حرب لبنان

حرب لبنان.. منظمة التحرير تنهي وجودها من بيروت ج9

استمرار الحصار على بيروت الغربية، وواشنطن تفاوض لإخراج الفلسطينيين وموسكو تدير ظهرها لهم. انتخاب بشير الجميل رئيسا للبنان ثم اغتياله.

undefined
undefined
undefined
undefined
undefined

عمر العيساوي:

حقق وزير الدفاع الإسرائيلي (آرييل شارون) مبتغاه، ووطأت قدماه لأول مرة أرض عاصمة عربية، وطوقت قواته بيروت الغربية في حصار محكم وأمعنت فيها قصفاً.

كانت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تلقي بين الحين والآخر بقصاصات تدعو فيها السكان إلى مغادرة العاصمة قبل إخضاعها لجولة جديدة من القصف المدمر.

كانت موجة الهجرة من العاصمة المحاصرة قد هدأت، وبقي في بيروت الغربية نحو ثلاثمائة ألف شخص.

كانت القيادة الفلسطينية قد اتخذت قرارها بالانسحاب، إلا أنها كانت تبحث عن أفضل الشروط الممكنة قبل القبول باتفاق الانسحاب. تراوح موقف القيادات اليسارية اللبنانية بين دعوة الفلسطينيين إلى الواقعية، والقتال لتحقيق أفضل الشروط.

وليد جنبلاط (رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي):

ما نواجهه هذه المرة هو تكرار بطريقة ما لأحداث عام 76، ولكن الفارق هو أننا نواجه الجيش الإسرائيلي، لذا على الفلسطينيين أن يواجهوا الواقع، وكلما أسرعوا كان ذلك أفضل، لا أطلب منهم أن يستسلموا، لا يمكنني طلب ذلك، إنها قضية مبدأ، ولكنني أود تجنب المزيد من الدمار وسفك الدماء.

جورج حاوي (الأمين العالم –الحزب الشيوعي اللبناني):

في الحقيقة أن عرفات سعى لأفضل اتفاق ممكن، وفي مرة من المرات وبعد هذا اليوم من القصف العنيف –الذي ذكرته- حاولت إسرائيل أن تستفيد من هذا المناخ، ومن بعض الأصوات التي يعني كان طبيعي أن تصعد في الأجواء اللبنانية لتضغط من أجل تنازلات، منها حول نوعية السلاح الذي يمكن أن يبقى، السلاح الخفيف الـ B.7 إلى آخره، ومنها حول حجم الخروج.. وإلى آخره، يعني كان فيه مئات الأسئلة والقضايا داخل مواضيع البحث. أذكر أنه كان ذلك في شهر رمضان، وعرفات تركنا وقال: سأستخير، سأعمل خيرة. وكان الجو طبعاً في غاية الجدية ذهب وعاد وأجابنا.. أجاب المنتظري السؤال ونحنا كنا من أنصار ما أجاب، قال: إنني أشم رائحة الجنة، أي إذا لم يكن من الاستشهاد بد فنحن لها.

بسام أبو شريف (منظمة التحرير الفلسطينية):

وطبعاً أقول لك بصراحة يعني كان ممكن القيادة تقول لأ مش مقبول لسه بدنا نكمل إلى أن نظبط الـ.. هذا، لكن صار فيه ضغوط الحقيقة، ضغوط عربية وضغوط لبنانية كبيرة وجدية وخطيرة علينا إنه ارحلوا عنا يا أخي. وليد جنبلاط عدة مرات أشار إلنا إنه يعني هذه بيروت، هذه بيروت يعني تدميرها لمصلحة مين؟ وإلى أين؟ وكنا نتناقش معه إنه صحيح، ولكن يعني ما فيه ظرف سياسي ما هو.. هو بيقول إنه خلاص خلاص، يعني.. اللبنانيين ما بقوا يتحملوا، هذه عاصمتهم عم تدمر، وهاي مش عاصمتكم، وليد قال: إنه أنا بصراحة جاي أقول لكم مطلوب مني أطلق عليكم رصاصة الرحمة. حكوا.. قالوا هنعمل خطاب والحقيقة كل القيادات الوطنية اللبنانية قالت إحنا معكم ونكمل مقاومة وإلى آخره وهذا، وأبو عمار لما سمع كل شيء قال طيب خلاص Ok خلينا.. نروح نقاتل، وكمل القتال، كمل كمان شهرين.

عمر العيساوي:

لزيادة الضغط قامت القوات الإسرائيلية تعاونها ميليشيا القوات اللبنانية بقطع المياه عن بيروت الغربية، فثار الموفد الأميركي (فيليب حبيب) وكان غضبه واضحاً في اتصال هاتفي أجراه مع واشنطن.

فيليب حبيب:

بيجن يقول إنه أعطى الأمر ليلة أمس، ولكن بطريقة أو بأخرى لم أدرك أن أوامره لم تعد مطاعة هذه الأيام. يقولون لنا الآن إن المياه والكهرباء قد تعاد عند الساعة الخامسة مساءً، إن هناك مشاكل تقنية، المشاكل التقنية هي أن الإسرائيليين الذين يتحكمون بالوضع لا يريدون إعادة المياه والكهرباء، تلك هي المشكلة التقنية، يريدون أن يضغطوا أكثر على الناس، أنا أعتبر أن هذه هي المشاكل التقنية، بعبارة أخرى أنا لا أصدقهم.

عمر العيساوي:

إلا أن الحصار كان يُخرق بأساليب شتى.

موريس داريبر (مساعد فيليب حبيب):

حصل هذا في أكثر من مناسبة، كان بيجن يعد بشيء فيتجاهله شارون، أو شخص آخر، كان قطع الماء في منتهى القسوة، في الواقع كانت وحدات الجيش الإسرائيلي تبيع المياه عند نقاط العبور، كنا نعرف ذلك، كانوا على الجانب المسيحي في مناطق مثل الأشرافية، وكان أصدقاؤنا المسيحيون يخبروننا بما يحصل، كنا نعرف علي أي حال، كان الإسرائيليون يأتون بشاحنات مياه بأسرها ليبيعوها.

جورج حاوي:

طلب الدكتور عبد الرحمن.. اللبان الذي كان صديق شخصي لنا لي شخصياً، قال: اسمع جورج أنا طبيب السجون، جاءني اليوم مجموعة من زبائني من حي السلوم، وهم يتعاطون الحشيشة، وقالوا لي أن الإسرائيليين الحاجز الإسرائيلي يسألهم.. عن الحشيشة دائماً، وهم يعتقدون أنه إذا مكناهم من الحصول على كمية سيأخذوا نفس يعني والحاجز الإسرائيلي وبإمكانكم أن تمرروا ما تريدون. أنا استهوتني الفكرة، والآن بأبحثها بشكل عام، بل بعض المختصين في المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، وفعلاً أمنوهم بضع.. كمية من الحشيشة لهذا الحاجز، وفي ذلك الوقت اتفقنا لبضعة أيام على تمرير كميات هائلة من الذخيرة ومن الطحين، والحاجز الإسرائيلي يسبح في سبع سماوات النشوة التي أدت إليها حشيشة بعلبك، فأسهم بذلك أبناء بعلبك المناضلون بدورهم في فك الحصار عن العاصمة.

عمر العيساوي:

ورغم التوصل إلى عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار، بينما كانت المفاوضات السياسية مستمرة لإخراج الفلسطينيين إلا أنها كانت تخرق، وكان حبيب يتهم شارون بخرقها.

فيليب حبيب:

أنا أرى أن معظم الأشياء التي فشلت تعزى إلى التصرفات الإسرائيلية، إنني أشدد بقوة منذ ثلاثة أسابيع على أهمية اتفاق وقف ملزم لإطلاق النار. هل تريد أن تعرف لماذا اشتبكوا مع خصومهم يوم أول أمس، مما أخر كل شيء يومين، أي ما مجموعة أربعة أيام؟ السبب بكل بساطة هو أن القوات الإسرائيلية تقدمت، تقدمت تحت غطاء ما يسمى بوقف لإطلاق النار، اقتربت أكثر فأكثر من المدينة.

عمر العيساوي:

كانت إحدى أضخم المحاولات الإسرائيلية لاقتحام بيروت الغربية قد تمت عبر محور المتحف وميدان سباق الخيل الفاصل بين شطري العاصمة.

بسام أبو شريف:

بهذه الإمكانات المتواضعة جداً هاي، نحنا اعتبرنا بسلسلة التراجعات والانسحابات والأرض الفلا إنه المعركة هي بيروت، وبالفعل تلات أشهر خضنا معركة من أقوى.. وعلمنا شارون درس، وإذا هو بيسمع هذا الكلام يتذكر بس إيش صار في ميدان سباق الخيل، جزرناه هو وجنوده ودباباته، والله يرحم أبو جهاد وأبو الوليد اتنين استشهدوا.

إلياس عطا الله (قائد عمليات المقاومة اللبنانية):

وانتُظرت الدبابات الإسرائيلية حتى تقدمت، وحين بدأت المعركة أي أصبح الطيران عاجزاً عن التدخل، يعني لقرب.. المواقع من بعضها يصعب على الطيران أن يتدخل في مسافة خمسين متر وسبعين متر، وها حصلت مواجهة كبيرة جداً يعني طوال الليل حتى أوائل الفجر، فيما أذكره يعني.. كمشاهد عيان احتراق الزفت، زفت الطرقات كان يحترق، يعني هادي من الصور لا أنساها لكثافة المدفعية والقصف والقتال كان الزفت في منطقة (قصقص) يشتعل، وانتهت المسألة في انسحاب الدبابات الإسرائيلية إلى مواقعها، كان السلاح الأمضى عدم مغادرة الموقع، لأنه.. بالمنطق العسكري يجب أن تغادر، في المنطق العسكري يجب أن تغادر، بس تغادر إلى أين؟! يعني تغادر إلى أين؟!

عمر العيساوي:

اصطدمت محاولة الفلسطينيين واليسار للحصول على دعم دولي وخاصة من الحليف الأساسي الاتحاد السوفيتي بلا مبالاة من موسكو.

فاروق القدومي (منظمة التحرير الفلسطينية):

قالوا لنا: ماذا تنتظرون؟ قالوا: القيادة، قالوا لهم: إحنا الآن مثل (ليننجراد) وبدنا نستمر، هذا في البداية، شهر، شهر ونص، شهرين، قالوا لهم: إحنا في ليننجراد كنا ننتظر في الجيش الأحمر أن يأتي لنا، فهل لديكم جيش أحمر وأنتم محاصرون؟!

عمر العيساوي:

استمر القصف العنيف لبيروت الغربية، واستخدمت قوات آرييل شارون العديد من الأسلحة التي يُحرم المجتمع الدولي استعمالها ضد المدنيين، كالقنابل العنقودية، والفسفورية، وقنبلة فراغية كانت أشبه بتجربة أولى ناجحة لسلاح لم يستخدم من قبل ضد المدنيين، يؤدي انفجاره إلى إحراق الأكسجين في الهواء، فيمتصه من كل جماد ومن رئات البشر، فتفتك هذه القنبلة عن طريق موجة ضغط هائلة تحدث فراغاً لا يبقي ولا يذر.

أدت هذه القنبلة إلى سحق بناية بأكملها على من فيها من المدنيين.

قالت إسرائيل: إن الهدف كان ياسر عرفات الذي كان موجوداً في المبنى قبل إصابته. طاردت إسرائيل رئيس منظمة التحرير مراراً وتكراراً في محاولات يائسة لاغتياله.

جورج حاوي:

كنا عندما ندخل أنا وعرفات إلى بناية من الأبنية في بيروت ويرانا أحد السكان يرحبون بنا ويخرجون من البناية، يغادرونها، ينامون في العراء في الخارج، لم يكن هناك موقف عدائي، بس كان موقف دفاعي أن.. البناية ستقصف، كان عرفات يحس أنه يقاتل في بيروت وليس في القدس أو في نابلس أو في غزة، وبالتالي كان بحاجة لغطاء لبناني، لذلك شكلنا له هذا الغطاء من صائب سلام إلى الحزب الشيوعي، قلنا: إذا أردت أن تقاتل فقاتل باسمنا لا يكون عندك حرج، وإذا وجدت أن الانسحاب قد أمن الحد الأدنى فانسحب باسمنا أيضاً، لا يكون عندك حرج في أن تقول. طلبت مني القوى الوطنية اللبنانية الانسحاب. نحن سنبقى في أرضنا وسنقاتل.

إلياس عطا الله:

لجأ الإسرائيليون لمحاولة اغتيال أبو عمار، وبأعتقد إنه استخدموا بها الموضوع أحد أو أكثر من أحد حراسه يعني، أنه ذات يوم وفجأة أجده هو ومرافقه فتحي المشهور ظله يصلون إلى المبنى الذي كنا نحن نختاره كمقر لنا في بيروت.. بيسموه مبنى (سينما مارينيون) قرب الجامعة الأميركية، فوصل ودخل إلى المبنى وفهمنا الدافع يعني، وجلس في ذلك الملجأ الذي اخترناه على عمق ستة طوابق، على عمق ستة طوابق، طبعاً كان فيه تعبئة كمان، ويبدو قرب الجامعة الأميركية.. كمان جيد، واستطالت.. واستطالت الإقامة عدة أيام، فيعني كان مناسبة سعيدة، طبعاً ما يعرف فوقها من خوف!! مع ما يعرف فوقها من احتمالات، كان سبق قبل يمكن أسبوعين كمان كانت عائلتي ما تزال في بيروت، وفجأة اكتشف أن المكان الذي يعيشون فيه يسكنه أبو عمار في نفس المبنى، فأخرجتهم إلى مكان بعيد!!

عمر العيساوي:

بموازاة هذه التطورات كان مسعى بشير الجميل لتبوء منصب الرئاسة يقترب من النجاح، والتزم بالابتعاد قدر الإمكان عن الظهور بمظهر المتعاون مع قوات الاحتلال الإسرائيلية. إلا أن ترشح الجميل واجه معارضة سورية عنيفة.

كريم بقردواني (الكتائب اللبنانية):

كان فيه قناعة في سوريا إنه ما إله حظ بشير، وأنا بأتذكر إنه عبد الحليم خدام بعت معي رسالة واضحة، قال لي: بتقول لبشير إسرائيل بتقدر تصنع منه قائد عسكري كبير، ولكن وحدها سوريا تستطيع أن تصنع من بشير قائد سياسي كبير.

عمر العيساوي:

استخدم مناوئو الجميل صوراً مثل هذه تظهره مع مهندس غزو لبنان وزير الدفاع الإسرائيلي آرييل شارون، وبعض أركان القوات الغازية إبان الاجتياح كدليل على صحة موقفهم منه، ولكنه اعتبر كثيرون أن بشير نضج سياسياً وأنه بات وحده قادراً على ضبط الأوضاع في لبنان.

نيكولاس فيليوتيس (مساعد وزير الخارجية الأميركي):

عرفت بشير لسنوات خلال عملي كنائب مساعد وزير الخارجية، إذ كان لبنان جزءاً من مسؤولياتي، عندما التقيت بشير في سنوات الحرب الأولى كان يترك انطباعاً قوياً بأنه يريد أن يكون القائد المهيمن في دولة كتائبية مستقلة أو متمتعة بحكم ذاتي في جبل لبنان، لم تكن لديه طموحات تتعدى ذلك، ولم يكن يكترث لأي شيء سوى ذلك.

أخذ يتخلص دون رحمة من منافسيه المسيحيين، وبحلول عام 81 أصبح القائد الأوحد، سأصف لك التطور بعبارات فظة كما قالها لي زعيم لبناني مسلم عندما سألته إذا كان سيؤيد ترشيح بشير للرئاسة، فكر ثم قال: نعم، ليس لأنني أحبه، ولكنني أعتقد أنه سيجعل المسيحيين ينصاعون لأوامره، سيعامل المسيحيين والمسلمين سواسية. ماذا يعني هذا؟ المسيحيون المتطرفون يعرفون أنه سيقتلهم هم أيضاً.

كريم بقردواني:

بشير ياللي بدأ بالأشرفية كميليشياوي تقسيمي، ينادي بحد أدنى بكونفيدرالية لبنانية-لبنانية، يعني كان بيطالب.. كان بيعتبر صيغة التعايش صيغة يجب أن تنتهي، وأعلن بشير عدة مرات في بداية.. في الـ 75، 76 إنه الصيغة دفنها ووضع حجر عليها وسيضع حراس حتى لا تقوم.

هذا البشير تبدل بعد –خاصة- حرب الأشرفية والتدخلات العربية ياللي شعر بأنه فيه بعد للقصة اللبنانية أبعد من قصة مسيحيين ومسلمين فقط، صارت المسألة إقليمية، بدأ ينظر إليها بمنظار أكثر توازناً، كان.. ويبلش ينظر إنه لأ لبنان كلبنان التعايش له دور في هذه المنطقة.

عمر العيساوي:

بذل بشير الجميل مساعي عديدة في محاولة للحصول على تأييد خصومه لترشيحه، تدخل في بعضها رئيس مجلس النواب كامل الأسعد.

ألبير منصور (نائب وعضو الحركة الوطنية اللبنانية):

تلميحاً ما هُددت من بشير الجميل تلميحاً هددت من كامل الأسعد، يعني وقت اللي بيفوت عليّ كامل الأسعد بيقول لي: دكتور ألبير إذا أنت يعني خايف من الإخوان السوريين هاو اللي بيقتلوا مش الإخوان السوريين فقلت له: أنا لا أني لا منهم ولا منك ولا من الإخوان السوريين، ما أني خايف من حدا. وساعتها بيتدخل بشير الجميل بيقول له بأترجاك دولة الرئيس نحنا مش هاي اللغة اللي عم نحكي فيها، يعني انا ما هُددت من بشير الجميل، أنا تلميحاً هددت من كامل من الرئيس الأسعد، يعني ما.. لذلك أنا بأعتبر إنه كان متحمس أكثر من بشير لانتخاب بشير.

جورج حاوي:

الرئيس المجلس النيابي آنذاك كامل الأسعد، وميشيل المعروف، وجوني عبده الذي كان مسؤول الشعبة الثانية في الجيش والرجل القوي إلى جانب الرئيس إلياس سركيس، هذا الثلاثي كان هو الذي أدار معركة وصول بشير الجميل إلى رئاسة الجمهورية، أدارها سياسياً وأمنياً ومالياً وبالاتصالات الداخلية والعربية والدولية.

عمر العيساوي:

في الثالث والعشرين من آب/أغسطس عُقدت جلسة انتخاب الرئيس اللبناني بحماية الحراب الإسرائيلية بعد ستة أعوام من انعقادها بحراسة الدبابات السورية، وانتُخب بشير الجميل رئيساً للبلاد بعدما تأمن النصاب بصعوبة بالغة.

جوزيف أبو خليل (الكتائب اللبنانية):

لم يُنتخب صدفة بشير، جاء في إطار مشروع شرق أوسطي، يعني مشروع يتبع اتفاقيات كامب ديفيد، وكان الإسرائيليين.. كان الإسرائيليون صريحين معنا، أن اتفاق مع لبنان سيتبعه فوراً اتفاق مع الأردن، لأن الأردن ينتظر خطوة من هذا النوع من لبنان، إذا لبنان أقدم على اتفاق مع إسرائيل وخرج من الحرب الأردن فوراً.. في حالة اتفاق، وتصبح سوريا بعزلة معزولة لحالها، ذلك كان التصور في ذلك الحين، وعزل سوريا بها الطريقة يرغمها على الدخول بمفاوضات سلمية.

جورج حاوي:

أما أنا فبعد ما سُئلت: ما رأيك يا جورج؟ قلت: سيموت، لن يحكم، سيقتل، كيف سيقتل؟ من سيقتله؟ قلت له: أكثر من طرف، لن يستطيع أن يستلم الحكم، سيقتل، وعندما أخبرت البعض بذلك قال: من؟ قلت: أنا من الذين كانوا يحاولون قتله ولم أكن الوحيد، ولم أوفق بينما وفُق غيري. يعني كان حلاً في غير زمانه ومكانه فلم يدم.

إلياس عطا الله:

هو تكريس للهزيمة هو عنوان.. هو العنوان الواضح الفاقع لمفهوم الهزيمة، جاء الشخص صاحب المشروع الجذري الذي حتى لم يستطع مشاركة جزء من بعض المعتدلين في الجبهة اللبنانية، لم يستطع مشاركتهم كما حصل مع كميل شمعون يعني، إذا كان يصح أن نصف بعض المعتدلين بعض أصحاب الرأي الـ.. إلى حد ما مختلف، بعض الذين يفكرون بالسياسة.. بمنطق السياسة اللبنانية، لم يستطع احتمالهم، يعني ماذا كان يستطيع أن يحتمل هذا؟! الحسم الكلي جاء في محصلة هذه الهزيمة الكبيرة التي منينا فيها بفعل الحصار وبفعل الدخول، انتخب في ظل الجيش الإسرائيلي بشكل حاسم، ولا يهمني تلك الصفات الشخصية التي يقولون عنها الحزم والحسم.. يعني أمور تزيينية لواقع لا يُزين.

ميشال سماحة (الكتائب اللبنانية):

لو قُدر لبشير أن يعيش من موقعه كمسؤول كان قادراً على الاستيعاب والتطور أظن، وكان يمكن.. كان يمكن أن يمثل فرصة لقاء حقيقي بين اللبنانيين داخل لبنان، وفرصة ليس فيها كذب أو صراع حقيقي كبير ولكن واضح، وأعتقد أنه كان يمكن أن يمثل المحاور الأمثل في تلك الحالة في الموضوع الاستراتيجي مع الداخل العربي ومع سوريا.

عمر العيساوي:

وكان لزيارة خاطفة قام بها بشير إلى مدينة الطائف السعودية، واجتماع عقده في بيروت مع السياسي اللبناني السني صائب سلام أثر كبير في تدعيم موقفه.

إيلي حبيقة (القوات اللبنانية):

يعني الوقت اللي بيروح بشير الجميل ياللي هو حليف الاجتياح الإسرائيلي على السعودية وبيرجع من هناك معززاً مكرماً، يعني فيك تفسرها مثل ما بدك..

ميشال سماحة:

من اجتمع في.. في الطائف في تلك الفترة وإن أخذ من بشير الجميل وثيقة علنية بأنه لا علاقة له أو قطع العلاقة مع إسرائيل، إن.. إلا أنهم كانوا على علم ضمني بأن هذا وإن كان صحيحاً في الإعلان السياسي إلا أنه لم يكن واقعياً جداً من حيث الوقائع الميدانية.

عمر العيساوي:

بعيد انتخابه اجتمع بشير الجميل سراً في (نهارية) بإسرائيل مع مناحم بيجين فيما وصف لاحقاً بأنه من أسوأ اجتماعاته مع الإسرائيليين.

جوزيف أبو خليل:

الذي حصل كان كناية عن محاولة من قبل بيجن لحمل بشير على تسديد الفاتورة كاملة، والفاتورة تعني أن الالتزام بدخول المفاوضات وصولاً إلى معاهدة سلام بالمعنى الصحيح مع إسرائيل، كما المعاهدة المصرية الإسرائيلية، دخل بيجن على الاجتماع بهذه الطلة المتعالية إلى حدٍ ما، والطريقة التي تكلم.. بها كانت على قدرٍ من التعالي ما أدى إلى ردة فعل عند بشير -العنفواني الطبع- على المستوى المظهر أولاً، ثم على مستوى المضمون، المطالبة.. مطالبة بشير في تلك الليلة بتصريح يذاع في اليوم التالي يتعهد فيه إسرائيل الدخول في مفاوضات وصولاً إلى معاهدة سلام بالمعنى الصحيح مع إسرائيل، فكان جواب بشير صريحاً، أولاً ردة فعله بالنسبة للموقف المتعالي الذي اتخذه بيجن من فوق، الثانية بالنسبة إلى المضمون، كان جواب بشير في منتهى البساطة: هل تريدون معاهدة سلام معي شخصياً أم مع لبنان؟ معاهدة سلام مع لبنان تقتضي بداية أن أتسلم سلطاتي، أن أشكل حكومة وطنية، وأن تقوم المؤسسات بدورها في اتخاذ هكذا القرار، بوسعي أن أتعهد مسبقاً بالقبول ما يقبل به رئيس الحكومة المسلم السني، فإذا كان رئيس الحكومة المسلم السني يقبل بالدخول بمعاهدة سلام أنا أمشي مع إسرائيل.. وإن لا.. مثل هذا المطلب مستحيل.

عمر العيساوي:

بلغت المفاوضات التي أدارتها واشنطن لإخراج منظمة التحرير من بيروت مرحلة متقدمة، إلا أن بعض الدول العربية رفضت في بادئ الأمر استقبال المقاتلين الفلسطينيين.

بسام أبو شريف:

مرحلة ظريفة هاي لأنه فجأة صارت أميركا تفاوض عنا الدول العربية مين بيقبلنا، أميركا اللي صارت تقنع الدول العربية تقبل قواتنا، من شان الله اقبلوهم!!

عمر العيساوي:

لم يمنع تطور المفاوضات من حصول أسوأ جولات القصف الإسرائيلي لبيروت الغربية والبقاع.

دايفيد هيرست (صحافي بريطاني):

في أحد الأيام أغاروا على بيروت لمدة عشر ساعات، وغضب الرئيس ريجان من الإسرائيليين غضباً شديداً، كان القصف عشوائياً تماماً، أتذكر أنني حاولت الخروج من فندق (البرستول) مرتين، وفي المرتين انفجرت قذيفة مدفعية على بعد مائة متر مني، لم يكن أحد يخرج باستثناء المقاتلين وبعض الصحفيين. كان القصف عشوائياً بكل معنى الكلمة، في المراحل الأولى دمرت مبانٍ بأكملها وبسكانها، لازالت أتذكر زيارة تلك المناطق، كان المرء يستنتج أن الأهداف بشكل عام لم يكن لها علاقة بالفلسطينيين.

عمر العيساوي:

لم تنحصر مشاكل آرييل شارون في مواجهة القوات المشتركة اللبنانية الفلسطينية، إذ أخذت الانتقادات تزداد في أواسط الحكومة الإسرائيلية، وبدأت موجة تذمر في صفوف القوات الإسرائيلية.

إيهود يعاري (صحافي إسرائيلي):

بدأت المشكلة من كتائب مظلي الاحتياط أساساً التي وصلت إلى بيروت في الدفعة الثانية بالسؤال بصوت عال، أسئلة وجهوها لنا نحن الصحفيين ولغيرنا، كانوا يقولون: ماذا نفعل هنا؟ ما الهدف من هذه العملية؟ لماذا نحاصر عاصمة عربية؟ لماذا نقصف مدنيين؟ هذا لم يرد في بيان الحكومة، لم نبلغ بأننا سنخوض حرباً كهذه، قيل لنا إننا سنشن عملية مداها أربعون كيلو متراً لإبعاد تهديد مدفعية منظمة التحرير، ولا بأس في ذلك، ولكن ماذا نفعل هنا؟ أخذ العداء لشارون يتزايد في أوساط الحكومة وفي صفوف الجنود أساساً الاحتياطيين، وليس الجنود المراهقين، ولكن الذين يفوقونهم سناً الذين تم استدعائهم لخوض الحرب، كل هذا إضافة إلى الدعم من الصحافة الإسرائيلية خلق وضعاً لم يسمح لشارون بتنفيذ خطته، فتم تأجيل السيطرة على بيروت الغربية إلى أن تم اغتيال بشير.

undefinedعمر العيساوي:

أخيراً تم التوصل إلى اتفاق تنسحب بموجبه منظمة التحرير الفلسطينية واللواء السوري الخامس والثامنون من بيروت مقابل تمركز وقوات متعددة الجنسية تشكلت من الولايات المتحدة و فرنسا وبريطانيا وإيطاليا في بيروت، وتعهد أميركي بحماية اللاجئين الفلسطينيين.

انسحب المقاتلون الفلسطينيون وهم يدركون أن إسرائيل لم تستطع أن تهزمهم، أطلقت آلاف الأعيرة النارية تحية للمقاتلين الذين غادروا لبنان ليتشتتوا في أراضي أكثر من دولة عربية.

وليد جنبلاط:

المقاتل الفلسطيني.. الفلسطيني كان جزء من تراثنا السياسي النضالي من عواطفنا، فلسطين هي.. تربينا على القضية الفلسطينية، والمقاتل الفلسطيني في كل خندق من خنادق الجبل في المواجهة مع الانعزال اللبناني له أثر، له شهيد، لا نستطيع أن ننكر أن اندمجنا.. تلاحمنا مع المقاتل الفلسطيني في مواجهة الانعزال الداخلي اللبناني، وفي مواجهة إسرائيل في الجنوب، لذلك كانت تلك الوقفة العاطفية عندما أطلقت النار تحية لهم، عندما خرجت أول قافلة فلسطينية في شارع (مارييس).

عمر العيساوي:

لم يكد يمضي على وجود القوات المتعددة الجنسية أسبوعين حتى أعلن الرئيس الأميركي انتهاء مهمتها، كان من المفترض أن تبقى القوات لمدة شهر على الأقل.

في الرابع عشر من أيلول/سبتمبر، وبعد ثلاثة أسابيع من انتخاب بشير الجميل رئيساً للبلاد دوي انفجار ضخم هز أرجاء العاصمة بيروت، أودى الانفجار بحياة الجميل والعديد ممن كانوا معه في بيت الكتائب في منطقة الأشرفية تحطمت آمال آلاف اللبنانيين وانتعشت آمال آلاف غيرهم.

كريم بقردواني:

كان أحد المسؤولين عن عملية الإنقاذ هو الدكتور بول جميل، فالدكتور بول جميل بيعيط لي بيقول لي أن أقترب من مكان معين تحت الحجارة والركام، بيقول لي: تعرف ها الخاتم؟ وأعطاني خاتماً، طبعاً نظرت إلى الأرض ظهرت إلي إيد فقط مطمومة، إيد بهذه الشاكلة، وطبعاً انسحب منها الخاتم، خاتم بشير كان غريب عجيب، كان خاتم هاك المسدس الأطراف، وكنت بأعرف هذا الخاتم جيداً، لأنه بالاجتماعات كان بشير عنده عادة بيلعب بخاتمه، يعني كثير يحطه وبيبرم بالخاتم هكذا، فعندما شفت الخاتم قلت له لبول: بالتأكيد هذا خاتم بشير، قال لي: هايدي إيده، طبعاً الإيد كانت مجمدة تماماً، فعرفنا أنه الجسد مجمد، عندما قاموا الحجارة والركام عنه لم يظهر منه شيء على الإطلاق، حملنا جسداً اسمه بشير الجميل ونزلنا إلى المستشفى، وبقي مجموعة أطباء أكثر من ساعة يحاولون أن يجمعوا بقايا بشير جميل.

إيهود يعاري:

كنت على بعد بضع مئات من الأمتار، كانت الضربة قاصمة، كان كبير ضباط

الموساد في لبنان السيد مناحم نافوت يحفر في الأنقاض كالمجنون، كان المصور معي يلتقط، وكان المصور الوحيد في البداية، كان كبير ضباط الموساد هذا الذي كان مسؤولاً عن العلاقات مع ميليشيا القوات اللبنانية يصرخ باتجاهي: إيهود.. إيهود.. لماذا لا تساعدوا في البحث؟

عمر العيساوي:

كان السؤال الأول: مَنْ قتل بشير الجميل؟

undefinedنجاح واكيم (نائب لبناني):

يعني أنا برأيي.. أنا برأيي إنه السوريين قتلوا البشير طبعاً اللبنانيين اللي ضد كانوا الأداة، وما أنا ضد هذا.

ميشال سماحة:

أياً تكن اليد التي امتدت ووصلت واغتالت بشير الرئيس أنا لا أعتبر أن اليد المادية التي قتلته هي التي.. هي وحدها التي اغتالته، وأعتبر أن الجزء الأساسي من الاغتيال كان بغطاءٍ إسرائيلي حقيقي.

باتريك سيل (كاتب متخصص بالشؤون السورية):

من المنطق الافتراض أن سوريا ضالعة في الأمر، كان بشير رمزاً لكل ما يكرهه السوريين، كان رمزاً للتحالف مع إسرائيل، يقول أنصار بشير إنه حتى في تلك المرحلة كان يحاول الابتعاد عن بيجن والإسرائيليين، أراد أن يكون رئيساً لكل لبنان، ولم يرد أن يكون في جيب الإسرائيليين، إلا أن واقع الأمر هو أنه كان من مهندسي هذا التحالف، وبعد وفاته تمكن السوريين من عكس اتجاه التيار، وبدأت المعنويات في المعسكر الإسرائيلي تنهار.

عمر العيساوي:

أُقيم مأتم حاشد للرئيس المنتخب الذي لم يتسلم منصبه، حضره الصديق والخصم الذي سعى إلى جس النبض ومعرفة ما سيلي.

ألبير منصور:

.. إني جالس بالمقعد كان حد قائد الجيش اللي يومها العماد فيكتور خوري، وطبعاً بالدردشة بيني وبينه بيبلغني إنه وصلته معلومات إنه سيتم اجتياح إسرائيلي لبيروت ليلاً، اعتباراً من الليلة ذاتها يعني اللي كنا فيها، وأخبرني بالتفصيل يعني إنه لإطلاع يعني كيف وصلته معلومات مخابراتية منين بدهم يدخلوا؟ من يعني من أي طرق ومن أي مداخل، ومن أي مداخل، إيه هذا الأمر حصل، وبالتالي طبعاً يعني صرت مستعجل بدي أرجع على بيروت لحد تاني يبلغ جو..، ورجعت الحقيقة بالليل وعملنا مناورات عديدة مع الرئيس سلام، ومنير، وأبو فاضل –الله يرحمه-.. قدرنا رجعنا فتنا على بيروت الغربية.

وبالتالي رحت على اجتماع سريعاً، الاجتماع كان الحركة الوطنية يعملوا اجتماع لأبلغهم المعلومات اللي توفرت عندي، إنه الفايتين راح يفوتوا بالليل.. الليلة يعني صباح الغد، ومنين بدهم يفوتوا؟ هلا طبعاً منين بده إنه راح يفوتوا كان عندهم شعور شايفين فيه تحركات بس منين؟ أصروا كلهم سوا إنه مستحيل يفوتوا من مطرح ما أنك عم بتقول، وإنه بدهم يفوتوا من منطقة المدينة الرياضية، وأنا يعني أجهدت نفسي لأبلغهم إن هايدي مش أنا بأفهم بالقضايا العسكرية، أنا عم بأبلغكم معلومات، مش عم بأبلغكم تقديرات، فكانوا طبعاً القادة العسكريين الكبار اللي عندنا رفضوا رفضاً باتاً هذا الأمر، ولسوء الحظ يعني فاتوا، جهزوا حالهم من محل، وفاتت القوات الإسرائيلية من محل تاني، من محل ما كانت أنا أبلغتهم.

عمر العيساوي:

تحركت القوات الإسرائيلية بسرعة فاقتحمت بيروت الغربية التي قاومتها لأسابيع طويلة، مجدداً اتهمت إسرائيل بالتسبب بالمزيد من القتل والإصابات في صفوف المدنيين.

طبيب أجنبي:

حصل هذا مراراً وتكراراً قتل أناس في بنايات سكنية والقصة هي نفسها في كل مرة، آه، إنها بنايات إرهابية، يتم إحضار أعداد كبيرة من العجزة والأطفال إلينا، ثم نسمع للمذياع أن بناية مليئة بالإرهابيين أصيبت لتوها، هذا هراء!!

عمر العيساوي:

انبرى للقوات الغازية مقاتلو أحزاب الحركة الوطنية الذين استبسلوا في معركة كانوا يدركون أنها خاسرة.

موريس داريبر:

أخبرني بيجن صباح ذلك اليوم أن الجيش الإسرائيلي سيتمركز عند نقاط التفتيش والعبور ليحول دون خروج الأمور عن زمام السيطرة، ولكنه لن يدخل إلى قلب المدينة، ها هو رئيس وزراء دولة صديقة للولايات المتحدة يقول لنا بكل وضوح موقف بلاده، فنقلت هذا إلى واشنطن أي إلى الرئيس ريجان، ووزير الخارجية (شولتز) والآخرين. بعد ساعتين نكثوا بالوعد. صُدمنا!!

إلياس عطا الله:

كان فيه تصميم كبير في بيروت للدفاع عنها حتى آخر لحظة كان الجيش الإسرائيلي بعيداً عن هذا البيت مائة متر في شارع (مارلياس) وكان يحصل قتال.

ألبير منصور:

هذه المقاومة أنقذت شرف بيروت بإنه ما دخل الجيش الإسرائيلي وهي مستسلمة.. دخلها وهي تقاتل، عادي ما بتقدر وإنما كانت.. كانت عم بتقاتل.. كانت تقاتل.

عمر العيساوي:

أعلن الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني والأمين العام لمنظمة العمل الشيوعي قيام جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية لمواجهة القوات الغازية، كان مطلع البيان عبارة عن كلمتين: "إلى السلاح".

جورج حاوي:

إلى السلاح، مش مهم إلى السلاح الظاهر، إلى السلاح بمعنى قُلنا كذلك بأنيابكم وسكاكينكم وأظافركم.. سلاح الإيمان، سلاح النضال، سلاح الإرادة وسلاح القتال، هذا كان المعنى.

عمر العيساوي:

كان قائد عمليات المقاومة الوطنية ضد إسرائيل مسيحياً مارونياً يُدعى إلياس عطا الله.

إلياس عطا لله:

قرار أن تقاوم إسرائيل على أرض عربية في العاصمة هو قرار فعلاً فيه شيء جديد في المنطق العربي العام، يعني حيث كانت تنتهي الحروب مع نهاية الهزيمة النظامية تنتهي الحرب، وأعتقد أن هذا الأمر كان يساعد كثيراً إسرائيل، وتطور المقاومة الوطنية اللبنانية والمقاومة الإسلامية لاحقاً أظهر مدى عقم منطق أن فقط أنك تواجه في إمكانيات عسكرية نظامية لا تختزل كل إمكانيات الشعوب العربية أو الشعب في هذا البلد أو الناس، لا يختزل، وخاصة في ظل هذا النوع من الأنظمة العربية، الذي يغيب الناس، ولا يستطيع أن يولد إرادة الناس، ولا يستطيع أن يسمح بالمبادرة عند الناس.

عمر العيساوي:

تتالت الضربات لجيش الاحتلال، كانت العملية تنفذ تلو العملية، في هذا المقهى كان يجلس أربعة ضباط وجنود إسرائيليين كما في هذه الصورة عندما أتاهم مقاوم يُدعى خالد علوان ليرحب بهم على طريقته برصاصة لكل واحد منهم.

جورج حاوي:

undefinedثم تتالت العمليات، وتتالى النهوض الشعبي في بيروت في مواجهة الاحتلال والانتصار بخروج القوات الإسرائيلية من بيروت وهي تنادي في مكبرات الصوت طوال تلك الليلة: يا أهالي بيروت لا تطلقوا الرصاص علينا فنحن منسحبون صباحاً، لا تطلقوا الرصاص علينا نحن منسحبون.

عمر العيساوي:

لم يدم احتلال بيروت طويلاً، انسحبت القوات الإسرائيلية ونفضت بيروت الغربية عنها آثار الغزاة.

إلياس عطا الله:

بأتخيل إنه بيحق لها بيروت إنه تعتز برغم إنه فخر يمكن ماله ترجمة… ماله ترجمة، بأتخيل ما فيه شيء يروح بدون ثمن، بس إنه تستأهل كانت أفضل من هيك واقع.. بيروت، كتير بتستاهل أكتر من هيك، عاصمة أحتلت وتحررت، واحتضنت القضية المركزية، ما بأعتقد ما فيه حدا عمل ها الشيء، ما فيها دعم.. ما فيها عاصمة عربية عملت ها الشيء، إنه بقيت تدافع تدافع تدافع حتى اللحظة الأخيرة، بتستاهل معاملة عربية مختلفة.