الأزمة الإيرانية – الإسرائيلية: امتحان الساعات الخمسة

banderas de Israel e Irán pintadas en un muro roto (concepto de conflicto internacional)
هل يمكن أن نعتبر الرد الإيراني المعلنة تفاصيله وموعده مسبقا ردا؟! (شترستوك)

في تلك الليلة، اضطررنا جميعًا إلى متابعة الأخبار بقلق شديد؛ خوفًا من اندلاع الحرب العالمية الثالثة. لحسن الحظ، استمرّت الأحداث لمدة 5 ساعات فقط. لم يمُت أحد، ولم تتعرض المدن للقصف، توقفت الحياة قليلا، ثم استؤنفت. ومع ذلك، كان لدينا خلال تلك الفترة القصيرة، فرصة لاختبار العديد من الأمور.

هل يُمكن أن نعتبر الردّ المعلن مسبقًا ردًّا؟

خلال فترة الأزمة، أعلن السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرفاني، قائلًا: "عندما تُطلق الطائرات المسيرة والصواريخ، فإن ردّ الفعل يكون قد انتهى بالنسبة لنا"، مشيرًا إلى أنّهم لن يستمروا في التصعيد.

بعد ذلك، أعلنت إيران أنها قد أبلغت بعض الدول، مثل: تركيا، والأردن، ومصر عن طبيعة ومدى رد الفعل. وأُبلغ سفير سويسرا في طهران الذي يمثل الولايات المتحدة دبلوماسيًّا عن الرد المحتمل، وأكدت إيران أنها لا ترغب في تصعيد الأمور. بالإضافة إلى ذلك، قام المسؤولون الإيرانيون ببثّ مشاهد للصواريخ والطائرات المسيرة؛ لعرض كيفية تنفيذ رد الفعل المحتمل على الهجوم.

وقد أعلنت مصادر أميركية عن يوم الرد المحتمل. واتخذت الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وإسرائيل جميع التدابير اللازمةـ وأكدت أنّها "مستعدة" لأي تطور، وهكذا بدأت العملية.

من خلال كل هذه الأحداث، تم اختبار النقطة التالية: أظهرت إيران أنها لا ترغب في الحرب من خلال إعلانها أنها مضطرة للردّ، ولكن بشكل محدود. وفي حين اعتبر بعض الناس أن هذا ليس ردَّ فعلٍ حقيقيٍّ بل مسرحية، اعتبر آخرون أن إيران قد دخلت التاريخ كأول دولة تطلق صواريخ على إسرائيل.

تم اختبار القدرة الرادعة للقوة العسكرية الإيرانية

تم إطلاق أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ مجنح، ولكن تم تدمير أكثر من 99% منها في الجو قبل دخولها إلى الأجواء الإسرائيلية.

يبدو أن هذا ما كانت إيران ترغب فيه بوضوح، وإلا فإنهم كانوا يعتقدون أن إسرائيل والولايات المتحدة ستقومان بالرد وبدء الحرب في حالة احتراق تل أبيب وسقوط عشرات الضحايا.

لقد اختبرت إسرائيل والولايات المتحدة قدرة إيران العسكرية، والقوة التي تمتلكها، وبذلك فهمتا أنه لا يوجد ما يدعو للقلق بالفعل.

يبدو أن القوة العسكرية لإيران، التي تعتبر واحدة من أقوى الجيوش، وأكثرها نشاطًا في الشرق الأوسط، قد فقدت قدرتها الرادعة.

موقف دول المنطقة تم اختباره

في خلال هذه الساعات الخمسة، تمكنّا من رؤية مواقف دول المنطقة في الصراع بين إيران، وإسرائيل، فإذا نظرنا إلى الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية التي تم إسقاطها في أجواء العراق، وسوريا، والأردن، يظهر أن الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وإسرائيل أكثر قوة من إيران في هذه المناطق.

ومن المعلومات التي وردت، يبدو أنه لم يتم عبور أي صاروخ أو طائرة مسيرة عبر أجواء السعودية ومصر، وهذه المعلومات تحتاج إلى التحقق.

أدركت إيران أنها لم تجد أي دولة مسلمة تؤيدها في المنطقة، باستثناء الحوثيين، وحزب الله.

تم اختبار عزلة إيران ليس فقط بين الدول الغربية، ولكن أيضًا بين الدول الإسلامية خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن.

تركيا: سلوك يؤذي غزة

كانت إحدى القضايا التي تم اختبارها خلال الأزمة هي العلاقات بين إيران، وتركيا، فكان من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيتصرف البلدان المعروفان بحساسيتهما تجاه قضية فلسطين في هذه الأزمة الأخيرة.

في اليوم الأول، اختارت تركيا الصمت. بعد ذلك، بدأت المحادثات الدبلوماسية بين وزير الخارجية هاكان فيدان، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين. كانت جميع هذه الجهود تهدف إلى خفض التوتر. ومع ذلك، لم يصدر أي تصريح حول كيفية تقييم هذا الردّ.

اتّصلت بأهم الشخصيات في أنقرة الذين يديرون الأزمة، وسألتهم كيف رأوا الأمر، وإليك ما قالوه بالتفصيل:

  • رأيناها واحدة من حركات إيران التمثيلية.
  • هذا الحدث زاد قوة إسرائيل، فلقد حصلت على دعم الولايات المتحدة والغرب، وستحصل على مساعدات غير محدودة في المال والتكنولوجيا والأسلحة.
  • كانت حكومة نتنياهو في وضع ضعيف مسبقًا، ولكن بعد هذا الحدث، تمكنت من تعزيز موقعها في السياسة الداخلية والاستمرار في السلطة.
  • صعب جدًا أن نرى وقفًا لإطلاق النار أو سلامًا في غزة.
  • لقد وجدت إسرائيل القوة للمضي قدمًا في ارتكاب المجازر كما تشاء.
  • لقد رأينا أن الدول الإسلامية تفكر بمصالحها، أكثر من أي وقت مضى.

هل ستقوم إسرائيل بضرب إيران؟

كان أحد الأسئلة التي تم اختبارها خلال هذه الأزمة: ماذا سيحدث إذا قامت إسرائيل بضرب إيران؟ اتخذ مجلس الحرب الإسرائيلي قرارًا بشنّ ضربات على منشآت إيران النووية، ولكنه تأجل بسبب عدم موافقة الولايات المتحدة.

فماذا إذا قاموا بالضرب؟ إسرائيل تدرك أن أي دولة إسلامية لن تقف إلى جانب إيران، وأن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ستقدمان الدعم لإسرائيل، حتى لو لم يكن ذلك في مصلحتهما، وأن روسيا والصين ليستا متحمستين للانضمام إلى أي جانب في هذه الأزمة. في هذا السياق، ربما تفكر إسرائيل الآن "لماذا لا نضرب؟"

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.