صعوبات وعراقيل تواجه تحرك الجزائر لحل أزمة ليبيا

صورة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية للاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية تونس والجزائر ومصر بشأن أزمة ليبيا
صورة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية للاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية تونس والجزائر ومصر بشأن أزمة ليبيا

عبد الحميد بن محمد-الجزائر

لم تتوقف دبلوماسية الجزائر منذ اندلاع الأزمة في ليبيا عن بذل الجهود ذات اليمين وذات الشمال بحثا عن حل بين الفرقاء المتصارعين هناك، ورغم صعوبة المهمة ووجود منغصات كثيرة، فإن الجزائر تسعى في كل مرة إلى جمع مختلف الأطراف الليبية، والإصغاء إليهم وفق مبدأ عدم التدخل في الشأن الداخلي، وتجنيبا للبلد والمنطقة برمتها مخاطر التدخل العسكري الأجنبي.

وإلى جانب الزيارات الكثيرة لشخصيات ليبية عديدة إلى الجزائر، والتحدث إلى كبار المسؤولين عن سبل الحل، زار وزير الخارجية الحالي عبد القادر مساهل في الأسابيع الماضية ليبيا مرتين، والتقى بمسؤولين وقادة سياسيين وزعماء قبائل.

كما تسعى الجزائر وفق رؤيتها إلى جمع دول الجوار الليبي ضمن مسعى الحل السياسي، إذ احتضنت في الخامس من يونيو/حزيران الجاري اجتماعا ثلاثيا لوزراء خارجية الجزائر ومصر وتونس، واتفق المجتمعون على ضرورة مساعدة الليبيين على إيجاد حل سياسي، ورفض التدخل الخارجي والعسكري منه على وجه الخصوص في الشأن الداخلي.

محددات ثلاثة
والملفت أن اجتماع الجزائر جاء في وقت كثف فيه الطيران الحربي المصري غاراته على مواقع داخل ليبيا يقول إنها تحتضن جماعات إرهابية عقب الهجوم الدامي الذي تعرضت له مصر في الأيام الماضية.

ورغم أن الحكومة الجزائرية لم تعلق رسميا وعلنيا على القصف المصري، فإن العودة إلى مواقفها من العمل العسكري بليبيا ثم ما ورد في بيان الجزائر بعد اجتماع وزراء الخارجية للدول الثلاث يؤكد انزعاجها من الخطوة المصرية.

ويوجز الباحث في العلوم السياسية علي مختاري السياسة الخارجية للجزائر في ثلاثة مبادئ رئيسية، وهي عدم التدخل في شؤون الدول، وحل النزاعات سلميا، ومساندة الشعوب في تقرير مصيرها، وأما الموقف تجاه الأزمة الليبية فمحددها الرئيسي هو الأمن القومي الجزائري.

ويشرح مختاري للجزيرة نت مفهوم الأمن القومي بأنه "محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، وكذا الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية، مع الحؤول دون التدخل الخارجي في هذا البلد تحت ذريعة محاربة الإرهاب".

عراقيل وضغوط
كما يشدد الباحث على أن الجزائر تدعم إعادة تأهيل الجيش الليبي مع تقاسم الثروة والسلطة بين كل الليبيين، مثلما تسعى بكل ثقلها للوصول إلى تسوية سلمية للأزمة، وأضاف أن بلاده لم تدعم أي طرف وليست طرفا في الصراع عكس العديد من الدول.

ويشير مختاري في هذا السياق إلى الزيارات التي قامت بها شخصيات ليبية إلى الجزائر، وكذلك زيارة وزير الخارجية الجزائري إلى ليبيا والتقائه بجل الفرقاء هناك.

ويشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر علي ربيج على التزام الجزائر بدعم الحلول السلمية والحوار السياسي بين الأطراف المتصارعة في الأزمات والخلافات التي خلفتها موجة الثورات العربية. ويرى ربيج أن الأزمة الليبية شكلت اختبارا صعبا للدبلوماسية الجزائرية في كيفية تقديم مساعدة الأطراف المتصارعة مع الحرص على الوقوف على مسافة واحدة منها جميعا.

ويضيف المتحدث نفسه أن المقاربة الجزائرية تعتمد على إشراك الجميع، مع قطع الطريق أمام أي حل عسكري وتحييد الجماعات الإرهابية ومنعها من الانتشار والمحافظة على الوحدة الترابية لليبيا، وكذا دعم الجهود الإقليمية لدول الجوار ممثلة في مصر وتونس.

دور دبلوماسي
غير أن ربيج يعتقد أن الجزائر يقع عليها عبء كبير في ضمان أمن حدودها المشتركة مع ليبيا الممتدة على تسعمئة كلم، مشيرا إلى عراقيل وضغوطات "تواجه الدور الجزائري، ومنها مواقف وأدوار كل من الإمارات ومصر في ليبيا، كما أن مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير أمر يصعب تحقيقه في الحالة الليبية".

‪حزام: موقف الجزائر من الأزمة الليبية كان عقلانيا منذ البداية‬ (الجزيرة)
‪حزام: موقف الجزائر من الأزمة الليبية كان عقلانيا منذ البداية‬ (الجزيرة)

وتصف مديرة صحيفة الفجر الخاصة حدة حزام موقف الجزائر بـ"العقلاني" منذ بداية الأزمة في البلد الجار "لأنها فهمت من الأول أن أي تدخل أجنبي سيؤدي لانهيار الدولة"، مثلما سبق أن حذرت من وقوع مخازن السلاح الليبي بين أيدي الجماعات المتطرفة.

وترى حزام في حديثها للجزيرة نت أن الجزائر تمسكت دوما بالشرعية الدولية، "لذلك فهي تؤيد حكومة فايز السراج المعترف بها دوليا وتبذل قصارى جهدها لإنجاح الحوار بين كل الأطراف".

وفي رأي حزام فإن التدخل الوحيد الذي تسمح به الجزائر "هو تدخل دول الجوار للتقريب بين مختلف الأطراف، ومن هذا المنطلق رفضت الجزائر القصف الذي قام به الجيش المصري للشرق الليبي بحجة أن مليشيات ليبية تقف وراء العمليات الإرهابية التي تعرضت لها مصر".

كما تشدد حزام على أن الدور الذي يمكن أن تلعبه الجزائر حاليا لا يتعدى الدور الدبلوماسي، ولذلك لم تدعم خليفة حفتر الذي يحبذ التعامل مع مصر لأنها تفضل الحل العسكري قبل السياسي.

المصدر : الجزيرة