في العمق

مستقبل التيار الليبرالي العربي وعلاقته بالإسلاميين

ساهمت مواقف الليبراليين العرب المهادنة للأنظمة الدكتاتورية والصورة النمطية عنهم لدى الشارع العربي في تراجع أي دور لهم كتيار قادر على قيادة أي تحول ديمقراطي في العالم العربي.
كشفت التطورات الحاصلة في العالم العربي منذ تفجر الحراك العربي قبل ثلاث سنوات عن معاناة الليبرالية في فرض نفسها كتيار يحظى بشعبية تؤهله لقيادة المجتمع أو على الأقل كتيار قادر على التحول إلى فاعل رئيسي فيه.

ويعود ذلك -بحسب العديد من الخبراء- إلى الصورة النمطية عن الليبراليين على المستوى الشعبي وتعايشهم مع الأنظمة الدكتاتورية في تناقض صارخ مع مبادئ الليبرالية التي يعتنقونها.

وبشأن هذا الموضوع ناقشت حلقة الاثنين 12/5/2014 من برنامج "في العمق" طبيعة العلاقة بين الليبراليين وأنظمة الحكم وموقفهم من الثورات العربية ونظرتهم لهيمنة الإسلاميين على صناديق الاقتراع.

وفي هذا الشأن رأى أستاذ النزاعات الدولية في جامعة جورج تاون-قطر إبراهيم شرقية أن الهوية الليبرالية العربية مشتتة وضائعة لعدة أسباب، منها تحالفها مع الأنظمة الدكتاتورية وخوفها من صناديق الاقتراع.

وقال إن التيار الليبرالي العربي وجد مساحات تعايش مع الأنظمة وعمل على مهادنتها رغم أنه أمر مخالف للمبادئ التي تقوم عليها الليبرالية كحرية الفرد والديمقراطية.

وأضاف أن هناك خشية لدى التيار الليبرالي من صناديق الاقتراع والانتخابات لأنها تكشف حجمه ووزنه الحقيقي في الشارع، حسب رأيه.

وفي هذا السياق، أوضح شرقية أن وصول الإسلاميين إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع يدفع الليبراليين إلى محاربتهم وحتى التحالف مع الأنظمة الدكتاتورية والعسكر ضدهم كما حدث في مصر.

وحمّل شرقية التيار الليبرالي مسؤولية كبيرة في ما آلت إليه الأوضاع في العالم العربي، مؤكدا أن هذا التيار يتحمل جزءا كبيرا من الصورة النمطية التي تروج عنه.

بدوره، عبر رئيس حزب غد الثورة المصري أيمن نور عن قناعته بأن العيب ليس في الليبرالية وإنما بمن يمثلونها ويتنكرون لمبادئها ويديرون ظهورهم لانتهاكات حقوق الإنسان.

وعبر نور عن قناعته بأن الاحتكام إلى الصندوق لا يخيف أي ليبرالي, لكنه رأى أن الليبرالية تعاني أزمة هوية وتعرضت لتشويه إعلامي صورها على أنها عدوة للدين.

ليبراليو مصر

واعتبر شرقية أن الثورة المصرية تعتبر السقوط الأكبر لليبراليين، وأن تحالفهم مع العسكر جسد حالة من التناقض مع الديمقراطية وساهم في إفشال عملية التحول الديمقراطي في مصر.

لكن نور وصف تحالف الليبراليين مع العسكر في 30 يونيو/حزيران 2013  بالخطيئة الكبيرة، مشيرا إلى أن بعض الليبراليين تراجعوا عن مناصرتهم العسكر بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013.

وقال إن الليبرالية المصرية كان لها دور في ثورة 25 يناير وكانت متقدمة قليلا عن الإسلاميين، وقدمت "شهداء" منذ الأيام الأولى للثورة, لكن بعد رحيل الرئيس المخلوع حسني مبارك تعرض التيار الليبرالي لحالة انشطار بسبب انقسام المواقف والمشاريع والرؤى.

العلاقة مع الإسلاميين

وبحسب نور، فإن التيار الليبرالي المصري لا يتصادم مع الدين، بل كان دائما ضد الدكتاتورية وحكم العسكر،  ورغم إقراره بوجود تعارض مفترض بين الليبراليين والإسلاميين فإنه أكد أن هذا التعارض لا يصل لحالة تصادم دائم بينهم لوجود قواسم مشتركة كثيرة يمكن البناء عليها.

ورأى أنه بمقدور الليبراليين لعب أدوار متقدمة في التحول الديمقراطي إذا التزموا بمبادئهم وعملوا على قبول الآخر.

بدوره، لفت شرقية إلى أن نموذج تونس ممثلا في حكومة الترويكا ونموذج اليمن الذي تجسد في اللقاء المشترك عززا إمكانية قيام توافق بين الليبراليين والإسلاميين إذا وجدت الإرادة.

وقال إن إيجاد حوار وطني صادق بين الإسلاميين والليبراليين بإمكانه أن يكون بداية الطريق لشراكة سياسية حقيقية، مؤكدا أن الليبراليين بحاجة إلى الوفاء لمبادئهم التي ينادون بها والالتزام بمبادئ الديمقراطية وعدم التخوف من الإسلاميين.