الاقتصاد والناس - الفقر في لبنان - صورة عامة
الاقتصاد والناس

أوضاع الفقراء في لبنان

تبحث الحلقة في ملف فقراء لبنان وأوضاعهم المعيشية الصعبة؟ ولماذا يعيش ثلث المواطنين تحت خط الفقر؟ وهل ستفي الحكومة بوعدها في تقليص أزمة الفقر؟

– أوضاع الفقراء وخطط الحكومة لخفض أعدادهم
– خصائص الفقر وإفرازاته وطرق التعامل معه

أحمد بشتو
أحمد بشتو
سليم الصايغ
سليم الصايغ
أديب نعمة
أديب نعمة

أحمد بشتو: نحن هنا في مدينة طرابلس عاصمة الشمال اللبناني نفتح ملف الفقر في لبنان، هذا البلد الذي يضم أربعة ملايين نسمة تقول الإحصاءات إن نحو ثلثهم فقراء. طرابلس التي نحن فيها تضم 56% من نسب الفقر في لبنان، هنا تتجلى مظاهر الفقر في أبشع صوره من عمالة أطفال وانتشار للجريمة والأعمال الهامشية والوظائف غير المستقرة وبيوت الصفيح التي تفتقر لأدنى متطلبات الحياة الإنسانية، المشهد هنا يتشابه مع باقي مناطق الفقر في لبنان كعكار والضنية في الشمال وسهل البقاع في الشرق ومناطق الجنوب وجيوب الفقر حول العاصمة بيروت. مشاهدينا الكرام أهلا بكم إلى حلقة جديدة من الاقتصاد والناس نناقش فيها واقع الفقراء في لبنان حيث نتابع،

– يوميتي 25 ألف وما كل يوم بأشتغل.

– النواب كل مين ملتهي بحاله، ما حدا بيسأل عن الفقير، بيسألوا عنك بس وقت الانتخابات.

– بتطلب منهم بيعطوك يا مائة ألف يا خمسين ألف يا إما بيضحكوا عليك بكرتونة مونة.

– 30% من الشعب اللبناني هو تحت حالة الفقر و5% – 6% من الشعب هو في حالة الفقر المدقع.


أحمد بشتو: يقول الخبراء والمسؤولون هنا في لبنان إن حل مشكلة الفقر ممكن والناس يتساءلون ولكن أين هو ذلك الحل؟ وتابعونا.

أوضاع الفقراء وخطط الحكومة لخفض أعدادهم


أحمد بشتو: حسب الإحصاءات الرسمية تبلغ نسبة اللبنانيين الذين يعيشون في فقر مدقع نحو 8% من إجمال عدد السكان، أما معدلات الفقر فتتراوح حول 28,5%. الحكومة في بيانها الوزاري تحدثت عن أولوياتها وربطتها بأولويات المواطنين، تحدثت في إحداها عن الحد من الفقر ومعالجة تشرد الأطفال بل وتعهدت بخفض نسبة الفقر المدقع إلى النصف بحلول عام 2015، ورغم أن هذا التعهد ليس جديدا بل قيل قبلا في عام 2000 إلا أنه هنا الكل مجمع على أن نجاح هذا التعهد هذه المرة مرهون بالاستقرار الأمني والسياسي والأهم بتنويع مصادر الدخل إلى قطاعات إنتاجية تزيد فرص العمل لدى الناس، وسلام خضر تضعنا في صورة الفقر في لبنان في التقرير التالي

[تقرير مسجل]

سلام خضر: ملعب هؤلاء الأطفال بين القمامة وبرك الماء الآسنة هي مدخل منازلهم، لم يختاروا العيش بفقر مدقع ولا في أشباه أكواخ يسمونها مرغمين بالمنازل، وهذه الصور ليست من جرد ناء، التقطناها في عاصمة الشمال اللبناني طرابلس. يطال الفقر في لبنان أكثر من مليون مواطن من أصل أربعة ملايين لبناني بحسب تقرير التنمية البشرية لعام 2009 والصادر عن الأمم المتحدة أي حوالي 28% من السكان، 8% منهم معدمون يعيشون تحت خط الفقر الأدنى حسب وزارة الشؤون الاجتماعية، وتلف جيوب الفقر مدن لبنان الكبرى، فهذا مدخل بيروت الجنوبي، هنا أيضا الفقر هو سيد المكان، فقر يجاور أرقى مناطق العاصمة بيروت. سكان جيوب الفقر في لبنان ينتظرون أن تفي الحكومة الحالية بوعدها لخفض عدد الفقراء للنصف بحلول العام 2015 وعد وردي بالنسبة للكثيرين وآمال ألا تبقى الوعود مجرد حبر على ورق. سلام خضر، الجزيرة، بيروت.

[نهاية التقرير المسجل]

أحمد بشتو: حاج حسن أنت من سكان هذه المنطقة منذ الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، المشهد لم يتغير من وقتها؟


حاج حسن: أبداً ما في تغيير أبدا، وهذه المنطقة مثلما أنت شايف كل هالسكان هيدي مثل كأنه مثل أي بيت، مثل بيتي، يمكن بيتي فيه أحسن شوية، عرفت كيف؟ وهذه الشتاء والماء وكله هذا نحن اللي بنسعى فيه.


أحمد بشتو: البنى التحتية على حسابكم؟


حاج حسن: على حسابنا نحن، نحن بنحفر الجور ونحن اللي بنمشي الماء ونحن الكل بالكل.


أحمد بشتو: ما في اهتمام من الحكومة؟


حاج حسن: لا، لا، ما في اهتمام أبدا.


أحمد بشتو: طيب تسمح لنا أن نذهب ندخل إلى بيتك؟


حاج حسن: أهلا وسهلا تفضل.


أحمد بشتو: حاج حسن أنت من بنيت هذا البيت؟


حاج حسن: نحن هذا بنيناه بس نحن صاير فينا يعني مغراق، بالشتوية مغراق وبالصيفية محراق. يعني بالصيفية بيعطيك نار هذا التنك بيعطيك حماوة بشكل وبالشتوية بينقط عليك ماء.


أحمد بشتو: ماذا تستخدم؟


حاج حسن: نستعمل التنك والخشب.


أحمد بشتو: فقط.


حاج حسن: ما في غيرهم، إذا بتحب تتفضل تشوف الغرفة الثانية نفس الشيء.


أحمد بشتو: حاج حسن لا هيئة لبنانية تساعدكم كالهيئة العليا للإغاثة مثلا؟


حاج حسن: لا ما في ولا أي مساعدة.


أحمد بشتو: لم تطلبوا منهم؟


حاج حسن: نحن لشو.. نطلب أيام الانتخابات وبس تخلص الانتخابات ما بقى في شيء، بيبقى الأمر على ما هو.


أحمد بشتو: المرشحون يأتون إليكم؟


حاج حسن: يأتون إيه.


أحمد بشتو: وترشحوهم؟


حاج حسن: بيترشحوا وعادة مع المخاتير ومع النيابة وكل كذلك وفي.. بس لما بتخلص هالفترة هذه ما بقى بتشوف حدا.


أحمد بشتو: لماذا ترشحوهم إذاً؟


حاج حسن: هو اللي بيترشح اللي بده يطلع بده يطلع يعني ما في أنه شيء مقيد.


أحمد بشتو: الناس هنا ماذا يعملون؟ ما طبيعة وظائفهم؟


حاج حسن: في عندك موظفين، بيشتغلوا عامل يومي بالمرفأ يوم بيشتغل بالجمعة يمكن يشتغل يومين ويمكن ما يشتغل، في بعض الموظفين بيبيعوا قهوة، في ناس بتلم نفايات.


أحمد بشتو: الآن الحكومة قالت إنها ستحاول حل مشكلة الفقراء بحلول خمس سنوات قادمة، هل تثق في هذا الوعد؟


حاج حسن: نحن نتأمل يعني نتأمل من الحكومة أن تشوف وضع الناس هيدي وإن شاء الله، يعني نحن شو بدنا؟ بدنا الأمن، يعني إذا الله أعطاهم الإلهام بيحسوا بهالشعب الموجود.


أحمد بشتو: السلام عليكم. أنتم من سكان هذه المنطقة، لم تتحسن الأوضاع أبدا؟


مشاركة1: لا، ما في تحسن بهالبلد لأن الدولة ما بتتقاوى إلا على هالفقير، هذه عيشة لكى هون الواحد بيسكنها! بدل ما كل واحد بيعطيه مصاري أنه مأوى له، العالم بدها تبقى كل عمرها وحياتها يا عايشة هون ياعايشة بالآجار، الآجار صار فوق إنه الإنسان مثلا مدخوله قليل والصرف اللي عم يصرفه كثير، إنه هيدي تتطلع هون إنه هيدي عيشة الواحد يقعدها؟ والدولة ما بتستقوي إلا على هالفقير، وكل هذا اللي عندي بس.


أحمد بشتو: لا طريق أمامكم لتحسين الأوضاع؟


مشاركة2: أبدا لأن الواحد بيشتغل بيشتغل ما بيلحق وهذه المنطقة بيبقى الولد مريض فيها، شغلة ثانية ما بتلحق أنه ابنك ولا فوج أنه بالنهار ثلاثة أربع أفواج، نحن نتمنى أن نطلع على مكان أنه أحسن من هيك وأنظف بس أنه طلبا للأطفال أن تعيش أحسن من هيك.


أحمد بشتو: وأنت ما أحلامك بالنسبة لابنتك؟


مشاركة3: يعني أكيد أحلامنا أنه نطلع من الحارة هذه من الوضع هذا على حارة أحسن لأن اللي عايش بهالحارة مانه عايش، ميت.


أحمد بشتو: ربيع أنت تعمل في جمع البلاستيك من الشوارع، كم دخلك اليومي تقريبا؟


ربيع: تقريبا 20 ألف 25 ألف وأوقات ولا شيء، يعني هذا هو شغلنا وقت اللي بنشتغل بنأكل وقت اللي ما بنشتغل ما بنأكل، ما حدا بيطلع فينا.


أحمد بشتو: يكفيك هذا الدخل الشهري؟


ربيع: يا بأطلع مكسور يا بأتدين يا أما بكيّد.


أحمد بشتو: حاجة آمنة أنت أرملة تعيلين أطفالا هل تجدين أي ضمان اجتماعي، مساعدة حكومية، معاش حكومي؟


حاجة آمنة: أبدا، ما حدا بيساعدنا بشيء، حتى لا أدوية ولا حكمة ولا أبدا حدا بيساعدنا بشيء.


أحمد بشتو: هل طلبت من الحكومة معاشا استثنائيا مثلا؟


حاجة آمنة: من مين بدك تطلب؟ النواب كل مين ملتهي بحاله، ما حدا بيسأل عن الفقير، بيسألوا عنك بس عند الانتخابات، بيفوتوا على أبسط بيوت وقت الانتخابات، بعد الانتخابات ما بتشوف حدا، وإذا دقيت أبوابهم مسافر مانهم هون مأجلين المساعدات ما عم بيساعدوا حدا.


أحمد بشتو: في أيام الانتخابات لماذا إذاً لا تضغطون عليهم للحصول على تحسين لأوضاعكم؟


مشارك2: أخي ما طالما في مال عم ينشلح في الشارع وقت الانتخابات ما فيك تضغط على حدا لأن العالم كلها ميتة من الجوع ولما بيشوف المائة دولار بيده بيقول لك لوقتها فرج.


أحمد بشتو: سيدة خالدة أنت لديك ثلاثة أطفال هل تعتقدين أن مستقبلهم سيكون أفضل حالا؟


خالدة: أكيد لا، لأن الوضع اللي نحن عايشينه ما بيوحي أنه حيكونوا أحسن من اللي نحن عشناه، طالما الغلاء والفقر اللي هم عايشين فيه والتعتير والمرض اللي عم بيلاحقنا أكيد ما رح يكون أحسن يعني ولا حيرتاحوا، ما في حدا يعني معين غير رب العالمين.


أحمد بشتو: الدكتور سليم الصايغ وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني، مشاهد الفقر التي رأيناها في طرابلس والتي لم نرها في مناطق أخرى، هل أنتم على علم كامل بها؟


سليم الصايغ: بالطبع، 30% من الشعب اللبناني هو تحت حالة الفقر و5%- 6% من الشعب هو في حالة الفقر المدقع، وبالنتيجة من الضروري أن نعرف على هذا الفقر الموجود في بؤر نسميها بؤر الفقر في لبنان إنما هناك كذلك فقر مقنع وليس مدقع فقط، إذ إن هناك 12 مليار يأتي تحويلات من الاغتراب إلى الداخل اللبناني هذا ما يمكن العائلات اللبنانية من مواجهة مشكلة الفقر وبالتالي تخطي الكثير من العقبات.


أحمد بشتو: لكن من رأيناهم في طرابس يعني لا معين لهم إلا الله، يعني بيوت من الصفيح بيوت لا تصلح لسكن البشر، دخل تقريبا يقترب من الصفر، هؤلاء الناس كيف تنظرون إليهم في الحكومة؟


سليم الصايغ: نحن هناك نضع برنامج وهذا البرنامج في مراحله التطبيقية الأولى من أجل استهداف هذه الفئات المهمشة من الشعب اللبناني، وبالتالي هنالك أهداف بالنسبة لنا وضعناها كحكومة وهي التخفيف بصورة دراماتيكية فوق الـ 50% من وضع هؤلاء الفقراء لانتقالهم من.. لتسهيل انتقالهم من فئة الـ 5% إلى فئة الـ 30%.


أحمد بشتو: يعني هذه الخطط بالفعل ستجد تطبيقا في النهاية أم أنها ستبقى كوعود سابقة لنفس هؤلاء الناس أيضا؟


سليم الصايغ: هنالك أكثر من خطة، في الحقيقة هنالك ميزانية وهنالك أدوات على أساسها سيتم العمل، وهذه تتم بالتعاون مع المؤسسات الدولية لا سيما البنك الدولي.


أحمد بشتو: طيب بعض الخبراء قدر أن القضاء على الفقر المدقع في لبنان يتكلف سنويا حوالي 50 مليون دولار يعني ألا ترون أن هذا المبلغ قليل يمكن تدبيره بشكل ما وبالتالي القضاء على الظاهرة برمتها؟


سليم الصايغ: يعني علينا أن نميز بين حالات الفقر، نحن نتكلم عن الفقر المدقع يعني حوالي 5%- 6% من الشعب اللبناني، هذا صحيح إنما القضاء على الفقر بشكل كامل هذه عملية متحركة تتطلب خطة جذرية من قبل الدولة اللبنانية لإيجاد فرص العمل على الأرض اللبنانية وليس فقط مواجهة مباشرة مع الفقر، إيجاد فرص العمل هناك خطط متكاملة..


أحمد بشتو (مقاطعا): طيب سيادة الوزير إيجاد فرص عمل كيف والقطاع الإنتاجي في لبنان شبه معطل وموجه فقط إلى قطاعات غير إنتاجية كالعقارات والسياحة مثلا؟


سليم الصايغ: هنالك خطة للتنمية الزراعية مثلا وهناك خطة كبيرة للمايكرو كريدتس تساعد أولئك الذين لا يعرفون كيف يتعاملون مع القطاع المالي والقطاع المصرفي لكي يبدؤوا ببناء الشركات أكثر من 150 ألف شخص هم مستهدفون بهذه البرامج حتى الآن وقد استخدموا من هذه الخدمات وأكثر من ثلاثة آلاف إنسان قد وجد فرص عمل بهذه الطريقة.


أحمد بشتو: طيب الناس الذين التقيناهم لا ضامن اجتماعي لهم، لا ضامن صحي لهم، لا ضامن من أي شكل، يعني إذا مات أحدهم أو أصيب فعلى أسرته السلامة، حتى تطبق خططكم هل من جرعات تسكينية جرعات مساعدات لهؤلاء الناس ربما تساعدهم على الحد الأدنى من متطلباتهم؟


سليم الصايغ: بالطبع يعني نحن نتكلم على مواجهة مباشرة مع حالات الفقر الـ 5% من السكان اللبنانيين وبالنتيجة علينا ونحن نسعى اليوم حتى يكون في عندنا يعني استهداف مباشر لإيصال نقطة العيش لهؤلاء الناس، تأمين المسكن لهم يعني المأوى يعني الملابس المأكل والتربية ولكن هذه المسؤولية ليست فقط مسؤولية حكومية هي مسؤولية شعب بكامله.


أحمد بشتو: ولكن يعني ألا يمكن عن طريق رفع الأجور ولو نسبيا يعني ترفع من صعوبة الحياة على هؤلاء، هل هذا ممكن أم أنه يكلف الميزانية اللبنانية فوق ما تستطيع؟


سليم الصايغ: هناك نتكلم هون عن مشروع آخر وهو قضية الإستراتيجية السكانية وبالطبع من شأن وزارتي وزارة الشؤون الاجتماعية وضع الإستراتيجيات السكانية لا سيما لمعالجة قضية أولئك الذين لا يستطيعون التمتع بأحد أقدس حقوق الإنسان ألا وهو حق التملك، نحن نريد لهؤلاء ليس فقط أن يتمكنوا من دفع إيجارهم ولكن من أن يكونوا متملكين عبر آليات طويلة المدى وتسهيلات تعطيها المصارف المدعومة من الدولة اللبنانية، وهذا شيء حقيقة نحن اليوم بلشنا الأسبوع الماضي ندرسه ونحن اليوم.. لأنه ليس هناك من إستراتيجية سكانية في لبنان وإسكانية في لبنان، نحن في وضع إنه إن شاء الله الله يوفقنا بهذا المجال نقدر نستهدف بإستراتيجيتنا كمان إعطاء حق التملك والمأوى، المأوى اللائق لهؤلاء الناس.


أحمد بشتو: نرجو أن يجد الفقراء هذه الخطط والأحلام مطبقة على أرض الواقع، أشكرك جزيل الشكر الدكتور سليم الصايغ وزير الشؤون الاجتماعية اللبنانية.


سليم الصايغ: أهلا وسهلا.


أحمد بشتو: بعد الفاصل نواصل رصد مشاهد الفقر في بلد يعاني تكدس الثروات واحتكار الاستثمارات وتابعونا.

[فاصل إعلاني]

خصائص الفقر وإفرازاته وطرق التعامل معه


أحمد بشتو: مشهد الفقر في لبنان يؤكد التفاوت الاقتصادي والاجتماعي الهائل في هذا البلد صغير المساحة قليل عدد السكان، تكدس الفقراء في مناطق بعينها يؤكد على الإهمال الحكومي الذي أدى مثلا إلى هجرة المزارعين أراضيهم إلى أطراف المدن بلا عمل، وإهمال تنويع هياكل الإنتاج أدى إلى خنق فرص العمل وليس إلى خلقها. يقول الخبراء إن حل مشكلة الفقر في لبنان يتطلب فقط خمسين مليون دولار سنويا، حل رخيص لمشكلة كبيرة. مشاهدينا أهلا بكم مرة أخرى إلى الاقتصاد والناس مع فقراء لبنان هذه المرة. سندخل الآن أحد البيوت الفقيرة بيوت الصفيح الموجودة في مدينة طرابلس، تحديدا في من منطقة الميناء، البيت يتحدث عن نفسه وكل البيوت هنا تقريبا متشابهة في نفس الحالة. السلام عليكم، سيدة غنى أنت ساكنة هذا البيت منذ كم سنة تسكنين؟


غنى: منذ أربعة أشهر.


أحمد بشتو: زوجك ماذا يعمل؟


غنى: حاليا لا يعمل.


أحمد بشتو: ما مهنته بالأصل؟


غنى: في المرفأ.


أحمد بشتو: كم دخله الشهري تقريبا؟


غنى: 17 دولار.


أحمد بشتو: يوميا أم شهريا؟


غنى: لا، يوميا.


أحمد بشتو: طيب هذا الحال الذي أنتم فيه، لا نظرة حكومية لا مراقبة حكومية لا دعم حكومي لكم؟


غنى: لا، أبدا.


أحمد بشتو: من أي شكل؟


غنى: من أي شكل.


أحمد بشتو: طيب حين يتعطل زوجك عن العمل من أين تحصلون على رزق اليوم؟


غنى: أوقات من أهله.


أحمد بشتو: طيب الرعاية الصحية الاجتماعية كيف تحصلون عليها؟


غنى: من أهله أو من أهلي بس.


أحمد بشتو: لا يوجد أي غطاء اجتماعي صحي لكم؟


غنى: لا، ما في حدا أنه بيساعدنا، ما في.


مشاركة1: هي هي ما فيها شيء جديد، ما في فيها شيء نهائي.


أحمد بشتو: نفس حالة البيوت نفس حالة الفقر لدى الناس؟


مشاركة1: في هيك بيوت جدد هيك شيء بس لسه هي هي نحن هون لبره ما بنطلع ما بنعرف شيء.


أحمد بشتو: حالة الفقر التي يعيشها الناس في هذه المنطقة..


مشاركة1: الحمد لله على قدنا ليلتنا بنهارنا ونهارنا..


أحمد بشتو (مقاطعا): الحمد لله على كل شيء ولكن لا أمل في تغييرها، لم يحدث فيها أي تطور ما؟


مشاركة1: ما فيها لا تطور ولا فيها شيء ولا نائب بيقترب عليها ولا وزير بيقرب عليها، الحكمة والضعف والمرض ومثل مانك شايف، شوف الحياة وأنت بتعرفها.


أحمد بشتو: تعتقدين أنه يجب الاعتماد على النواب والحكومة في هذا الشأن أم أن الناس يجب أن تتحرك؟


مشاركة1: إعانة لهالفقراء، إعانة للي ما معه حق دواء.


مشارك1: لو هم فيهم ضمير وفيهم إحساس هؤلاء النواب كلياتهم، ما عم بأحكي أنا على واحد، على كل النواب، لو فيهم حدا نخوة بيشوفوا هذه البيوت هم بيقعدوا فيها؟ ما حدا منهم بيقعد فيها، وأنا إذا بدك بأفرجيك بيتي وبأفرجيك عيشتي أنا عندي ولدين وهلق الثالث على الطريق، ما حدا بيتطلع فيني، وما حدا بيقول لنا مين أنتم، شايفين شو عم نشتغل نحن، عم نشتغل بالبلاستيك بالزبالة لحتى نأكل لحتى نعيش لحتى نطالع لنا 5- 6 آلاف، أوقات ما بنأكل ولا بنعيش بنقعد بلا أكل بنحط أولادنا بلا حليب وبلا شيء، فوت شوف أولادي اثنين مرضانين بدهم مستشفى، حدا بيطلع فيني؟ بنطلع لندق عليهم الأبواب، خذ لك هالمائة ألف، مائة ألف شو بدها تساوي؟!


أحمد بشتو: محمد حين احترق بيتك ألم تحصل على أي دعم على أي مساعدة من أي طرف كان؟


محمد: أنا كنت بشغلي اتصلوا فيني وقالوا لي إنه هذه القصة، أنا شو قلت؟ قلت إنه شريط كهرباء أو شيء، جئت لقيت البيت كله رايح، الإطفائية بقيت ساعتين لحتى جاءت، وما حدا عوضني بشيء أبدا أبدا ولا ألف لبناني، وأنا هلق أنا كل شيء جوه كلياتها عم بأقسطه، كل شيء على التقسيط، يعني 25 ألف، عندي ثلاث أولاد..


أحمد بشتو: حاج خالد إذا كانت الحالة لديكم بهذا الفقر البادي لماذا لا تخرج بأسرتك خارج المكان؟


حاج خالد: وين بدي أروح؟ في محل بنروح ما في، أعطنا بديلا لنروح، ما في عندنا بديل غير هون.


أحمد بشتو: ألا تشعر أنك مقصر في حق أسرتك لأنك وضعتهم في هذا المكان؟


حاج خالد: هلق عالمقصرين مقصرين، هلق نحن لو ما عندنا عالم أولاد حلال أي واحد بيعيش هيك عيشة؟ معلش هلق نحن نساؤنا الحمد لله رب العالمين قبلانين باللي قسمه لنا رب العالمين، بس تعال أنه جيب واحدة كلاس ما بتعيش معك هون.


أحمد بشتو: السيدة أديب نعمة المستشار الإقليمي في منظمة الأسكوا والتابع للأمم المتحدة، الفقر في لبنان هل له خصوصية؟


أديب نعمة: الفقر في كل من البلدان له خصوصية لأن الفقر هو مفهوم تاريخي ونسبي بشكل دائم، بالنسبة للبنان أعتقد أن ما يحدد خصائص الفقر في هذا البلد أعتقد أنه بلد عموما صغير الحجم، عشرة آلاف كيلومتر، عدد سكانه قليل أربعة مليون، هو طابعه مديني بشكل عام ولديه ثروات وموارد بشرية متراكمة لذلك فإن الفقر في صورته يبقى أقرب إلى مفهوم الفقر النسبي ومستوى المعيشة المنخفض منه إلى صورة الفقر المدقع أو الشديد التي يمكن أن نراها في بعض الدول الإفريقية أو الآسيوية حيث هناك يعني مظاهر الفقر متطرفة.


أحمد بشتو: إفرازات الفقر في لبنان في الجيوب، جيوب الفقر المنتشرة حول العاصمة ما هي في أبرزها، عمالة أطفال ربما بطالة وما إلى ذلك؟


أديب نعمة: طبعا أول أمر أن المناطق التي فيها فقر وخصوصا في المدن لأنه كما سبق وأشرت أن نسب الفقر أعلى في الأطراف وفي الأرياف عموما ولكن الأرياف ليس فيها كثافة عالية من السكان باستثناء قضاء ريفي واحد هو قضاء عكار لذلك من حيث العدد الفقراء كعدد موجودون أكثر في المدن موجودون في مدينة طرابلس موجودون في صيدا وضواحيها، موجودون في بيروت وضواحيها الجنوبية والشمالية أيضا في بعلبك إلى آخره، إذا دخلنا خصوصا إلى ظاهرات فقر المدينة، هذه المشاكل يعني تمظهرات الفقر تكون أولا ظروف سكن سيئة يعني المساكن مكتظة، نوعية المسكن تكون غير جيدة، الأحياء السكنية تكون عشوائية الخدمات غير متوفرة فيها، يكون هناك تسرب من المدارس ابتداء من عمر 13- 14 سنة ويذهبون إلى سوق العمل، هناك نسبة بطالة مرتفعة تكون خصوصا بين الشباب.


أحمد بشتو: الناس عموما يحتاجون إلى سياسات خاصة للخروج من حالة الفقر ولكن الناس أيضا كيف يتعاملون مع حالة فقرهم، كيف يخففون من حدتها ربما؟


أديب نعمة: الحاجة أم الاختراع، الناس يعيشون بطرق مختلفة، عموما غالبية كبيرة من العائلات في لبنان لديها أحد أفرادها مهاجر أو يعمل في الخارج وبالتالي هناك شيء من التحويلات التي تخفف، غالبا يكون هناك أحد أفراد العائلة خصوصا في المناطق الريفية هو موظف في الدولة مدرس أو في قوى الأمن أو في الجيش وبالتالي اللي بقوى الأمن والجيش أيضا يجلب معه تأمين صحي لأفراد عائلته إلى آخره، هناك أشكال من التعاضدد الاجتماعي إلى آخره، ثم هناك في لبنان مجتمع مدني ناشط جدا بتقديم مختلف أنواع المساعدات إلى جانب طبعا المناسبات السياسية وهي كثيرة في لبنان يعني أيضا تشكل مصدرا لمعالجة بعض القضايا الموضوعية لكن هذا لا يحل المشكلة، المشكل الأساسي في لبنان ليس في إمكانيات تأمين خدمات هنا وهناك، المشكل الأساسي هو في أن تعتمد سياسات اقتصادية بالدرجة الأولى لأن المشكلة الأساسية في لبنان الجانب الاقتصادي في الفقر هو الجانب الأكثر أهمية، وبالتالي يجب اعتماد سياسات اقتصادية صديقة للفقراء مولدة لفرص العمل وزيادة مستوى دخل المواطن وتقليص الهوة ما بين مستوى الدخل ومستوى أكلاف المعيشة لأن الهوة كبيرة جدا نظرا لارتفاع أكلاف المعيشة في لبنان على كل المستويات.


أحمد بشتو: أشكرك على هذه الروشيتة السريعة سيد أديب نعمة المستشار الإقليمي لمنظمة الأسكوا.


أديب نعمة: شكرا لك.


أحمد بشتو: في ختام الحلقة، هل ستصدق نوايا الحكومة اللبنانية بشأن خفض نسب الفقر إلى النصف بعد خمس سنوات؟ ربما، ولعل هؤلاء الأطفال يكونون شهود العيان على النجاح أو الفشل. تقبلوا أطيب التحية من مخرج البرنامج صائب غازي ومني أحمد بشتو طابت أوقاتكم وإلى اللقاء.