مسنون وذوو احتياجات يواجهون خطر التشرد بريف حلب

وجوه نزلاء الدار تروي قصص الحزن المرتبطة بالحرب في سوريا
وجوه نزلاء الدار تروي قصص الحزن المرتبطة بالحرب في سوريا (الجزيرة)

عمر يوسف-حلب

لأكثر من ثلاث سنوات ونزار نجار يقوم برعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة في ريف حلب شمالي سوريا ضمن دار صغيرة أطلق عليها دار السلام، أقيمت وسط الحرب والدمار، قبل أن يهدد توقف الدعم والعجز المادي الدار بالإغلاق.

عشرون نزيلا في الدار الواقعة بمدينة أعزاز باتوا اليوم مهددين بالتشرد بقارعة الطريق بعد أن توقف المورد المادي للإدارة منذ أشهر، فضلا عن صعوبة تأمين مصاريف وأجور العاملين، وأصبح مصير هؤلاء مرهونا للمجهول، ما دفع القائمين على الدار إلى إطلاق مناشدة لتقديم العون والمساعدة من الجمعيات المعنية بالِشأن الإنساني. 

ولأن الدار لا تتلقى دعما منتظما من جهة معينة، بل تحصل على دعم متقطع من المحسنين بين الحين والآخر، فهي اليوم تصارع للبقاء في خدمة نزلائها، وفق مديرها نزار نجار.

في الدار أربعة غرف يتوزع فيها النزلاء، إضافة إلى المطعم الصغير، وتتركز مهمة كادر الدار على تقديم الدواء والطعام لكل مسن في وقته، إضافة إلى الاهتمام بنظافة وصحة النزيل، حيث يأخذ القائمون على عاتقهم العناية بالمصابين الوافدين إليها أو من تقطعت بهم سبل العيش بهدف رعايتهم والتخفيف عنهم.

وتسعى إدارة الدار بين الحين والآخر إلى الترويح عن النزلاء برحلات قصيرة قرب الدار في الريف الحلبي خلال فصلي الربيع والصيف.

مناشدة وألم
ووراء كل نزيل قصة من قصص الحرب السورية تحكيها تجاعيد الوجوه ونظرات الحزن وغياب الأمل أو الإصابات والجروح جراء التعرض للقصف أو المرض الشديد، ومعظمهم منقطع عن التواصل الاجتماعي مع الأهل والأقارب لظروف متباينة.

‪الحرب السورية خلفت مأسي وآلاما كبيرة وشردت الملايين‬ (الجزيرة)
‪الحرب السورية خلفت مأسي وآلاما كبيرة وشردت الملايين‬ (الجزيرة)

في زاوية الغرفة يستلقي النزيل أبو جمال (45 عاما) على سريره مترقبا المجهول بخوف، فهو بانتظار استكمال باقي جلسات العلاج الفيزيائي كي يتمكن من المشي مجددا على قدميه، ويحز في نفسه أن تغلق الدار ويخرج دونما وجهة معلومة.

أبو جمال كان أصيب قبل أربع أعوام بشلل رباعي جراء ظهور ورم في النخاع الشوكي أفقده الحركة -كما يروي للجزيرة نت- وخضع حينها لعمل جراحي ليقوم أحد الجيران بالاهتمام به لمدة قصيرة قبل أن يبقى وحيدا في مدينته عفرين بريف حلب دون رعاية نتيجة سفر أهله خارج سوريا، مما أدى لتراجع حالته الصحية.

ومع استقبال الدار لأبي جمال خضع للعلاج الفيزيائي على مراحل وأخبره الأطباء أنه سوف يتماثل للشفاء في وقت قريب ويتمكن من القدرة على المشي كما كان في السابق.

ويناشد الرجل عبر الجزيرة نت المحسنين بالتدخل لمساعدة الدار كي تستمر في مد يد العون للنزلاء ليستكمل علاجه ورفاقه المرضى داخل الدار.

‪المدير نزار نجار يناشد المحسنين نجدة الدار قبل الإغلاق‬ (الجزيرة)
‪المدير نزار نجار يناشد المحسنين نجدة الدار قبل الإغلاق‬ (الجزيرة)

دورة الحياة
وعبر منصات التواصل الاجتماعي يجتهد مدير الدار بنشر صور النزلاء من ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن ممن وصلوا للدار دون معرفة ذويهم مرفقا رقمه الخاص، عسى أن يتعرف عليهم أحد ويتواصل مع الدار.

ويخبر الجزيرة نت أن شابا في العشرين من عمره يسكن الدار منذ خمس سنوات تعرف عليه أهله نتيجة نشر صوره عبر الإنترنت.

ويروي المدير كيف توفي عدد من النزلاء الكبار في السن داخل الدار، ليدفنوا دون عزاء أو مراسم لأن أحدا لم يتعرف عليهم وهو ما يشعره بالحزن والأسى، معتبرا أنها دورة الحياة التي تستمر على وقع الحرب السورية.

المصدر : الجزيرة