من واشنطن

هل تصح مقارنة جريمة تشابل هيل بهجوم شارلي؟

لماذا تأخر الإعلام الأميركي في الاهتمام بجريمة تشابل هيل التي راح ضحيتها ثلاثة طلبة مسلمين أميركيين؟ وهل تصح مقارنة تلك الجريمة بالهجوم على صحيفة تشارلي إيبدو في العاصمة الفرنسية باريس؟

قالت مصادر في الشرطة الفرنسية في 7 من يناير/كانون الثاني 2015 إن 12 شخصا قتلوا وجرح عشرة آخرون بهجوم استهدف مقر صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية في باريس.

وفي يوم 11 فبراير/شباط 2015 أعلنت الشرطة الأميركية مقتل ثلاثة شبان مسلمين برصاص مسلح بعد اقتحام منزلهم في ضاحية تشابل هيل بولاية كارولينا الشمالية، في جريمة وصفت بأنها "عنصرية".

حلقة الثلاثاء 17/2/2015 من برنامج "من واشنطن" عقدت مقارنة بين الواقعتين، وتساءلت عن أسباب تأخر الإعلام الأميركي في الاهتمام بجريمة تشابل هيل التي راح ضحيتها ثلاثة طلبة مسلمين أميركيين، وبحثت أوجه المقارنة بين الهجوم على صحيفة تشارلي إيبدو وجريمة تشابل هيل.

وعبر بعض ضيوف الحلقة عن استنكارهم لعملية قتل الشبان المسلمين الثلاثة، وشعورهم بأن الإعلام الأميركي لم يعط هذه الجريمة نسبة ولو ضئيلة جدا من الاهتمام الذي أولاه للهجوم علي صحيفة شارلي إيبدو.

المراسل ناصر الحسيني أوضح من تشابل هيل أن شعور الشباب المسلمين بالغضب والاستياء ونقدهم الشديد لوسائل الإعلام الأميركية ما زال متواصلا، لأنها لم تول الجريمة الحيز الإخباري الذي تستحقه، حسب رأيهم.

وأضاف أن الشباب المسلمين بدأوا نشر معلومات عن الجريمة عبر وسائط التواصل الاجتماعي المتاحة لهم، وأشاروا إلى أن الخبر كان سيغطى من قبل معظم وسائل الإعلام الأميركية، لو أن القاتل كان مسلما.

وكشف الحسيني عن أن الشباب المسلمين بدأوا يشعرون بأنهم فعلوا شيئا ما بعد الزخم الذي أعقب تحركهم وتدخل مكتب التحقيقات الفيدرالي (الإف بي آي) في القضية، رغم أن الإعلام الأميركي لم يطلق على القاتل صفة "إرهابي" حتى الآن.

وأكد المراسل أن هذه الجريمة البشعة كشفت للجالية في ولاية كارولينا الشمالية أنها لا تملك تنظيما هيكليا ينظم شؤونها، ولذلك ينبغي عليها تكوين جالية ذات قيادات مدركة للقوانين المدنية الأميركية حتى تستطيع التعامل مع السلطات المحلية.

محمد النواوي:

ادعاء الشرطة بأن الخلاف بين القاتل والضحايا كان على موقف لانتظار السيارات هو محض هراء، والمقارنة بين قتل المسلمين الثلاثة في كارولينا الشمالية والهجوم على شارلي إيبدو ليس أمرا منطقيا

"

أجندة متعمدة
من جهته، وصف أستاذ الإعلام الدولي في جامعة كوينز محمد النواوي جريمة تشابل هيل بعملية الإعدام التي نفذت بدم بارد، وأوضح أن الطلبة الضحايا كانوا يدرسون في الجامعة وينتظرهم مستقبل باهر، ولم يقترفوا جرما يستحقون عليه القتل.

وأكد أن ادعاء الشرطة بأن الخلاف بين القاتل والضحايا كان على موقف لانتظار السيارات هو محض هراء، وقال إن المقارنة بين قتل المسلمين الثلاثة في كارولينا الشمالية والهجوم على شارلي إيبدو ليس أمرا منطقيا.

وعزا الأستاذ الجامعي أسباب التصوير النمطي للإسلام في أميركا إلى مشكلة في الصحافة الأميركية تجعل الربط بين الإسلام والإسلاموفوبيا عاملا يجذب الجمهور ويحقق المبيعات العالية.

وأشار النواوي إلى أن نشاط الجالية الإسلامية كشف عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن التفرقة التي يعاني منها المسلمون في أميركا، وحذر من خطورة الرسالة الإعلامية الأميركية الآن لأنها بدأت تتحدث عن أن المشكلة تكمن في الإسلام نفسه بدلا عن حديثها في الماضي عن وجود بعض "المتطرفين" بين المسلمين.

وعن تعامل المؤسسات الإعلامية في أميركا مع الجرائم والحوادث التي يكون المسلم طرفا فيها، قال إن هناك أجندة متعمدة وغير مكتوبة من قبل رؤساء تحرير هذه المؤسسات تحرص على إظهار المسلم في صورة "الإرهابي".

دعوة للوحدة
أما الناشطة بنان عبد الرحمن فقالت إن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا في الضغط على وسائل الإعلام الأميركية وأجبرتها على متابعة الجريمة.

وأضافت أن معظم الطلبة والشباب يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للفت الأنظار إلى القضايا التي تهمهم، ودعت المسلمين في أميركا للتوحد ونبذ الشتات حتى يتمكنوا من إيصال صوتهم إلى أصحاب القرار في الحكومة الأميركية.

من جهتها، قالت الصحفية والناشطة ديانة عثمان إن التغطية للجريمة بدأت بالأساس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأشادت ببعض وسائل الإعلام الأميركية التي قامت بإجراء مقابلات مع عائلات الضحايا ورسمت وجها إنسانيا لمعاناتهم عقب الحادث.

واتفقت عثمان مع الأستاذ النواوي في أن وسائل الإعلام الأميركية تفقد حيادها حينما تتناول حادثا أو جريمة ترتبط بمسلم وترسم لها سيناريوهات تصب في خانة الإسلاموفوبيا.

وأمنت الصحفية على اقتراح الناشطة بنان بضرورة توحيد أهداف وقيادات الجاليات المسلمة، حتى تستطيع الضغط على الحكومة، وأكدت أن هذا يتطلب الكثير من العمل وعدم الخضوع لليأس.