكون في الأمر إجحاف وباختصار فنحن شعرنا أن بن بيلا يذهب باتجاه الحكم الفردي ويريد جمع السلطات بيديه ويحسر بنفسه ستة أو سبعة مسؤوليات كالإعلام والداخلية والمالية وغيرها.

سامي كليب: أخذهم من الجيش.

الطاهر زبيري: لم يأخذهم من الجيش وإنما لتشكيل الأجهزة.

سامي كليب: طيب وصحيح أنه حاول يركب جهاز عسكري موالي له وبعيد عنكم عن الضباط؟

الطاهر زبيري: جهاز على شكل ميلشيا تابعة له نعم هو أرد ذلك أراد أن يشكل قوة لنفسه وهذا ما لم نطمئن مطلقا له.

سامي كليب: طيب بهذه الأوقات بدأ هواري بومدين يفكر بالانقلاب على أحمد بن بيلا؟

الطاهر زبيري: بدأ يفكر ولكن الأمور كانت آنذاك على مستوى الانتقادات لم نكن نشعر كجيش أو كقيادة أن الأمور تخرج عن نطاقها المقبول.

سامي كليب: ولكن لم تكن انتقادات علنية يعني كانت داخل الضباط.

الطاهر زبيري: لا لم تكن علنية فقط كلام بين ضباط.

سامي كليب: طب وبومدين لما كنت تحضر اللقاءات بينه وبين أحمد بن بيلا كان يصير في مواجهة بين الرجلين؟

الطاهر زبيري: كان يحصل خلاف ولكن لم يكن الأمر يصل إلى حد المناقشة الحارة أو الحادة غير أننا كنا بدأنا نشعر بعد فترة من وصول بن بيلا إلى السلطة أنه لابد من تنحيته.

سامي كليب: تنحية الرئيس أحمد بن بيلا عن السلطة راحت تختمر في ذهن وزير الدفاع هواري بومدين وعدد من الضباط والمسؤولين ووقعت آنذاك مشكلة تتعلق بالجيش حيث أراد بن بيلا تعيين الضباط الكبير شعباني رئيسا للأركان وذلك بناء على نصيحة سابقة كان قدمها له القيادي السياسي وأحد قادة المقاومة محمد خيضر الذي انتقل لاحقا إلى المعارضة ولكن بومدين رد عليه بطلب تعيين ضيفنا الطاهر زبيري في هذا المنصب وقال له إن الضباط لن يقبلوا بشعباني وإن زبيري هو الأقدم والأكفاء وهو من رجالات الثورة قبل بن بيلا على مضض واقترح أن يتم تعيين عدد من الضباط إلى جانب زبيري وبينهم شعباني نفسه كيف كان موقف طاهر زبيري بين بن بيلا وبومدين قبيل الانقلاب خصوصا أن بن بيلا أعلن تعيين زبيري رئيسا للأركان حين كان بومدين في زيارة إلى موسكو.

الطاهر زبيري: بصراحة أنا لم تكن لي مصلحة شخصية فيما يحصل ولم تكن لي مصلحة في أن أغلب أحد الطرفين على الأخر فكنت تارة أذهب لعند بن بيلا أراه ثم أذهب إلى بومدين وأجده غاضبا فأعود لبن بيلا وأقول له العكس تماما بغية ترطيب الأجواء فأنا لم أكن أحبذ الخلافات خصوصا بين القيادات ولم أكن أطالب بأي شيء وكان همي أن تسير الدولة والمؤسسات ثم أني كنت في موقع محترم أينما كنت.

[فاصل إعلاني]

الإعداد للانقلاب ودور بوتفليقة فيه

سامي كليب: متى بلغك بومدين إنه يريد الانقلاب على أحمد بن بيلا؟

الطاهر زبيري: إحنا في مناقشة كانت بهالجماعة مع بومدين مهواش وحده هذه كانت مناقشة عامة ولم تنحصر بشخص واحد كانت هناك مجموعة من القيادات والضباط كان هناك عبد العزيز بوتفليقة وشريف بن القاسم وبن القائد أحمد والمدغري ونلتقي في أحد المنازل ونناقش الأمر.

سامي كليب: وكان موجود معكم؟

الطاهر زبيري: في الوقت اللي هو جاء.

سامي كليب: اسمح لي كان موجود معكم عبد العزيز بوتفليقة؟

"
عقدنا اجتماعات قمة مع الرئيس جمال عبد الناصر انطلاقا من مقررات القمة العربية الأولى وذلك بغية تشكيل مجلس الدفاع العربي المشترك
"

الطاهر زبيري: موجود معنا نعم موجود معنا من وقت لآخر ونحن آنذاك كنا عقدنا اجتماعات قمة مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر انطلاقا من مقررات القمة العربية الأولى وذلك بغية تشكيل مجلس الدفاع العربي المشترك قضية فلسطين إلى آخره طبعا إحنا موجودين فيه كونوا هم اجتماع طبعا بن بيلا أرسل بومدين إلى القاهرة وذهب أيضا بوتفليقة كوزير للخارجية ومعهم وزير المالية ولكن أنا لم أذهب بن بيلا نادى بوتفليقة وقال له أننا سنلغي وزارة الخارجية قال له خللي الوزارة وروح عندنا في الرئاسة.

سامي كليب: لأنه آنذاك الرئيس أحمد بن بيلا كان يريد أن يتولى بنفسه الوزارة قبل مؤتمر الأفروآسيوي.

الطاهر زبيري: الأمر ممكن أنا لا أستطيع أن أدخل الغيب ولكن بوتفليقة قال لي آنذاك أنه لم يعد بالوزارة وأنه سينقل إلى الرئاسة وأنه قد يتم تعيين شخص آخر غيره في منصب وزير الخارجية.

سامي كليب: طيب اجتمعتم مع بومدين وقررتم الانقلاب؟

الطاهر زبيري: هو بومدين كما قلت لك ذهب إلى القاهرة وبن بيلا أزاح بوتفليقة بغيابه وجاءني بوتفليقة غداة ذلك يسألني ما العمل.

سامي كليب: شو قال لك تتذكر شو قال لك بوتفليقة آنذاك؟

الطاهر زبيري: الموضوع معروف فبن بيلا كان يريد جمع المسؤوليات بيده وقال لي أن بن بيلا سيعطي الوزارة لشخص آخر.

سامي كليب: نعم لأنه سيد الطاهر لأنه اللي كتبه عن الموضوع يعني كيف حصل انقلاب الأكثر من شخص يؤكد إنه عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الحالي وحين كان آنذاك وزيرا للخارجية هو اللي أقنع بومدين بالانقلاب على أحمد بن بيلا صحيح هالكلام؟

الطاهر زبيري: لا أعرف بالضبط ذلك ربما كان بوتفليقة يتمنى طبعا ذلك وكنا نشعر حتى من خلال الألفاظ التي تستخدم أننا بصدد الإعداد لانقلاب فكان يقال مثلا أن بن بيلا يريد إزاحتنا أو إلغاءنا أو القضاء علينا بالوقت اللي راح القاهرة وحين جاءني بوتفليقة وروى لي ما حصل قلت له على كل حال إن بومدين ليس هنا ولن يكلفني بأن أنوب عنه، ماذا قلت لبوتفليقة قلت لبوتفليقة اذهب إلى وزارتك وليأتي بن بيلا ويخرج بالقوة والشرطة وقلت له أنا ذاهب إلى وزارة الدفاع ومن الممكن أن أطلب من بومدين أن يسرع عودته.

سامي كليب: وهذا ما حصل.

الطاهر زبيري: وهذا اللي حصل جاء بومدين في اليوم التالي وذهبنا للقائه في المطار جميعا كان معنا بوتفليقة ومدغري وسعيد عبيد وعباس ويحياوي كلهم ماتوا وأنا ما زلت بقيت.

سامي كليب: ومات وبوتفليقة.

الطاهر زبيري: ها وبوتفليقة.

سامي كليب: ومحمد صالح يحياوي.

الطاهر زبيري: أيوة ومحمد صالح يحياوي ورحنا المطار وكل واحد والقائد أحمد كنت عرفت القائد أحمد والقائد أحمد كان معنا وشرح لبومدين ماذا فعل بن بيلا وحصلت انتقادات كثيرة بقي بومدين صامتا ولم يقل شيئا كانت لديه معلومات أن ما يحصل في الجزائر كبير.

إقالة بن بيلا والانقلاب الفاشل على بومدين

سامي كليب: انتهى اجتماع المطار وعقد اجتماع آخر ليلا في اليوم نفسه هذا الاجتماع ضم معظم المسؤولين الذين ذهبوا لملاقاة بومدين إلى المطار وبعد خمسة أيام بالضبط حصل اجتماع ثالث وفيه تقرر الانقلاب على بن بيلا وضعت صيغ عديدة لاستبداله في الرئاسة كالمجلس الوطني للثورة أو المجلس الأعلى للثورة أو غيرها من الأسماء التي أريد لها أن تتولى شؤون البلاد بعد الانقلاب وطرح السؤال أيضا عن كيفية الانقلاب وما بعده وليلة الإطاحة به كان بن بيلا يسكن في فيلا جولي فذهب إليه طاهر زبيري مع العقيد عباس وسعيد عبيد وبن سالم ذهبوا إليه يطرقون بابه عند منتصف الليل ليبلغوه بانتهاء عهده ويبدو أن زبيري هو الذي نبأه بقرار الإقالة، ومتى كلمته لأحمد بن بيلا؟

"
طرقت الباب ليلا على بن بيلا وبادرته بالقول أنه لم يعد رئيسا للجمهورية وأن مجلس الثورة حل محله
"

الطاهر زبيري: أنا الذي طرقت على باب بيته سأل من الطارق قلت له أنا الطاهر فشق الباب قليلا رآنا فبادرته بالقول سي أحمد أنت لم تعد رئيسا للجمهورية فقد حل مكانك مجلس الثورة ويجب أن تأتي معنا في أمان الله وهو رأى أن الجيش خلفنا قال لو جئت فقط أنت وسعيد عبيد كنت ذهبت معكما ولكن لماذا كل هذه الخوذات العسكرية والأسلحة قلت له أنا كل ذلك هو لأمنك قال سألبس وأتيكم وهذا ما فعله وفي الطابق الأرضي كان هناك مسؤولو الأمن جاءنا أحمد دراية أعطانا لاندروفر أركبناه فيه مع سعيد عبيد واتصلنا ببومدين وقلنا له أن المهمة قد انتهت.

سامي كليب: طيب وهل فكر أحد الضباط أو بومدين بإعدامه لأحمد بن بيلا بالحكم عليه بالإعدام مثلا؟

الطاهر زبيري: لا لم يحصل هذا الأمر والواقع يقال أن لا بومدين ولا أي شخص أخر كان يريد ذلك ولكن بومدين كان يريد نشر كتاب حول تصرفات بن بيلا وأعماله فقط أما قضية الإعدام فلم تقر ولو أقرت كنت لم أقبل ذلك.

سامي كليب: طيب طبعا حصل..

الطاهر زبيري: وكنت سأفسد عليهم الطبخة لأنني كنت ضد الاغتيال السياسي.

سامي كليب: نجح الانقلاب على بن بيلا كان الانقلاب شبه أبيض لم تسل الدماء ولم يسقط قتلا ولكن تشاء الصدف والتطورات المأساوية في الجزائر أن المنقلبين على بن بيلا عادوا يتنافرون فيما بينهم وينقلبون على بعضهم البعض فضيفنا الطاهر زبيري الذي كان رئيسا للأركان وجد نفسه في الحادي عشر من كانون الأول من عام 1967 ينفذ انقلابا على رئيسه ورفيقه وصديقه هواري بومدين واسمه الحقيقي محمد بوخروبة واتخذ لنفسه أسم هواري بومدين تيمنا ببعض الأولياء الصالحين في الغرب الجزائري وقد روى لي الطاهر زبيري أن أسباب كثيرة وقفت خلف محاولته الانقلابية على بومدين بعضها يتعلق بشعوره بأن بومدين راح يرتكب الأخطاء نفسها التي ارتكبها بن بيلا من تفرد بالسلطة وبعضها الآخر تعلق بوضع قدامى المجاهدين الذين وجد الكثير منهم نفسه بدون أي شيء لكن ثمة رواية أخرى في الجزائر تفيد بأن بومدين نفسه أو بعض المقربين منه هم الذين دفعوا زبيري للانقلاب بغية الإطاحة به وذلك لأن زبيري كان بات يشكل قوة عسكرية ومعنوية كبيرة من على رأس المؤسسة العسكرية فهل فكرة المؤامرة عليه واردة؟

الطاهر زبيري: هذا الاحتمال ممكن وهناك أسباب أخرى تتعلق بعدد من المغرضين الذين كان بعضه معي وبعضهم مع بومدين ويدفعون باتجاه الخلاف

سامي كليب: حصل خلاف بينك وبينه مباشر ببومدين؟

الطاهر زبيري: كأشخاص لم تقع خلافات ولكن الخلافات تعلقت بطريقة الحكم.

سامي كليب: طيب بس اسمح لي سيد طاهر زبيري يعني هواري بومدين كان أولا صديقك وكان ضابط معك في الجيش وقمتما بالثورة سويا طيب لما كانت تحصل المشاكل يعني بالنسبة للضباط بالنسبة للتفرد في الحكم بالنسبة لاتخاذ القرارات لوحدة حاولت تكلمه في ها المواضيع؟

الطاهر زبيري: معلوم سعيت دائما من خلال موقعي في الأركان أن أكلمه وكانت تحصل لقاءات في مكتبي في وزارة الدفاع لهذه الغاية أيضا.

سامي كليب: شو كان جوابه على الأمور؟

الطاهر زبيري: جوابه كان أنه سيرى ولكن كل ما كان يحصل هو نوع من الهروب إلى الأمام كما يقول المثل الفرنسي.

سامي كليب: ما يعمل شيء والهروب إلى الأمام.

الطاهر زبيري: والهروب إلى الأمام.

سامي كليب: طب السؤال إنه أنت.. هو جاء لعندك إلى المنزل زارك وحضرتك رجعت رحت لعنده وزرته يعني كانت نيته هو تصفية الحساب.. يعني تصفية الأجواء معك يعني والوصول إلى اتفاق لماذا تحركت ضده؟

الطاهر زبيري: في الحقيقة إن بومدين كان يريد تهدئة الوضع ويبقيني في الأركان دون أن أستقيل وكان هناك أناس يتوسطون بيني وبينه ومنهم مثلا سعيد عبيد الذي جاءني بعد فترة لحل المشكلة وقال لي لدينا الكثير نقوله ونحن تكلمنا لتونا مع بومدين ونريد الاجتماع معك فذهبت معه واجتمعت مع محمد صالح يحياوي والكولونيل عباس وابن سالم إضافة إلى سعيد عبيد قال سعيد عبيد نحن تحدثنا مع بومدين ويبدو أنهم لم يعد لديه ما يقوله ومستمرا على موقفه ما يعني أنني لم أعد رئيسا للأركان.

سامي كليب: طيب قالوا لك هذا الكلام ثمة إنه لا اتفاق مع الرجل؟

الطاهر زبيري: فهمت أنه لم يعد هناك مجالا للاتفاق وقلت للذين اجتمعت بهم التحقوا بمراكزكم وأنا سوف أتصرف وذهبت باتجاه الجبل بغية الإعداد.

سامي كليب: محمد صالح يحياوي وسعيد عبيد كان موافقين معك على التحرك ضد بومدين؟

الطاهر زبيري: كانوا موافقين معي في البداية ثم غيروا رأيهم.

سامي كليب: في البداية كانوا موافقين معك؟

الطاهر زبيري: نعم هم اللذان دفعاني وشجعاني لا بل إن سعيد عبيد جاءني ويقول لي أنت زعيمنا ورأس خيطنا ولكنك ملتصق ببومدين وهذا ما لا يعجب الضباط.

سامي كليب: طيب مهو هنا السؤال بالضبط لأنه قيل فيما بعد إنه أشخاص مثل سعيد عبيد ومحمد صالح يحياوي هم الذين دفعوك للانقلاب وبعدها تخلوا عنك؟

الطاهر زبيري: بعدها تخلوا.

سامي كليب: والدليل إنه سعيد عبيد اتصل فيما بعد بالرئيس هواري بومدين وحاول إنه يخبره ما حصل فقال له بومدين إنه تأخرت إنه كان لازم خبرتني قبل الانقلاب وليس بعض الانقلاب؟

الطاهر زبيري: لا الحقيقة أنه حين تحركت أول كتيبة قال سعيد عبيد لبومدين إن التحرك حصل وإنه لم يعد لي إمكانية لإقناعهم بالعكس قال أبو مدين أتصل بالفيالق وأعطي الأوامر بوقف وضرب الوحدات المتمردة وكان سعيد عبيد آنذاك يعطف علي وهو ابن منطقتي فقال لبومدين لنحاول أن نجد حلا آخر لإصلاح الأمر دون إراقة الدماء.

سامي كليب: طيب بس وهو عم يحكيه بعد ما تكلم معه للرئيس هواري بومدين انتحر سعيد عبيد شو السبب؟

الطاهر زبيري: لأن بومدين صاح في وجهه قائلا أنا أعطيك الأمر بأن تطلب من الفيالق ضرب المتمردين وأنت تجيبني بضرورة إصلاح الأمر فهل أنت قائدة ناحية أم أنك تستحق الشماتة؟

سامي كليب: انتحر؟

الطاهر زبيري: لا أعرف إذا كان انتحر أم قتل فأنا لا أستطيع أن أؤكد شيء لم أره.

سامي كليب: يعني ممكن يكون قتل؟

الطاهر زبيري: لا أعرف ولكن سعيد عبيد كان شابا وكان يحب أولاده كثيرا وليست تلك الأزمة الأولى التي عاشها فهو عاش أزمات أخطر في الحدود وغيرها ولذلك استغربت أمر انتحاره وطالما أنني لم أر شيئا فلا أستطيع أن أؤكد أي شيء.

سامي كليب: يعني يمكن ما يكون انتحر.

الطاهر زبيري: قد لا يكون انتحر ربما قتل ولكن طالما لم أر شيئا فلا أؤكد شيئا.

سامي كليب: طيب هذا الشخص الأول الشخص الثاني محمد صالح اليحياوي يعني كان في البداية حمسك وشجعك على تحرك فيما بعد..

الطاهر زبيري: بعد ذلك..

سامي كليب: لحظة اسمح لي فيما بعد يعني في الخطاب اللي أذاعه في الإذاعة بعد القضاء على التحرك العسكري كان أشد قسوة عليك من خطاب بومدين شو السبب؟

الطاهر زبيري: صحيح كان أكثر قسوة وعلى كل حال لم يكن وحيدا في ذلك فقد كان هناك البعض الآخر على غراره في الكلية العسكرية وحين يفشل المرء قد يأتي بأمور كهذه.

سامي كليب: بعدها تحرك الطيران ضد قواتك وقصفها؟

الطاهر زبيري: جاء الفيلق المدرع من الشلف ودخل عبر العفرون وتحركت فيالق أخرى من قسطنطينة واستخدمت الخطوط الجوية العسكرية والمدنية وأرسل الشاذلي بن جديد فيلقين من الجهة الغربية ولكن أحد معارفي روى لي فيما بعد أن الشاذلي قال لأحد قادة القوات التي أرسلها إذا رأيتم أن طرفا ينتصر فقفوا إلى جانبه ولكن الذي حسم المعركة هو الجسر الذي أقفل وقصف وحصل ذلك من خلال طيارين لا أعتقد أنهم من عندنا لأن ضباطنا لم يكونوا مدربين بشكل جيد.

سامي كليب: يعني ممكن طيران سوفيتي صحيح؟

الطاهر زبيري: هه؟

سامي كليب: ممكن الطيارين كانوا سوفيت؟

الطاهر زبيري: نعم فهم كانوا معهم وأنا وفق ما علمت لاحقا هو أن الطيارين الروس هم الذين قصفوا ولذلك لم يميزوا بين أهداف القصف فقتلوا من الشعب.

سامي كليب: طيب قتل الكثير من الأشخاص بعد فشل العملية العسكرية حضرتك هربت لم تسلم نفسك؟

الطاهر زبيري: لا أسلم نفسي وفي حقيقة الأمر فأن كل الذين قتلوا لم يتعدى عددهم تسعة أشخاص وأتحدى أي كان أن يقول غير ذلك.

سامي كليب: بس جري الحديث عن بس حكي عن أكثر حكي عن مائة شخص؟

الطاهر زبيري: هذا ما صرح به الرائد الأخضر بورقعة وغيره ولكن هذه المعلومات لم تبنَ على أي قاعدة سياسية أو عسكرية أو واقعية ولكن جرح عدد من أفراد الشعب والذي أعرفه هو أني شاهدت الذين قتلوا وحين نظرت إلى الوضع العسكري في عين المكان وشاهدت الدبابات والكمائن أعطيت الأوامر للوحدات بالانسحاب.

سامي كليب: ورجعت على العاصمة..

الطاهر زبيري: ذهبت بعدها إلى الجبل وكان برفقتي جميع رجال الولاية الرابعة الذين كانوا بالأصل ضد الحكومة منذ عهد بن بيلا

سامي كليب: بس لما كنت في حالة هروب من وجه السلطة كانوا الناس يساعدوك ولا كل العالم تخلوا عنك حتى رفاقك؟

الطاهر زبيري: كان يساعدني بعض الرفاق ومنهم مسؤولو الولاية الرابعة وساعدني ضباط على غرار بورقعة وحسن وبل خروب ولكن جاء المسؤولون بعد فترة يقولون لي أن الحالة باتت صعبة وأنه من الأفضل أن أذهب باتجاه لأوراس ففهمت أن الجماعة يريدون التخلص مني وبقي معي بورقعة فقط يرشدني على الطريق.

سامي كليب: هكذا فشل الانقلاب انقلاب الطاهر زبيري وهرب الرجل باتجاه الجبال في الجزائر ومنها ذهب إلى تونس حيث قابله وزير الداخلية الباجي قيد السيبسي ثم مدير الأمن الطاهر بلخوجة وبعدها أرسل السيبسي ببرقية إلى الجزائر تقول أن زبيري داخل إلى الأراضي التونسية كلاجئ سياسي ولا يحق له التحرك ومن هناك هرب إلى سويسرا ومنها إلى المغرب وعفي عنه الرئيس الشاذلي بن جديد وهكذا طويت صفحة من الجيش الجزائري لتفتح صفحات أخرى لا تزال حتى اليوم تفتح وتغلق وسط علاقة خاصة بين العسكر والسياسة في بلد عرف الكثير من التطورات التي بقي الجيش فيها اللاعب الأبرز.