تحت المجهر

جنوب أفريقيا ما بعد مانديلا (تحت الإعداد)

ما انعكاسات نتائج ثاني انتخابات ديمقراطية في جنوب إفريقيا؟ ما سبل مواجهة الحكومة الجديدة أخطار التركة الثقيلة التي ورثتها؟ ولماذا تصاعدت معدلات الجريمة بشكل مذهل وما دور المؤسسات المناهضة لها؟ وما أوضاع المسلمين ودورهم في البلاد؟
مقدم الحلقة عبد السلام أبو مالك
ضيوف الحلقة – عدة شخصيات، –
تاريخ الحلقة 08/07/1999

نيلسون مانديلا: لقد وصلت إلى نهاية مسيرتي السياسية، وأنا الآن أسلم مقاليد السلطة إلى رجل أصغر مني.

عبد السلام بو مالك: ودعت جنوب إفريقيا عهد الرئيس (نيلسون مانديلا) ودخلت عهداً جديداً بقيادة الرئيس (تابوامبيكي) وبدأ المتابعون للشؤون الإفريقية يرصدون عن كثب الإجراءات الإصلاحية التي وعد (حزب المؤتمر الوطني الإفريقي) باتخاذها لإبطال مفعول العديد من القنابل الموقوتة التي تهدد أمن وسلامة المجتمع الجنوب إفريقي.

ولكن قبل أن نتحدث عن هذه القنابل الموقوتة لا بأس أن نلقي نظرة ثانية على النتائج التي أسفرت عنها ثاني انتخابات ديمقراطية في هذا البلد. عندما بدأت الحملة الانتخابية في جنوب إفريقيا لم يكن أحد يشك في من سيفوز بهذه الانتخابات، فحزب المؤتمر الوطني الإفريقي كان الحزب الوحيد -ضمن ستة عشر حزباً- القادر على حصد أعلى نسبة من أصوات الناخبين، وقد تحقق له ما أراد.

والحقيقة أن الفوز الذي حققه لم يكن مجرد فوز لحزب سياسي، بل كان نصراً لحركة تحررية ذات قاعدة واسعة، ناضلت على مدى ثلاثة عقود ضد نظام الفصل العنصري، ورغم أن الكثيرين لا يزالون يرون في المؤتمر الوطني الإفريقي حركة ثورية أكثر منه حزباً سياسياً فقد حقق هذا الحزب في السنوات الخمس الأولى التي حكم فيها جنوب إفريقيا نجاحاً لم يتوقعه الكثيرون، فخلال هذه السنوات الخمس تحولت جنوب إفريقيا إلى بلد ديمقراطي ينعم بقدر من الاستقرار السياسي، ونجح الحزب في قلب توقعات الكثيرين بحدوث حرب أهلية، وبسيادة نظام ديكتاتوري يتسم بالفساد وعدم الكفاءة.

وفي حين كانت جنوب إفريقيا تئن تحت نظام الفصل العنصري، وتعتبر دولة منبوذة أصبحت الآن دولة ليبرالية ديمقراطية في قارة تعرف بأنظمتها الشمولية وحروبها الأهلية، ويرجع الكثيرون الفضل في ذلك إلى الرئيس السابق نيلسون مانديلا، هذا الرجل الذي قضى 27 عاماً في السجن، وخرج منه ليدعو مواطنيه إلى طي صفحة الماضي، وتعزيز المصالحة والوحدة الوطنية.

هذه العوامل هي التي أتاحت لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي أن يحقق ذاك الفوز الكبير بحصوله على 266 مقعداً في برلمان البلاد البالغ عدد مقاعده 400 مقعد، وتعني هذه النتيجة أن حزب المؤتمر الوطني فاز بأكثر من 66% من الأصوات في ثاني انتخابات غير عنصرية، وخسر بالتالي غالبية الثلثين بفارق مقعد واحد، وكان احتمال تحقيق مثل هذه النتيجة قد أثار انزعاجاً في الأسواق المالية، وولد تخوفاً لدى زعماء الأحزاب السياسية الأخرى.

مايك مورياتري (عضو اللجنة التنفيذية في الحزب الديمقراطي): نعتقد أن تركيز السلطة في يد أي شخص أو منظمة هو شيء سيئ، وكما يقول المثل فإن السلطة المطلقة سلطة مفسدة بالضرورة، ونعتقد أن خطر الحصول على أغلبية الثلثين سيعني أن المؤتمر الوطني الإفريقي قد ينتزع حقوق الملكية كما حدث في (زيمبابوي) ويحجب حرية التعبير.

عبد السلام بو مالك: وكان حزب المؤتمر الوطني قد فاز بنسبة 62.5% من الأصوات في أول انتخابات تشارك فيها جميع الأجناس والتي أجريت عام 94، وجاء الحزب الديمقراطي الليبرالي في المرتبة الثانية وفاز بـ 38 مقعداً، محققاً بذلك طموحه في أن يصبح حزب المعارضة الرئيسي، وتبعه في الترتيب حزب (الزولو إنكاتا) الذي فاز بـ34 مقعداً.

أما الحزب الوطني الجديد الذي يعتبر امتداداً للحزب الوطني –المسؤول عن فرض سياسات الفصل العنصري عام 48- فقد مُنى بهزيمة قاسية، وانخفض عدد المقاعد التي يحتلها إلى 28 مقعداً من أصل 82.

وإجمالاً فإن انتخابات الشهر الماضي أكدت مرة أخرى هيمنة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على المسرح السياسي في جنوب إفريقيا، وأفرزت معارضة جديدة تتمثل في الحزب الديمقراطي بدل الحزب الوطني الجديد المهدد بالانقراض تماماً كما انقرضت سياساته العنصرية السابقة، وتميزت بظهور أحزاب جديدة كحزب الحركة الديمقراطية الموحدة، الذي شارك لأول مرة في هذه الانتخابات، والأهم من ذلك كله أنها أتت برئيس جديد خلفاً لزعيم سياسي كان ولا يزال يتمتع بسحر وجاذبية لا تتوافران إلا للقليل من الزعماء.

ويسعى الرئيس الجديد الذي يوصف بأنه دبلوماسي مثقف لإبراز صورته كزعيم قوي قادر على ملء الفراغ الذي سيتركه سلفه نيلسون مانديلا، وعلى تسيير دفة الأمور في بلده دون الوقوع في مطبات أو عثرات.

طوني ليون (زعيم الحزب الديمقراطي): إنه رجل مثقف وذكي، لكن هل سيكون قادراً على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الجريمة، والتصدي لبعض الفصائل داخل حزبه؟! هذا هو السؤال.

إنه يعرف كيف يمسك بزمام السلطة ويتحكم في تسيير أعضاء حزبه، لكن أن يحكم بلداً متعدد الثقافات.. شيء مختلف تماماً.

أحمد قاترادة (مستشار نيلسون مانديلا): الزعماء كمانديلا والمهاتما غاندي في الهند، وروزفلت في أميركا ولينين في روسيا، لا يتكررون، ولذلك لن يكون امبيكي هو نيلسون مانديلا، إنه شخص مختلف تماماً، ولكن في نهاية المطاف فإنه سينفذ سياسات حزبه وحكومته، وهذا ما كان يفعله مانديلا.

عبد السلام بو مالك: والحقيقة أن تابوامبيكي كان هو الحاكم الفعلي لجنوب إفريقيا في العامين الماضيين، كما صرح بذلك مانديلا نفسه أكثر من مرة.

نيلسون مانديلا (الرئيس السابق): إنه رجل أصغر مني سناً، ولديه خلفية سياسية جيدة، وكما أوضحت في مناسبات عدة خلال العامين أو الأعوام الثلاثة الماضية فقد كان هو الرئيس الفعلي وزعيم هذه البلاد، أما أنا فكنت رئيساً بالاسم فقط.

عبد السلام بو مالك: والآن وقد تمكن الحزب الوطني الإفريقي من تحقيق النصر الذي كان يصبو إليه، فقد حان الوقت لترجمة الأقوال إلى أفعال، وتطبيق شعار الحزب الذي يعد بتحقيق حياة أفضل للجميع، لكن التحديات كثيرة، وقد تحدث امبيكي في خطابه في حفل التنصيب عن هذه التحديات التي تواجه حكومته الجديدة، ودعا إلى استكمال التحرير -الذي بدأه الرئيس السابق نيلسون مانديلا- من خلال إزالة كل حالات عدم المساواة والحرمان الموروثة عن نظام الفصل العنصري، وتحسين مستوى المعيشة المتدني لملايين السود في جنوب إفريقيا.

تابوامبيكي (رئيس جنوب إفريقيا): لا يمكن أن تملأ ليالينا إلا الكوابيس، عندما يعيش ملايين من المواطنين في فقر مدقع، ويصاب الأطفال بالأمراض بسبب نقص التغذية، لا يمكن أن تمر ليلة نرتاح فيها بينما يعاني الملايين من البطالة، ويدفع الجوع بالبعض إلى التسول أو السرقة أو القتل لإعالة أفراد أسرهم الذين يتضورون جوعاً.

(آلان بيتون) من روايته الشهيرة"ابك يا بلدي الحبيب" "أرسلت الشمس أشعتها على قمم جبال إنغليا، لكن وادي أومزي امكولو لا يزال قابعاً في ظلام دامس، غير أن النور سيأتي هناك لأن الفجر بزغ كما بزغ قبل آلاف السنين، لكن متى سيبزغ فجر انعتاقنا من خوف الاستعباد واستبعاد الخوف، ذلك هو السر.

عبد السلام بو مالك: الفقر والبطالة والجريمة والإيدز، هي التركة الثقيلة التي ورثتها الحكومة السابقة، وترثها الآن الحكومة الجديدة، وهي تركة ثقيلة فعلاً، ويكفي أن نلقي نظرة على الإحصائيات الرسمية، وغير الرسمية في هذا المجال.

الإحصائية تقدر عدد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر بـ 31 مليون أي حوالي 70% من السكان، 95% منهم من الغالبية السوداء، ويتركز الفقر بصفة خاصة في ضواحي المدن، حيث يقيم الملايين من السود في بيوت من صفيح تفتقر إلى الماء والكهرباء، وبالنسبة لهؤلاء فإن الديمقراطية لا تعني أي شيء.. إذا لم تقترن بتحسين أوضاعهم، وهم يعلقون الكثير من الآمال على الحزب الذي منحوه أصواتهم، ووضعوا فيه ثقتهم.

مواطن من جنوب إفريقيا1: أعتقد أن المؤتمر الوطني الإفريقي عمل الشيء الكثير، وهناك من استفاد وحصل على سكن جديد، فيه ماء وكهرباء وحتى الهاتف، وهناك آخرون كثيرون لا يزالون ينتظرون، ونحن منهم، وأتمنى أن تبذل الحكومة الجديدة كل جهودها لتحسين أوضاعنا.

عبد السلام بو مالك: ويلقي الكثيرون اللوم على نظام الفصل العنصري الذي فرض طوقاً محكماً من العزلة على السود في كل مناحي الحياة، وحرمهم من التعليم، وبالتالي من كسب مهارات تؤهلهم للحصول على عمل، وإذا كان مواطنو جنوب إفريقيا قد تحرروا من ربقة نظام التفرقة العنصرية، أو ما كان يعرف باسم Apartheid عام 94 فإن البطالة أبقت معظمهم تحت نير الفقر، وتظهر إحصائيات نشرت عام 97 أن نسبة العاطلين من البيض تقل كثيراً عن نسبة العاطلين من بين الأجناس الأخرى الموجودة في البلاد، فمن بين كل ستة سود عاطلين، هناك ثلاثة ملونين عاطلين، وأبيض واحد فقط عاطل عن العمل.

ورغم أن حكومة مانديلا وضعت عام 94 برنامجاً طموحاً لمكافحة نمو معدلات الفقر والبطالة، إلا أن البرنامج أخفق في تحقيق هدفه بسبب نقص الخبرات والموارد الضرورية لتنفيذ مثل هذا البرنامج، وفي عام 97 وضعت الحكومة برنامجاً آخر أخفق هو أيضاً في تحقيق هدفه، وكان البرنامج الذي أطلق عليه برنامج (التنمية والتشغيل وإعادة التوزيع) يرمي إلى خلق 400 ألف منصب عمل جديد.

لكن ما حدث كان العكس، حيث فقدت البلاد 500 ألف منصب عمل في السنوات الخمس الماضية، واستمرت البطالة في الارتفاع من 30% عام 95 إلى 35% عام 98 وهي الآن تقارب 40% وهي من أعلى النسب في العالم.

وزاد الطين بلة تدفق المهاجرين غير الشرعيين على جنوب إفريقيا من الدول المجاورة لها، وقد صعدت السلطات حملتها لطرد هؤلاء المهاجرين، واعتقلت منهم 100 ألف في العام الماضي.

وهناك عامل آخر يزيد الظاهرة استفحالاً، وهو محاولة جنوب إفريقيا الاندماج في الاقتصاد العالمي عن طريق فتح أسواقها التي كانت محمية في عهد نظام الفصل العنصري، ومع تدهور قيمة العملة المحلية وارتفاع مديونيات البلد طفحت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية على السطح، زادت نسبة الفقر حتى في صفوف البيض، إذ تضاعفت ثلاث مرات من 3% إلى 9% بين عام 75 و91، وأصبحت ظاهرة المتسولين من البيض والسود على حد سواء أمراً مألوفاً في شوارع جوهانسبرج وغيرها من المدن. وفي أجواء الفقر والبطالة تنتعش ظاهرة أخرى أسوأ بكثير عبر عنها الرئيس الجديد بقوله..

تابوامبيكي: هذا البلد مترامي الأطراف، وفيه كثافة عالية من السكان، وأيضاً مجرمون كثيرون، يجب أن نعالج مشكلة الأسلحة، وحتى ننجح في ذلك نريد تعاونكم معنا.

عبد السلام بو مالك: ومرة أخرى تطلعنا الإحصائيات على أرقام مخيفة، تشير إلى أن 140 جريمة أو جريمة قتل ترتكب كل يوم، وفي كل دقيقتين يسرق بيت، وفي كل 12 دقيقة تغتصب امرأة، وتضيف الإحصائيات أن 47 مجرماً -فقط- من أصل 1000 يُعتقلون، وأن ثمانية فقط من كل 1000 مجرم يقضون في السجن أكثر من عامين، وبذلك تبلغ معدلات الجريمة في جنوب أفريقيا ثمانية مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية، وبهذا المستوى المخيف أدت الجريمة إلى انتشار إحساس شديد بالخوف، وعدم الأمان لدى السكان.

مواطنة من جنوب أفريقيا1: جرائم كثيرة تحدث في هذا البلد، والكثير من الناس يفقدون حياتهم هباًء، والوضع بكل صراحة يزداد سوءاً.

عبد السلام بو مالك: ورغم انتشار رجال الشرطة في الأماكن العمومية فإن دورهم في حماية السكان يعتبر ضئيلاً، بل صاروا أنفسهم الضحية الأولى للمجرمين، حتى إن البعض يقول: إن قتل رجال الشرطة أصبح الرياضة المفضلة في جنوب إفريقيا، ففي العام الماضي قُتل أكثر من 230 شرطياً، وحضر الرئيس امبيكي قداساً دينياً في الذكرى السنوية الأولى لمقتلهم.

الخوف المستمر من التعرض للقتل أو السرقة دفع بعض الشركات إلى إنتاج سيارات بمواصفات خاصة، تحتوي على قاذفة للهب للقضاء على ظاهرة اختطاف السيارات المنتشرة بشكل كبير في جنوب إفريقيا، كما أدى إلى ازدهار تجارة من نوع خاص، وهي شركات حماية خاصة توفر الأجهزة الإلكترونية للكشف المبكر عن أي محاولة لمداهمة البيوت أو سرقتها، وقد أصبح عدد الموظفين بهذه الشركات يفوق بكثير عدد رجال الشرطة في جنوب إفريقيا.

ديف كاسي (مدير شركة بي بي آر): الطلبيات التي تأتينا من السوق المحلية تتمثل في أجهزة حماية شخصية، وأجهزة إنذار للتبليغ عن وجود لصوص، أو كاميرات مراقبة، وأجهزة إغلاق وفتح الأبواب عن طريق التحكم عن بُعد وغيرها من الأجهزة الإلكترونية.

عبد السلام بو مالك: أما النساء فهن في رعب دائم من احتمال تعرضهن للاغتصاب، الذي قد يصبح حكماً بالإعدام إذا ما كان المعتدي مصاباً بفيروس الإيدز، ومع ارتفاع معدلات الجريمة بدأ المواطنون يطالبون بإعادة الحكم بالإعدام الذي ألغى عام 95 لردع المجرمين.

سيمون غرينرود (جمعية المطالبة بإعادة حكم الإعدام): توقعنا أن يلجأ الناس لاستعمال السلاح لحماية أنفسهم ما لم تقوم الحكومة بحمايتهم، ونخشى أن تتحول البلد في المستقبل إلى غابة يسود فيها حكم العصابات، لأنه من السهل لأي كان أن يدعو إلى حمل السلاح وتنفيذ القانون بنفسه، وما لم تتحرك الحكومة بسرعة فهذا ما سيحصل فعلاً.

تيري كروفورد براون (من دعاة حقوق الإنسان): من الواضح أنه لا يوجد حل سريع، وإعادة الحكم بالإعدام لن يحل مشكلة الجريمة، ما نريده هو أن يقدم مرتكبو الجرائم للعدالة، وأن يقضوا مدة العقوبة الصادرة في حقهم داخل السجون.

عبد السلام بو مالك: وقد صنف المنتدى الاقتصادي العالمي جنوب إفريقيا جنباً إلى جنب مع كولومبيا وروسيا كدولة تنتشر فيها الجريمة المنظمة.

ومن الآثار السلبية لظاهرة الجريمة في جنوب إفريقيا، هجرة الأدمغة والمهارات خارج البلد، خاصة في صفوف الأقلية البيضاء، وهو ما يشكل نزيفاً مستمراً يعرض جنوب إفريقيا إلى أن تصبح من أفقر الدول في الكفاءات، فضلاً عن تنفير المستثمرين الأجانب والسُياح، بسبب التقارير المستمر عن وقوع جرائم خاصة في جوهانسبرج حيث تسجل أعلى نسبة في العالم لجرائم القتل والاغتصاب.

ومما يزيد الصورة قتامة انتشار أمراض جنسية معدية، أخطرها مرض نقص المناعة المكتسب أو الإيدز، وعلى خلاف العديد من الدول التي لديها معدلات مرتفعة من الإصابات بمرض الإيدز، فإن الوباء وصل إلى جنوب إفريقيا في وقت متأخر نسبيا، فقبل 1987م لم يكن الإيدز منتشراً بشكل كبير في جنوب إفريقيا، أما الآن فقد انتشر بسرعة كبيرة خاصة في إقليم كوزولوناتال، حيث تفوق نسبة الوفيات بسبب الإيدز نسبة الولادة، ونظراً لاستفحال هذا الوباء في جنوب إفريقيا بدأت بعض الجمعيات المسيحية بإنشاء مستشفيات خاصة تقدم فيها الرعاية والمأوى لمرضى الإيدز.

كيف علمت أنك مريض؟

مريض بالإيدز: لا أدري حقيقة لكن أحسست بالمرض يستشري في كل أنحاء جسمي.

عبد السلام بومالك: هل تشعر الآن ببعض التحسن؟

مريض بالإيدز: كثيراً.. لم أكن قادراً على المشي، أو حتى الذهاب إلى المرحاض، وكنت أحتاج لمن يساعدني، لكني الآن أستطيع أن أتحرك.

عبد السلام بو مالك: وينتشر المرض بصورة أكبر بين الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عاماً، وبعضهن ينقلن المرض إلى مواليدهن، الذين يدفعون ثمن ذنب لم يرتكبوه.

وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 6% من سكان جنوب إفريقيا أي 3.5 ملايين مصابون بفيروس (H.I.V) وأن 10% من الذكور بين 15 و45 عاماً مصابون بالمرض، وأن 14% من الإناث من نفس الأعمار مصابات بالإيدز، ويقدر عدد المصابين يومياً بـ 1600 شخص، وتشير التقديرات إلى أن ربع سكان جنوب إفريقيا سيصابون بالإيدز عام 2010م، وهو ما سيقلص متوسط الأعمار من 68 إلى 48 عاماً، ويلقي البعض اللوم في انتشار الإيدز وغيره من الأمراض الجنسية الأخرى على المهاجرين القادمين من الدول المجاورة.

وقد بدأ الرئيس امبيكي -الذي يضع على صدر سترته شارة مكافحة الإيدز في بعض المناسبات- برنامجاً وطنياً لمكافحة الوباء، ويتوقع الاقتصاديون أن يكون للمرض تأثيرات سلبية كبيرة على النمو الاقتصادي في جنوب إفريقيا في السنوات القادمة، وعليه فإن إعادة بناء الاقتصاد هي من أولويات الحكومة الجديدة، لكن في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة إنعاش الاقتصاد تشهد أسعار الذهب انخفاضاً كبيراً وتعتبر جنوب إفريقيا أول منتج للذهب في العالم، ويشكل هذا المعدن النفيس 25% من مجموع صادراتها الخارجية.

وكان لانخفاض أسعار الذهب انعكاسات سلبية على الناتج المحلي الإجمالي، كما أدى إلى إغلاق العديد من المناجم وتسريح العديد من العمال، وقد بلغ عدد العاملين الذين فقدوا وظائفهم في مناجم الذهب مائة ألف على مدى السنوات الثلاث الماضية، وتعود أسباب انخفاض أسعار الذهب -أساساً- إلى خوف المستثمرين من أن تعمد البنوك المركزية في أوروبا وأميركا إلى بيع احتياطاتها الضخمة من الذهب وإغراق السوق، خاصة بعد أن أعلن البنك المركزي البريطاني مؤخرا عزمه على بيع نصف احتياطيه من الذهب، وهو ما أدى فوراً إلى انخفاض بلغ 30 دولاراً في سعر الأوقية، وكانت أسعار الذهب بدأت في الانخفاض منذ نحو عاماً ونصف إلى أن بلغ سعر الأوقية في الشهر الماضي إلى 294 دولاراً وهو أدنى سعر له منذ عشرين عاماً.

وفي مثل هذه الأوضاع الاقتصادية تبدأ الحكومات في اتخاذ بعض الإجراءات كتفويت الشركات المملوكة للدولة إلى القطاع الخاص، وقد أعلن الرئيس الجديد بعد أسبوع فقط من توليه الرئاسة أن حكومته وافقت على بيع 20% من أسهم الخطوط الجوية الجنوب إفريقية لشركة الخطوط الجوية السويسرية مقابل 230 مليون دولار، وهي الخطوة الأولى في سلسلة من الإجراءات تنوي الحكومة الجديدة اتخاذها لتنشيط الاقتصاد، وتحسين الأوضاع المتردية.

وقد تحدث امبيكي في خطاب التنصيب عن عزمه بناء مجتمع أكثر إنسانية بدل ما أسماه المجتمع المتوحش إلى أقصى درجة الذي تركه نظام التمييز العنصري، وربما لم يكن من قبيل الصدفة أن تتزامن احتفالات تنصيب الرئيس الجديد لجنوب إفريقيا مع الذكرى الثالثة والعشرين لاندلاع أول انتفاضة في (سويتو) ضد نظام الحكم العنصري، واندلعت هذه الانتفاضة التي قتل فيها 6 أشخاص، وجرح أكثر من 60 آخرين احتجاجاً على فرض اللغة الأفريقانية، لغة الأقلية البيضاء في المدارس وكانت هذه الانتفاضة الشرارة الأولى التي أطلقت موجة من الاحتجاجات ضد نظام Apartheid وأصبح النصب التذكاري لضحايا هذه الانتفاضة شاهداً على أبشع نظام عنصري عرفه التاريخ الحديث، ومن المفارقات أن تظل بعض معالم هذا النظام قائمة في بعض الساحات العمومية في مدن جنوب إفريقيا.

فهذا تمثال (بولك روجر) مؤسس الدولة الأفريقانية لا يزال يقف شامخاً في قلب العاصمة (بريتوريا)، وبعد خمس سنوات على انهيار نظام الفصل العنصري لا تزال قلة من اليمين المتطرف من الأفريقان المنحدرين من أصول هولندية، يرفضون الاندماج في المجتمع الجديد، ويدعون إلى إقامة مجتمع خاص بهم.

ضاربين عرض الحائط بمبدأ المصالحة الوطنية والمساواة بين كل الأجناس والأعراق، ويهدد بعضهم بشن حرب ضد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، شبيهة بالحرب التي خاضها أجدادهم في أواخر القرن الماضي ضد البريطانيين، وهي تهديدات ينظر إليها الكثيرون بأنها سخيفة وجوفاء.

سامبي تيربلانش (محلل سياسي): إذا ما نظرنا إلى كل هذه المشاكل في جنوب إفريقيا البالغ عدد سكانها 42 مليون نسمة،فإن مطالب مئات أو حتى آلاف من البيض بإقامة جنة صغيرة لهم في إفريقيا هي مجرد هراء، وهي في كل الأحوال غير قابلة للتحقيق.

عبد السلام بو مالك: فمعظم البيض البالغ عددهم خمسة ملايين يقرون بأن ممتلكاتهم لم تصادر منهم، وأن حقوقهم لا تزال محفوظة، ولكنهم يدركون أن امتيازاتهم في تناقص وأن لغتهم آخذة في الانحسار. هذه هي التحديات الداخلية التي ستضع الرئيس امبيكي وحكومته على المحك.

أما على الصعيد الخارجي فهو يعتزم أن تبذل حكومته كل ما في وسعها لحل النزاعات المحتدمة في القارة الإفريقية.

ويندرج هذا الالتزام في إطار إيمانه الشديد بوجوب العمل على تحقيق نهضة إفريقية لتسخير ثروات إفريقيا لما فيه تقدم ورقي شعوبها، وإذا كان الرئيس السابق رفع شعار المصالحات الوطنية خلال مدة حكمه فإن امبيكي جعل من مشروعه الرامي إلى تحقيق نهضة أفريقية هدفاً استراتيجياً.

تابوامبيكي: من الواضح أن مستقبل هذا البلد مرتبط بشكل كبير جداً بما يحدث في باقي أنحاء القارة الإفريقية، ولذلك طرحنا موضوع نهضة إفريقية، وقلنا ربما حان الوقت لانبعاث هذه القارة.

عبد السلام بو مالك: وينظر بعض الساسة البيض إلى مشروع امبيكي بكثير من الارتياب.

طوني ليون: أعطى امبيكي إشارات متناقضة عن شكل السياسة التي سيقود بها البلد، فهو من ناحية يتحدث عن رؤية ضيقة لتحقيق نهضة أفريقية، ويلمح باستمرار إلى أن البيض لم يقدموا ما يكفي من التضحيات، ويجب أن يقدموا مزيداً من التنازلات، ومن ناحية أخرى يتحدث عن سياسة تهتم بشعب جنوب إفريقيا على غرار ما كان يدعوا إليه مانديلا.

عبد السلام بو مالك: لكن مشروع امبيكي يجد قبولاً كبيراً لدى الأفارقة.

يوري موسيفيني (الرئيس الأوغندي): نعم إفريقيا تحتاج إلى نهضة، والنهضة تعني الانبعاث، القارة الإفريقية استعمرت في القرن الماضي، بل وحتى قبل ذلك في القرون الماضية منذ حوالي 500 عام وامتهنت كرامة شعوبها، أما الآن فنحن نتطلع إلى فجر جديد.

دانييل آراب موي (الرئيس الكيني): إنها الرؤية التي نتطلع إليها في المستقبل لأجيالنا القادمة، وأتمنى لجنوب إفريقيا ولكل شعوب هذه القارة مستقبلاً أفضل يحققون فيه وحدتهم ويعملون فيه للصالح العام.

مهدي إبراهيم (السفير السوداني المعتمد لدى الولايات المتحدة): أفريقيا تأخرت كثيراً،وقد سبقتها أوروبا في النهضة، وأميركا في النهضة، وآسيا في النهضة، وأملنا الكبير في أن يكون القرن الجديد فعلاً في الألفية الثالثة هو قرن النهضة الإفريقية، ولن يكون هذا بالكلام، ولا بالأحلام والأماني، وإنما يكون بالتخطيط الاستراتيجي، بتحديد المراحل، بتوزيع الأدوار، برفع الهمة، بإعلاء قيم… القيم الحقيقية في إفريقيا، قيم النضال، وقيم الكفاح، وقيم العمل، وقيم العمل الجماعي كذلك المشترك من أجل الخروج بإفريقيا من صراعاتها وخلافاتها إلى توظيف إمكاناتها البشرية والمادية للتنمية والسلام والاستقرار والرفاهية.

عبد السلام بو مالك: ويعني امبيكي بالنهضة الإفريقية إنشاء ديمقراطيات مستقرة في القارة الإفريقية، واحترام حقوق الإنسان، وإنهاء الصراعات المسلحة، وتحقيق حياة أفضل لشعوب إفريقيا.

وحتى نقترب من رسم صورة كاملة للأوضاع السياسية والاجتماعية في جنوب إفريقيا، لابد من الحديث عن الدور الفاعل الذي تلعبه بعض الأطراف في هذا البلد المتعدد الأعراق، ومن هذه الأطراف أفراد الجالية المسلمة التي استقرت في هذا البلد منذ أكثر من قرنين، والبداية كانت هنا في مدينة (كيب تاون).

تعود جذور الجالية المسلمة في جنوب إفريقيا إلى أواخر القرن السابع عشر، عندما بدأ الهولنديون نفي بعض رجال المقاومة المسلمين من مستعمراتهم السابقة في جنوب شرق آسيا، واستقر المسلمون الأوائل بمدينة كيب تاون ومنها بدؤوا نشر الإسلام في باقي المدن الجنوب إفريقية.

وفي كيب تاون لا تزال الصلاة تؤدى في أول مسجد بني في جنوب إفريقيا ويسمى المسجد الأول، ولا يزال أول مصحف مخطوط محفوظاً داخل هذا المسجد منذ عام 1794م، وبينما يتركز المسلمون من أصل ماليزي وأندونيسي في كيب تاون، ينتشر المسلمون من أصل هندي بشكل خاص في دربن وجوهانسبرج، ويقدر عدد أفراد الجالية المسلمة بنحو مليوني مسلم يشكلون 2% من مجموع سكان البلاد، ورغم قلة عددهم فإن المسلمين لعبوا دوراً في مقاومة النظام العنصري في العقود الثلاثة الماضية، وانضم الكثير منهم إلى عضوية المؤتمر الوطني الإفريقي، وبانتقال السلطة إلى هذا الحزب عام 94 تبنيه دستوراً ليبرالياً جديداً يبيح الإجهاض، ويحمي حقوق الشواذ!!

بدأت الانقسامات في الرأي تطفو على السطح بشأن العديد من القضايا بين تيارين: أحدهما محافظ يدعو إلى الاندماج في المجتمع، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية، وآخر متشدد يكفر النظام ويرفض القبول بالوضع القائم، ويعتبر مجلس القضاء الإسلامي أقوى التنظيمات الإسلامية، وأكثرها نفوذاً في جنوب إفريقيا، وقد أُسس المجلس قبل نحو 54 عاماً، ويعتبر الناطق الرسمي لصوت المسلمين، ويمثل أعضاؤه التيار المعتدل والمقبول لدى غالبية المسلمين والحكومة الجنوب إفريقية، ويرى أعضاء المجلس إن حكومة مانديلا فتحت الباب للمسلمين، ومنحتهم ما لم يكونوا يحلموا به في ظل النظام العنصري.

الشيخ نظيم محمد (رئيس مجلس القضاء الإسلامي): فوق 30 من المسلمين في البرلمان، هذا عدد كبير، ونحن بالنسبة للأجناس هنا 2%، خلي بالك 2%، و30.. 35 من المسلمين في البرلمان، حتى أول مرة في تاريخ جنوب إفريقيا عندنا مصلى في البرلمان يصلوا هناك، وهم يحترمون عيدنا، ومثل هذا.. ما كان فيه شيء مثل هذا أبداً عندنا في جنوب إفريقيا.

عبد السلام بو مالك: وبناءً عليه ناشد المجلس أفراد الجالية المسلمة الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الماضية، ورفض دعوة إحدى الجماعات الإسلامية لمقاطعة هذه الانتخابات، وقد أفرز الواقع المتردي في جنوب إفريقيا ظهور منظمة تطلق على نفسها (الشعب ضد اللصوصية والمخدرات) أو ما يعرف اختصاراً باسم BAGAD، ونجحت هذه المنظمة في بداية إنشائها عام 95 في استقطاب الكثير من الأعضاء، وتعاطف معها الكثير من أفراد الجالية المسلمة وغير المسلمة، عندما بدأت في شن حرب على عصابات المخدرات، وتصفية أعضاء هذه العصابات، وبدت قوة هذه المنظمة وتحديها للسلطات في تنفيذ القانون بنفسها في عملية مثيرة كإشعال النار في أحد أفراد عصابات المخدرات في كيب تاون، لكن الخط المتشدد التي نهجته هذه المنظمة أفقدها بعض شعبيتها، خاصة عندما بدأت تتطلع إلى الهيمنة على الساحة الإسلامية في جنوب إفريقيا، وطالت عملياتها الهجومية أفراد الجماعات الإسلامية المعارضة لتوجهاتها المتشددة.

سيد فريد (رئيس تحرير مسلم فيوز): هناك انخفاض في أعداد المؤيدين BAGAD، وأعتقد أن السبب في ذلك هو أن الناس بدؤوا ينظرون إليها على أنها منظمة تستعمل العنف، وعزز هذا الاعتقاد المسيرات الاحتجاجية الذي ينظمها أعضاء المنظمة، والتصريحات النارية التي يدلون بها، والناس يرون أن أسلوب العنف ليس هو الأسلوب أو الوسيلة الأنسب لمحاربة عصابة المخدرات.

أسلم توفيق (عضو سابق بمنظمة BAGAD): لم تكن هذه أبداً سياسة BAGAD، BAGAD لا تفجر القنابل، ولا تسعى إلى ترهيب الناس، بالتأكيد نحن نشن حرباً على العصابات المتورطة في تجارة المخدرات والأسلحة وغير ذلك، ومن الطبيعي أن تنشأ بيننا وبين هذه العصابات عداوة وتوتر.

عبد السلام بو مالك: ويتهم البعض هذه المنظمة بأنها أساءت لصورة المسلمين في جنوب إفريقيا، عندما اتهمتها الشرطة ووسائل الإعلام بالمسؤولية في حادث انفجار مطعم Planet Holly wood) رداً على القصف الأميركي للسودان وأفغانستان، وهو الحادث الذي دفع الخارجية الأميركية إلى إدراج هذه المنظمة مع جماعة إسلامية أخرى تسمى (القبلة) في قائمة المنظمات الإرهابية.

أسلم توفيق: أعتقد أنه من الإجحاف أن تتهم أية دولة منظمة بالإرهاب، ونحن نعلم أنه كل ما انتفض الناس لتغيير أوضاعهم وصفوا بالإرهاب، وبصفة عامة فإن المسلمين يُتهمون بالإرهاب في كل أنحاء العالم، وأعتقد أن في ذلك إجحاف كبير، فكلما حاول المسلمون تطبيق دينهم فهم إما متطرفون أو إرهابيون!

عبد السلام بو مالك: ويعلق المسلمون آمالهم على الحكومة الجديدة للنظر في الكثير من القضايا التي تشغلهم.

محمد إحسان طالب (مجلس القضاء الإسلامي): الذي نتوقع واللي حقيقة الذي نحصل من.. نستفيد من وجودهم في البرلمان بأنهم يراعون.. يعني حصول وجلب مصالح المسلمين التي مثلاً يتعلق بالأراضي.. للمساجد مثلاً، وبتنفيذ مثلاً.. أيضاً الحصول على أبنية للمدارس مثلاً، وأيضاً ما يتعلق مثلاً بتقنين الأحكام أو الأحوال الشخصية للمسلمين، واعتبارها من ضمن نظام البلد.

سيد فريد: ما يتوقعه المسلمون عموماً من الحكومة هو احترام القيم الأخلاقية، فالدستور هنا يبيح الإجهاض، والإباحية مستشرية بشكل كبير، والحكومة تغض الطرف عن الدعارة، وتريد تقنينها بدل محاربتها، وما يريده المسلمون الذين صوتوا في معظمهم لصالح المؤتمر الوطني الأفريقي هو أن تتخذ الحكومة موقفاً حازماً من القضايا الأخلاقية.

عبد السلام بو مالك: أما مسألة تشكيل حزب إسلامي للدفاع عن قضايا المسلمين في جنوب إفريقيا، فهناك شبه إجماع على عدم جدواها في الوقت الراهن.

الشيخ نظيم محمد: الأحسن لنا ندخل المسلمين في نفس البرلمان الذي هو.. الحزب بدل ما نقوي حزب، لأن الحزب هذا ما هيجيب لنا أعضاء بهذا العدد.. خلي بالك، يمكن -إن شاء الله-في المستقبل.

عبد القادر طيوب (جامعة كيب تاون): يجب أن نفكر في إيجاد بدائل أخرى، ومن هذه البدائل مثلاً إنشاء جماعات (…) أو منظمات غير حكومية للدفاع عن مصالح الجالية المسلمة ومصالح المواطنين في جنوب إفريقيا بصفة عامة، وهذا ما يجب أن نفعله.

عبد السلام بو مالك: وفي ظل الحرية السياسية والدينية التي تتمتع بها الأقلية الإسلامية في جنوب إفريقيا، مقارنة بما كان عليه وضعها إبان نظام الفصل العنصري،أصبح لأفراد هذه الجالية محطات إذاعية تبث على مدار الساعة.

محمد فائق إبراهيم (إذاعة صوت الكاب): الإذاعة وسيلة إعلامية هامة للتفاعل مع أفراد الجالية المسلمة، وهذا مهم جداً بالنسبة لنا، خاصة وأن نظام الأقلية البيضاء كان يفرض قيوداً مشددة على غير البيض، والآن نستعمل هذه الوسيلة لما فيه مصلحة جاليتنا، ولتنوير شبابنا بشكل خاص.

عبد السلام بو مالك: ونظراً للطابع العلماني لحكومة جنوب إفريقيا، فإن الحكومة لا تقدم الدعم المالي للأقلية الدينية في بناء دور العبادة، أو المدارس الخاصة بها ويعتمد المسلمون في بناء مساجدهم على التبرعات الفردية، أو جمع الأموال من خلال تنظيم حفلات اجتماعية تعرض فيها أنشطة ترفيهية وتثقيفية، ويخصص نصف مداخلها لبناء مساجد جديدة.

ويحرص بعض أفراد الجالية المسلمة على تعاليم أبنائهم في مدارس إسلامية خاصة، تدرس إلى جانب المناهج الدراسية المقررة على مستوى الدولة اللغة العربية، والتربية الإسلامية، وللغة العربية مكانة خاصة في قلوب سكان كيب تاون المسلمين، ويقبل الكثير منهم على دراستها كمدخل لفهم الدين الإسلامي.

عمر عبد الرحمن (معهد دار الأرقم الإسلامي): الطلاب لهم رغبة كبيرة في معرفة اللغة العربية لكونها لغة القرآن، وكونها لغة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكون اللغة العربية أصبحت لغة عالمية يعني.. تتداول في منظمات دولية، وهيئات الأمم المتحدة، فلذلك الطلاب لهم رغبة كبيرة في .. يتشجعون لمعرفة اللغة العربية.

عبد السلام بو مالك: ورغم تراجع عدد المسلمين في الحكومة الجديدة مقارنة بعددهم في الحكومة السابقة يظل الكثير من المسلمين متفائلين بشأن ما يحمله المستقبل لهذه الجالية في جنوب إفريقيا مع بداية الألفية الثالثة.

عبد القادر طيوب: أشعر أن قاعدة المشاركة السياسية للمسلمين بدأت تتسع أكثر فأكثر، والمواطنون في جنوب إفريقيا بدؤوا يدركون ما يعنيه الإسلام أكثر من أي وقت مضى.

الشيخ نظيم محمد: أجدادنا الأوائل زرعوا شجرة الإسلام في هذه الأرض، ولا أحد يستطيع أن يقتلع هذه الشجرة، أو حتى تحريكها، وأنا موقن تماماً بأن الإسلام سيتطور وسيصبح أقوى وأكثر ديناميكية في جنوب إفريقيا.