لبنان.. هل بدأ وقت الحساب مع السبهان؟

دعوى في لبنان ضد الوزير السعودي ثامر السبهان

ديما شريف-بيروت

قد تكون من المرات القليلة في تاريخ لبنان الحديث أن يتمكن مواطن عادي من رفع دعوى قضائية على مسؤول في دولة عربية تعتبرها السلطات السياسية شقيقة.

وقبل قاضي التحقيق الأول في بيروت شكوى قدمها الناشط السياسي والأسير المحرر من السجون الإسرائيلية نبيه عواضة من وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان، بتهمة إثارة النعرات بين اللبنانيين وحضهم على الاقتتال.

وكان السبهان قد نشر تغريدات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بالتزامن مع أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض، اعتبرها مقدم الدعوى مسّا بالسيادة اللبنانية وتجاوزا للأعراف الدبلوماسية.

وكتب السبهان آنذاك أن الرياض لن ترضى أن يكون لبنان مشاركا في حرب على السعودية، مشيرا إلى أن السعودية ستعامل حكومة لبنان كحكومة إعلان حرب بسبب حزب الله.

وأضاف السبهان حينها لوسائل إعلام سعودية أن أعمال العدوان التي يقوم بها حزب الله تعتبر إعلان حرب على السعودية من قبل لبنان ومن قبل "حزب الشيطان اللبناني". وقال إن على اللبنانيين الاختيار بين السلام وبين الانضواء تحت حزب الله، مشيرا إلى أن المملكة تتوقع من الحكومة اللبنانية أن تعمل على ردع حزب الله.

وتابع أن حزب الله تحول إلى أداة قتل ودمار للمملكة، إذ يشارك في كل العمليات الإرهابية وفي إطلاق الصواريخ عليها من اليمن، مشددا على أنه "إذا وصلت الأمور إلى المضرة والمشاركة في حرب ضد المملكة، فسوف نقف أمام هذه المحاولات بكل قوة وبكل حزم".

‪عواضة: تصريحات الوزير السعودي أدت لزعزعة الاستقرار اللبناني وأساءت للسيادة الوطنية‬  (الجزيرة)
‪عواضة: تصريحات الوزير السعودي أدت لزعزعة الاستقرار اللبناني وأساءت للسيادة الوطنية‬  (الجزيرة)

سيادة لبنان
ويقول مقدم الدعوى نبيه عواضة في حديث للجزيرة نت إن تغريدات وتصريحات الوزير السعودي أدت إلى زعزعة الاستقرار اللبناني وأساءت للسيادة الوطنية ومست بالعلاقات بين الدول.

ويضيف عواضة أن التغريدات أوحت وكأن الحرب واقعة بين اللبنانيين، وهو أمر مستفز، مشددا على أن قبول القاضي للدعوى يؤشر على إمكان تحرك القضاء اللبناني للدفاع عن سيادة لبنان.

وتساءل عواضة "إذا كانت السعودية تقبل أن يمارس وزير هذا النوع من التصرفات، فهل أوكلت المملكة لنفسها دور الشرطي في المنطقة وتصنيف الدول كما تشاء وتحاصرها؟".

من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي إن قبول الدعوى القضائية قد يكون محاولة من القضاء اللبناني لإعادة التوازن الأخلاقي والقيمي لموقعه أمام الشعب اللبناني خصوصا بعد الدعاوى التي شملت إعلاميين فكاهيين مثل هشام حداد الذي اعتبر أن القضاء قد مس في إحدى حلقات برنامجه بشخص ولي العهد السعودي.

ويضيف بزي للجزيرة نت أن تغريدات السبهان بالإضافة إلى مواقف لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير كان فيها تدخل سافر في الشأن اللبناني، وتصرفات بمنطق الوصي على بعض الساسة اللبنانيين.

ويختم بزي بالقول إن القضاء يتأثر بالسياسة، لكن لا ينفي ذلك أن عهد رئيس الجمهورية ميشال عون يحاول تكريس الفصل بين المؤسسات، والقضاء يحاول في هذا القرار الأخير أن يعيد لنفسه الاستقلالية في الممارسة.

‪مرقص أوضح أن هناك احتمالات قضائية بخصوص الوزير السعودي‬  (الجزيرة)
‪مرقص أوضح أن هناك احتمالات قضائية بخصوص الوزير السعودي‬  (الجزيرة)

احتمالات
وعن مسار القضية قضائيا، يقول الخبير القانوني والمحامي بول مرقص إن الخطوة المقبلة هي إما أن يقوم قاضي التحقيق بترك القضية لديه، وإما يحيلها إلى قاضي تحقيق آخر ليتم إرسال تبليغ للمعني بها، وفي حال حصول ذلك سيتم تبليغ الوزير السبهان عبر القنوات الدبلوماسية، أي وزارة الخارجية اللبنانية.

ويضيف مرقص أن ذلك يليه حضور الوزير المعني أو عدم حضوره، مما قد يؤدي إلى إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه ومحاكمته غيابيا، والجرم في القانون اللبناني عقوبته تتراوح بين سنة وخمس سنوات سجنا.

ويلفت مرقص إلى احتمال إصدار قرار منع المحاكمة، ويعود للقاضي أن يقرر ما إذا كان الجرم واقعا، ويقرر مدى تطابق الأقوال والتصريحات التي قالها الوزير السعودي مع جرم حض عناصر الأمة اللبنانية على الاقتتال.

ولم يصدر أي رد فعل رسمي حتى الآن على قبول الدعوى باستثناء تغريدة لوزير العدل اللبناني السابق أشرف ريفي استنكر فيها الأمر، قائلا "في وقت تصادر فيه إيران قرار لبنان وينشر حزب الله سرايا السلاح والفتنة والتهديد في عرمون (إحدى مناطق جبل لبنان)، يتم تحريك القضاء لاستهداف الوزير السبهان".

وتابع "أما مروجو نظرية الاستقرار فهم استقروا على الاستسلام لمشروع حزب الله". وختم "استسلامكم سيدمر لبنان وعلاقاته العربية، فحذار".

المصدر : الجزيرة