لماذا اتسعت سيطرة النظام السوري في البادية؟

النظام السوري يسيطر على مساحات واسعة من البادية
قوات النظام السوري باتت تسيطر على مساحة واسعة من البادية السورية (الجزيرة)

جلال سليمان-ريف حمص

منذ استعادتها مدينة تدمر من تنظيم الدولة الإسلامية أوائل مارس/آذار الماضي واصلت قوات النظام السوري مدعومة بمقاتلين أجانب وغطاء جوي روسي تقدمها في عمق البادية السورية على حساب التنظيم.

التقدم الذي حققته قوات النظام مكنها من الوصول إلى الحدود السورية العراقية لتكون الطرف الذي يسيطر على أكبر مساحة من البادية السورية، بالإضافة لقطعها الطريق على فصائل المعارضة المدعومة من التحالف الدولي والمتمركزة في منطقة التنف على الحدود السورية العراقية الأردنية ومنعها من الوصول إلى محافظة دير الزور.

قوات النظام لم تكتف بهذا القدر بل تابعت تقدمها شمالا باتجاه محافظة دير الزور انطلاقا من السخنة، وذلك في سباق مع الزمن سعيا منها لقطع الطريق على ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن، حيث باتت قوات النظام لا تبعد عن مدينة دير الزور سوى ستين كيلومترا بعد تقدمها في ريف الرقة الجنوبي واقترابها من السيطرة على مدينة معدان، وساعدتها في هذا التقدم عوامل عدة.

عمق البادية
يقول المحلل السياسي والإستراتيجي العقيد فايز الأسمر إن انشغال تنظيم الدولة في محاربة عدة خصوم في آن واحد وعلى جبهات واسعة، والدعم الجوي الروسي لعبا دورا كبيرا في تحقيق هذا التقدم.

ويضيف الأسمر للجزيرة نت أن أحد أهم أسباب هذا التقدم يعود إلى مناطق خفض التصعيد التي أعلنت عنها روسيا مؤخرا في عدد من المناطق السورية وحالة الجمود النسبي التي تعيشها جبهات تلك المناطق والتي سمحت لقوات النظام بسحب عدد كبير من مقاتليه ومقاتلي المليشيات التي تسانده وزجها في معارك البادية.undefined

الهدف دير الزور
تتمتع محافظة دير الزور بأهمية إستراتيجية كبيرة لدى النظام السوري، فعلى الصعيد الاقتصادي ستشكل السيطرة عليها دعما كبيرا لاقتصاد النظام المتردي بفعل الحرب المستمرة منذ سنوات، فهي المحافظة الأغنى نفطيا ويشكل مخزونها نحو 40% من ثروة سوريا النفطية، بالإضافة لاحتوائها على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، خصوصا المحاصيل الإستراتيجية كالقمح والشعير والقطن وغيرها.

وعلى الصعيد السياسي، ستتيح سيطرة النظام على دير الزور التي تعد المعقل الأهم والأكبر المتبقي لتنظيم الدولة في سوريا إرسال رسائل سياسية لمختلف الأطراف أنه أصبح لاعبا رئيسيا في مواجهة الإرهاب المتمثل في التنظيم.

كما تمتلك المحافظة حدودا برية تزيد على 250 كيلومترا مع العراق، وتحوي معبر البوكمال المقابل لمدينة القائم العراقية، مما يتيح للنظام وحليفته إيران فتح ممر بري يصل إيران بسواحل المتوسط عبر العراق مرورا بمحافظتي دير الزور وحمص وصولا إلى لبنان.

‪واشنطن لن تسمح لقوات النظام بالتقدم في الرقة على حساب حليفتها قوات سوريا الديمقراطية‬ (الجزيرة)
‪واشنطن لن تسمح لقوات النظام بالتقدم في الرقة على حساب حليفتها قوات سوريا الديمقراطية‬ (الجزيرة)

محاذير دولية
أما في محافظة الرقة فيرى العقيد فايز الأسمر أن واشنطن لن تسمح للنظام بالوصول إلى مدينة الرقة التي تحارب فيها قوات سوريا الديمقراطية تنظيم الدولة، وستسمح له بالتقدم في ريفيها الجنوبي والشرقي.

ويضيف الأسمر أن النظام سيحاول التقدم من مناطق سيطرته في ريف الرقة باتجاه الشرق لدخول دير الزور من أكثر من محور، خصوصا بعد اقترابه من السيطرة على مدينة معدان بريف الرقة الشرقي، بالإضافة إلى التوجه جنوبا باتجاه مدينة السخنة بريف حمص الشرقي للقيام بعملية إحاطة بعيدة لمناطق سيطرة تنظيم الدولة بريف حماة الشرقي وما تبقى من ريف حمص.

المصدر : الجزيرة