درعا.. أحوال اقتصادية صعبة تعكر الفرحة بعيد الفطر

سوق الشهداء في درعا المحطة_
سوق الشهداء في درعا المحطة (الجزيرة)

درعا- يترك شهر رمضان الأهالي في درعا (جنوب سوريا) والديون تثقل كاهلهم، لتعود الحيرة من جديد في البحث عن وسائل يستطيعون من خلالها إدخال الفرحة إلى قلوب أبنائهم في عيد الفطر.

يقول محمد أبو نبوت، وهو من أصحاب الدخل المحدود، إن التفكير المستمر في مصاريف عيد الفطر "سرق منا الفرحة، ولم ترسم الابتسامة على شفاهنا".

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن لديه 3 أطفال، وكغيرهم من الأطفال في مثل هذه الأيام يحتاجون إلى شراء ملابس جديدة، ومتوسط سعر كسوة الطفل الواحد تصل إلى 400 ألف ليرة سورية.

أحدى البسطات في السوق الشعبي بحي الكاشف بدرعا المحطة_
إحدى البسطات في السوق الشعبي بحي الكاشف في درعا المحطة (الجزيرة)

تخفيف الأعباء

قلة الإمكانيات التي باتت ظاهرة على كثير من الأهالي في مثل هذه الأيام دفعتهم إلى البحث عن بدائل تساعدهم في تخفيف الأعباء من خلال شراء الملابس للأطفال فقط دون شرائها للأب والأم من باب التوفير.

وتوجه كثير من الأهالي إلى شراء ملابس من محلات البالة، وهي ملابس مستعملة استعمالا قليلا في الغالب، ومنها ما هو جديد، لكنه يحتوي على عيب غير ظاهر، ويعتبر هذا أحد أبواب التوفير على الآباء.

وقال أبو نبوت إنه يعمل في أحد المحال المخصصة لبيع الخضار، ولا يتجاوز أجره اليومي 35 ألف ليرة سورية، وهذا الأجر غير كاف لوجبة طعام واحدة يوميا، ولكن وضعه الصحي والآلام التي يعاني منها في ظهره تقف أمام البحث عن عمل آخر يتطلب منه جهدا أكبر.

وأكد أن ثمن ملابس أطفاله لم يتوفر منه حتى اللحظة إلا القليل، حيث وصله مبلغ 500 ألف من إحدى المبادرات الرمضانية، ادخر منها 300 ألف فقط لملابس الأطفال، وهو يعلم أنها غير كافية لكسوة واحد منهم، لكن كان لديه أمل أن يكون هناك توزيع مبالغ أخرى.

لم يخف أنه يفكر في استدانة مبلغ مليون ليرة سورية من أحد أقاربه فقط لشراء الملابس دون التفكير في شراء شيء من حاجيات العيد الأخرى، لأن "زرع الابتسامة على وجوه أطفاله هي أهم أولوياته في هذه الأيام"، وهو يعلم أن سداد المبلغ سيكون أشبه بالمستحيل في مثل هذه الظروف.

صورة خاصة لبعض المحال التجارية المتواجدة في حي الكاشف بدرعا المحطة_
بعض المحال التجارية في حي الكاشف بدرعا المحطة (الجزيرة)

مبادرات

كان إعداد الحلويات في المنازل من الطقوس الأساسية في الأعياد، إذ تجتمع النساء لتحضير بعض الأصناف التقليدية مثل المعمول والبيتفور، ويتم شراء باقي الأصناف من الأسواق. وقد بلغ سعر الكيلو الواحد منهما في الأسواق ما يقارب 200 ألف ليرة سورية، في حين وصل سعر الأصناف التي تحتوي على الفستق الحلبي والمكسرات إلى 400 ألف ليرة سورية، وبهذا المبلغ يتم تصنيع أضعاف الكمية في المنزل.

وحاولت بعض المبادرات المحلية -والتي كانت خجولة مقارنة بالسنوات الماضية- أن تخفف من وطأة ارتفاع الأسعار على الأهالي من خلال تأمين مبالغ مالية لهم، ومن خلال التواصل مع التجار لخفض الأسعار مراعاة لظروف الناس في مثل هذه الأيام.

واعتمدت هذه المبادرات على جمع التبرعات من أبناء المدينة المغتربين فقط، واقتصرت على تأمين مبالغ مالية لما يقارب من 300 عائلة في منتصف شهر رمضان.

لأحد الأسواق الشعبية في حي الكاشف بدرعا المحطة_
متوسط سعر كسوة الطفل يبلغ 400 ألف ليرة سورية (الجزيرة)

أولوية المبادرات

ويقول (م.ج) أحد المشرفين على المبادرات في درعا للجزيرة نت إن العمل في هذا المجال مسؤولية كبيرة، لأن عدد المحتاجين كبير والمبالغ التي جمعناها قليلة جدا.

وأضاف أن اختيار الأسماء المستحقة تعتبر أمانة، لأن الجميع بحاجة للمساعدة، وهنا يقع على عاتق المشرفين الاستفسار عن كل عائلة على حدة ومعرفة عدد أفرادها وما إذا كان هناك مصدر دخل لهم، أو تأتيهم مساعدة من أحد أقاربهم المغتربين.

وأشار إلى أن الأيتام كان لهم الأولوية في المبادرات والاستفادة منها، ومن ثم الأطفال الذين يعد آباؤهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن ثم تم التوجه إلى أبناء عمال النظافة.

وأوضح المتحدث أنهم خصصوا مبلغ 500 ألف ليرة سورية لكل طفل، وقال "كنا نرافق الطفل وذويه إلى أحد المحال المختصة في بيع الملابس بأسعار منخفضة".

وتعتمد عائلات كثيرة على الحوالات المالية التي يرسلها أبناؤها المغتربون، وتنظر أخرى المساعدات التي تقدمها عشيرتها بعد أن فعّلت كثير من العشائر صناديق تهدف إلى مساعدة أبنائها المحتاجين.

ويبقى آخرون دون معين، ويعيشون حالة اقتصادية حرجة جدا، إذ تفتقر منازلهم لأدنى مقومات الحياة ومنهم من بات يعتمد على إرسال أطفالهم إلى سوق العمل للاستفادة من الأجر الذي سيتقاضاه بدلا من إرساله إلى المدرسة.

المصدر : الجزيرة