التخييم الشتوي بقطر.. سباقات وأحاديث وأسمار

مجمع خيام في منطقة سيلين جنوب الدوحة
مجمع خيام في منطقة سيلين جنوبي الدوحة (الجزيرة نت)

عماد مراد-الدوحة

يستيقظ الشاب خليفة الكواري بمخيمه صباحا في وقت مبكر ليشهد وأقاربه منظر شروق الشمس على مخيماتهم التي نصبوها في بدء موسم التخييم بمنطقة سيلين على البحر جنوبي قطر.
 
وعقب شروق الشمس يذهب الكواري مع أقاربه إلى التلال القريبة بسيارتهم ويقضون وقتا مع سباق السيارات وممارسة التفحيط، على أن يتجمع كل أفراد المخيم قبل الثامنة صباحا ليتناولوا الإفطار في أجواء عائلية.
 
يقضي الكواري مع أصدقائه وأقاربه نهارهم في هوايات مختلفة، غير أن لرياضات الدراجات النارية مكانة مهمة في موسم التخييم الشتوي، فثمة أكثر من 25 موقعا لتأجيرها بها ما لا يقل عن 400 دراجة نارية تؤجر للزائرين والمخيمين في سيلين، وتحدد القيمة الإيجارية للدراجة النارية حسب نوعها وكفاءتها، ويصل إيجار بعضها إلى ألف ريال قطري (274 دولارا) للساعة.
عقب شروق الشمس يذهب الشباب إلى التلال القريبة بسياراتهم ويقضون وقتا مع سباق السيارت والتفحيط(الجزيرة نت)
عقب شروق الشمس يذهب الشباب إلى التلال القريبة بسياراتهم ويقضون وقتا مع سباق السيارت والتفحيط(الجزيرة نت)

ومع حلول المساء يتجمع الأهل والأصدقاء الذين يعسكرون في مناطق متجاورة بساحة المعسكر أمام الخيمة الرئيسية ويشعلون النار ويتبادلون أطراف الحديث مستحضرين ذكرياتهم في تلك الخيام لسنوات مضت.

يعيش أصحاب المخيمات الشتوية حياة بسيطة في خيمة بها تجهيزات تعينهم على قضاء فترات طويلة من العام في ذلك المعسكر الذي تتشارك فيه عدد من العائلات في خيم منفصلة يجمعهم معسكر واحد.

في العادة يبدأ موسم التخييم في نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام وينتهي في أواخر أبريل/نيسان، وتتردد العائلات والتجمعات في العطلات الأسبوعية أو يمكثون أسابيع متفرقة خلال الموسم.

تتحول المخيمات -وفقا للكواري- إلى مجالس للسمر بين أفراد العائلة الواحدة لترسيخ الأواصر العائلية التي أثر عليها نمط الحياة المتمدن بإيقاعه السريع والتزاماته المتجددة، فيستغل المخيمون فترة التخييم للقضاء على تلك الضغوط والعيش في أجواء الأسرة التي عاشها الأجداد في الماضي.

يتجمع أفراد الأسرة والأصدقاء في الساحات الخاصة بالخيام لتبادل أطراف الحديث(الجزيرة نت)
يتجمع أفراد الأسرة والأصدقاء في الساحات الخاصة بالخيام لتبادل أطراف الحديث(الجزيرة نت)

وفي سبيل الارتقاء بتجربة التخييم الشتوي والحفاظ على البيئة وتحقيق عوامل الأمن والسلامة، أطلقت الهيئة العامة للسياحة في قطر مشروع العنّة الذي يقوم على تطوير كامل لمنطقتي "سيلين والعديد" لتعزيز مستوى الخدمات مع تنظيم العمليات والخدمات التجارية بما يضمن الحفاظ على حقوق المستهلك، وإتاحة فرص أكبر للمستثمرين ورواد الأعمال القطريين.

العنّة هو مشروع يتضمن إقامة خيام منظمة بشكل كامل فيها العديد من الخدمات بمعسكر واحد تشرف عليه الدولة وتوزع الخيام على الراغبين في التخييم مع اشتراطات معينة للأمن والسلامة داخل المعسكر، وذلك للقضاء على عمليات التخييم العشوائية وما يصاحبها من مشكلات بيئية.

المتحدث باسم مشروع العنة السيد عمر الجابر يرى أن تطوير منطقة سيلين ضرورة ملحة تفرضها أهمية الحفاظ على المنطقة كواحدة من أندر المناطق الطبيعية في العالم، والحد من آثار التلوث البيئي في المنطقة، وتطوير تجارب سياحية متميزة تليق بقطر.

أكثر من 400 دراجة نارية معروضة للإيجار في منطقة سيلين وحدها
أكثر من 400 دراجة نارية معروضة للإيجار في منطقة سيلين وحدها

ويضيف الجابر أن المشروع يخدم قطاعا كبيرا من المجتمع المحلي، فقد كان التوجه منذ البداية هو تعرّف احتياجاتهم والاستماع إلى اقتراحاتهم حول تطوير المشروع، وأخذ هذا في الاعتبار بالمراحل المختلفة لتجهيز المشروع.

ويرجع تركّز التخييم في منطقة سيلين إلى وجود منخفضات ومرتفعات في الرمال الناعمة لتلك المنطقة حيث تشكل الرمال بساطا متعدد الألوان تضفي عليه أشعة الشمس بالنهار وأضواء القمر بالليل بهجة في النفوس ومنظرا جماليا خلابا.

والتخييم في البر عادة يتوارثها الناس في الجزيرة العربية خاصة في موسم الربيع والأمطار، عندما تبرد الأجواء وتسقط الأمطار وتنبت الأشجار الخضراء في الصحاري القاحلة، فتتحول إلى مقصد لعشاق الطبيعة وسط أجواء عائلية وتراثية بعيدا عن أجواء المدينة وروتينها الاعتيادي.

المصدر : الجزيرة