"الأعلى الإسلامي" العراقي.. بوادر انهيار أم رياح تغيير؟

رئيس المجلس الاسلامي العراقي عمار الحكيم
عمار الحكيم أعلن عن تبني مشروع مصالحة سياسية في العراق (الجزيرة)

الجزيرة نت-بغداد

يثور التساؤل حول مستقبل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بعد انسحاب بعض رجالاته الأقوياء احتجاجا على المقاربات الجديدة لرئيسه عمار الحكيم، الطامح لإنجاز مصالحة وطنية دون التقيد بالأجندة الإيرانية.

وبينما يرى البعض أن هذه الانسحابات تهدد بتصدع أحد أبرز الأحزاب الشيعية في البلاد، يرى آخرون أن هذا الحزب -الذي تأسس في إيران عام 1982- يتطور ويمر بمرحلة انفتاح تضيق بالمتطرفين.

وبرز هذا الجدل إلى الواجهة بعد أن كشف القيادي في التحالف الوطني العراقي (الشيعي) جلال الدين الصغير -الذي يعتبر من مؤسسي المجلس الأعلى- عن انشقاقه عن المجلس.

وقد أرجع الصغير هذا الانشقاق لخلافات وتقاطعات في الرؤى بين من وصفهم بمؤسسي المجلس وزعيمه الحالي عمار الحكيم.

وأكد في تصريح للجزيرة نت أن هناك خلافات عديدة تتعارض مع المبادئ التي تأسس عليها المجلس، "وتمنعنا من الإقرار بعملية المفارقة تلك".

يذكر أن الصغير هو إمام جامع براثا ورئيس مليشيا ما يعرف بـ"سرايا أنصار العقيدة" التابعة للحشد الشعبي، ويتهم بالتطرف الديني وارتكاب جرائم ذات بعد طائفي.

وحول اتهامات البعض له بأنه يقف ضد توجهات الحكيم المنفتحة على الآخرين ولا سيما ما يتعلق بملف "التسوية التاريخية"، أوضح الصغير أن "هناك ملاحظات معلنة حول ملف المصالحة الذي يحاول البعض شمول أطراف ساهمت في سفك دماء العراقيين فيه".

وطالب بالكشف عن الأطراف والجهات التي سيتم التصالح معها، وتابع "إذا كانت الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية، فهذا يعتبر ردا للمظالم ونحن ملزمون بتلبيتها، ولكن أي مصالحة مقابل الدم لا يمكن التفكير بها أصلا".

‪الصغير متهم بالتطرف ورفض المصالحة مع المكونات غير الشيعية‬ (الجزيرة)
‪الصغير متهم بالتطرف ورفض المصالحة مع المكونات غير الشيعية‬ (الجزيرة)

إثارة النزعات
من جانبه أكد مصدر مطلع داخل التحالف الوطني أن المجلس الأعلى تخلى عن الصغير بسبب نهجه "المعرقل" وتصرفه "المليشياوي المتطرف".

ووفق هذا المصدر فإن الصغير بات عبئا على المجلس باعتباره من المؤمنين بإثارة النزاعات والحروب مع بعض الأطراف المساهمة في العملية السياسية في البلاد.

ولفت إلى أن توجهات الحكيم الأخيرة تتناغم مع آراء قادة بارزين في المجلس الأعلى مثل عادل عبد المهدي (وزير النفط المستقيل)، وتدعو إلى التعاون مع المكون السني بدل الصراع معه.

ويجد المحلل السياسي قحطان الخفاجي أن "المنحى الوطني" لزعيم المجلس الأعلى الإسلامي البعيد عن الرغبة الإيرانية، كان السبب "وراء انشقاق رجل الدين المتشدد جلال الدين الصغير".

وتوقع أن يشهد البيت الشيعي "تصدعا كبيرا" نتيجة الاصطفافات الجديدة التي تتوافق مع توجهات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرافضة لأي تقارب مع إيران.

وحول موقف المرجعية الدينية، قال الخفاجي إنها غير مؤيدة لانصياع الأحزاب الشيعية لإيران، "وهو أمر أدركه كل من رئيس الحكومة حيدر العبادي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر". ولفت إلى أن أغلب الكتل تعلم أنه لا مستقبل لها في البلاد ما لم تحظ بدعم المرجعية وقبولها.

‪المياحي: لا نؤمن بالفئوية والحزبية والمجلس تيار يستوعب الجميع‬ (الجزيرة)
‪المياحي: لا نؤمن بالفئوية والحزبية والمجلس تيار يستوعب الجميع‬ (الجزيرة)

تسوية نهائية
وكان الحكيم أعلن في أكتوبر/تشرين الأول 2016 عن مبادرة باسم "التسوية التاريخية"، تهدف إلى مصالحة عراقية للوصول إلى تسوية نهائية بعد الانتهاء من ملف تنظيم الدولة الإسلامية.

وقد جوبه المشروع بتحفظات ومعارضة من بعض الأطراف الشيعية التي ترفض الحوار مع من تعتبرهم السبب وراء تأزيم الأوضاع في البلاد.

وأكد القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي محمد المياحي أن الصغير لم يتفاعل مع المؤسسات السبع الرئيسية للمجلس، بل إنه لم يشارك في صناعة القرار خلال الفترة الماضية. واستغرب تصريحاته التي "يسعى من خلالها إلى تأليب الرأي العام" ضد المجلس.

وقال إن الحكيم يؤمن بأن الجميع شركاء في المشروع، ومنهم الشباب باعتبارهم المتصدرين للمشهد الراهن، مضيفا "نحن لا نؤمن بالشخصنة وبالحزبية والفئوية، فالمجلس تيار يستوعب الجميع دون استثناء".

واستبعد أن تؤثر تصريحات الصغير على تماسك المجلس والبيت الشيعي، لكنه أكد "أنه الوحيد الذي يتحمل المسؤولية السياسية والشرعية، لمحاولة تشويه سمعة المجلس الأعلى سياسيا أو شعبيا".

وكان الصغير قد انتقد في تصريحات متلفزة الخميس الماضي فكرة ضخ "دماء جدیدة" في الحزب، وقال "إنها لم تطرح أمام الھیئة القیادية للمجلس الأعلى"، واعتبر أن الهدف هو "التعبئة وليس إثراء المشروع".

المصدر : الجزيرة