د. منذر الدحلة أستاذ جامعي في الهندسة الالكترونية ضيف حلقـة برنامج موعد في المهجر
موعد في المهجر

منذر الدحلة

يستضيف البرنامج الأستاذ الجامعي في الهندسة الإلكترونية ومعلم الحاسوب في كلية ماساشوستس للتكنولوجيا منذر الدحلة الذي كرس نفسه للعلوم التي تصنع المستقبل وترسم ملامح الحياة البشرية.

– أحلام الطفولة
– الحياة الأسرية والاجتماعية

 

أحلام الطفولة


منذر الدحلة:
وأنا صغير كان عندي اهتمام كتير في الأفلام، وفي المسلسلات Science Fiction يعني أتذكر شغلات كتير من وأنا صغير The Six Million Dollar Manالرجل الآلي، هذا كان بالنسبة إلي من أهم المسلسلات، ولحد الآن دخل في تفكيري في الأبحاث، لأنه كنت كتير وأنا وصغير أفكر يعني كيف أنك تجي تحط يد bionic يعني آلية، وتربطها مع الإنسان ومع جهازه الحسي بحيث أنه يكون في علاقة ما بين الجهاز الحسي والكهرباء التي تمشي في اليد. هذه طبعاً، الرجل الآلي هو حلم، ولكن حلم ممكن تحقيقه….


المعلق: الخيال أهم من المعرفة. كثيراً ما كان ألبرت أينشتاين يردد هذه العبارة البليغة التي تختصر فلسفة كاملة، وصاحب النسبية التي غيّرت نظرة البشر للكون، يقصد دون شك نفس ما يقصده الدكتور منذر الدحله وهو يتذكر مفتوناً شخصية ستيف أوستن في مسلسل أمريكي كان رائجاً في تلفزيوناتنا العربية إبّان السبعينيات، الخيال الجامح الذي صعق ذهن الصبي الفلسطيني، المقيم في الأردن حين ذاك، فتح أمامه أبواباً على معرفة علمية لا نهائية الاتّساع، قادته، بعد مشوار تعلّم طويل في أميركا، إلى كرسي أساتذيّة علم التحكم الآلي في أحد أهم معاهد العلوم التطبيقية في العالم، معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم.آي.تي).


منذر الدحلة: خرجت من الأردن في عام 1980 وقدِمت إلى أمريكا، إلى تكساس، إلى جامعة تكساس (إي أند إم يونيفرسيتي) في عام 1980 وخلّصت Bachelor degree تبعتي في عام 1983 في الهندسة الكهربائية، بعدها مباشرة التحقت في جامعة اسمها رايس يونيفرسيتي في هيوستن في تكساس، وابتدأت دراساتي العليا أيضاً في مجال الهندسة الكهربائية، وانتهيت من الـ (بي.إتش.دي) تبعتي في عام 1987، ومباشرة بعد ذلك قدمت إلى (إم.آي.تي) للتعليم….


المعلق: خيبة الأمل التي يتذكر بها الدكتور منذر الدحله تجربة البكالوريا في عمّان، والأسلوب التعليمي التلقيني العقيم الذي فرّ منه إلى أميركا، يقابله الحماس الذي يتحدث به عن إنجازه العلمي المتفوق في عُقر دار العم سام، ولكنه يزهو حقاً في جائزتين اثنتين من بين الجوائز العلمية الخمسة الرفيعة التي توّج بها عمله، جائزة نولدكمان التي تُمنح لأحسن مهندس تحكُّم شاب في أميركا، وجائزة الطلاب كأحسن أستاذ وموجه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. الجائزة الأولى تعني عالِماً مبدعاً، والثانية تعني إنساناً ودوداً قادراً على التواصل، ومن الوجهين معاً يتكون الرجل، العلم والمودة، أميركا وفلسطين.


منذر الدحلة: بعد ذاك الوقت طبعاً تفرّع الـ Research تبعي، دخلت في نواحي جديدة من theory من النظرية.. الدراسة النظرية، ونواحي جديدة من الدراسات التطبيقية، دخلت في دراسة الجهاز العصبي في الإنسان، وفي الأخص كيف المخيخ يسيطر على حركة الإنسان، في داخل العقل عنّا عقل صغير اسمه المخيخ، اللي هو مسؤول عن حركة الأيدي وإلى آخره، لنفرض مثلاً أنني قررت أن أرفع هذا القلم، بدنا نفهم بالضبط كيف هي.. كيف الإنسان، كيف العقل قرر أن تتحرك يدي بهذا الاتجاه، كيف تسارع للقلم، بعدين كيف بطَّأ قبل ما يمسك القلم، الضغط اللي أحطّه على القلم حتى أرفعه، وكيف أرجعه في هذا..، هذه عملية معقدة كتير وكلهاIt"s a control system ، فعملنا دراسات كتيرة على هذه المادة حتى نعطي نموذج رياضي،A theoretical model ، A mathematical model لطريقة عمل المخيخ، هلق أنا دخلت في مجال الـ research تبعي هو ما يسمى بـ information sciences علم المعلومات، إذا بتلاحظ هلق فيه.. كان فيه ثورة تكنولوجية في الآخر عشر سنوات، كنّا كل system إذا كان Biological أو كان اقتصادي أو كان هندسي مبني عن طريق الإنسان، الآن فيه معلومات هائلة عن هذا الـsystem عن تصرفاته عن حركته، وكلها نتيجة للـ information technology area التي تضخمّت آخر عشر سنوات، كل هذه المعلومات موجودة. هلق بالنسبة لنا نحن لـ information scientist، علم المعلومات، كيف ممكن نأخذ هذه المعلومات ونطلّع منها مؤثرات على هذا الـ system، كيف نحولها إلى decisions عن الـ system لنفرض أنه مثلاً صار إنفجار gas pipes ولاّ إشي مثلاً في بوسطن، وكل البوليس يتدخل والـ fire department تتدخل وممكن حتى national guards يتدخلوا، وكل جماعة من هؤلاء عندهم عقلهم وعندهم الحركة تبعتهم عندهم الـ leader ships، هلق كيف بدهم يتفاعلوا مع بعض، حتى النتيجة تكون صحيحة، مش يخربوا على بعض، بس يتفاعلوا مع بعض فهي كمان بدها plate form نظريات حتى تؤدي إلى هذا التصميم.. الـ controller فالـ..Research تبعي هلق انتقل من الـ design تبع الـ system كـ local لـ systems اللي عمّالها بتعمل interactions مع bigger systems يعني network شبكات من الـ system متصلة مع بعض، فالـ control يدخل فيها والاتصالات تدخل فيها والـ computers computation تدخل فيها، كمادة فيها challenges كبيرة، فهذا بالنسبة لي.. خمس سنين، عشر سنين لقدام، هذا هو المجال اللي بدي أدخل فيه. واحدة من المشاريع اللي أنا داخل فيها الآن هي، كيف مثلاً، أؤثر على حركة مدينة عن طريق التليفونات الخلوية، عندي collaborators بيشتغلوا في مدينة روما على الأخص، نجمع، بكل الوقت يعني، المعلومات اللي بتجي من cell phone in real time ، يعني إذا أنت بترفع التلفون وبتحكي مع حدا في روما وهو في روما، منعرف وينك أنت ومنعرف مع مين عم تحكي، لا نعرف شو عم تحكي معه بس منعرف أنك عم تحكي معه، عن طريق هذه المعلومات. واحدة من الشغلات اللي اندرست، لنفرض أنه كان عندنا football game كيف الـ traffic تبع البلد يتغير، لمّا نصير نقرب لوقت المباراة، لإنه كل البلد عمالها بتروح، اللي بدهم يروحوا يشوفوا المباراة شخصياً، واللي بدهم يروحوا على مثلاً الـ cafés أو على محلات تانية يشوفوها، البلد كلها متأثرة بهذه الـ event اللي هو تبع المباراة، فيصير فيه traffic jams ويصير فيه مشاكل في الحركة وإلى آخره، بس نحن عندنا كل المعلومات، عندنا كل حركة البلد، فهل أنه ممكن أن نؤثر على هذه الحركة بأن نبعث messages للـ cell phones يعني معلوماتنا من cell phones نبعتلك message على cell phones تقول لك من الأفضل، لك أن تأخذ هذه الطريق بدل ما تـأخذ هذه الطريق، أنت حر طبعاً، مش مضطر تلحقنا، تقدر تأخذ الطريق اللي بدّك ياها. بس السؤال، هل أنه فيه طريقة لنا حتى نغيّر الحركة؟ بحيث أنه نخفف الـ traffic jam أو نخفف الـ potential أنه يكون في مشاكل إلى آخره. فهذه انتقلنا من الـ local أو من الشيء المتواضع بالنسبة للـ control system لشبكات من الناس المتصلة مع بعضها…. كتبت كتابين، وعندي كتابين عمبكتب فيهم الآن، الكتابين الأولين كانوا في مجال الـ control theory.. The bus control theory، والكتاب الثالث اللي أشتغل عليه أيضاً في نفس المجال، في الـ control، والكتاب الرابع اللي أشتغل عليه، في العلاقة ما بين الـ data والـ models عم أكتب كتاب على العلاقة ما بين الـ data والـ models، شوي أصعب هذا الكتاب من كتاب control theory. الـ control theory بيفرض أن النموذج الرياضي موجود وكيف بدك تصنع controller، هلق عم أكتب كتاب على كيف تروح من الـ data من الـ observations عن الـ system، ما تعرفش بالضبط الـ details التابعة للــ system، بس عندك observations عليه، كيف تروح من الـ observation للموضوع.

الحياة الأسرية والاجتماعية


المعلق: يعرف ما الذي سيفعله في عمله البحْثِي للسنوات العشر التالية، تصميم نُظم التحكم في الدفق المعلوماتي الهائل وإدارته، وما تبقّى من الوقت مقسَّم بدقة، معظمه للعائلة ومراقبة الصغار يكبرون وينضجون في أميركا وهم يحملون ملامحهم وأسماءهم العربية.


منذر الدحلة: طبعاً أنا لمّا خرجت وعمري 18 سنة، كان لي أصدقاء كتير في الأردن، وتابعت معهم في فترة من الوقت بالرسائل و.. بالرسائل أكتر الشي يعني، إلاّ أنه لمّا بتبتعد مدة من الزمن، وأنا قضيت أول ثلاث سنوات ما رجعتش فيها على الأردن، بقيت في الجامعة، فيعني كأن هذه فصَلَت ما بين حياتي في أمريكا وما بين حياتي في الأردن. معظم الاصدقاء اللي كانوا عندي فترت العلاقات بيننا وما كان فيه اتصال مستمر، وباقي يمكن صاحبين أو ثلاث أصحاب، أصدقاء اللي استمرت العلاقة معهم. بدأت أبني علاقات اجتماعية طبعاً في أمريكا، وطبعاً صداقات بين الأمريكان والعرب وإلى آخره، طبعاً عندك صداقات مع الأمريكان أكثر من العرب، لأنه عندك أمريكان أكثر من العرب في أميركا. وكانت هذه بالنسبة لي شغلة مهمة جداً أنه أنا عندما أستقر وأتزوج، أن أتزوج من امرأة عربية مسلمة، مش لأنه أنا صعب علي أن أندمج مع شخص غير عربي أو غير مسلم، لكن أصعب علينا من ناحية تربية الأولاد والقيم الأخلاقية اللي بدنا نعطيها لهؤلاء الأولاد، فبالنسبة لي كانت يعني على الزمن الطويل أسهل في العلاقة أن تكون زوجتك عربية ومسلمة وتفهم نفس المقاييس أو القيم اللي أنت تؤمن فيها. جنان أصلها ولدت في المغرب، في الدار البيضاء، وعاشت في مراكش معظم حياتها وبعدين جاءت إلى أمريكا عملت الـ undergraduate degree تبعها في جامعة في برن مار و كالتك في كاليفورنيا. وخلّصت الـ undergraduate وجاءت على (إم.آي.تي) حتى تعمل الدكتوراه، ونحن التقينا في أول سنة كانت هناك، وكان حب من أول نظرة زي ما تقول، يعني بمدة ثلاث أشهر قررنا أن نتزوج، التقينا يمكن بشهر سبتمبر وبشهر سبعة في نفس.. يعني بعد 9 – 10 أشهر تزوجنا، رحنا على المغرب وعملنا عرس كبير، واستقرينا، ورجعنا على بوسطن، جنان استمرت في الدكتوراه، تكمّل الدكتوراه تبعها، وأنا استمريت في عملي…. إحنا عندنا ثلاث أولاد، البنت الكبيرة اسمها ديمة وعمرها 13سنة، والولد اللي بعدها اسمه هلال وعمره 10 سنوات، والصغير اسمه يزيد وعمره 5 سنوات. فنحن عائلة من خمس أشخاص، عايشين في كامبرج عشنا طول حياتنا في منطقة بوسطن في كامبرج، ممكن ما عدا سنة واحدة، بس معظم الوقت كانت في كامبريج، كامبريج بلد جميلة، وبعدين بلد علمية لأن فيها جامعتان كبار اللي هم (إم.آي.تي) وهارفرد، فيعني فيها نوع من الـ atmosphere اللي أنا أرغبه، أحب أقعد..يعني أكون في.. نقعد في cafés نشوف ناس منعرفهم من الجامعة إلى آخره، يعني فيها حياة اجتماعية قوية. كعائلة نحن منعمل شغلات كتير مع بعض، يعني نحاول أنه يكون عنّا ترابط عائلي، مثلاً لازم دائماً كل يوم نتعشى كلنا مع بعض، إذا كلنا كنا في البلد نتعشى مع بعض، نطلع نتمشى على النهر مرات كتير بعد العشاء كعائلة، أو أنا وجنان مرات، أو أنا وجنان والولد الصغير يزيد، نطلع نتمشى، طبعاً نطلع نزور.. عندنا أصدقاء كتير عرب وغير عرب، فعندنا حياة اجتماعية قوية يعني. طبعاً نحب أن يكون كمان أولادنا متصلين مع المجتع العربي الموجود في بوسطن، لأنه هو اللي يعطيهم bases العربي، لأن أولادنا ولدوا في هذه البلد وتعلموا.. اللغة العربية كانت اللغة الأولى ولكن بسرعة صارت اللغة الإنكليزية هي لغتهم الرسمية، فنحن عندنا بالنسبة لنا هذه قضية يعني دائماً على تفكيرنا كيف بدنا ننمي اللغة العربية، بس بالأكتر كيف بدنا ننمي الثقافة العربية والأخلاق والـ values اللي نحن جينا فيها من بلادنا لأنه نحن عايشيين في منطقة مختلفة، فأصدقاؤنا والجماعات اللي نحن معاها كلهم عندهم نفس هذا التفكير، وهذا التفكير مهم لنا، أن أولادنا يكونوا يتربوا يفكروا أنهم جزء من كل، مش كل واحد individual بس اللّهمّ نفسي، وأنا بدي أعمل هي إلي إلي، لأ، كمان لازم تفكر أنك أنت تنتمي لمجتمع أكبر والمجتمع الأكبر بحتاج لك وأنت تحتاج له…. أكبر مشكلة واجهتها في حياتي من ناحية شخصية كانت هي وفاة أخي محمد، توفى في عام 2000 نتيجة لمرض السرطان اللي أصابه في الكبد، عاش بعد ما أصابه المرض حوالي سنة ونصف وبعدين توفى، فلمّا مرض وتوفي، بالنسبة لي، هذا زعزع وهز الكيان اللي أنا كنت عايش فيه، فأثّر علي كتير. في أول الوقت كان طبعاً بالنسبة لي كان صعب جداً أن أتقبّل اللي صار، ولكن طبعاً تتقبل مع الوقت. فالشيء الوحيد اللي يبقى يشدني إلى الوطن العربي بقوة، غير طبعاً حياتي والتاريخ تبعي، هي علاقاتي مع أهلي، خاصة الأهل، الأب والأم والأخت إلى آخره، فأتمنى لو أنه كان فيه طريقة تانية في الحياة، محل تاني في الحياة أنه نحن نكون كلنا جانب بعض، مع بعض، ونعيش يعني بمجتمع قريب.