إشراقات

المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء الثقافة للدول الإسلامية ج2

مدى تأثير منظمة المؤتمر الإسلامي في واقع العالم الإسلامي وحقيقة وجود مشروع إستراتيجية ثقافية إسلامية موحدة في الجزء الثاني من إشراقة هذا الأسبوع.

مقدمة الحلقة:

كوثر البشراوي

ضيوف الحلقة:

عدة ضيوف

تاريخ الحلقة:

27/09/2002

– القناة الفضائية الإسلامية وحقيقة الخطاب الإعلامي الإسلامي
– مفهوم الإسلام المعتدل في إطار أحداث سبتمبر

– كيفية تعامل العالم الإسلامي مع المأزق الحالي

– العالم الإسلامي بين صراع الحضارات وحوار الحضارات


undefinedكوثر البشراوي: أصدقائنا المشاهدين في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في هذه الحلقة يستمر حديثنا مع بعض ضيوف المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء الثقافة بحثاً عن صورة واضحة ومشرقة لمستقبل الثقافة الإسلامية التي تعصف بها الرياح في بعض الفترات العصيبة ولكنها ستبقى ثابتة -بمشيئة الله- طالما أنها تسكن قلوب المليار ونصف المليار مسلم.

ومن ألطاف الله وحكمه أن مستقبل الثقافة الإسلامية ليس رهين أو حبيس، من يمثلوننا في المؤتمرات العابرة، إذ كيف لهم أن ينقذوا ثقافة أمة بأسرها وهم مكبلو الأيادي والأفواه تحت الضغوطات السياسية والمالية الخانقة، على كل حال نعود وإياكم -أيها الأصدقاء- إلى ضيوفنا الذين نتفهم جيداً صعوبة مهامهم وصدق أمانيهم، أهلاً بهم وأهلاً بكم.

دكتور، أيش حكاية القناة الثقافية الإسلامية.


القناة الفضائية الإسلامية وحقيقة الخطاب الإعلامي الإسلامي

د.عبد العزيز بن عثمان التويجري (مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة): هذا المشروع اقترحته دولة قطر على المؤتمر العام للمنظمة الذي عقد في الرباط في شهر نوفمبر الماضي، وقد دُرس وطلب المؤتمر من المدير العام أن يواصل الاتصالات مع المسؤولين في دولة قطر لبلورة هذا المشروع وقد عرض على المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء الثقافة، لاتخاذ قرار بشأنه، والمؤتمر صادق على هذا المشروع وأصبح قرار إنشاء القناة الفضائية قراراً إسلامياً في إطار مؤتمر وزراء الثقافة وستكون دولة قطر هي المحتضنة لهذا المشروع وستساهم فيه بنصيب كبير، ثم بعد ذلك ستأتي الدول الأخرى لتدعم مشروعات هذه القناة وبرامجها، وأنا أرجو أن يبادر المسؤولون عن العمل الإعلامي والثقافي في الدول الأعضاء إلى تقديم الدعم المناسب لكي تنطلق هذه القناة في أقرب فرصة، والمقصود من هذه القناة هو إيصال صوت العالم الإسلامي باللغات الحية إلى الشعوب والأمم خارج فضاء العالم الإسلامي بتعريفهم بالدين الإسلامي وبالحضارة الإسلامية، وللإسهام في تصحيح كثير من المعلومات الخاطئة والمشوهة التي تروج عن الإسلام والمسلمين.

د.أكمل الدين إحسان أوغلي (مدير عام مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية): هو هذا المشروع يعني أو أي مشروع مثل هذا المشروع أو أي خطاب عصري عن الإسلام لابد أن يضع حقائق للطرف الآخر، حقائق الكتلة أو الجمهور الذي يوجه له الخطاب، الجمهور -كما تفضلتي- هو جمهور متعدد الانتماءات الفكرية والفلسفية وما إلى ذلك، فيجب أن يكون هناك خطاب عقلاني، خطاب علمي، خطاب هادئ، يقوم على منهجية علمية سليمة، لا يكون خطاب وعظي، لا يكون خطاب حماسي لأن هذه الخطابات أصبحت ممجوجة، وأصبحت لا تؤدي النتيجة المراد منها، فنحن عندما نجلس ونتابع القنوات الدولية أو الأوروبية التي تقدم برامج ثقافية، وأنا شاركت في.. في عديد من هذه البرامج، وأصبحت ضيفاً عليها في لقاءات متنوعة، تلاحظين أن هناك جهد كبير جداً في الإعداد، يعني هناك حلقات تأخذ سنوات للإعداد، نصف ساعة.. ساعة.. 15 دقيقة، يعدون أشهر، ويأتون ويذهبون، ويأتون ويذهبون، والإسكريبت والأسئلة والأجوبة والصور والأماكن، يعني تعرفين هذا العمل يأخذ إعداد منهم وقت طويل جداً، بينما نحن نصنع كل شيء في يوم واحد، فهذا الذي قلته لهم المهنية والحرفية والمستوى العالي للأداء إذا ما صار هذا لا يمكن أن تخاطبي العالم..

كوثر البشراوي: صحيح.. صحيح.

د.أكمل الدين إحسان أوغلي: يعني مجرد الكلام.. إلقاء الكلام على عواهنه والكلام السهل هذا يعني هذا الذي يعاني منه عالمنا الإسلامي أو على الأقل قسم من عالمنا الإسلامي يعاني من هذا، فيجب أن نرعاه.

أما عن كيف يمكن أن نعمل عمل إسلامي مشترك موحد، أنا أعتقد أنه لا.. لا يعني يجب أن.. أن نحدد التعبيرات، عمل موحد هذا أعتقد إنه.. إنه غير ممكن، ولكن الممكن هو المشترك، العمل المشترك.

كوثر البشراوي: يعني هي الأرضية التي يقف عليها الجميع.

د.أكمل الدين إحسان أوغلي: نعم، طبعاً هناك تنوع أساسي في العالم الإسلامي، أولاً التنوع العرقي، الجغرافي، التنوع اللغوي، فلاشك أن اللغة العربية هي لغة الإسلام الأولى، ولغة الوحي، ولغة الحديث الشريف، لغة الأدبيات الكبيرة التي كتبت فيها 14 قرناً.. 15، هذا لا مراء فيه، ولكن هناك لغات أخرى ذات مساحات كبيرة مثلاً اللغة التركية تمتد على مناطق واسعة.

كوثر البشراوي: الإيرانية، صحيح.

د.أكمل الدين إحسان أوغلي: اللغة الفارسية نفس الشيء، لغة الملايو نفس الشيء بالنسبة لماليزيا وإندونيسيا وبروناي والفلبين إلى آخره، هناك طبعاً اللغة الإنجليزية، الإنجلوفرانكا الآن، اللغة الفرنساوية، إلى آخره، فيجب أن نراعي هذا في العمل، يجب أن نراعي أيضاً المناخات يعني طبيعة الإسلام مثلاً، أو طبيعة.. لا نقل الإسلام، طبيعة التدين في جزيرة (جاوه) يختلف عنه في جزيرة العرب، وطبيعة التدين في قرية الأناضول تختلف عن طبيعة التدين في قرية الصعيد، طبيعة التدين في مراكش تختلف عنها.. عن طبيعة التدين في البصرة أو في الكويت أو في بغداد أو هنا، يجب أن نراعي هذه العوامل، لا يمكن لنا أن نخاطب الناس جميعاً بنفس اللغة، بنفس المستويات.

كوثر البشراوي: في المؤتمر هناك مشروع طُرح اللي هو قناة تليفزيونية إسلامية، بصراحة هذه ما فهمتهاش يا دكتور.

د.غسان سلامة (وزير الثقافة اللبناني): والله اسألي اللي طرحه أنا غير مقتنع، أنا غير مقتنع.

كوثر البشراوي: لأن حاولت أتخيل ملامحها ما لقيت لهاش ملمح، يعني إسلامية بمفهوم ماليزيا، أو بمفهوم تركيا، أو بمفهوم السعودية.

د.غسان سلامة: مش هاي المشكلة، مش هاي المشكلة.

كوثر البشراوي: أو باللغة الفارسية أو الملاوية.

د.غسان سلامة: ولا دي مش مشكلة، مش هاي المشكلة، المشكلة إذا فعلاً فيه ناس معتقدين إنه فيه حملة شعواء خطيرة على الإسلام، هذا ليس رأيي، هذا ليس رأيي، أنا أعتقد فيه خلاف سياسي حقيقي بيننا وبين الولايات المتحدة، نغطيه بأمور أخرى، فيه خلاف سياسي، خلاف سياسي، لكن إذا ذهبنا في هذا الاتجاه فليست القناة الفضائية هي التي تغير الأمور، إذا كان…

كوثر البشراوي: ولماذا (صمتنا) كل هذا الزمن..

د.غسان سلامة: إذا كانت فرضية.. إذا كانت فرضية أن هناك تشويه وتهميش ومش عارف كل ها الكلمات هاي، إذا كانت هذه هي الفرضية فمن المطلوب من المليونيرات العرب أن يذهبوا ويوظفوا في هوليود، أن يدخلوا في رأسمال الشركات المنتجة للإعلام العالمي وللسينما العالمية، وبدخولهم في صلب..

كوثر البشراوي: في رأس المال.

د.غسان سلامة: في رأس مال الشركات يؤثرون على المنتوج.

كوثر البشراوي: منطق.

د.غسان سلامة: هذا هو يعني إذا.. إذا فتحوا قناة تليفزيونية سيكون.

كوثر البشراوي: عندنا أربع سنوات هلا..

د.غسان سلامة: مش بس هيك، هذه القناة لن تكون قناة لكي يحاور جحا أولاد عمه، ستكون قناة أخرى ليقاتل جحا أولاد عمه، يعني لن يتحدث نحو الخارج، ستكون.. لذلك أنا أعتقد إنه إذا كان هناك حملة ضد الإسلام والمسلمين ونمطيات غير مقبولة، و هناك بعض النمطيات غير المقبولة، لكن النمطيات غير المقبولة أيضاً يعني، أنا أدعو كل الإخوان العرب والمسلمين إلى النظر في النمطية.. الصورة النمطية للمكسيكي لأن المكسيكي في الولايات المتحدة كم هو محتقر وكم هو يعني.. لا يعتقدن أحد أن الموضوع يعني هيك.

كوثر البشراوي: فقط العرب.

د.غسان سلامة: موجه فقط ضدنا، هذا.. هذا التركيز المبالغ فيه على المؤامرات ضدنا هي أحد أشكال إدماننا، لأنه هذا يخفف من عزيمتنا على مداواة جروحنا، إنه مؤامرة، الله غالب، يعني مؤامرة خطيرة نعمل أيه، ومركزة علينا، هذا كلام فارغ.

الشيخ محمد سعيد النعماني (المستشار الدولي لوزير الثقافة الإيراني): موضوع القناة الإسلامية حينما طرح في وزارة يعني في جدول أعمال وزراء الثقافة في الحقيقة إنما طرح إنطلاقاً من هذه الحاجة وهي الحاجة الماسة إلى طرح الإسلام في عمومياته، ليس بالضرورة بجانب الخلافي بين الشيعة والسنة في قضية الإمامة مثلاً أو ما شابه ذلك التي هي الآن في.. في وضعنا الحالي لا يمكن أن تقدم أو تؤخر في شيء يعني، لأنه نحن على حديث هناك إمام موجود، فليس لماذا نتناقش في قضية قد تكون الآن، طيب في المسائل الفقهية بين الحنابلة، بين المالكية، بين الحنفية، ليست المسألة طرح المسائل الفقهية بهذا الشكل، وإنما على أي حال الحاجة إلى أنه نعرف نحن الآن بأن العالم -مع الأسف الشديد- نتيجة لوجود إعلام.. إعلام مركز وموجه من قبل الدوائر الصهيونية والدوائر المعادية للإسلام، فنحن نحتاج على أي حال أيضاً أن يكون لنا قناة بتقنية عالية وبخطاب عقلاني ومنطقي وموضوعي وصحيح يستطيع على أي حال باللغات الحية التي يعرفها العالم أن يخاطب هذا العالم وأن يبين لهم الإسلام، هذا الشيء على أي حال ممكن إذا تجاوزنا والله بعض الحساسيات أن تكون هذه القناة في هذا البلد أو في ذلك البلد، كيفية التمويل، كيفية..، هذه موجودة على أية حال قد تستغرق يعني وقتاً، لكن أنا أتصور أنها ممكنة، كما أنه على أي حال في الأمم المتحضرة أيضاً توجد كثير من المشاريع المشتركة التي قد تكون أيضاً في سنوات مضت بالنسبة إلى تلك الأمم والشعوب كانت من الأحلام وكانت من الآمال التي كانت.. كان يمكن أن يكون بعيد يعني أن تحقق ولكنها قد تحققت في النتيجة.

د.أحمد جلال (رئيس المؤتمر العام لليونسكو): أولاً نحن بحاجة إلى حوار ثقافي داخلي، حوار ثقافي داخلي، قبل كل شيء يجب أن نكون قادرين على تعليم وتثقيف جماهيرنا، هذا شيء نحن بحاجة إليه وغائب وليس في العالم الإسلامي آلية لتثقيف الجماهير، حول ما هي الفروقات بين القضايا الفقهية والقضايا الثقافية والقضايا الحضارية أيضاً، أولاً يجب أن نسعى لأي نوع من الحوار الداخلي فيما بيننا فنحن بحاجة إلى تعليم لكيفية ممارسة الحوار، عبر الحوار نستطيع فعل ذلك والحوار هو فن يجب أن نجيده ولو كنت في موقع وزير للإعلام والثقافة لاقترحت أولاً وقبل كل شيء أن نفكر في سياسة تعليمية عامة لتعليم جماهيرنا ضمن المناهج المدرسية التي تعلم الأطفال من المراحل الابتدائية للتعليم، أن يتعلموا فن الاستماع إلى الآخرين (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) هذه آية من القرآن الكريم، أصحاب الجحيم سوف يقولون في يوم القيامة لو أننا امتلكنا فن الاستماع والتفكير لما كنا هنا اليوم، وعندما (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ).

هذا دليل على اتباع التوجيه الرباني والوحي الإلهي، وهذا دليل على امتلاك العقل لو استمعت إلى الكلمات المختلفة والأفكار المختلفة ثم اخترت أفضلها، هذه هي العقلية العامة التي يجب أن نعلمها.

الشيخ محمد سعيد النعماني: هذا في الحقيقة يعني نوع من أنواع قد تكون أستطيع أن أسميها مفارقة موجودة يعني أن الأمة لازالت.. لازالت لا.. لا تعيش يعني لا تعيش الهموم المشتركة بذلك.. بتلك الدرجة العليا من الحساسية.

كوثر البشراوي: مع العاطفة.

الشيخ محمد سعيد النعماني: مع وجود العاطفة، يعني وجود عاطفة موجودة، لكنها تحتاج إلى نوع من التوجيه، تحتاج إلى نوع من التسيير، تحتاج إلى نوع من الإمكانيات، وهنا يأتي دور الحكومات يعني دور الحكومات إذا استطاعت…

كوثر البشراوي: والأفراد..

الشيخ محمد سعيد النعماني: نعم، والأفراد طبعاً والمؤسسات أيضاً، هذا معناه أنه نحن مع الأسف نعيش مستوى من الوعي ومستوى ثقافي متدني حينما نقارنه إلى شعوب أخرى وإلى بلاد متحضرة ومتقدمة أخرى، فمن هنا نعم.. أنا أتصور أنه نحن نحتاج إلى الارتفاع لمستوى هذا الوعي، مع الأسف الشديد يعني، أنت تقولين أفراد يذهبون ليتعلموا اللغات، لكن هذا الفرد حينما لا يجد هناك مردوداً خاصة من الناحية الاقتصادية أو من الناحية الاجتماعية، لا يجد مردوداً عليه من تعلم هذه اللغة الإسلامية، تركية كانت أو فارسية أو حتى مثلاً عند الإيرانيين العربية مثلاً أو الهندية أو الأوردية أو كذا، ما.. ليس عنده ذلك الدافع لتعلمها، لأنه لا يعيشها ثقافياً، وإنما يعيش القضايا من منظار آخر، وإنما بالعكس أنه يرى أنه إذا تعلم اللغة الإنجليزية والفرنسية ويعني سيطر على هذه اللغة واستطاع على أي حال أن.. أن يخطب بها.. يكتب بها، لا سوف اكتسب مركزاً مرموقاً اجتماعياً وكذلك قد يكون موقعاً في الدولة وكذلك أيضاً يدر عليه مورداً اقتصادياً.

فهذه مسألة يعني ترتبط أيضاً بمسألة عدم.. عدم.. عدم ارتباط هذه الأجزاء من الأمة الإسلامية مع بعضها البعض الآخر إذ أنها لا تدرك القضايا بالمفهوم الثقافي الذي أشرت إليه فقط، وإنما هي تدركها من زوايا أخرى، ومن نوافذ أخرى غير الزاوية الثقافية والإسلامية.


مفهوم الإسلام المعتدل في إطار أحداث سبتمبر

كوثر البشراوي: شر البلية ما يضحك. أحد زملائي أرسل لي فاكس يقول في إطار الحديث عن لزوم الإسلام العصري، وسنعود إلى هذه النقطة، يقول: "حيث يمكن أن تصبح الصلاة مختلطة، دا احتمال يعني، طالما إحنا مطالبون بهذا الإسلام المعتدل، وهذا الفخ الجديد اللي اسمه إسلام معتدل على الكيف، ونستبدل العمائم بالبرنيطة، والله أعلم مع إمكانية الوضوء (بالبافورانة) والدعاء للعلي بالإنترنت، فصحيح.. يعني فعلاً جملة مضحكة، ولكن الآن نتحدث عن.. أنت كنت تفسر وتوضح مفهوم الاستراتيجية، ولكن لم تشر في أي جملة من جملك إلى.. إلى بداية تحقيق هذا المرغوب فيه، يعني أنت.. تفسير قاموس اللي قاعد تقول فيه.. في إطار الواقع المعاش، في إطار ما بعد الحادي عشر، هل نحن مطالبون بأن نخطو تجاه إسلامنا،.. إسلامنا المعتدل كما نراه نحن معتدل، أم إسلام بوشيّ معتدل على الطريقة (الكاوبويية) يعني؟

د.عبد العزيز بن عثمان التويجري: لا.. لا.. لا.. لا.. لا، إطلاقاً، لا.. لا، نحن نريد إسلامنا المعتدل، إسلامنا نحن، وليس الإسلام الذي يفرض علينا، لأنه لا نقبل أن يتدخل أحد في كيفية تعبدنا وفهمنا لديننا، نحن لدينا النصوص، ولدينا الاجتهادات، ولدينا وسائل العمل، والدين واضح لا يحتاج إلى من.. ليس كهنوتاً، الإسلام إسلام سمح وموجود في أيدي المسلمين، ولكن هناك من الغلاة ومن المتطرفين من يريدون الإساءة إلى هذا الدين بتفسيراتهم المغرقة في الانغلاق وفي التطرف، لأنه التطوير يجب أن يأتي من الداخل، وباقتناع من المسؤولين عن التعليم، والعملية التربوية عملية متجددة، لأنه ليس هناك نصوص ثابتة في الإطار التعليمي ما عدا النصوص الإسلامية التي جاءت في القرآن الكريم وفي صحيح السنة النبوية، إنما في أساليب التعليم وطرائقه وفي مضامين التعليم هذه عملية متجددة، ويجب أن يتجدد التعليم ويتطور مع احتياجات الأمم، ومع مستجدات العلم والمعرفة والابتكارات التكنولوجية التي تعين في تطوير العمل..

كوثر البشراوي: في إطار ثقافة إسلامية.

د.عبد العزيز بن عثمان التويجري: ولكن في إطار المرجعية الإسلامية.

كوثر البشراوي: صحيح.

د.عبد العزيز بن عثمان التويجري: هذا شيء مفروغ منه، والذين ينادون بتغيير مناهجنا إما في المملكة أو في غيرها، ويعتدون على هذه الدول.. على سيادتها، هؤلاء لهم برنامج خاص، ووراءهم الصهيونية العالمية، وإننا نحن نعرف لماذا قاموا بهذه الحركة، لأنهم قاموا بها لأن تلك الدول وقفت بقوة في جانب الفلسطينيين دعماً لحقهم المشروع في إقامة دولتهم المستقلة، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية، هذا هو السبب الأساس في هذا الأمر، ولماذا كانوا ساكتين طوال الأعوام الماضية، ولكن في هذه الفترة نطقوا بهذه الحكمة العجيبة التي جاءوا بها، نحن نقول إن التغيير يجب أن ينبع من داخلنا، من ذواتنا، وبأدواتنا وأساليبنا، وفي إطار مرجعيتنا الإسلامية، لكن نحن أيضاً محتاجون إلى أن نستفيد مما يجري حولنا، لأنه لا يمكن للعالم الإسلامي أن يعيش منعزلاً عن العالم، العالم الإسلامي جزء من العالم ككل، ويحتاج إلى ما في العالم من تطورات ومن إبداعات…

كوثر البشراوي: والفكر الإسلامي فكر استيعابي.

د.عبد العزيز بن عثمان التويجري: و.. والفكر الإسلامي فكر منفتح ومتسامح، ويستطيع أن يعيش ويتحاور مع الآخرين، ويأخذ من.. من أحسن ما.. ما لديهم، وهذا ليس عيباً، فالحضارة الإسلامية حضارة تعايش، وتلاقح مع الحضارات والثقافات الأخرى.

لكن تبقى نقطة مهمة، وهي أنه هل هناك إرادة قوية داخل المجموعة الإسلامية في إطار من العمل الإسلامي المشترك لإحداث هذا التغيير وسد الأبواب أمام المزايدين والمنتهزين وأصحاب الأهواء الذين يريدون للعالم الإسلامي أن يبقى دائماً منقسماً ومتفرقاً وضعيفاً وعاجزاً، وليس له مكان بين الأقوياء؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن أطرحه.

د. أكمل الدين إحسان أوغلي: نحن يجب أن يكون موقفنا هو هذا الموقف المبدئي، أننا لا ندافع ولا نبرر، ولكن يجب علينا أن نضع نقطة نظر، نحن أعتقد أن في عالمنا الإسلامي نخطئ في أمر مهم، وهو أننا تصرفاتنا هي رد فعلية، بمعنى عندما يقع الحادث سواءً.. أي حادث، لا أشير إلى حادث معين هنا نقول لا لسنا هكذا، إنما نحن هكذا، وموقف الإسلام ليس هذا، ولكن موقف الإسلام هذا، أنا أعتقد إنه هذا الموقف غير سليم، نحن الآن عندنا من تاريخنا ومن تراثنا ومن مبادئنا ومن إمكانياتنا الحالية ما يجعلنا أن.. أن نقع.. نكون في موقف المبادر، بأن نضع نظرتنا إلى المسائل الكونية.. المسائل الدولية مستمدة من شخصيتنا، من تراثنا، من ثقافتنا، وأن نقول للعالم نحن هذا.. هذه هي شخصيتنا، ها.. ها نحن ذا.

كوثر البشراوي: دكتور، هل كنا فعلاً محتاجين لهذا التاريخ، الحادي من سبتمبر لكي نذكر أنفسنا نحن أبناء هذه الأمة بضرورة شرح الذات، شرح أنفسنا للآخر، طرح أنفسنا للسوق العالمي؟ يعني هل كنا محتاجين للصفعة هاي لكي نصحصح؟ (……) من قبل.

د. أكمل الدين إحسان أوغلي: لا.. لا.. لا.. لا أظن هذا بطبيعة حال،.. أنا فهمت السؤال، لا أعتقد إنه نحن كنا محتاجين إلى هذا ولكن هذه فرصة على الأقل يعني هناك من يعمل في العالم الإسلامي بدون ما يحتاج إلى هذه الصفعات، أو ما يحتاج إلى ما أشرتي إلى أنه صفعات.. هناك من يعمل بهذا المنهج، وهناك من لا يتحمل هذه المسؤولية، فأعتقد أن هذه فرصة لمن لم يدرك هذه المسؤولية أن يدركها، رُب ضارة نافعة، ليكن هذا درساً للذين لم يأخذوا دروساً من قبل، وما أكثر الدروس في تاريخنا المعاصر، ولكنني أعتقد بأن لكل.. أنا أعتقد بأن هذه.. هذا ما حدث إذا نظرنا إلى الوجه المتفائل للموضوع، إلى الوجه المشرق للموضوع نجد أن هناك الآن توجه دولي لمعرفة ما هو الإسلام الحقيقي.

الآن نحن نقرأ إحصائيات عن أن عدد كبير من الكتب الخاصة بالإسلام المكتوبة باللغات.. باللغة الإنجليزية ولغات أوروبية أخرى تنفذ من الأسواق، وترجمات القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية تصبح الآن تكاد يعني تنفذ من المكتبات. هناك عدد كبير من الأميركان والأوروبيين اهتدى إلى الإسلام، وقَبِل الإسلام، فأنا أعتقد أن هذه الحادثة فيها دروس نستفيد منها، ولكن طبعاً يجب أن نشرح للعالم النقطة التالية: إن ديننا وحضارتنا يقبلان الآخر.

كوثر البشراوي: كلمة إسلام معتدل، أو شخصية ثقافية إسلامية معتدلة فيها فخ أيضاً خفي، معتدل بمفهوم من، هل نحن الآن نريد.. يعني نبحث عن إسلام معتدل على طريقتنا نحن، إسلامنا نحن، أو على طريقة بوش إسلام معتدل، ربما يقول لك 5 صلوات كتير عليك يا أخي، هذه مضيعة للعمل والجهد، خليهم 3 مثلاً، فشو رأيك عن أي إسلام معتدل نحن نتوجه في إطار مرة أخرى أقول حالة الطوارئ التي يتهم فيها أي.. أي فعل ينتمي إليهم الإنسان السلم؟

د. غسان سلامة: نحن تختبئ وراء إصبعنا، نختبئ وراء الإصبع.

كوثر البشراوي: بكل ها الوزن والطول والعرض.

د. غسان سلامة: بكل ها الكلام. ما هو الولايات المتحدة انخرطت في حركات إسلامية غير معتدلة على الإطلاق، وتعاملت معها، وعملت معها، وسلحتها أحياناً ضد أنظمة وطنية وتقدمية في منطقتنا وفي العالم، الولايات المتحدة لم تكن غريبة عن الإسلام المتطرف والمتشدد، الغرب كان حامياً لحركات الإسلام المتشدد أيام قيام الحركات الوطنية في بلداننا، فلماذا ننسى ذلك؟ (جورج بوش) الذي ذكرتي لا يهمه إسلام معتدل أو إسلام متطرف، يهمه إسلام لا يمس بمبنى التجارة الدولية في نيويورك، وإسلام لا يمس بأمن إسرائيل، هذا ما يهم جورج بوش.

مشكلتنا مع جورج بوش سياسية، لها علاقة بسياسة أميركا الخارجية، ولها علاقة بالانحياز الصارخ المستمر، بل المتزايد للولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل، فهو يعني غير مهتم…

كوثر البشراوي: إلا بمصلحته.

د. غسان سلامة: بطريقة عباداتك، أو بالطريقة التي تمارسين فيها من آخر…

كوثر البشراوي [مقاطعة]: لا، إذا أدخل حضرتك في موضوع الزكاة، في أين أضع مال الزكاة؟

د. غسان سلامة [مستأنفاً]: والمجتمع.. والمجتمع الأميركي مجتمع مليء بالملل والنحل العجيبة الغربية من إسلامية ومسيحية ويهودية.

كوثر البشراوي: صحيح.

د. غسان سلامة: وهو مجتمع يعج بالملل والنحل العجيبة الغربية، والتي تقارب الهيستيريا أو الجنون أحياناً كما رأينا في (جيمس تاون) أو في (….) و(تكساس) أو في غيرها من الأماكن، فلا يعلِّمن أحدهم ما هو التدين المتطرف وما هو التدين المعتدل.

كوثر البشراوي: المعتدل.

د. غسان سلامة: وبالمناسبة أنا لم أستعمل كلمة الاعتدال أبداً في حياتي، لأنه أعتقد إنه فيه عدد من الحالات يجب أن يكون الإنسان متطرفاً، عدد من الحالات، لكن لا ننزلقن بسبب ضعفنا وهشاشتنا للقول بأن مشكلتنا مع أميركا لها علاقة بكيف نمارس ديننا، هذا كلام فارغ.. هذا كلام فارغ، ولا تقصي هذا الجزء من الحديث أرجوكي، هذا الكلام كلام فارغ، مشكلتنا مع الولايات المتحدة مشكلة سياسية، مردها إلى أن الولايات المتحدة لا تريد.. لا تريد لسياستها الخارجية أن تتغير في المنطقة خارج إطار غير مقبول منا.

ثانياً: لا تريد أن تخفف من انحيازها لمصلحة إسرائيل، بل تزيد من هذا الانحياز.

ثالثاً: هي تحاصر العراق وتجوع أطفاله.

هاي المشكلة سياسية، وأعتقد أن هناك نص أساسي صوَّت عليه الكونجرس الأميركي منذ عدة سنوات في هذا المجال، مازال ساري المفعول تماماً، 11 سبتمبر، وبلاش 11 سبتمبر، وهو يقول أتذكر، أعتقد أن السفير (جيرجيان) هو الذي كتبه آنذاك، كان مديراً للشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، وكتب نصاً ممتازاً في وضوحه: "نحن مع الإسلام عندما يكون مؤيداً للغرب، وضده عندما يكون مؤيداً.. معارضاً له، ونحن مع العلمانية.. أو مع التيارات العلمانية عندما تكون مؤيدة للمصالح أو ملائمة للمصالح الأميركية وضدها بعنف شديد إذا كانت معادية للمصالح الأميركية"، و.. و.. ويضيف "والبرهان على ذلك أننا ضد العراق وليبيا التي هي دول غير دينية"، وبالتالي المسألة مع احترامي لكل الكلام الذي يغرق فيه العرب من فرطه المشكلة لا علاقة لها بشكل من الأشكال بصراع ديني، وبإسلام معتدل ومش معتدل، الإسلام الجيد هو الإسلام الذي لا يمس بأميركا وإسرائيل، والإسلام.. وهو الإسلام المقبول، وهي العلمانية المقبولة، يعني.. يعني لو كانت الجبهة الشعبية للتحرير الفلسطينية هي التي تقوم حالياً بهذه العمليات ضد إسرائيل يعني كان مسلك الولايات المتحدة معها أفضل، حتى لو لم.. لو كانت حركة علمانية.

فلنكن واضحين. المسألة بينا وبين أميركا مسألة سياسية.. سياسية، ونحن نتغنى بحرب الأديان، لأننا عاجزون في المعادلة السياسية من أن يكون لنا رأي واضح وصريح.

[فاصل إعلاني]


كيفية تعامل العالم الإسلامي مع المأزق الحالي

كوثر البشراوي: لما يكون لنا نحن الأغلبية في هذا العالم الإسلامي، كيف لنا أن نتصرف ونتعامل مع هذه النكبة الجديدة وهذا المأزق الجديد؟ كما تعلم نحن نمر بوقت عصيب ومحزن، وندواتكم أنتم الأكاديميون غير كافية لإقناع الغرب اليوم بالوجه الحقيقي للإسلام والمسلمين، ما هو المطلوب منا؟ أنا أعرف العديد من أصدقائي يخشون اليوم الحديث عن الإسلام أمام الآخرين حتى لا يتهموا بالرجعية أو يتهموا بالإرهاب، البعض منهم يتفادى الصلاة في المسجد، أو حمل مصحفه علناً، كل هذا تفادياً للمشاكل، كيف يا دكتور يجب علينا أن نتصرف؟

د. أحمد جلال: أعتقد أن علينا أن نزيد من معلوماتنا حول الكيفية التي تسير فيها الأمور في هذا العالم، فيما يخص مثلاً وسائل الإعلام والرأي العام وما إلى ذلك، وأعتقد لماذا علينا أن نتصرف بطريقة ما؟ فمثلاً لو أن شخصاً ما أو مجموعة ما من الناس قامت بفعلٍ خطأ نستطيع عندها أن نتهم حضارة بأكملها، ثقافة بأكملها، ديناً بأكمله، حتى في الغرب العالمين ببواطن الأمور والنخبة يدركون في قرارة أنفسهم ما هو حاصل في وسائل الإعلام، هذه قضية تعود للإعلام ولعلم النفس الاجتماعي، هذه مهمتكم أنتم العاملين في وسائل الإعلام، يجب أن تفكروا كيف يمكن التصدي لهذه الموجة في وسائل الإعلام، ولكنني بصفتي أكاديمياً أو مفكراً ما يمكنني أن أقدمه هو تقديم الأرضية والأسس والقواعد لهذه الأشياء، انظروا مثلاً إلى التاريخ، تاريخ الحضارة الإسلامية، هل تعلمين إن أي شيء يشبه المحرقة ضد اليهود لم يشهده التاريخ الإسلامي أبداً، مَنْ فعل المحرقة؟ الحضارة الإسلامية؟! وهل تعلمين أن أفضل الفترات التاريخية للتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة والحضارات المختلفة علمياً وثقافياً حصلت فقط في ظل الحضارة الإسلامية، في إسبانيا، في الأندلس، في القرن العاشر أو حوالي ذلك؟ ونحن نعلم أيضاً لو أن الناس أرادوا اتهام الآخرين لأسباب خاصة بهم، إذن هذه قضية أخرى (بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) أعتقد أن ما يجب علينا أن نفعله هو أن علينا أن نعلم تاريخنا، حضارتنا، ثقافتنا، أفضل مما هو الآن، ويجب أن نشعر بالثقة أكثر، ويجب أن نعتمد على أسلوب حياتنا الخاص بنا، والذي كان من حيث الأساس على نفس أسس الحوار، انظروا مثلاً إلى المذاهب المختلفة في تاريخ الإسلام، انظروا إلى الأسس التي قام عليها القرآن (قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ (1) لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) هكذا بكل هذه البساطة (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) هذه دعوة للحوار.

كوثر البشراوي: دكتور، في إطار العجز هذا في إطار المعادلة السياسية ها المثقف شو بيعمل؟ يعني ماذا نطالب المثقف أن يفعل؟ هل يفتح دكان شحاتة أو يدفع.. يفتح دكان فقط للفرجة، طالما الساسة -Sorry يعني- خذلونا عسكرياً، سياسياً، أو هكذا يخيل للجمهور والشعوب هكذا تقرأ الأمور؟

د. غسان سلامة: إن المشكلة في المجتمعات مش بس في السياسة، مش صحيح.. مش صحيح.. مش صحيح المجتمعات ممتازة وراقية وعارفة إلى وين رايحة والسياسيون هم تعيسون ومش عارفين وعاجزون مش صحيح، المثقف يعني شو المثقف؟ المثقف يجب أن يتميز بثلاثة أمور:

أولاً: استقلالية الرأي عن مراكز القوى ومراكز المصالح.

ثانياً: بعد النظر، لأن وظيفته الاجتماعية أن يكون أبعد نظراً من الممارس اليومي للأمور..، يعني يكون عنده فكر استراتيجي.

وثالثاً: أن يكون بنفس الوقت معبئاً للمجتمع، وناصحاً لصاحب القرار.

ها.. ها الصفات الثلاث، لكن المثقف مثل الفئات الاجتماعية الأخرى يعني دخلوا في.. في عصر.. عصر الإدمان على الاستهلاك وعصر الإدمان على.. يعني ما إنه.. ما إنه.. ما إنه خارج المجتمع لكي يكون مختلفاً عنه بصورة جوهرية، وبالتالي يعني أنا لا أقول أن على المثقفين أن يكونوا بالطريق بالضرورة أفضل أخلاقياً من المجتمعات التي يعيشون فيها، يعني لا نزال نقول: ما هو دور المرأة؟ ما هو دور المثقف؟ يعني هناك نهضة.. نهضة.. نهضة ضُربت سنة 67، ومنذ ذلك الحين بدلاً من أن نعالج الأسباب الحقيقية لذلك السرطان الذي أصابنا أدمنا على المسكنات، أدمنا على المسكنات، ومازلنا.. ومازلنا حتى الساعة والصفعة الناعمة التي أُصبنا بها بعد الحادي عشر من سبتمبر، ولا أقول التعرج التاريخي لم تؤثر فينا كفاية لكي نخرج من المسكنات إلى العلاجات.


العالم الإسلامي بين صراع الحضارات وحوار الحضارات

كوثر البشراوي: الوضع الراهن –كما قلت لك- بعد الأحداث الأخيرة هل نحن في إطار حوار حضارات بين العالم الإسلامي والعالمي الغربي أم إحنا في مواجهة مع الآخر؟

د. أكمل الدين إحسان أوغلي: أنا لا أريد أن نقول نحن في مواجهة مع الآخر، لأننا في طبيعتنا وفي حضارتنا وفي ديننا لم نتخذ موقف المجابهة.

كوثر البشراوي: أيه.. لما يعاديك الآخر..

د. أكمل الدين إحسان أوغلي: ولكننا.. ولكننا يجب أن نفرق أيضاً بين ما هو يتجه إلينا من نقد ومن هجوم يجب أن نفرق بين الصالح والطالح بين.. نفرق بين الثوابت والأشياء العارضة.

كوثر البشراوي: المتغيرات.

د. أكمل الدين إحسان أوغلي: اللي هي المتغيرات.. أنا أعتقد نحن يجب أن نرفض هذه المواجهات، يجب ألا نقع في فخ المواجهة، ولكننا يجب أن نؤكد موقفنا، ونؤكد موقفنا المبدئي، موقفنا الحضاري، ونفتح باب الحوار، ونرفض المواجهة، أنا أعتقد أن قبول المواجهة فخ يجب أن نتجنبه.

محمد غنيم (مستشار وزير الثقافة المصري): أتوقع يعني خلال العقد القادم ثقافة.. انتشار ثقافة الشعور بالظلم لدى المسلمين والعرب وعليهم أن يخرجوا بسرعة من هذا الشعور زي الشعور اللي إحنا شعرنا به أيام النكسة، نكسة 67، وأعتقد إن المد الاضطهادي في أدب الغرب وثقافة الغرب سيستمر إلى أن..

كوثر البشراوي: تنفجر العقد.

محمد غنيم: إلى أن تصفى المسائل، الإسراع بالقول بالحوار بين الحضارات هو تجميل لأمر قبيح قائم.

كوثر البشراوي: صحيح.. صحيح.. صحيح.

محمد غنيم: صدام الحضارات، الحضارات دائماً بتؤثر وتتأثر ولا تتصادم، إنما اللي بيتصادم هي المصالح والنظم الحكومية، إنما بلاشك هو عصر جديد سيكون مليئاً بالتوتر، الكر والفر، الهجوم والانسحاب، لكن في الآخر إحنا مطمئنين إن لدينا الحق، ومش بأنهي برضو نهاية سعيدة، لأن أنا حساس ناحيتك قوي، مش عايز أقول كلام تعتبريه جاي من مسؤول بيمثل حكومة، ولكن من إنسان عربي مسلم حاسس إنه معاه السلاح الطيب الجميل اللي يقول في الآخر: وسعوا السكة لكي نتعاون جميعاً، إحنا موجودين ولنتعاون جميعاً.

كوثر البشراوي: أنت هل توافق استخدام مصطلح مواجهة بينا وبين حضارات أخرى أو يستمر الحوار ببطء؟

د.غسان سلامة: لا حوار ولا صراع..

كوثر البشراوي: أصلاً..

د. غسان سلامة: الحضارات غير موجودة كفاعل في الساحة الدولية، غير موجودة.

كوثر البشراوي: يعني كل ها الندوات ما عملت شيء؟

د. غسان سلامة: كلام فارغ، الحضارة غير موجودة، هناك دول، هناك جماعات، هناك أفراد.

كوثر البشراوي: طيب حوار ثقافات.

د. غسان سلامة: لحظة.. لحظة.. لحظة، تتحاور.. ولا حتى حوار ثقافات، الثقافات غير موجودة كفاعل دولي، مَنْ يتحدث باسم الحضارة الإسلامية؟ مَنْ نحن كلفنا لكي يتحدث باسم الحضارة الإسلامية؟ مَنْ؟

كوثر البشراوي: فيه أئمة وعلماء..

د. غسان سلامة: أعوذ بالله.. أعوذ بالله، من يقول أن (جورج بوش) هو المتحدث الشرعي الوحيد باسم الحضارة الغربية؟ الواقع أن الحضارة الغربية، والحضارة الإسلامية، والحضارة الصينية والحضارات الأخرى كلها نوع من مخازن وليس لاعبة، مخازن نقتبس منها أفكارنا، أذواقنا، طريقة مسلكنا، عقائدنا، قيمنا، طريقة لبسنا، طريقة أكلنا، أذواقنا كل هذا نقتبسها مما نسميه حضارة، لكن هذا لا يسمح بأن نقول بأن الحضارات هي لاعبة مثل الدول أو مثل الجماعات أو مثل الأفراد، لذلك فالحضارات لا تتصارع، ولا تتواجه، ولا تتحاور.. ولا تتحاور.

كوثر البشراوي [مقاطعة]: ما الذي..؟

د. غسان سلامة [مستأنفاً]: لسبب بسيط، لأنها غير موجودة، غير موجودة كلاعبة على الساحة الدولية ليس هناك شيء اسمه الحضارة الغربية لها ممثلون شرعيون يأتون ويتحدثون باسمها…

كوثر البشراوي: طيب.. الحياة.

د. غسان سلامة: لأن الحضارة هي مخزن، هي منبع، هي نتاج تخيلاتنا وتراثنا وتاريخنا، وتاريخ وتراث وتخيلات غيرنا، الدول موجودة، الحكومات موجودة، الجماعات موجودة، الأفراد موجودون يتحاورون، يتخاصمون، يتصارعون، يتواصلون، الثقافات هي مجرد منبع مخزن نعود إليه لنأخذ منه قيمنا، لنأخذ منه أفكارنا، لنأخذ منه ما نحتاج إليه لتحديد مسلكنا، لبناء شخصياتنا، هذا صحيح، ولكنها ليست لاعبة.. ليست لاعبة، الحضارة ليست لاعبة.

كوثر البشراوي: إذا.. إذا الحضارات غير موجودة والثقافات.

د. غسان سلامة: موجودة لكن غير موجودة.

كوثر البشراوي: كمخزون.

د. غسان سلامة: كلاعبة سياسية، كلاعبة يعني ليس هناك شيء اسمه الحضارة يتحدث باسمها شخص.. باسمها شخص وهي موجودة كلاعبة في الساحة الدولية، مش معقول.

كوثر البشراوي: طيب.. طيب كيف تفسر هذا الارتباك اللي يتحدث عنه الكثير من المثقفين العرب ولابد إن.. يعني هذا التوازن بين.. بين سكان هذا العالم من الغربيين والعالم الثالث والعالم الإسلامي والعالم المضروب والكحيان..، هذا كله وهم؟

د. غسان سلامة: مش وهم، هاي مشكلة كبيرة مهمة جداً، مهمة جداً، لكن..

كوثر البشراوي[مقاطعةً]: مَنْ يؤثر على مَنْ؟ العولمة تأتي عن طريق مَنْ؟ مَنْ يؤثر على مَنْ؟

د. غسان سلامة: هذا كلام مهم جداً أن يكون هناك توازن في مجلس الأمن الدولي، في العلاقات الدولية في صياغة القوانين الدولية، في بناء النظام الدولي الجديد، أن نشترك جميعاً في ذلك، نحن لا نشترك بما أوتينا من قوة وبالموقع الذي يمكن لنا أن نطمح إليه في العالم بإعادة صياغة النظام الدولي على الإطلاق النظام الدولي غير ديمقراطي، المؤسسات الدولية غير ديمقراطية، المؤسسات الدولية تحرم دولاً مهمة، ولكن لحظة واحدة، المسألة ليست مسألة إنه حضارات، مثلاً لماذا هناك بلد يحوي مليار بشري موجود بمقعد دائم في مجلس الأمن الدولي وبلد مجاور لديه أيضاً مليار بشري وغير موجود بمقعد دائم في مجلس الأمن؟ لماذا الصين وليس الهند؟ هذا يعني اجتياح لأي فكرة ديمقراطية، والهند ليست دولة إسلامية أو عربية أو لكي.. لكن هذا غير.. غير ديمقراطي؟ إذاً النظام الدولي قائم على بنى غير ديمقراطية، وهذا.. هذه مسألة حقيقية.. حقيقية، لكن لا نختبئنَّ مرةً أخرى وراء إصبعنا، هذه مسألة حقيقية يجب أن نعالجها، يجب أن نناضل لتصحيح النظام الدولي غير العادل، بل الظالم في بعض عناصره، ولكن بدون أن ندغدغ حواسنا بمؤامرة دولية كبيرة اسمها العولمة والعولمة الثقافية والاجتياح الحضاري ومش عارف أيه، هذا كلام، هناك مشكلة حقيقية إذا كنا رجالاً علينا أن نواجهها هي انعدام العدالة في العلاقات الدولية، وتصحيح أنا هاي قصة تصحيح الصورة تضحكني.. تضحكني.. تضحكني، لأنه إذا كان الأصل بشعاً فليس هناك من عطار في العالم يمكن أن يصحح أصلاً بشعاً، المسألة ما إنها مسألة Cosmetics، ما أنها مسألة الذهاب إلى معهد للتجميل إن كان اسمه شركة علاقات عامة.

كوثر البشراوي: تجميل يعني.

د. غسان سلامة: أو قناة تليفزيونية أو مش عارف أيش، يا اللي هي عناصر تجميل كمعاهد التجميل الذي تذهب.. التي تذهب إليه السيدات يعني، هذه هي القناة التليفزيونية، المسألة ليست مسألة تجميل، المسألة مسألة تصحيح موقع، موقعنا هو أدنى بكثير، وأضعف بكثير، وأضيق بكثير مما نستحق ومما نحن عليه قادرون، المسألة تصحيح.. ليس تصحيح صورة وليس تصحيح صورة، الصورة تتصحح بصورة طبيعية منها لنفسها.. منها لنفسها في العالم، لسنا بحاجة إلى شركات علاقات عامة، وآمل ألا يعني هلا نأخذ شركات علاقات عامة، يعني أرى بعض الحكومات العربية منخرطة بالبحث إما عن قناة فضائية أو عن شركة علاقات عامة ومش عارف أيش لتصحيح الصورة، المسألة ليست تصحيح صورة.

كوثر البشراوي: يعني أنت مش..

د. غسان سلامة: المسألة تصحيح موقع، الموقع هش وضعيف ويجب تعزيزه وتصحيحه، مش مسألة صورة، هذا.. هذا لعب على الكلام ولعب على المرآة، نحن لا نريد أن نصحح المرآة نريد أن نصحح الأصل.

محمد غنيم: الموضوع مراجعة نقدية، وبعدين كله يعتمد على مَنْ سيكون المسؤول الذي سيتولى موقع معين لتنفيذ سياسة ثقافية سواء في قناة فضائية أو في مشروع ترجمة أو في اختيار برامج تعبر أو تعكس ثراء الحضارة الإسلامية سواء في الماضي أو في الحاضر، العملية دي تعتمد على النخبة اللي هتنتقى المؤهلة للتخطيط الثقافي السليم.

كوثر البشراوي: انتهى المؤتمر، وخلت القاعة، ولم يبقَ فيها سوى صوت العابرين، وبعد غيابهم نستأذنكم نحن أيضاً بالرحيل، وحتى موعدنا اللاحق نترككم في أمان الله ورعايته، إلى اللقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.