ريف حمص.. اتصالات بديلة لاختراق الحصار

الاتصالات في ظل الحصار بريف حمص الشمالي
سكان ريف حمص الشمالي يستخدمون الإنترنت الفضائي للتواصل مع العالم الخارجي (الجزيرة)

جلال سليمان-ريف حمص

يحاول النظام السوري قطع الاتصالات عن المناطق الخارجة عن سيطرته، فضلا عن الحصار الذي يفرضه عليها، ولعل ريف حمص الشمالي المحاصر منذ خمس سنوات من أكثر المناطق المتضررة من هذه السياسة، مما أدى لعزل السكان بشكل كامل عن العالم الخارجي.

وقطعت قوات النظام منذ سنوات كافة الاتصالات السلكية واللاسلكية عن الريف الشمالي لمحافظة حمص فاستهدفت مقاسم الهاتف وشبكات الاتصالات بالقذائف والغارات الجوية، مما أدى إلى دمار معظمها بشكل كامل، ثم تعرض ما سلم منها من القصف للسرقة والتخريب.

‪‬ أبو أسامة: كانت البداية باستخدام أجهزة الإرسال اللاسلكية التي يستخدمها المقاتلون(الجزيرة)
‪‬ أبو أسامة: كانت البداية باستخدام أجهزة الإرسال اللاسلكية التي يستخدمها المقاتلون(الجزيرة)

اتصالات الحصار
يقول الناشط الإعلامي في ريف حمص عباس أبو أسامة للجزيرة نت إنه لم يتوفر ما بين عامي 2012 و2014 أي نوع من أنواع الاتصال هناك، ولم يكن هناك خيار سوى استخدام هواتف "الثريا" التي تعمل عن طريق الأقمار لتغطية أحداث الثورة.

ومع تشديد الحصار وقطعه الاتصالات واستمرار القصف اضطر السكان للجوء إلى وسائل بديلة للتواصل، وكانت البداية باستخدام أجهزة الإرسال اللاسلكية التي يستخدمها مقاتلو المعارضة في المعارك، حيث كان سكان كل بلدة أو مدينة يشترون مجموعة من الأجهزة ويوزعون عددا منها على الأحياء للتواصل في ما بينهم أو للتحذير من القصف.

ومع انتشار تلك الأجهزة أنشأت المعارضة ما باتت تعرف بالمراصد للتنصت على حواجز النظام وتحذير السكان من القصف، ولربط السكان في ما بينهم عن طريق محطات الإرسال والاستقبال التي وضعت بالمراصد.

ويؤكد المسؤول عن أحد المراصد في منطقة الحولة خطاب أبو محمد للجزيرة نت أن عمله اليوم لم يعد محصورا فقط بالتنصت على حواجز النظام وتحذير السكان من أي قصف إنما تعداه ليكون مسؤولا عن ربط تواصل السكان في ما بينهم ضمن البلدة الواحدة.

وكمثال على ذلك، يتواصل أحد المدنيين مع خطاب ويطلب منه التواصل مع شخص معين، ثم يوجه خطاب نداء عبر المحطة الرئيسية للشخص الثاني ويبلغه أن الشخص الأول يريد التحدث معه.

مبنى اتصالات مدمر بفعل القصف في ريف حمص الشمالي (الجزيرة)
مبنى اتصالات مدمر بفعل القصف في ريف حمص الشمالي (الجزيرة)

الإنترنت الفضائي
ومع نهاية عام 2014 انتشرت في ريف حمص عشرات صالات الإنترنت، حيث سمح توفر أجهزة الإنترنت الفضائي بأسعار مقبولة لكثير من السكان بافتتاح تلك الصالات، وإنشاء شبكات اتصال عن طريق نشر عشرات مزودات الشبكة أو ما تعرف محليا بالنواشر في أحياء مدن ريف حمص الشمالي.

وسمح ذلك بوصول خدمة الإنترنت لكل بيت في ريف حمص، مما سهل على السكان المحليين التواصل في ما بينهم ومع أقربائهم من النازحين في مناطق أخرى باستخدام برامج التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتلغرام وواتساب وفايبر وغيرها.

وكان ارتفاع أسعار الاتصال بالإنترنت في ذلك الوقت يشكل مشكلة كبيرة للسكان المحاصرين بريف حمص، حيث كان سعر استهلاك باقة مكونة من غيغا واحد يصل إلى ثلاثة دولارات، وهو مبلغ لا قدرة لكثيرين على دفعه، ومع قيام عدد من شركات الاتصال التركية أواخر عام 2015 بتزويد المناطق الخارجة عن سيطرة النظام بما يعرف محليا بالنت الضوئي عن طريق وضع أبراج للاتصال في كل منطقة انخفضت أسعار الباقات كثيرا.

ويبلغ ثمن باقة النت المكونة من خمسة غيغابايتات في ريف حمص حاليا أقل من دولار واحد، وهو ما سمح لمعظم سكان ريف حمص باستخدام الإنترنت في اتصالاتهم الداخلية والخارجية، ومتابعة الأخبار المحلية والدولية.

المصدر : الجزيرة