ندوة بالدوحة: الربيع العربي تعثر لكن مسيرته مستمرة

أكاديميون: الربيع العربي مستمر حتى تتحقق مقاصده
الندوة نظمها منتدى العلاقات العربية والدولية بالدوحة (الجزيرة)

محمد أزوين-الدوحة

بعد سبع سنوات عجاف عاشتها بعض دول الربيع العربي، تطرح بعض النخب العربية أسئلة لا تزال تبحث عن أجوبة، يبدو أن غبار المعركة يجعل الإجابة عنها ضبابية بشكل كبير، غير أن الندوة التي نظمها منتدى العلاقات العربية والدولية بالدوحة ترى أن الحديث عن مآلات الربيع العربي سابق لأوانه.
 
ولعل من الأسئلة التي تطرح نفسها بإلحاح في هذا السياق هو هل تدرك القوى الحية، التي دعمت ثورات الربيع العربي، حجم سيطرة القوى الإقليمية والدولية على العالم العربي؟ وإذا كان الجواب نعم، فلم دعمت الثورات التي تعرف مسبقا استحالة نجاحها دون دفع فاتورة مكلفة شرّدت ملايين ودمرت دولا كاملة؟

ويؤكد أكاديميون وإعلاميون شاركوا في الندوة التي عقدت مساء أمس الثلاثاء أن الربيع العربي لا يزال مستمرا وإن تعثر في بعض محطاته، وأن الحديث عن مآلاته سابق لأوانه، مشددين على أنه لن يتوقف حتى تتحقق مقاصده.

ثورات تاريخية
ويقول مدير منتدى العلاقات العربية والدولية الدكتور محمد الأحمري إن سنوات الربيع العربي التي مرت كانت تاريخية بحق، ذلك أن المشهد المقلق هو الذي يدفع عجلة التاريخ للأمام.

وأوضح أن الربيع العربي وإن انتهى في نظر البعض إلى محطات مقلقة، فإنه بوصفه حدثا تاريخيا سيتسمر لأن ثورات العربية كانت جوابا على مظالم تاريخية نتجت عن الاستبداد والظلم.

وذكّر الأحمري بالوضع في الدول العربية التي كانت تحكمها دكتاتوريات جعلت من شعوبها مسرحا للعبث والبطش، وإشاعة الرعب والخوف، حتى وصل الأمر ببعض الباحثين في دولة عربية إلى أن يضعوا مناديل على أيديهم عند تقليبهم صفحات أبحاثهم، تفاديا لبقاء بصماتهم على الورق خوفا من الملاحقة.

وخلص إلى أن العالم العربي شهد احتلالين، احتلال أجنبي كان أرحم في تعامله مع الشعوب العربية من الاحتلال الثاني الذي مثّلته الأنظمة القمعية العربية، مؤكدا أن مقاصد الربيع العربي لم تتحقق، وبالتالي سيتمر حتى تقام دول الحريات والعدالة.

محمد جميل منصور: الربيع العربي أيقظ كوامن المطالبة بالحقوق (الجزيرة)
محمد جميل منصور: الربيع العربي أيقظ كوامن المطالبة بالحقوق (الجزيرة)

يقظة الشعوب
وفي السياق ذاته أشار الرئيس السابق لحزب تواصل الموريتاني محمد جميل منصور إلى أن الحديث عن الربيع العربي لن يتوقف قريبا، لأنه أيقظ في نفوس الشعوب العربية كوامن المطالبة بالحقوق والحريات.

ولفت إلى أن تعثّر الربيع العربي يعود أساسا إلى ما تسمى الثورة المضادة والقوى التي تقف خلفها، فالربيع العربي استدعى كل الخائفين منه وعملوا على إجهاضه، كل حسب مصلحته.

وأضاف جميل منصور أن اللافت في الربيع العربي هو أنه انطلق بعفوية، حتى إن الدول التي انطلق فيها لم تكن تتوقعه مع اجتماع أسباب انطلاق الثورة فيها، وهذا ما تسبب لاحقا في عدم ضبط قوى الثورة للكثير من أمور ثورتها، مما سهل الالتفاف عليها في محطات لاحقة.

وقال إن بدايات الربيع العربي جاءت بأقل ثمن في تونس ومصر نتيجة لصدمة المفاجأة التي أصابت القوى الدولية، ومع تجاوزها للصدمة ودخولها على الخط، تحوّل الربيع إلى مسار دموي مخيف في ليبيا وسوريا واليمن.

واستغرب جميل منصور تجاهل المحللين لثورة الربيع العربي البحرينية التي راحت ضحية حكم يلعب بالورقة السنية، ومعارضة كتب عليها أن تكون من طائفة واحدة، مشيرا إلى أن هذا الربيع البحريني أجهض مع عدالة مطالبه.

وفي رده على سؤال للجزيرة نت حول ما إذا كانت النخب والقوى السياسية التي دعمت الثورات الربيعية تعي حجم تحكم القوى الإقليمية والدولية في العالم العربي، رد جميل منصور بأن النخب تعي ذلك تماما، لكن الثورة العربية انطلقت فجأة ولم يعد بالإمكان الوقوف في وجه الطوفان.

 جانب من الحضور في الندوة التي عقدت بالدوحة (الجزيرة)
 جانب من الحضور في الندوة التي عقدت بالدوحة (الجزيرة)

دور إسرائيل
من جهته أكد الصحفي المصري وائل قنديل أن الربيع العربي ما زال متواصلا، وما زالت الشعوب العربية في قلب الحدث، فالعرب حاربوا معا عام 1973 فعبروا وانتصروا إلا قليلا، وتراجعوا قليلا، وثار العرب معا عام 2011 فانتصروا إلا قليلا وتراجعوا قليلا.

وأوضح أن كارثة 30 يونيو/حزيران 2013 كانت أخطر على مصر من كارثة النكسة عام 1967، وألمح إلى أن الخيط الناظم بين التاريخين هو إسرائيل التي كان لها الدور الأكبر في إجهاض ثورات الربيع العربي في مصر خاصة.

فعندما رأت إسرائيل العلم الفلسطيني يحمله الثوار في تونس ومصر وبقية الدول العربية، استيقظ لديها هاجس الخوف من عودة قضية الأمة المركزية في فلسطين إلى الواجهة.

واستدل بتصريح لوزير الأمن الإسرائيلي الأسبق أفي ديختر قال فيه إن إسرائيل أنفقت مليارات الدولارات للإطاحة بالرئيس المقبل للإخوان المسلمين محمد مرسي.

وغير بعيد ممن سبقوه، أكد الصحفي بقناة الجزيرة أحمد الشلفي أن ثورة اليمن أفرعتها السعودية والإمارات من محتواها بدعمهما الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، ولدعمهما الحوثيين بالسيطرة على صنعاء ومدن الشمال.

وأضاف أن حرب السعودية والإمارات القذرة على اليمن خلطت الأوراق، ودمرت اليمن، وشردت أهله، ووضعته أمام خيارات صعبة تجعل من الصعب التنبؤ بمآلات الربيع فيه.

المصدر : الجزيرة