رشق بالأحذية والحبر بباكستان لإسقاط الخصوم

براء هلال-إسلام آباد

عاد الحذاء مجددا ليفرض نفسه لاعبا رئيسيا في ميدان السياسة في باكستان عندما تعرض اثنان من الزعماء السياسيين لمحاولتي اعتداء به، في حين كان نصيب ثالث الرش بالحبر في تزامن أثار ريبة المتابعين.

فقد تعرض رئيس الوزراء السابق محمد نواز شريف الأحد الماضي للرشق بالأحذية أصابته في صدره أثناء توجهه إلى المنصة لإلقاء كلمة في حفل ديني بالجامعة النعيمية في مدينة لاهور، وذلك في مشهد يعيد إلى الأذهان حذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي الذي قذفه بوجه الرئيس الأميركي جورج بوش الابن أثناء انعقاد مؤتمر صحفي في بغداد في 14 ديسمبر/كانون الأول 2008.

وما إن وصل شريف إلى المنصة حتى فوجئ بأول حذاء يرتطم بصدره، وأخطأه حذاء آخر أصاب من بجانبه حين انهال الناس ضربا على من قام بتلك الفعلة، بعد أن صعد إلى المنصة وبدأ يردد شعارات مؤيدة لجماعة دينية صوفية ناشئة تدعى حركة "لبيك يا رسول الله".

شمس العارفين: دوافع ذاتية ربما وراء الاعتداءات(الجزيرة)
شمس العارفين: دوافع ذاتية ربما وراء الاعتداءات(الجزيرة)

ويأتي الحادث عقب سويعات من هجوم مماثل بالحبر الأسود على وزير الخارجية الباكستاني خواجة محمد آصف الذي ينتمي إلى حزب الرابطة الإسلامية الحاكم في مسقط رأسه في سيالكوت أثناء إلقائه خطابا جماهيريا.

واختتم مساء ذلك اليوم بمحاولة أخرى للاعتداء بالحذاء على المعارض الأبرز زعيم حزب الإنصاف عمران خان في مدينة فيصل آباد وسط إقليم البنجاب، ولكن تم القبض على الفاعل قبل أن ينفذ فعلته، حيث ادعى أن من أرسله هو قريب لوزير العدل في حكومة الإقليم رانا ثناء الله الذي ينتمي لحزب الرابطة الإسلامية الحاكم.

رهاب الأحذية
 ويبدو أن حادث الاعتداء الثالث من قبيل تصفية الحسابات بين الطرفين بطريقة "سوقية" حسبما رآها معظم المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي رغم أن عمران خان كان قد أدان الهجومين على منافسيه، ودعا أعضاء حزبه إلى عدم التعبير عن المعارضة بتلك الطريقة السيئة.

"هذه الأفعال ليست إلا تقليدا لموضة قديمة واكتوى بلسعاتها عدد من قيادات باكستان، والغاية منها إسقاط الشخصية في عيون الرأي العام"، حسبما يرى أستاذ السلوكيات السياسية سيد شمس العارفين.

شعيب: من أمن العقاب أساء الأدب (الجزيرة)
شعيب: من أمن العقاب أساء الأدب (الجزيرة)

 فالضرب بالحذاء في الثقافة الشرقية عامة -برأي شمس العارفين- يقصد به الإهانة والتوبيخ وجعل المستهدف مثارا للسخرية، وحين يفشل المعارضون لأي شخصية سياسية في إسقاطه قضائيا أو الحد من شعبيته وهزيمته في الانتخابات يلجؤون إلى النيل من هيبته الشخصية.

 ويقلل شمس العارفين من احتمال وجود دوافع ذاتية، ويرى أن ما جرى يبدو كأنه فعل ممنهج ومخطط له، مذكرا باستهداف وزير الداخلية الباكستاني أحسن إقبال بطريقة مماثلة قبل عدة أيام في مسقط رأسه بقرية ناروال الواقعة بإقليم أزاد كشمير.

بدوره، يرى المحامي والناشط السياسي شعيب خان أن من أمن العقوبة أساء الأدب، "فالقانون ليس واضحا تماما في فرض عقوبة رادعة لمثل هذه التصرفات، وتتوقف العقوبة على مدى الأذى الذي لحق بالشخصية المستهدفة ومنصبها، وغالبا ما يتلقى من يقوم بمثل هذه الأفعال مبالغ مجزية نظير ذلك تعوض ما قد يتلقاه من الضرب والأذى والسجن".

وأشار شعيب إلى أن وزير الخارجية خواجة آصف كان قد عفا عمن رش عليه الحبر، معللا موقفه بأن هناك من دفع الرجل ليقوم بما قام به.

شينواري: الاعتداءات إساءة لسمعة البلاد(الجزيرة)
شينواري: الاعتداءات إساءة لسمعة البلاد(الجزيرة)

وتأتي هذه الحوادث في وقت حساس للغاية، حيث تنطلق الحملات الانتخابية تحضيرا للانتخابات التي ستجرى في أغسطس/آب المقبل.

وقال الصحفي فرحان خان إن تلك الأفعال تسبب ما سماه "رهاب الأحذية" لقيادات حزب الرابطة الإسلامية الحاكم، وتجبرهم على التقليل من الظهور العلني وتخفيف التواصل المباشر مع الناس.

وعلى غرار معظم المثقفين والشخصيات السياسية يرى الناشط الاجتماعي علي هلال شينواري أن هذه الأفعال تلطخ صورة البلاد ورموزها في الخارج، وتجعل الدبلوماسية الباكستانية مثارا للسخرية حين يصطبغ وجه وزير الخارجية بالسواد في الوقت الذي تسعى فيه البلاد بأقصى وسعها للخروج من أزماتها السياسية والاقتصادية المتلاحقة وتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي.

المصدر : الجزيرة