"شيخ مدينة" تونس.. هل تفوز به امرأة؟
خميس بن بريك-تونس
وكغيره من رؤساء المجالس البلدية، يقع انتخاب رئيس بلدية تونس من بين رؤساء جميع القوائم الفائزة بالأغلبية المطلقة، ويحتاج الفائز برئاسة بلدية تونس 31 صوتا. وبنظرة للنتائج ستضطر الأحزاب لعقد تحالفات لترجيح كفة مرشحها.
وتحتاج حركة النهضة إلى عشرة أصوات إضافية للفوز برئاسة البلدية، لكن الأمر لن يكون يسيرا لإقناع بقية الأحزاب بما فيها نداء تونس الذي يحتاج بدوره إلى 14 صوتا إضافيا لنيل المنصب.
ومما يعقد الأمور أكثر هو التصريحات المتبادلة بين حركتي النهضة ونداء تونس حول تمسكهما برئاسة بلدية تونس، وهو ما قد يسبب تعطيلا داخل بلدية تونس إذا لم يتوافق الحزبان.
أول امرأة
وبدأت حمى التنافس تحتدم بين الحزبين، مع انتقاد عضو بنداء تونس حركة النهضة لتمسكها بترشيح رئيسة قائمتها بالعاصمة الصيدلانية سعاد عبد الرحيم للمنصب بدعوى أن ترشيحها مخالف للعرف والتقاليد.
لكن سعاد عبد الرحيم تقول للجزيرة نت إنه لا يوجد أي مانع قانوني أو أخلاقي لتقلدها هذا المنصب، مشيرة إلى أن حزبها يدفع نحو تشكيل تحالفات لضمان ترشيحها كأول امرأة بمنصب "شيخة المدينة" بعد فوزها بأرفع نسبة أصوات ببلدية تونس.
ومنذ إحداثها سنة 1858 كأول بلدية بالبلاد، كان تعيين شيخ المدينة مقتصرا على الذكور، حيث وقع تعيين 31 رئيسا. ورغم أن أول شيخ مدينة كان من ولاية القيروان (وسط) فقد ارتبطت عقلية البعض بوجوب تعيين رجل من أعيان العاصمة.
لكن سعاد عبد الرحيم المرشحة المستقلة تقول إن حزبها يتفاوض مع القوائم الفائزة ببلدية تونس لدعم ترشيحها، بهدف تعزيز مكاسب المرأة في تقلد المسؤوليات الكبرى ودعم تكافؤ الفرص بعيدا عن العقلية الذكورية والمناطقية.
واعتبرت أن التنافس على رئاسة بلدية تونس بين حزبها ونداء تونس مشروع وسيتم الحسم فيه إما عن طريق التوافق أو عبر آلية الانتخاب، موضحة أن الأهم هو تجاوز الإشكال وتقديم الخدمات للمواطن.
تنازلات محتملة
من جهته، يقول النائب عن حركة نداء تونس منجي الحرباوي للجزيرة نت إن عدم فوز أي حزب بالأغلبية المريحة داخل بلدية تونس يجعله بالضرورة يبحث عن تحالفات لتمرير مرشحه، مؤكدا أن حزبه يدعم مرشحه الصيدلاني كمال إيدير، وأن حزبه أيضا بصدد التفاوض مع القوائم الفائزة.
ورجح أن يفوز حزبه في الأخير بمسؤولية رئاسة بلدية تونس، لكنه لم يوضح إن كانت هناك تنازلات سيمنحها حزبه للنهضة في المقابل.
وأرجع الحرباوي غياب الرؤية في الحسم في انتخاب رئيس بلدية تونس العاصمة أو بقية المجالس البلدية إلى عدم فوز أي حزب بأغلب المقاعد جراء القانون الانتخابي الذي يعتمد نظام بقايا الأصوات ويشتت المقاعد، وهذا من شأنه أن يعطل عمل البلديات، حسب تعبيره.
ومن وجهة نظر المحلل السياسي نور الدين المباركي، فإن المفاوضات بشأن صياغة تحالفات داخل بلدية تونس لترجيح كفة مرشحة النهضة أو نداء تونس ستكون ضمن حزمة مفاوضات حول بلديات كبرى مثل سوسة (وسط شرق) وصفاقس (جنوب).
ويقول للجزيرة نت إن الحسم لن يخضع لمنطق النسب أو الجاه أو جنس المترشح، ولكن لمنطق تقسيم رئاسة بلديات كبرى بين النهضة ونداء تونس، مرجحا أن تقدم الأخيرة تنازلات للفوز برئاسة بلدية تونس.
ولم يستعبد المباركي أن يتم حسم انتخاب رئيس بلدية تونس في إطار التوافق الوطني بين الحزبين المتصدرين تحت رعاية "الشيخين"، رئيس الدولة الباجي قايد السبسي -مؤسس حركة نداء تونس- ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.
لعبة التحالفات
وبالنسبة إلى الخبير القانوني بالانتخابات عبد الجواد الحرازي، يتغذى التنافس بين الحزبين على رئاسة بلدية تونس من أهمية منصب شيخ المدينة، بوصفه شخصية رمزية وتاريخية وقطبا ثقافيا واقتصاديا كان له وزن سياسي بمرتبة وزير في السابق.
ويقول للجزيرة نت إن الأقدر من الحزبين على حبك التحالفات سيكون الأوفر حظا للفوز برئاسة بلدية تونس، موضحا أنه في حال لم يتوافق الحزبان وأخفقا في نسج تحالفات مع الآخرين فسيتعطل عمل البلدية.
كما لم يستبعد الحرازي وجود ما أسماها "اتفاقات تحت الطاولة" بين الحزبين لتقاسم رئاسة البلديات الكبرى، مؤكدا أنه إذا فاز أحدهما برئاسة بلدية تونس العاصمة فإنه سيتنازل بالأكيد عن رئاسة بلديات أخرى لا تقل أهمية وثقلا.