صورة عامة - ماوراء الخبر 19/6/2012
ما وراء الخبر

خيارات المجتمع الدولي للتعامل مع الأزمة السورية

تناقش الحلقة خيارات المجتمع الدولي للتعامل مع الأزمة السورية، وتطرح الحلقة التساؤلات التالية: ما مدى أهمية التوافقات التي يقول بوتين وأوباما أنهما توصلا إليها بشأن الأوضاع في سوريا؟ وما الخيارات المتاحة أمام الأطراف المختلفة تجاه سوريا في ضوء المعطيات الداخلية والدولية الراهنة؟
‪عبد القادر عياض‬ عبد القادر عياض
‪عبد القادر عياض‬ عبد القادر عياض
‪رضوان زيادة‬ رضوان زيادة
‪رضوان زيادة‬ رضوان زيادة
‪إلينا سوبونينا‬ إلينا سوبونينا
‪إلينا سوبونينا‬ إلينا سوبونينا
‪جوشوا ووكر‬ جوشوا ووكر
‪جوشوا ووكر‬ جوشوا ووكر

عبد القادر عياض: قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه وجد نقاط اتفاق بينه وبين نظيره الأميركي باراك أوباما بشأن الأزمة السورية، من جهته قال أوباما أنه وبوتين اتفقا على ضرورة وقف العنف وإيجاد آلية سياسية لمنع وقوع حرب أهلية. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين: ما مدى أهمية التوافقات التي يقول بوتين وأوباما أنهما توصلا إليها بشأن الأوضاع في سوريا؟ وما الخيارات المتاحة أمام الأطراف المختلفة تجاه سوريا في ضوء المعطيات الداخلية والدولية الراهنة؟

منذ علق المراقبون الدوليون عملهم في سوريا والمجتمع الدولي أسقط ورقة التوت التي كان يواري خلفها عجزه عن فعل شيء حيال الأوضاع بالغة السوء التي تشهدها سوريا، بل إن تصاعد العنف الذي برر المراقبون  تعليق عملهم لم ينظر إليه في المقابل بوصفه حافزاً على تحرك سريع ينهي مأساة ملايين المدنيين الذين يتعرضون على مدى ستة عشر شهراً لقمع حصد حتى الآن ما يزيد عن خمسة عشر ألف شخص حسب مصادر حقوقية.

[تقرير مسجل]

ناصر آيت طاهر: سوريا المأساة اليومية هل هي قدر محتوم سلم به السوريون وسلمهم العالم إليه؟  حتى أعين ذلك العالم الرسمية مغمضة عن الفظائع إلى حين، فالمراقبون الدوليون انكفئوا إلى قواعدهم، أما الدول الكبرى فلن تعدم تبريرات لقصر تفاعلها على بيانات الشجب وفي أحسن الأحوال العقوبات الاقتصادية،  ثمة إذن ما يشبه حالة من العجز الدولي، قد يكون من المبكر الجزم بفشل الدبلوماسية في معالجة الوجع السوري، غير أن عاقلاً لا ينكر أن الخطة الوحيدة المتاحة لم تحقق الحد الأدنى من الآمال التي حذت أصحابها عند إطلاقها، من هنا يرى متابعون أن الحل ربما في إدراج خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان تحت البند السابع، فهكذا تكسب طابعاً إلزامياً وقد تتضمن فرض عقوبات غير عسكرية، لكن العارفين بالنظام السوري لا يزالون يدفعون  باتجاه البحث عن الحل في مكانٍ آخر، جرب المجتمع الدولي العقوبات المالية على نظام بشار الأسد، وحتى الدعوات إلى فترات انتقالية سياسية، كما عمدت عواصم إلى طرد سفرائه، في المقابل يبدو الأسد أبعد عن التخلي عن السلطة مما كان عند انطلاق ثورة الحرية قبل ستة عشر شهراً، وفي غمرة شبه استسلام لقلة الحيلة يبرز المعطى الروسي،  فموسكو وجدت نقاط  اتفاق مع واشنطن حول سوريا ليس أقلها وجوب تمكين الشعب السوري من اختيار مستقبله بحرية، الرئيسان فلاديمير بوتين وباراك أوباما متفقان أيضاً على ضرورة وقف العنف في سوريا وإيجاد آلية سياسية لمنع الانزلاق نحو حرب أهلية هناك، من الصعب تأويل هذا التوافق بأنه مراجعة من موسكو لموقفها، فالروس قد لا يتوانون عن عرقلة أي مشروعٍ دولي أخر مناهض لنظام الأسد الذي يتهمون بتسليحه، وهذا ما قد يعزز حجة المتحمسين لوضع الخيارات العسكرية على الطاولة مع كل مخاطرها وتداعياتها الممكنة، من الصعب الحصول على موافقة دولية على هذا الحراك، لكنه إذا تم دونها فلن يكون سابقة.

[نهاية التقرير]

البدائل المطروحة لخطة أنان

عبد القادر عياض: ولمناقشة الموضوع معنا من واشنطن كل من رضوان زيادة مدير مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري، وجوشوا ووكر الباحث في مشروع ترومان للأمن القومي، ومن موسكو إلينا سوبونينا  مديرة قسم الشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية، دكتور رضوان زيادة رغم أنه لم تنشر تفاصيل عن ما دار بين الرئيسين الأميركي والروسي، ولكن ما الذي فهمتموه باتفاق الطرفين على آلية سياسية لتجنيب سوريا حرباً أهلية  كما قيل؟

رضوان زيادة: في الواقع يعني كلا الطرفين في مأزق، الإدارة الأميركية تنتقد بسبب عجزها عن اتخاذ خطوات حقيقية لوقف الدم النازف في سوريا وبالتالي تتعرض لانتقادات شديدة من داخل الكونغرس وخاصة من قبل قيادات الحزب الجمهوري، وأيضاً روسيا تشعر أنها رويداً رويداً هي بعزلة كبيرة عن محيطها وبعزلة خاصة بعد الضغوط العربية ومن جامعة الدول العربية، وأيضاً بنفس الوقت تحميلها المسؤولية الأخلاقية عن الدماء التي تنزف بشكل رئيسي، وبالتالي كلا الطرفين شعرا بالمسؤولية بأنه يجب أن يكون هناك تحرك ما، في الحقيقة البيان الذي صدر الاجتماع هو بيان عام ورسمي كثيراً، لا يتحدث عن الإشكاليات التي دخل فيها كلا الطرفين، هل تم الاتفاق على ..

عبد القادر عياض: هل أفهم من كلامك سيد رضوان، هل أفهم من كلامك أن ما نقل أو ما نقله الرئيسان الروسي والأميركي  هو فقط تصريح صحفي ولا يوجد أي تصور، أي  خطة أمريكية روسية لما بعد خطة السيد أنان؟

رضوان زيادة: من المؤكد إن الطرف الأميركي يريد صدور قرار جديد من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، هل وافقت روسيا على هذه الخطوة أم لا؟  هذا يعتمد أيضاً على التقرير الذي سوف يقدمه رئيس بعثة المراقبين، إذا قال رئيس بعثة المراقبين بأن بعثة المراقبين العسكريين غير المسلحين المكونة من 300 فرد فشلت تماماً في إلزام الطرفين على الأقل وفق التقرير الدولي بوقف إطلاق النار وخاصة نظام الأسد لم يلتزم بأي من البنود المذكورة في قراري مجلس الأمن، وبالتالي يجب  التوجه إلى خطوة أخرى، هناك الخيارين إما التوجه نحو الفصل السابع وبالتالي تحويل قوات حفظ السلام من العسكريين غير المسلحين إلى أن يكونوا مسلحين، وعندها يطلق عليها قوات حفظ السلام وتأخذ مهمة جديدة وتشكيل وهيكلية جديدة، يجب أن يكون الحد الأدنى لقوامها سبعة آلاف عسكري طبعاً مجهزين بكل الآليات الجوية والبرية من أجل ضمان حفظ السلم ومن أجل ضمان وقف إطلاق النار.

عبد القادر عياض: ابق معي، سيدة إلينا سوبونينا  في موسكو، عندما يتكلم الرئيسان عن آلية سياسية لتجنيب سوريا حرباً أهلية، خطة السيد أنان أليست آلية سياسية؟

إلينا سوبونينا: نعم خطة كوفي أنان هي آلية سياسية، ولكن للأسف هذه الآلية لا تعمل الآن فهناك حاجة  لتعزيز خطة أنان بمقترحات جديدة لطرح مبادرة أخرى، المجتمع الدولي هو منقسم وأنا لا أوافق الرأي إن روسيا في العزلة، لأ، هناك نفس الموقف لدى الصين، لدى بعض الدول في أميركا اللاتينية مثل البرازيل وفنزويلا وأيضاً جنوب إفريقيا بالإضافة إلى موقف إيران، حتى الصين بنفسها هي أكثر من مليار مواطن وموقفهم قريب جدا  من موقف روسيا، الانقسام في المجتمع الدولي للأسف هو أحد الأسباب لعدم الحل للقضية السورية وأما الحرب الأهلية فبوادرها..

عبد القادر عياض: في هذه الحالة سيدتي، بما أن خطة كوفي أنان، وخاصة أخيراً بتعليق المراقبين لعملهم في الأرض، ماذا عن هذا البديل؟ ماذا عن هذه الآلية السياسية المقترحة والمتفق عليها أميركا روسياً، ما هي أهم ملامحها؟ 

إلينا سوبونينا: كما تعرفون روسيا اقترحت إجراء المؤتمر الدولي في موسكو حول إيجاد حلول للقضية السورية، أنا اعتقادي الشخصي إن من الصعب انعقاد مثل هذا المؤتمر بسبب وجود الخلافات الكبيرة بين واشنطن وموسكو، يمكن هناك ضرورة ملحة لزيادة عدد المراقبين  الدوليين وحتى لإرسال قوات حفظ السلام إلى سوريا، ولكن لحتى الآن لا توجد هناك موافقة على مثل هذه المبادرة لا من قبل  دمشق ولا من قبل روسيا، بالفعل الكل الآن بالمآزق ليس فقط المجتمع الدولي وأمريكيا وروسيا، ولكن أيضاً الحكومة السورية والمعارضة السورية، لا أحد لديه بديلا واقعيا.

عبد القادر عياض: دعيني أستوضح سيدة إلينا إن كانت الصورة أوضح من واشنطن مع ضيفي من هناك السيد جو ووكر، هل الصورة واضحة عندما يتكلم الرئيسان عن الاتفاق على آلية سياسية لتجنيب سوريا حرباً أهلية، هل هو الاتفاق على المبدأ أن الحل يجب أن يكون سياسياً، وهناك اختلاف في التفاصيل أم ماذا؟

جوشوا ووكر: أعتقد  أن  في النهاية الحد الفاصل في هذه القضية وهي بالطبع هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيسان بوتين وأوباما بعد عودة بوتين للرئاسة، البحث يتعلق بقضايا أخرى تتجاوز سوريا، وهناك أيضاً قضايا أخرى ستبحث أنا لا أتفق مع ما قالته زميلتنا في موسكو  بأن المجتمع الدولي برمته منقسم، هذا الانقسام يقف في طرفه جامعة الدول العربية وطرف آخر روسيا والصين، روسيا وطبعاً الصين هنا في موقف صعب يريدون علاقات أفضل مع روسيا لكن يرون أيضاً أن أكثر من 15 ألف مدنياً قتلوا والكل ينتظر ليري ماذا سيحدث في الخطوة التالية ولا يستطيع أحد أن يقول سننتظر لكي يحل الروس القضية والصينيون معهم،  على المجتمع الدولي أن يوحد جهوده وأن يتوصل إلى حل..

عبد القادر عياض: طيب هذا كلام جميل سيد ووكر، هذا كلام جميل ولكن نحن الآن أمام المشهد التالي: خطة السيد أنان بدأت بعدما تم الإعلان عن موتها سريرياً الآن بتعليق عمل المراقبين في انتظار جلسة مجلس الأمن قد يعلن وفاتها بشكل حقيقي، الآن ماذا عن البديل هل هناك تصور أميركي تم طرحة مع الجانب الروسي وتم الاتفاق عليه ليكون بديلا لهذه الخطة؟

جوشوا ووكر: نعم أعتقد أن هذا صحيحٌ تماماً،  خطة أنان ميتة والروس لم يبعثوا حتى مراقبين لأنهم قالوا أن هذه المهمة صعبة والأميركان يريدون خطوات ملموسة،  ويجب أن يكون هناك نقاش حول الخطوة القادمة،  هل ستكون قوات تحت الفصل السابع؟  هل ستكون قوات تركية؟  لا أعتقد أن قوات أميركية سترسل بعدما حدث لنا في العراق وفي ليبيا،  إذن ما هو الحل الإقليمي؟  هل يمكن أن نعمل مع السعودية وقطر وتركيا للتوصل إلى حل؟ وهل يمكن أن نحصل على شرعية دولية من خلال الأمم المتحدة؟ أم على الجامعة العربية وحلف الناتو أن يعملا سويةً، وهذا أيضا ما يجب أن يقرر في الخطوة التالية .

عبد القادر عياض: على كل بعد الفاصل في الجزء الثاني من هذه الحلقة سوف نناقش مسألة الخيارات المطروحة،  الخيارات من قبل الأطراف الدولية تجاه العنف المتصاعد بصورة مثيرة للقلق في سوريا،  سنناقشه بإذن الله بعد فاصلٍ قصير.

[فاصل إعلاني]

الخيارات الدولية المطروحة لحل الأزمة

عبد القادر عياض: أهلاً بكم من جديد في حلقتنا التي تتناول خيارات المجتمع الدولي للتعامل مع الأزمة السورية في مرحلتها الراهنة وأجدد تحية لضيفي في واشنطن وضيفتي في موسكو، دكتور رضوان في ظل هذا الوضع الآن ماذا عن الخيارات الدولية الواقعية في ظل هذا الانسداد الحاصل في الوضع السوري؟

رضوان زيادة: يعني الخيارات بالنسبة لنا واضحة، هناك خيارين اثنين لا ثالث لهما:  الخيار الأول هو التوجه أولاً إلى مجلس الأمن لإصدار قرار جديد تحت الفصل السابع يؤدي إلى حماية المدنيين السوريين سواءٌ نص ذلك وفق المادة 42 التي تنص على استخدام كل الطرائق الممكنة والتي قد تفسر بأشكال مختلفة تعود فيما بعد لكن نريد شكلا من أشكال اللغة المطاطة، وحتى يتم السماح باستخدام القوة يجب أن يصدر قرار من الفصل السابع، إذا عجز مجلس الأمن مجدداً عن إصدار هذا القرار فيجب أن ننتقل إلى الخيار الثاني وهو ألمجموعه الدولية، مجموعة أصدقاء الشعب السوري التي سوف تجتمع مجدداً في باريس في السادس من الشهر القادم..

عبد القادر عياض: ولكن ما الذي اختلف الآن دكتور رضوان، هذان الطرحان طرحا من قبل سواء استعمال الفصل السابع على مستوى مجلس الأمن وإن فشل بفيتو روسي أو صيني أو الاقتراح الثاني الذي قدمته الآن كان مطروحاً من قبل ما الذي اختلف الآن حتى يكونا قيد الواقع؟

رضوان زيادة: لأ الطرحان كلاهما موجودان سابقاً منذ فترة طويلة لكن غياب الإرادة السياسية أولاً لدى واشنطن وغياب الإرادة السياسية لدى كثير من العواصم الأوروبية عن التحرك دولياً لاستخدام القوة واستخدام خيارات عسكرية،  وانه حتى روسيا سوف تشعر بالعزلة أكثر إذا قرر المجتمع الدولي التحرك من خارج إطار مجلس الأمن لن يكون أمام موسكو أن تفعل شيئاً،  حدث ذلك سابقاً في كوسوفو والبوسنة والهرسك عندما يعني أرعدت وأزبدت موسكو كثيراً في ظل أي تدخل دولي  من خارج إطار الشرعية الدولية كما قالت لكن في النهاية لا تستطيع أن تمنع أي تحرك عسكري فيما لو قررت الولايات المتحدة والدول الأوروبية ومعها الجامعة العربية وبالتأكيد تركيا في تحرك من هذا الإطار وبالتالي هو ما نعمل عليه بشكل جدي هو الضغط على الإدارة الأميركية وعلى واشنطن تحديداً على أن يكون لديها قدرة على التحرك سياسياً وبشكل أقوى وأيضاً..

أميركا وحسابات أخرى

عبد القادر عياض: دكتور رضوان الضغط  باتجاه واشنطن، وأتوجه هنا بسؤالي لضيفي في واشنطن السيد ووكر:  هل باعتقادك أن واشنطن استعملت كل ما لديها من أوراق من أجل الضغط على الطرف الآخر الروسي الصيني ومن معهم من أجل التحرك على مستوى مجلس الأمن ممارسة ضغط أكثر من أجل وقف نزيف الدم في سوريا أم أن هناك حسابات  داخلية أميركية ما زالت تقف دون ذلك؟

جوشوا ووكر: لسوء الحظ لا أعتقد أن أميركا استخدمت كل وسائل الضغط عندها، نحن نعمل منذ مدة على الوصول إلى عمل مشترك مع المجتمع الدولي لكن للأسف كقادة للمجتمع الدولي لم نفعل كل ما نستطيع ونحن في عام انتخابات، إذن من الصعب على الرئيس أن يبعث بقوات،  نحن نحتاج إلى مساعدة الصين وروسيا في مفاوضات الملف النووي الإيراني وهناك الكثير مما يحدث أمام الأميركيين يحتاجون إلى التركيز عليه،  إذا الوضع في سوريا أصبح حرباً أهلية وهذا ما يثير قلق الأوروبيين إضافةً إلى الأميركيين ويزعزع استقرار المنطقة ككل في بلدان مثل السعودية وتركيا من حلفاء أميركا عليهم أن يلعبوا دوراً أكثر هنا ويضغطوا على واشنطن أكثر،  وعلى واشنطن أن تتخذ قراراً أكبر وأكثر إستراتيجية فلا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي كما قال ضيفكم الأول، نحن نقول إن روسيا هي المشكلة أعتقد إن المشكلة أننا لا نملك الإرادة السياسية حالياً في أميركا وأوروبا.

عبد القادر عياض: سيدة سوبونينا منذ شهور والمجتمع الدولي بما فيهم روسيا يتكلمون عن حرب أهلية في سوريا يجب تجنبها ألا تعتقدين بأن ما يجري الآن من سجال دولي،  من تباطؤ دولي،  من تزعزع في المواقف الدولية،  إنما هو يكرس ويدفع باتجاه دخول سوريا في حرب أهلية لا قدر الله؟

إلينا سوبونينا: للأسف بوادر الحرب الأهلية هي موجودة في سوريا والمجتمع الدولي الآن أثبت مرةً أخرى عجزه في حل مثل هذه الأزمات، وروسيا هي ليست مشكلة في حل مثل هذه الأزمة،  المشكلة هي الانتخابات الرئاسية في أميركا لأن المفاتيح الرئيسية هي في يد أميركا وليس في يد..

عبد القادر عياض: ولكن عفواً؛ عفواً سيدة هناك أطراف في داخل سوريا تعتبر بأن روسيا أصبحت جزءاً من المشكلة مثلما هناك أطراف أيضاً في سوريا تعتبر أن أميركا والدول الغربية هي أيضاً جزء من الأزمة في سوريا؟

إلينا سوبونينا: أنا لا أوافق الرأي أن روسيا جزء من المشكلة في الأزمة السورية والسيد زيادة الآن قال بأنه إذا أرادت أميركا أن تتحرك فممكن أن تفعل ذلك بدون أخذ الإذن من قبل مجلس الأمن مثل ما رأينا هذا الشيء في العراق على سبيل المثال، روسيا حتى الآن ضد الاعتماد على البند السابع، وأنا لا استبعد استخدام حق الفيتو مرةً ثالثة قبل روسيا والصين أيضاً،  ولكن هذا لا يمنع أيضاً الأميركان أن يرسلوا قواتهم إلى سوريا أو يشاركوا في عملية حلف الناتو مثلما رأينا ذلك في ليبيا فلماذا..

عبد القادر عياض: طيب في هذه الحالة ما دام أن روسيا تنتقد التحركات الدولية الأخرى هل تملك روسيا مفاتيح وما زالت تلعب دور الوسيط النزيه حتى تضع تصوراً،  تبلور فكرة لخروج سوريا من هذا المأزق؟

إلينا سوبونينا: روسيا تحاول أن تفعل شيئاً ما، بوجهة نظر موسكو كان الحل الأفضل لهذه الأزمة هو الحوار بين الأطراف المتنازعة، اليوم السيدة بثينة شعبان مستشارة الرئيس بشار الأسد موجودة في موسكو وهي قد التقت بدبلوماسيين في الخارجية الروسية وهم أكدوا لها نفس الفكرة، لأن بعدين التقت بمجموعة الخبراء المستشرقين من الروس، وأنا تكلمت معها أيضاً، ولكن هذا الحل حتى الآن علينا أن نعترف بذلك لم يؤدي بنا إلى النجاح، وأنا أشك بأن الحوار ممكن أن يتم في مثل هذه الظروف، الوساطة  الروسية هي محدودة، لا تنظروا  إلى روسيا كالإتحاد السوفييتي السابق، ليس لدى موسكو نفس الوزن ونفس النفوذ في منطقة الشرق الأوسط كما لدى أميركا.

عبد القادر عياض: دكتور رضوان سيعرض السيد بان كى مون تقريره أمام مجلس الأمن، وهنا التساؤل، إلى أي مدى المراهنة على الفعل الدولي في إيجاد حل لما يجري في سوريا؟

رضوان زيادة: بصراحة يعني ليس هناك أمامهم إلا الحل الدولي، ما عدا ذلك سيستمر الأسد بارتكاب الجرائم والفظائع، وخاصة ما يؤلمنا كل يوم هو عمليات الذبح، يعني البارحة على سبيل المثال ثلاثة طلبة خرجوا من امتحان الثانوية في مدينة حماة تعرض لهم مجموعة من الشبيحة وقاموا بذبحهم، لا أدري إلى متى كيف يمكن نحن كسوريين في الداخل أو الخارج نتحمل هذه المشاهد المؤلمة، يجب وضع حد لذلك، ويجب عدم التعامل مع الأعراض ونسيان المرض الرئيسي، المرض الرئيسي هو بقاء الأسد في الحكم، وتسليط شكل من أشكال عصابات الأجهزة الأمنية والشبيحة الأكثر أخلاصاً له أن تقوم بأفعال خارج إطار ليس القانون فقط وإنما خارج إطار الإنسانية، أعتقد أن بشار الأسد أصبح خطرا على الإنسانية جمعاء، لأن وجوده دقيقة أخرى أو حتى يوم أخر في الحكم يعني المزيد من الفظائع والمزيد من الجرائم، لا أذكر تقريراً أو قراراً دولياً نص مثل ما نص قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بمسؤولية الحكومة السورية عن ذبح 49 طفلا تحت سن العاشرة، وبالتالي نحن ندور تقريباً والمجتمع الدولي يدور حول المرض الرئيسي وهو بقاء بشار الأسد في الحكم، وبالتالي يجب استخدام كل الوسائل الممكنة بما فيها القوة، سواء عبر فرض المناطق الآمنة أو ضربات جوية عسكرية محددة الأهداف لمنع بشار الأسد ولشل كل القدرة الاتصالية لكل الأجهزة الأمنية ولبشار الأسد وعصاباته، بدون ذلك نبقي  نتعامل مع الأعراض سواء وقف إطلاق النار، إخلاء المدنيين، التعامل مع الجرحى، أو التعامل مع اللاجئين والمهجرين، المرض الرئيسي وهي تماماً الخلاصة التي استخلصتها واشنطن بعد أربع سنوات من حرب البوسنة، تقريباً كانت تراوغ واشنطن وتقول أن ميلوسوفيتش قد يكون جزءاً من الحل،  حتى بعد ارتكاب مجزرة سيربنتشيا أدركت تماما ً أنه يجب القضاء على ميلوسوفيتش وأن استمرار بقاء ميلوسوفيتش يعيق ليس فقط الحل الأمني وإنما الحل السياسي، وهذه هي الخلاصة التي يجب عليها أن تفهمها واشنطن وكل دول العالم.

عبد القادر عياض: على كلٍ شكراً لك الدكتور رضوان زيادة مدير مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري، وكذلك أشكر ضيفي من واشنطن جوشوا ووكر الباحث في مشروع ترومان للأمن القومي، ومن موسكو إلينا سوبونينا  مديرة قسم الشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية، وبهذا تنتهي هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، نلتقي بإذن الله في قراءة  جديدة  فيما وراء خبر جديد، إلى اللقاء بإذن الله.