تحت المجهر

انتظار

سلطت حلقة الأربعاء 1/1/2014 من برنامج “تحت المجهر” الضوء على أحوال عرب اختاروا لبنان نقطة عبور لدول الاغتراب، لكنهم اضطروا للانتظار سنوات بلبنان، طامحين إلى غربة آمنة.

سلطت حلقة الأربعاء 1/01/2014 من برنامج "تحت المجهر" الضوء على أحوال عرب اختاروا لبنان نقطة عبور إلى دول الاغتراب، لكنهم اضطروا للانتظار سنوات في لبنان، طامحين إلى غربة آمنة، لكنهم ينتهون إلى برزخ لا يعلمون للانفلات منه سبيلا.. ضيق غير فسيح، بعد سنوات من الانتظار والمعاناة وشظف العيش.

يأتون بلا حقيبة، بلا شيء إلا الأمل في حياة جديدة آمنة بعد معاناة في الوطن، يضطرون لترك العائلة والأحبة، لكن يطول بهم المقام في لبنان، وتطول مع هذا الانتظار معاناتهم.

الحلقة التي حملت عنوان "انتظار" تروي حكاية الهجرة في وطننا العربي، لعرب اختاروا لبنان نقطة عبور إلى دول الاغتراب، لكنهم اضطروا للانتظار سنوات في لبنان وما زالوا. بعض الحكايات تبدأ من اللحظة التي تطأ فيها أقدام المهاجرين المغامرين مطار دمشق، وبعضها الآخر يبدأ من سوريا نفسها حتى تسللهم إلى الأراضي اللبنانية بانتظار الخروج منها، لكنهم يعلقون في دولة الممر التي تصبح مقرا إجباريا.

الحكاية الأولى لامرأة سودانية تدعى إخلاص، قدمت إلى لبنان طفلة في الخامسة عشرة من عمرها مختارة -بمحض إرادتها أو باختيار أسرتها- أن تتزوج من مقيم في لبنان لا تعرفه ولم تقابله من قبل.

تحط بها الطائرة في مطار دمشق فيقابلها شخص يرتب لها أمر التسلل إلى لبنان مجتازا بها الحدود السورية اللبنانية سيرا على الأقدام في مسالك جبلية لا تخلو من الخطر والمجازفة.

الرحلة تدوم ست ساعات، لكنها لا تتم بتلك السرعة، إذ يضطر المتسللون أو المهاجرون أو اللاجئون ومن يهربهم إلى الانتظار في بيوت مهجورة أو مزارع للمواشي والدواجن إلى أن تحين الفرصة المواتية قبل الشروع في تلك الرحلة التي تبلغ مسافتها ثمانية كيلومترات، يقرصهم فيها البرد ويعضهم أثناءها الجوع.

إخلاص تزوجت وأنجبت ثلاثة أطفال يذهبون إلى المدرسة، وما زالت في حالة انتظار منذ عشر سنوات، ولا أمل في الأفق بإعادة توطينها في إحدى الدول الغربية.

تعاني إخلاص من التمييز العنصري والطبقي في لبنان، لكنها لا تندم على قرارها بالهجرة من السودان، فلبنان يتوافر فيه من أسباب الرفاه النسبي ما لم يتوافر لها في جبال النوبة، حيث مسقط رأسها ومنشؤها.

قصة حسام
الحكاية الثانية لعراقي يدعى حسام مالك دخل، فنان مع وقف التنفيذ، في مقتبل عمره، يمني النفس بإيجاد موئل له وملاذ يستطيع فيه بعث أو استئناف أحلامه المدفونة أو المؤجلة.

حسام ليس له من اسمه نصيب، فإن كان اسمه "مالك دخل" بفتح اللام وتسكين الخاء، فلعدم قدرته على العمل في سوق تتوافر على عرض وفير وطلب نزير بسبب اكتظاظ أعداد المهاجرين واللاجئين، لا سيما السوريين، لكن حسام "ما له دخل" (علاقة) إن تعلق الأمر بالسياسة الداخلية اللبنانية، وإن كان يتحدث بلكنة لبنانية بعد مكوثه الطويل في لبنان.

الحكايتان الثالثة والرابعة لسوريين: الأول تتم مقابلته في بيته المتواضع، أما الثاني فضيف تلقاه الكاميرا دون ميعاد أمام مبنى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت، لا يتحدث حديثا وإنما يصرخ بأعلى صوته في الشارع مستصرخا ضمير العالم، رافعا أمام ناظرينا وثيقة فصل أطفاله الثلاثة من المدرسة في لبنان.

لسان حال اللاجئين جميعا لخصته عبارة يختتم فيها الفيلم ترد على لسان حسام مالك دخل "تعبنا، والله العظيم تعبنا!!".