لقاء خاص

محفوظ ولد الوالد .. القاعدة وحركة طالبان

ما طبيعة العلاقة بين تنظيم القاعدة وحركة طالبان؟ وما مصير التنظيم بعد انتهاء الحرب في أفغانستان؟ هذه الأسئلة يطرحها يوسف الشولي على محفوظ ولد الوالد المعروف باسم أبي حفص الموريتاني في لقاء خاص.

مقدم الحلقة

يوسف الشولي

ضيف الحلقة

محفوظ ولد الوالد (أبو حفص الموريتاني) أحد قادة تنظيم القاعدة

تاريخ الحلقة

30/11/2001

– موقف تنظيم القاعدة من أحداث 11 سبتمبر
– علاقة تنظيم القاعدة بحركة طالبان
– تقييم القاعدة لمستقبل أفغانستان ومستقبل تنظيم القاعدة
– موقف القاعدة من الجهاد في الوطن العربي وفلسطين
– تفسير القاعدة للعمل الاجتماعي
– هل تمتلك القاعدة أسلحة نووية وبيولوجية؟

undefined
undefined

يوسف الشولي: أعزائي المشاهدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يسرنا أن نستضيف في حلقة الخاصة من برنامج(لقاء خاص) ضيفنا السيد محفوظ بن الوالد المعروف (بأبي حفص الموريتاني) أحد قادة تنظيم القاعدة.
سيد محمود محفوظ، هل نسألك بكلمة واحدة.. هل يتبنى تنظيم القاعدة عمليات 11 سبتمبر في نيويورك؟

موقف تنظيم القاعدة
من أحداث 11 سبتمبر

أبو حفص الموريتاني: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، قائد المجاهدين وإمام الغر المحجلين وعلى أله وأصحابه أجمعين، وبعد، فعمليات 11 سبتمبر حتى الآن لم تعلن أي جهة مسؤولياتها عنها، وحتى الآن لم يصدر أي حكم قضائي حتى من الولايات المتحدة الأميركية نفسها بإدانة أية جهة، تنظيم القاعدة أعلن عدم مسؤوليته عن العمليات، حركة طالبان أعلنت عدم تورط أي أحد من المجاهدين الموجودين في أفغانستان في هذه العمليات، في ظل هذه المعطيات تبقى الجهة الخارجية التي قامت بهذه العملية مجهولة، لكن هنالك أمور إذا ركزنا عليها يمكن أن نتوصل إلى الفاعل الحقيقي الذي يجب أن يسأل ويجب أن يحاسب عن هذه العمليات.

يوسف الشولي: ما هي هذه الأمور؟

أبوحفص الموريتاني: هذه الأمور أولاً: هنالك إجماع من المحللين داخل الولايات المتحدة الأميركية وخارجها أن دوافع هذه العمليات هي: الظلم، والطغيان، والبغي، والعدوان الذي تمارسه أميركا ضد الشعوب الإسلامية والعربية، والشعوب المستضعفة الأخرى في الخارج، فأول تصريح للرئيس الأميركي بعد العمليات اعترف بهذه الحقيقة، وقال: إن الذين نفذوا العمليات يريدون أن يثنوا الولايات.. أن يثنوا الولايات المتحدة الأميركية عن سياساتها الخارجية ولم يفلحوا، هذا اعتراف واضح بأن السياسة الأميركية الخارجية هي التي ولدت هذا القدر من العداء، والنقمة، والثأر، والانتقام ضد الأميركيين.

يوسف الشولي: لكن المتحدث باسم تنظيم القاعدة توعد بعاصفة أخرى من الطائرات.

أبو حفص الموريتاني: هو لم يتوعد، هو قال: إن الأميركيين بسياستهم القديمة أثمروا أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وبسياستهم.. استمرارهم في السياسة القديمة، وإضافة العدوان الأميركي الجديد على أفغانستان سوف تتضاعف مثل هذه الأمور، وليس بالضرورة أن يكون هو الذي فعل، بس دعني أكمل لك الأمر الآخر، وهذا مهم جداً، في الولايات المتحدة الأميركية هنالك جهات مسؤولة قانونية عن حفظ أمن أميركا والأميركيين، وهي مساءلة قانوناً عن ذلك، الاستخبارات الأميركية التي تنفق عليها أضخم ميزانيات استخبارات في العالم، الجيش الأميركي "البنتاغون" الذي يستنفذ سنوياً أكبر ميزانيات العالم العسكرية، جهات الـ FBI الذي له مكتب في كل مكان، عشرات الأجهزة الأخرى المكلفة بحفظ أمن أميركا والأميركيين التي يقتطع لها الأميركيون من ضرائبهم ومن أموالهم الخاصة مليارات الدولارات من أجل أن توفر لهم الأمن، أين كانت هذه الأجهزة لما حدثت مثل هذه الأعمال؟ هذه الأجهزة موضوع في قدرتها مسخرة أقمار صناعية، ومحطات أرضية، وملايين المخبرين والجواسيس، وميزانيات هائلة جدًا، حتى يقال إنها تعرف ما يدور في غرف النوم، وتعرف أرقام الأحذية التي يلبسها المطالبون والمطاردون منها، كيف استطاع ثلة من الناس أن يمكثوا لمدة سنوات يتدربون داخل الولايات المتحدة الأميركية ويخططون لهذه العملية، ويتدربون داخل أميركا وليس في معسكرات أفغانستان؟

كهوف أفغانستان ليست مجالاً للتدريب على تدريب طيارين على أحدث الطائرات الأميركية، هؤلاء وجدوا ثغرة أمنية بحجم أسطول كامل من الطائرات المدنية المختطفة، استطاعت أن تدس أنف أميركا في التراب وأن تصعقها هذه الصاعقة، وأن تأخذها بغتة، وتسدد لها أضخم ضربة عسكرية، وأمنية، وسياسية، واقتصادية. هذه الأجهزة التي تنفق عليها هذه الملايين، السؤال الذي يطرحه كل أميركي: ما معنى هذه الأموال والمليارات التي تنفق على هذه الأجهزة الأمنية والاستخبارية؟ بل ما معنى الأجهزة التي بدت عاجزة مذعورة لا تستطيع حماية نفسها.. فضلاً عن أن تحمي الآخرين؟

السؤال الذي يجب أن يوجهه كل أميركي هو أنه يجب أن تحاسب الإدارة الأميركية على تحريضها لهؤلاء بسياستها الباغية الظالمة على ما قاموا به، ويجب أن تحاسب أجهزة الاستخبارات والأمن والدفاع عن فشلها وعجزها في التصدي لمثل هذه الهجمات، وأقل شيء كان ينبغي أن يقدم المسؤولون عن هذه الأجهزة استقالاتهم واعتذاراتهم للشعب الأميركي، لكنهم بدلاً من ذلك وبدلاً من اعترافهم بمسؤوليتهم حمَّلوا.. يعني حمَّلوا المسؤولية لناس آخرين، وبحثوا عن كبش الفداء، وجدوه في أفغانستان.

يوسف الشولي: إذاً الآن حسب تقييمك، هذه العمليات أدت النتائج المرجوه منها حسب نظركم وحسب توجهاتكم، هل هذا صحيح؟

أبو حفص الموريتاني: هذا يسأل عنه الذين قاموا بالعمليات، نحن لم نقم بالعمليات، لكنني لا أخفيك أننا هنا في أفغانستان كمئات الملايين من المسلمين في العالم لم نستطع أن نكبت فرحتنا وشعورنا بالفرح ونحن نرى أميركا تتجرع ليوم واحد ما يتجرعه أكثر من شعب إسلامي كل يوم منذ عقود من الزمن بفعل الولايات المتحدة الأميركية إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، نحن فرحنا بذلك، ولكن الضربات.. وإن كنا نحن لم نكن الذين قمنا بها إلا أنها صبَّت في مصلحتنا، قد ترتبت عليها نتائج مهمة بالنسبة لنا..

يوسف الشولي: الآن بعد أن فتحت الولايات المتحدة حرباً معكم –كما تقولون- ومع أفغانستان أيضاً، هل تتوعدون بشيء؟

أبو حفص الموريتاني: نحن ما نتوعد بشيء، ولا نحتاج إلى أن نتوعد، نحن في حرب مكشوفة، نبذنا إلى الأميركيين، والأميركيون نبذوا إلينا، ونحن في حرب مفتوحة، الأميركيون لم يدخروا جهداً، حتى الآن الذي سقط على أفغانستان من القنابل والصواريخ يساوي أضعاف أضعاف القنابل النووية التي ضربت بها أميركا اليابان في الحرب العالمية الثانية، إذا جمعت جميع المتفجرات التي سقطت حتى الآن خلال شهر وأكثر على أفغانستان فهي أضعاف هذا العدد، واستخدمت أميركا حتى الآن أسلحة لم تستخدمها في أي حرب من قبل، ولكن حتى الآن لم تستطع أميركا أن تحقق أيَّاً من أهدافها التي نصبتها عندما أعلنت حربها الصليبية على أفغانستان.

يوسف الشولي: الآن طيب ما هو وضعكم العسكري بعد أكثر من شهر من أربعين يوم تقريبا أو 42 يوما على بدء هذه الحرب؟

أبو حفص الموريتاني: نحن حتى الآن معركتنا مع الأميركيين لم تبدأ بعد، ومازال كله قصف جوي يأتي من بعيد، ومازال 80% من الأهداف التي تصيبها الطائرات الأميركية والقنابل الذكية هي أهداف مدنية وقد نقلتم أنتم في قناة (الجزيرة) صوراً بشعة تمثل قيم الحضارة والأخلاق الأميركية، نقلتم صور الأطفال وهم يقتلون في أحضان أمهاتهم، ونقلتم صور المساجد وهي مدمرة والمصاحف محروقة فيها، ونقلتم صور قرى كاملة هدِّمت على أهلها، هذه نتائج الغارات الأميركية حتى الآن، أما نحن كقوة عسكرية، قوات الإمارة الإسلامية في أفغانستان وقوات القاعدة، وقوات غيرها فهذه لم تستخدم بعد، ولم تطلق أي طلقة حتى الآن، ومازلنا ننتظر اليوم الذي يأتي فيه الأميركيون في معركتهم البرية، فذلك هو يوم بداية الحرب الحقيقية مع الأميركان، ومازال الأميركيون يسوفون في أجل هذا اليوم حتى الآن بعد عمليات الإنزال الفاشلة التي حاولوها، والتي تكبدوا فيها –حتى الآن- 8 طائرات عسكرية اعترفوا ببعضها، ونقلتم أنتم حطام الطائرات الأخرى التي لم يعترفوا بها.

يوسف الشولي: طيب الآن طالبان تنسحب من مواقع وتخسر مواقع، خسرت في الشمال، خسرت العاصمة كابل، خسرت هرات، خسرت غيرها من المدن، هذا الانسحاب السريع أو لنقل الانهزام –إذا جاز التعبير- السريع عفواً بماذا تفسرونه؟

أبو حفص الموريتاني: المتابع لتاريخ الحرب في أفغانستان يدرك أن تبادل السيطرة على مدينة معينة أو على إقليم معين لا يعني شيئاً كثيراً من الناحية العسكرية، قبل أن تأتي أميركا وقبل الحرب الصليبية الحالية التي تشنها على أفغانستان، حصل أكثر من تبادل للسيطرة على مدينة مزار شريف وأكثر من مدينة أخرى، مدينة باميان.. ومدن أخرى كثيرة جداً أمس سقطت مزار شريف اليوم الطلبة أعلنوا أنه.. الطالبان أعلنت أنها استردت المدينة، انسحب الطلبة من.. من المواقع يستردونها، هذا لا يمثل نجاحاً حقيقياً ضد حركة طالبان أو ضد الإمارة الإسلامية في أفغانستان أو ضد القاعدة، أميركا راهنت على تحقيق أهداف، ما تحقق من هذه الأهداف هو الذي يجب أن يحسب لصالح أميركا.

أميركا جعلت أول أهدافها: تدمير البنية التحتية للقاعدة، واغتيال أو اعتقال قادتها، وحتى الآن لم يتحقق أي شيء من هذا، نجحت أميركا في تدمير بعض بيوت.. بعض بيوت الصفيح والطين التي كانت في الجبال، وقيمتها مجتمعة لا تساوي قيمة واحد من الصواريخ من آلاف الصواريخ التي أرسلت لتدميرها، وهذه المواقع كانت أخليت قد أخليت قبل ذلك بفترة طويلة، حاولت أميركا الإنزال على بيت أمير المؤمنين، وقد رأيتم حطام الطائرات الأميركية التي أسقطها المجاهدون مع أنه كانت هنالك قوات حراسة قليلة جداً، لأن المكان كان خالي منذ فترة طويلة، حاولت أميركا أن تطيح بحركة طالبان، وحتى الآن لازالت الحركة متماسكة، وحتى الآن لم تلن الحركة في مواقفها السياسية، وحتى الآن راهنت أميركا مع أن أميركا راهنت على إحداث انشقاق داخل الحركة، ودعمتها في ذلك باكستان، واستعملت كل وسائل الإغراء، والإغواء، والترغيب، والترهيب، لم تنجح في إغراء أي قائد.. قائد من قادة الطلبة حتى الآن بالانشقاق ومازال الصف متماسكاً، إذا لم يتحقق أي شيء من أهداف الحملة العسكرية الأميركية حتى الآن، وهذا ما جعلهم يغيرون إستراتيجيتهم ليدفعوا بالمعارضة لاحتلال بعض المدن، في الحقيقة هذا لو نظرنا له على المدى البعيد هو ورقة ضد المشروع الأميركي السياسي، لأن وسائل الإعلام نقلت الفظائع التي ارتكبتها المعارضة اليوم وأمس في مزار شريف وكيف.. استمرت عمليات النهب والسلب، ودب الذعر والفزع، وقد شهدت الأمم المتحدة بذلك.

هذا النموذج الذي رأيناه في مزار شريف هو النموذج الذي سيتكرر في أي مدينة أو أي قرية سوف تحتلها المعارضة وعندئذ سوف يعرف الناس قيمة حركة طالبان وما وفرته من الأمن والاستقرار، وما وفرته من حماية أعراض وأموال الناس بعد حرب قذرة شاركت فيها جميع الأطراف السابقة، فالتاريخ الآن يُعيد نفسه، والمدن التي سيطرت عليها المعارضة خلال اليومين الماضيين بدأت ترجع إلى الحياة التي كانت قبل حركة طالبان، ونفس الظروف التي هيأت لطالبان ظروف استعادة هذه المدن فيما بعد، هي الظروف التي سوف تهيئ لها السيطرة عليها في المستقبل القريب إن شاء الله.

علاقة تنظيم القاعدة بحركة طالبان

يوسف الشولي: ألمس من كلامكم تأييدا لحركة طالبان أكثر من تنظيم القاعدة، لماذا تؤيدون طالبان بهذه.. الحدة؟

أبو حفص الموريتاني: أنا أؤيد طالبان لعدة أمور: أولاً لأن تأييدها هو تأييد للحق، ونحن المسلمين دعاة حق، ونحن أُمرنا بإحقاق الحق، وأمرنا بإضافة الآخرين حتى ولو كانوا كفاراً، الله تبارك وتعالى يقول: (ولا يجرمنكم شنآن فوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى).

هذه الحركة لا أبالغ إذا قلت: إنه لا يوجد اليوم على ظهر الأرض نظام حكم يحكم بالإسلام من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة خالصاً صرفاً غير الإمارة الإسلامية التي تحكمها حركة طالبان.

يوسف الشولي: لكن البعض لكن البعض يتهم طالبان بانتهاك حقوق الإنسان والمغالاة في الدين حتى في تطبيق الدين الإسلامي الحنيف؟

أبو حفص الموريتاني: هذه اتهامات، والذي يعرف الحقيقة يعرف أنها مجرد اتهامات، تروِّج لها جهات معادية للإسلام أولاً، ومعادية لحركة طالبان ثانياً. أنا أعطيك مثالاً: لما قررت الإمارة الإسلامية هدم بوذا صرخ العالم كله ووقف في وجهها، العالم الكافر مفهوم لماذا صرخ، لأنه هو ضد أي عمل إسلامي، هو ضد أي دولة إسلامية، هو ضد أي سياسة.. أي سياسة تصب في هذا الاتجاه، لكن صرخ كثير من المنتسبين للعمل الإسلامي، لا أقول عوام الناس، فكان أن اجتمع وفد من علماء المسلمين، جاء ليتفاوض مع حركة طالبان، وجاء مشحونا بهذا الشحن النفسي الذي شحنتهم به وسائل الإعلام الغربية، فلما جاؤوا وقابلوا طالبان وقابلوا المسؤولين في الإمارة الإسلامية اعترفوا بأنهم كانوا ضحية التضليل الإعلامي، هذا على مستوى نخبة من علماء الأمة، فكيف بعوام الناس، الوفد الذي جاء رجع بوجهٍ غير الذي جاء به، وذهب هناك يدعو لطالبان، ويقول إن السياسة..

الاتهامات الموجهة ضد حركة طالبان اتهامات كاذبة، ورأوا بأعينهم كلية للطب تدرس فيها بنات، ورأوا بأم أعينهم عيادات طبية تديرها.. يديرها طاقم نسائي كامل، ورأوا بأم أعينهم أقسام تخصصية للنساء في مستشفيات عامة، ورأوا بأم أعينهم مدارس تقدم ما يمكن تقديمه من تعليم للبنات، وقالوا.. وشاهدوا إنه السر في عدم تعليم البنات ليس سياسة الإمارة في هذه الناحية، إنما العجز عن تعليم الرجال قبل النساء، أنا عشت مع حركة طالبان، ورأيت كيف يعيشون، ورأيت كيف يحكمون الشريعة، شهادة لله ليس هنالك نظام على ظهر الأرض مثلهم أو قريباً منهم.

يوسف الشولي: سؤال بصراحة: من يحكم أفغانستان ، القاعدة، الأفغان العرب، أم الأفغان الأفغان؟

أبو حفص الموريتاني: الذي يحكم أفغانستان، ويحكم القاعدة، ويحكم كل المجاهدين الموجودين على أرض أفغانستان هو أمير المؤمنين الملا محمد عمر، فكل التنظيمات بما فيها تنظيم القاعدة، والتنظيمات الأخرى الموجودة، والجماعات الإسلامية، والأفراد قد بايعت هذا الرجل وأعطته صفقة يمينها، فهي تدين له بالسمع والطاعة في غير معصية الله وهو الذي يحكم وهو محل ثقة، وقد أبدى أنه أهل لما أولاه المسلمون من إماراتهم، هذا الرجل وقف مواقف عظيمة يستحق أن تكتب مواقفه بماء الذهب، هذا الرجل بعدما هددته الولايات المتحدة الأميركية وقالت له: إما أن تسلِّم بن لادن وإما أن نقضي عليك، قال: إن ترك ركن من أركان الإسلام أهون علينا من تسليم بن لادن، ولما سُئل ألا تخاف من الوعيد الأميركي؟

أميركا التي تخاف منها دول العالم وأحلاف العالم العسكرية، قال: إن أميركا توعدتنا بالهزيمة، والله تبارك وتعالى توعدنا بالنصر، وسوف نرى أي الوعدين سيتحقق، وقال بكل وضوح لما خاطب الأمة الإسلامية وحرضها على الجهاد، قال: لا تقولوا إني أحرضكم من أجل الحفاظ على حكمي وسلطتي، لو كنت أريد السلطة وأريد الحكم لركعت للأميركان كما يركع حكام العالم، وعند ذلك كانوا سيمدونني بالمال، وبالرجال، وبالسلاح، ولكن ميتة العزة خير من حياة الذلة.

يوسف الشولي: لكن المعروف عن أفغانستان أنها بلد تتغير فيها الولاءات والتحالفات سريعاً جداً إلى درجة كأن تسمى ب"البورصة" تتغير بها الأسعار كل لحظة، هل تتوقعون أن تتغير الولاءات في التحالفات في أفغانستان؟

أبو حفص الموريتاني: الولاءات المبنية على أساس غير سليم تتغير وتتبدَّل، الولاءات التي أساسها المصالح السياسية والمنافع الدنيوية تتغير وتتبدل، وقد رأينا كيف قلبت باكستان ظهرها.. لحركة طالبان.

أما ولاء قائم على أساس الولاء العقدي المنبثق من ولاء الله ورسوله والولاء للمؤمنين فهذا لا يتغير ولا يتبدل، والإمارة الإسلامية قد أعلنت وأكدت عملياً أن ولاءها للمهاجرين والمجاهدين فيها هو ولاء ديني عقدي، وولاء من هذا القبيل لا يتغير ولا يتبدد.

تقييم القاعدة لمستقبل أفغانستان ومستقبل تنظيم القاعدة

يوسف الشولي: كيف تقييم الوضع المستقبلي لأفغانستان في ضوء ما نراه حالياً وما نلمسه على الأرض؟

أبو حفص الموريتاني: والله يا أخي، نحن المسلمون.. نحن المسلمين نتميز بنظرة عقدية لكل ما يدور على ظهر هذه الأرض، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم وغيره "أنه لا تزال طائفة من هذه الأمة ظاهرة على الحق، لا يضرها من خذلها ولا من خالفها إلى أن تقوم الساعة"، هذه الطائفة لا نظن ونزعم لأنفسنا أننا في أفغانستان نحن وحدنا هذه الطائفة، ولكن نظن ظناً قوياً ونرجو أن نكون يعني ظننا صادقاً أن الإمارة الإسلامية والمجاهدين والمهاجرين على هذه الأرض الذين يمثلون الآن الحربة في نحر الحملة الصليبية الحالية أنهم يدخلون في هذه الطائفة دخولاً أولياً، وهذه الطائفة كما في هذا الحديث الصحيح الذي نؤمن به إيماناً جازماً، أخبرنا صلى الله عليه وسلم أنها لا يضرها من خالفها، وهم الذين يقاتلونها ويحاربونها من الأميركان وأحزابهم، وأخلافهم، ومن صار في طريقهم وتحزب معهم، ولا من خالفها ولا من خذلها أي الذين قعدوا عن نصرتها، فهي طائفة منصورة، هذه الطائفة المنصورة لا يمكن أبداً إلا أن تكون منصورة كما قال صلى الله عليه وسلم، لكن يمكن أن تبتلي ويمكن أن تمتحن، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أن شأنه مع خيرة خلقه من الأنبياء أنهم يبتلون.

قال تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب)، الصحابة لما سمعوا هذه الآية كانوا ينتظرون اليوم الذي يبتلون في ويمتحنون، لأن هذا وعد من الله لكل المؤمنين السائرين على هذا الطريق، فلما تحزبت أحزاب قريش واجتمعت ملل الكفر والإلحاد، ونقض بنو قريظة العهد في المدينة، وكانت غزوة الأحزاب التي كان من شدتها على الصحابة أنهم كانوا يجدون مشقة وعناءً في أن يذهب أحدهم يقضي حاجته، لما رأى الصحابة هذه الأزمة الشديدة التي قال الله سبحانه وتعالى عنها وبلغت ..(إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً).

عند هذا الابتلاء تيقن الصحابة أنهم على الطريق الصحيح، طريق الأنبياء والمجاهدين من قبل، فعند ذلك ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً).

نحن نعتقد أن هذه الطائفة تُبتلى، وينال منها في أموالها وفي أنفسها، ويصيبها الجوع.. الجوع والخوف، ولكن الله لن يتخلى عنها، إذا لم ينتصر الله- سبحانه وتعالى- لهذه الفئة، وينتقم لها من هذا العدو الصليبي، فمن سينتصر؟ نحن أخذنا بجميع الأسباب الأرضية، فبقي النصر من عند الله، ونحن والله على يقين من هذا النصر، وهذا النصر وعد الله سبحانه وتعالى به المؤمنين فقال: (وأنتم الأعلون وإن كنتم مؤمنين)، وقال: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)، قد يستغرب شخص هذا التفاؤل وهذا اليقين بالنصر في ظل المواجهة بين هذا الشعب الذي أكثره أرامل، وأكثره أيتام، وأكثره معوقون، وهذه.. الفئات القليلة المتناثرة المطاردة في هذه الأرض مع أعتى قوى الأرض وأقوى قوى الأرض التي ترهبها الأحلاف والمنظمات الدولية، قد الواحد يستغرب مثل هذا، لكن نحن –كما قلت- على يقين من هذا النصر، لأن الله سبحانه وتعالى علمنا ذلك، أموال أميركي وميزانيتها الضخمة التي تنفقها في مجال لا الدفاع ترهبنا، لأن الله يقول: (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون)، جنودها الهائلة وأعدادها الكبيرة لا تخيفنا، الله تبارك وتعالى يقول: (ولله جنود السماوات والأرض)، وأموالها الضخمة لا تثير عندنا أي شيء، الله تبارك وتعالى يقول: (ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون)، هذه الوعود من الله سبحانه وتعالى يجب الإيمان بها.

يوسف الشولي: إذاً أنت متفائل بمستقبل أفغانستان حتى في ظل هذا القصف وهذا التدمير، وهذا.. إذاً لماذا لم.. لا توجد منكم إشارات أو نصائح لحركة طالبان لتعمل حكومة موسعة –مثلاً على سبيل المثال- تضم مختلف شرائح الشعب الأفغاني؟

أبو حفص الموريتاني: الحكومة الموسعة هي مشروع أميركي وليست مشروع إسلامي، الحكومة الموسعة جرَّبتها مختلف الحكومات السابقة، وقد تأكد للجميع أن الطريقة التي اتخذتها حركة طالبان وساست بها البلاد، ووحدتها بها، وضبطتها بها هي الطريقة الوحيدة المجدية مع هذا الشعب، الحكومة الموسعة، الحكومة الموسعة هذه، هل تدري ماذا يقصدون بالحكومة الموسعة؟ يريدون أن يكون هنالك جنرال دستم في هذه الحكمة، هذا جنرال شيوعي مخضبة يديه بدماء مئات الآلاف من الشعب الأفغاني ومن المجاهدين، يريدون أن يكون في هذه الحكومة ناس تدعمهم الهند، جناح الهند داخل أفغانستان، يريدون أن تكون هنالك مقاعد للذين تدعمهم روسيا، يريدون أن يكون هنالك مقاعد للذين تدعمهم إيران، يريدون أن يكون هنالك مقاعد للذين تدعمهم باكستان، وفي النهاية سوف يتحول.. هؤلاء الأفراد إلى وكلاء يحاربون من أجل مصالح الدول التي ضغطت من أجل إيصالهم إلى هذه الحكومة هذا أمر مرفوض، ناهيك أن المحصل النهائي لهذه الحكومة الموسعة هي عدم تطبيق الشريعة الإسلامية، وعدم إقامة دولة إسلامية يرضي عن هذا الشعب.. يرضى عنها هذا الشعب، الذي ضحَّى بمليون شهيد ونصف مليون شهيد من أجل إقامة الدولة الإسلامية، الموافقة على هذه الحكومة هي خيانة لدماء الشهداء، وخيانة لجهاد هذا الشعب العظيم، وخيانة لآمال الأمة التي ألقت بكل ثقلها وبكل دعمها المادي والبشري للجهاد الأفغاني، الوفاء الجميل لهذا الدعم وهذا الجهاد هو الحكومة الإسلامية التي أقامتها حكومة إمارة أفغانستان الإسلامية.

يوسف الشولي: OK هذا عن الوضع في أفغانستان وعن نظرتك لمستقبل أفغانستان، الآن نعود إلى تنظيم القاعدة، ما هي نظرتكم لمستقبل تنظيم القاعدة في ظل هذه الظروف وفي ظل الحرب المكشوفة التي أعلنتها الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم عليكم؟

أبو حفص الموريتاني: نحن كما قلت نحن جزء من هذه الإمارة، ونحن بايعنا هذه الإمارة، ونحن نعمل بنصرة هذه الإمارة، والمستقبل الذي تحدثت عن للإمارة الإسلامية هو مستقبل يشمل القاعدة ويشمل غيرها من المسلمين الكثيرين الذين لا تُعلم أسماؤهم، ولا يضرَّهم ألا نعلم أسماؤهم، فإن الله سبحانه وتعالى يعلمهم، نحن نرى أن أميركا قد دخلت مرحلة بداية النهاية، أميركا تتحدث عن أنها تريد اقتلاع جذور الإرهاب من أفغانستان، والحقيقة أن الذين في أفغانستان نجحوا في اقتلاع أميركا من حصونها وقواعدها وجاؤوا بها صاغرة راغمة إلى أفغانستان، حيث تنالها أيديهم، ورماحهم، وأسلحتهم المختلفة، أميركا خسرت قبل أن تدخل المعركة، قد تطرح لي سؤال آخر وهو تكملة للسؤال الأول، وهو: إذا كانت القاعدة وطالبان لم يقوموا بعمليات الحادي عشر من سبتمبر، فما الذي يحمل الولايات المتحدة على تجريد هذه الحرب الشعواء ضد أفغانستان وهي تعلم براءة هؤلاء؟ أنا أقول لك: إن لأميركا أكثر من هدف من هذه الحرب، أميركا لها ثوابت سياسية تجاه العالم الإسلامي، هذه الثوابت تقوم علي ثلاث مرتكزات: الأول: أمن إسرائيل. الثاني: تأمين تدفُّق البترول وإبقاء الممرات الدولية البحرية مفتوحة.

الثالث: منع قيام أي دولة إسلامية تحكم بالإسلام حقيقة، مجرد قيام حكومة الإمارة الإسلامية، التي ليس لها ولاء لا للشرق ولا للغرب، والتي أعلنتها بوضوح وصراحة إنها دولة إسلامية لا تستمد إلا من شرع الله سبحانه وتعالى، ولا تبالي بالقوانين الدولية ولا بالأعراف المخالفة للشريعة الإسلامية، هذا مجرد قيام هذه الحكومة هو قضاء على مرتكز من مرتكزات السياسة الأميركية في هذا العالم الإسلامي، فبالتالي وجود هذه الحكومة التي تحكم الشريعة، ووجود ناس على هذه الحكومة مستعدون لتقديم أنفسهم في قائمة الضحايا من أجل الحفاظ على هذه الحكومة، هذه الحكومة وقيامها تحت على أيدي هؤلاء الناس، وجودها يمثل خطر على سياسة الولايات الأميركية أشد من خطر جميع الأسلحة ذات الدمار الشامل، فبالتالي لابد للولايات المتحدة الأميركية أن تعلن الحرب على أفغانستان للقضاء على هذه الحكومة، وكان ذريعة الحادي عشر من سبتمبر هي ذريعة للتجهيز لحرب كان يعد لها من قبل، وزير الخارجية الباكستاني الأسبق قال: إنه حضر قبل عدة أشهر مؤتمر الدول المحيطة بأفغانستان.. أميركا وروسيا، وقال : إنه الأميركيين أخبروه أنهم يعدون لحرب على أفغانستان.

يوسف الشولي: إذاً القاعدة اتخذت مبرر.

أبو حفص الموريتاني: القاعدة اتخذت مبرر لضرب أفغانستان، ولكن أمير المؤمنين في أفغانستان والطلبة هنا حركة طالبان صرحوا وأكثر من مرة بأن المستهدف هو الدولة الإسلامية في أفغانستان وليس مجرد القاعدة، وهذا مهم، القاعدة تنظيم يمكن يقوم اليوم وينتهي غداً، طالبان تأتي اليوم وتذهب غداً، لكن دولة إسلامية تمثل نموذجاً يقتضي به الآخرون، وهذا ما بدأ يحصل بالفعل شعوب كثيرة إسلامية محيطة بأفغانستان بدأت تتطلع إلى النموذج الأفغاني حتى داخل باكستان، وهذا ربما كان من العوامل التي جعلت باكستان تغير سياستها تجاه طالبان، لأنه بدأ كثير من العلماء والحركات الإسلامية داخل.. داخل باكستان تتبنى النموذج الطالباني في إقامة دولة إسلامية لا تدين للشرق ولا للغرب بالولاء. الأمر الأخر الذي يغري الولايات المتحدة الأميركية لغزو أفغانستان، هو موقع الاستيراتيجي لأفغانستان، أفغانستان تحيط بها عدة دول تمثل قوى رئيسية وذات أهمية عالية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، هذه الدول هي باكستان، وباكستان دولة في غاية الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فهي الدولة الإسلامية النووية الوحيدة، وقدرتها النووية هي تشكل خطر- ولو في المدى البعيد- على.. الأميركان وعلى اليهود، الدولة الأخرى التي محيطة بأفغانستان هي دولة أكبر ديمقراطية في العالم كما يقولون وهي الهند، وهي أيضاً دولة نووية أخرى، الدولة الأخرى هي قرن وخصم عنيد بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، وهو الصين، من الطرف الآخر الشمالي هنالك أكثر من دولة كانت تمثل الاتحاد السوفيتي السابق، وهذه الدول وجمهوريات أسيا الوسطى اكتشف الأميركيون والإسرائيليون فيها خيرات هائلة في بحر قزوين وما حوله.

تعلم أنه الآن بحر قزوين يمثل ثاني أكبر احتياط للبترول في العالم بعد الخليج، والأميركيون يريدون السيطرة على منابع البترول الجديدة، لأن بترول الخليج معرض للنفاد للنقاد إما اليوم أو غداً في وقت من الأيام، الدولة الأخرى، وهي خصم عنيد منذ سنوات كثيرة جداً للولايات المتحدة وهي إيران، فأميركا لو نجحت في احتلال أفغانستان فسوف تربط كل هذه الدول بحبل واحد تكون عقدته في أفغانستان وطرفه الآخر في واشنطن.

موقف القاعدة من الجهاد في الوطن العربي وفلسطين

يوسف الشولي: الآن لو عدنا من أفغانستان، والهند، وباكستان، وآسيا الوسطى إلى قلب الوطن العربي، لماذا لا تقاتلون.. تجاهدون في فلسطين أو أي دولة عربية أخرى في موريتانيا على سبيل المثال؟ بدكم لتقيموا الحقوق الديمقراطية هناك؟

أبو حفص الموريتاني: لا شك أنكأت جرحاً غائراً في قلبي، لا شك أن قضية فلسطين هي القضية الأولى بالنسبة لكل مسلم، فهي الأرض المباركة، وهي أرض الإسراء، وأرض المعراج، وفيها أولى القبلتين، وثالث المسجدين، وهي أرض الأنبياء من قبل، وما تعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم الوحشية اليهودية بالدعم الأميركي والبريطاني والصليبي لم يتعرض له حتى الآن أي شعب، والجهاد فيها لا يحتاج التأكيد أنه جهاد متعيَّن على كل مسلم، لكن كيف نجاهد في فلسطين، إذا وقفت على أي حدود من حدود الدول العربية وأطلقت طلقة واحدة على اليهود داخل فلسطين فإن أضعاف الطلقات سوف تنطلق عليك ليس من اليهود وإنما من الدول العربية الحارسة لهذه الحدود، نحن نعتقد بوجوب الجهاد، وتعيُّن الجهاد في فلسطين، ونعتبرها أهم قضية إسلامية في العالم الإسلامي كله، ولكن حتى الآن لم تتح لنا أية فرصة للدخول إليها، لكن نحن بضربنا لليهود، وبضربنا للأميركيين، وبعملنا على إقامة دولة إسلامية ذات تمدد واسع انطلاقاً من أفغانستان، فنحن نخدم كل القضايا الإسلامية، وكل قضايا الأمة، وفي مقدمتها قضية فلسطين.

يوسف الشولي: وماذا عن موريتانيا؟

أبو حفص الموريتاني: موريتانيا هي جزء من العالم الإسلامي وكوني منها يعني لا يعطيها عندي أولوية على أولويتها التي تستحقها في ترتيب الأولويات الإسلامية، نحن كما قال الشاعر:
وحيثما ذكر اسم الله لي وطن
الشام فيه ووادي النيل سيَّان

عندما تتهيأ الظروف للجهاد في موريتانيا أو في أي بلد آخر، فإننا –إن شاء الله- سوف نكون جاهزين لهذا الجهاد، لكن نحن نعتبر أن أولى القضايا الآن التي يتاح متاح لجميع المسلمين المشاركة فيها بالدعم والمساندة بالمال، والرجال، وبكل أنواع الإمدادات المطلوبة هي قضية أفغانستان وهي الآن تمثل الهدف الأول الذي يريد الصليبيون التحالف الصليبي اليهودي أن يضيفه إلى ما أحرزه من مغانم من قبل، فلسطين الآن يعتبروا كأنهم أمنوها، لكن أفغانستان ما زال فيها صراع مستمر، ونعتبر إنه المحافظة على الموجود أولى من طلب المفقود.

يوسف الشولي: الولايات المتحدة وضعت مبلغاً من المال مكافأة لمن يلقي القبض عليك، أو يرشد عنك، أو يقتلك حتى، لماذا هذا المبلغ؟ وكم قيمته؟

أبو حفص الموريتاني: أولاً: هذا السؤال ينبغي أن يوجه للولايات المتحدة الأميركية، فهي التي وضعت المبلغ، وهي التي رصدته، لكم أنا أعرف السبب، يعني أنا أدين الله سبحانه وتعالى بأن من أعظم القربات في هذا لعصر هو قتل الأميركيين، والتحريض على هذا القتل، وجهادهم بكل ما يستطيع الإنسان من قوة، وأنا قد نذرت نفسي وإخواني كذلك في تنظيم القاعدة وفي غيره بالقيام بهذه المهمة، فنحن ندين الله سبحانه وتعالى بأن من أوجب الواجبات في هذا العصر جهاد الأميركيين وقتالهم، وتسخير كل الطاقات في ذلك، هذا لعله هو السبب، وفي الحقيقة إن أميركا عندما تضع أسماءنا في أولويات الناس المطلوب القبض عليها، وترصد جوائز ضخمة تُعد بملايين الدولارات، هي رصدت في الأول عن كل شخص خمسة ملايين دولار، وفيما بعد رفعت هذا المبلغ، وهو يرتفع بصورة مستمرة كلما زاد ذعرها ورعبها، واشتد خوفها تزيد في المبلغ المرصود، نحن نعتبر أن الولايات المتحدة أسدت إلينا معروفاً بهذا التصرف، فهذا وسام شرف يحث كل مسلم على أن يحمله، أن يصنف كعدو أول للولايات المتحدة الأميركية أشرس قوة، وأطغى قوة، وأشد قوى الأرض بغياً، وعدواناً، وظلماً، واعتداءً على حقوق الآخرين.

تفسير القاعدة للعمل الاجتماعي

يوسف الشولي: أستاذ محفوظ، أنتم متهمون بأنكم إرهابيون، كيف تدافعون عما يقتل أناس أبرياء، وهل أنتم فعلاً إرهابيون؟

أبو حفص الموريتاني: إذا كان الإرهاب هو قتل الأبرياء الحقيقيين ممن حرم الله قتلهم من النساء، والأطفال، والشيوخ، ومن لا شأن له بالقتال فنحن لسنا إرهابيين، ونحن كما نعبد الله سبحانه وتعالى بجهاد من يستحق القتال وقتلهم، فإننا نعبده سبحانه وتعالى بالامتناع عن قتل من حرم الله سبحانه وتعالى، أما إذا كان الإرهاب هو -يعني– الذود عن الحرمات، والدفاع عن المقدسات، والجهاد ضد من أمر الله سبحانه وتعالى بجهاد .. بجهادهم (فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد )، هذا الإرهاب فريضة ربانية الله سبحانه وتعالى يقول: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم)، الله سبحانه وتعالى يقول في مدح المؤمنين وذم المنافقين والكفار، لأنتم أيها المؤمنون أشد رهبة في صدورهم من الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إن من خصائصه أنه نُصر بالرعب مسيرة شهر، يعني بث الرعب، والزعر، والخوف، والقلق في نفوس أعداء الله سبحانه وتعالى المحاربين له، هذه فريضة ربانية، والمسلم في هذه القضية بين أمرين: إما أن يؤمن بهذه الآيات، ويؤمن بما تضمنته من معان صريحة واضحة، وإما أن ينكر هذه الآيات فيكفر.

لا خيار للمسلم آخر، أما بالنسبة لما حدث في الحادي عشر من سبتمبر وما تناولته الأقلام والألسن من قتل الأبرياء وغير ذلك، فأنا عندي فيه توضيح، أولاً: كما قلت، نحن لسنا مسؤولين عن هذا العمل، وبالتالي لسنا مسؤولين عن التأصيل الشرعي له هذه ناحية، لكن هنالك كثير من العلماء أصدروا فتاوى واضحة واستدلوا عليها بالكتاب والسنة وأقوال فقهاء الأمة تبين أن هذا العمل لو كان صدر من مسلمين مجاهدين، فهو عمل جهادي لا غبار عليه، الذين انتقدوا هذا العمل ذكروا عدة أمور، فقالوا: إن هذه أهداف مدنية، وأن هذه أهداف ليست عسكرية، ,أن فيها أبرياء وفيها.. وفيها.

أنا عندي توضيح من هذه.. في هذه النقطة: أولاً: وصف البنتاجون الذي يقول عنه الأميركيون أنفسهم إنه وقر الشر وعش الأشرار، وصف البنتاجون الذي يمثل أكبر هدف عسكري في العالم بأنه هدف مدني بريء، هذه مجافاة للحقيقة وادعاء ببراءة من لم يبرئه قومه وحتى الأميركيين (…………..)
فهل من أذنه الله بحرب منه وبحرب من رسوله صلى الله عليه وسلم يعتبر ضربه ضرباً لأبرياء؟

تاني شيء : مركز التجارة العالمي هو مركز غسيل الأموال في العالم، وهو مركز مخبأ الـ CIA ، حتى الآن اعترفت بأني كثيراً من مراكزها ومكاتبها ضرب في الموقع، فكيف توصف هذه الأهداف العسكرية والاقتصادية والسياسية الواضحة جداً بأنها أهداف بريئة؟ ثم إني أقول للذين ذرفوا دموع التماسيح، وخطبوا من على المنابر في الكعبة المشرفة وعلماء الأزهر في أكثر من بلد إسلامي يذرفون دموع التماسيح على الأبرياء في أميركا، أين دموعكم؟ وأين عبارات التنديد والشجب ضد الإرهاب من قتل الأبرياء، والأطفال الرضع، والشيوخ الركع في أفغانستان؟ لماذا لم نسمع له صوتاً؟ أم أنتم فقط ترون القذاة في عيون المجاهدين ولا ترون الجزع في عيون أميركا؟ أنتم في قناة (الجزيرة) نقلتم المجازر البشعة التي ارتكبتها الطائرات الأميركية ضد الأطفال والأهداف المدنية التي لا غبار عليها، وليس حولها أي أهداف عسكرية، وأميركا اليوم في هذا اليوم تتغاض عما يرتكب من سلب، ونهب، واغتصاب في مدينة مزار الشريف بأيدي المعارضة التي جاءت بها تضرب الطائرات الأميركية أمامها، وتدعمها الدبابات الروسية من ورائها، هذه الانتقائية وهذه الازدواجية في الإعلام وفي السياسة هي التي سوف تدفع بكثير من المجاهدين وكثير من الموتورين للقيام بعمليات هي أشد وأنكى مما حصل في الحادي عشر من سبتمبر، وقد يكونون من أفغانستان وقد يكونون من غيرها.

هل تمتلك القاعدة أسلحة نووية وبيولوجية؟

يوسف الشولي: نسب إلى زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أنكم تمتلكون أن التنظيم يمتلك أسلحة كيماوية أو أسلحة بيولوجية أو نووية، هل هذا صحيح؟

أبو حفص الموريتاني: أولاً: نحن في حرب مفتوحة مع أعتى قوى الأرض وهي أميركا، وهذا العدو له سوابق إجرامية كثيرة في استخدام أسلحة دمار شامل ضد شعوب كثيرة جداً، له سوابق إجرامية كثيرة جداً جداً، ونحن عندما دخلنا في هذه الحرب مع الولايات المتحدة الأميركية فإننا واضعين اعتبارنا لهذا الأمر، والولايات المتحدة الأميركية عندما تدخل في حرب مع تنظيم القاعدة أو مع المجاهدين في أي مكان فعليها أن تتوقع أن المجاهدين لن يدَّخروا أي جهد، ولا أي طاقة، ولا أي وسع في استخدام أي أسلحة تكون تحت أيديهم، ولكن إن كان هناك سلاح من هذا القبيل عند القاعدة.. تنظيم القاعدة فهو سلاح للردع وليس للمبادأة بالعمل، ليتوقع الأميركيون كل شر عندما يقدمون على استخدام أي سلاح غير تقليدي، فنحن لهم بالمرصاد إن شاء الله.

يوسف الشولي: أعزائي المشاهدين، لا يسعني-في نهاية هذا اللقاء الخاص- إلا أن أشكر ضيفي الأستاذ محفوظ ابن الوالد، المعروف بأبي حفص الموريتاني (أحد كبار قادة تنظيم القاعدة)، وإلى اللقاء في حلقات أخرى من برنامج (لقاء خاص)، وهذا يوسف الشولي يحييكم من قندهار.