أهالي الموصل يستأنفون الحياة والحكومة غائبة

متطوعين من اهالي الموصل يقومون بحملة تنظيف مدرسة
متطوعون من أهالي الموصل يقومون بحملة تنظيف في مدرسة (الجزيرة)

ريحان الموصلي-أربيل

عادت الموصل إلى سلطة الحكومة العراقية بعد حرب طاحنة استمرت تسعة أشهر وبعد تدمير نحو ٧٠٪ من مبانيها ونزوح نحو مليون شخص، لكن عودة الحياة رهينة بعملية إعمار ضخمة ما زال السكان ينتظرونها.

وبحسب إحصائية أعدها ناشطون ومراقبون، فإن التدمير نال من مطار الموصل الدولي ومحطة القطار وخمسة جسور رئيسية وعدة جسور فرعية ونحو 11 ألف منزل، وأربع محطات كهرباء، وست محطات مياه، و212 معملا وورشة، و29 فندقا، وتسعة مستشفيات و76 مركزا صحيا، فضلا عن المعامل ودوائر الاتصالات ومحطات الوقود. 

ومنذ الأيام الأولى لاستعادة السيطرة على الجانب الشرقي عملت الدوائر الخدمية المتمثلة بالبلدية والماء والكهرباء على فتح الطرق وإزالة مخلفات الحرب وصيانة شبكات الماء والكهرباء، وذلك بجهود ذاتية من أبناء المدينة ودون أي دعم حكومي، وحتى قبل تسلم الموظفين رواتبهم المتوقفة منذ أكثر من عامين.

أما الجانب الغربي من المدينة فلا يزال بلا مياه ولا كهرباء حكومية، حيث يلجأ السكان إلى المولدات الخاصة ومياه الآبار. 

‪آثار الحرب في مستشفى ابن سينا‬ (الجزيرة)
‪آثار الحرب في مستشفى ابن سينا‬ (الجزيرة)

عمليات ترقيعية
ويقول المهندس المطلع على إعادة الإعمار عمر محمد إن الإعمار الذي يُجرى بالموصل هو عبارة عن "عمليات ترقيعية إذا ما استثنينا إعادة الماء والكهرباء التي تمت بجهود المهندسين والفنيين من الأهالي". 

وأضاف أن خطة وزارة الإعمار العراقية المدعومة من الأمم المتحدة هي ترميم الجسور، أي أنها عبارة عن إعمار مؤقت إلى حين توفر مبالغ للإعمار الجيد، موضحا أنه تم تخصيص أربعة مليارات دينار عراقي (3.2 ملايين دولار) لإعمار مؤقت لثلاثة جسور، وهو ما يقارب مبلغ إنشاء جسر جديد.

وأضاف عمر أن حفر الطرق التي خلفتها الحرب ردمت "ولكن هذا ليس بإعمار ولا بالجهد الكبير"، وأن المستشفيات الرئيسية مدمرة حيث يتشارك كل مستشفيين أو ثلاثة بمبنى بديل واحد تم تجهيزه من قبل المنظمات والتبرعات.

وطالب بالكشف عن المبالغ المصروفة على عمليات الإعمار، مشددا على ضرورة الالتزام بشروط الجودة، خصوصا في مشاريع البنى التحتية. 

‪جسر الشهداء أحد الجسور الخمسة المدمرة في الموصل‬ (الجزيرة)
‪جسر الشهداء أحد الجسور الخمسة المدمرة في الموصل‬ (الجزيرة)

المدارس والمخيمات 
من جهة أخرى، فتحت مدارس الموصل أبوابها للطلبة على الأنقاض، في حين لم تعمر وزارة التربية تلك المدارس ولم تزودها باحتياجاتها لتعويض ثلاث سنوات دراسية مرت أثناء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة وعزوف السكان عن إرسال أبنائهم للمدارس بسبب تغيير المناهج من قبل التنظيم. 

ويقول أحمد -وهو من أهالي الموصل- إن "وزير التربية محمد إقبال لم يقدم شيئا يذكر ولم يزر المدينة حتى الآن للاطلاع على مدارسها"، موضحا أن تنظيف وترميم المدارس تم من قبل الأهالي فقط، ومطالبا بتزويدهم بالكتب والمقاعد قبل بداية العام الدراسي. 

وكذلك الحال بالنسبة لجامعة الموصل، فقد تكفل طلبة وأساتذة الكليات بتنظيفها وتأهيلها بشكل يسمح باستئناف الدراسة، وذلك كي لا يضطروا للدراسة في كليات المحافظات المجاورة، وذلك وفقا لما نشره ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي. 

وترتبط عودة النازحين من المخيمات بتوفر متطلبات الحياة وإعمار المنازل والبنى التحتية، في حين يواجه آخرون تحديات أمنية إضافية، حيث يقول سلمان -وهو أحد العاملين بمنظمات الإغاثة- إن أغلب الذين لم يعودوا إلى منازلهم هم من سكان الجانب الغربي من الموصل ومن العرب القادمين من مناطق متنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، وكذلك من قرى لا تزال غير آمنة مثل قضاء البعاج.

وأضاف أن بعض الأسر تغادر المخيمات بعد التنسيق مع أقربائها لتوفير سكن بديل أو مستأجر داخل المدينة، مؤكدا أن النازحين يعانون من فقر مدقع، وأن المنظمات توفر لهم "ما يبقيهم أحياء فقط". 

وتقدر الأمم المتحدة أن إعادة إعمار البنى التحتية الكافية لعودة النازحين ومظاهر الحياة إلى الموصل وما حولها ستكلف مليار دولار، في حين تقدر منظمات أخرى هذا المبلغ بنحو أربعين مليار دولار.

المصدر : الجزيرة