المناطق العسكرية بليبيا.. بين صعوبة التطبيق والرفض

مركبة عسكرية تابعة لمنطقة طرابلس العسكرية - صورة ارشيفية خاصة
مركبة عسكرية تابعة لمنطقة طرابلس العسكرية (الجزيرة)
فؤاد دياب-الجزيرة نت

أثار قرار رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي إنشاء سبع مناطق عسكرية على مستوى ليبيا بالكامل جدلا واسعا في الأوساط المحلية بين مؤيد ومعارض، وصعوبة تنفيذ القرار.

وكان رئيس المجلس الرئاسي أصدر قرارا في الأول من يونيو/حزيران الجاري، يقضي بإنشاء سبع مناطق عسكرية في كامل ليبيا، وهي طرابلس وبنغازي والوسطى والغربية وسبها وطبرق والكفرة.

وبعد يومين من صدور القرار، وإثر الضجة التي ترتبت عليه، أصدر رئيس المجلس الرئاسي مذكرة توضيحية قال فيها، إن القرار لم ينصرف في مدلوله وحيز نفاذه إلى المناطق المشمولة بنظم خاصة واستثنائية، وأهمها منطقة الهلال النفطي، التي تخضع إلى إدارة أمنية خاصة من خلال جهاز حرس المنشآت النفطية.

‪أفراد قوة الردع الخاصة التابعة لحكومة الوفاق بطرابلس‬ (الجزيرة)
‪أفراد قوة الردع الخاصة التابعة لحكومة الوفاق بطرابلس‬ (الجزيرة)

بدورها، وصفت القيادة العامة لعملية الكرامة قرار السراج "بالباطل" قانونيا وعسكريا، بل غير توافقي أيضا، موضحة على لسان الناطق باسمها العقيد أحمد المسماري أن السراج لا يمتلك أي صفة قانونية أو عسكرية لإصدار مثل هذا القرار.

إعلان دستوري
أما مجلس النواب المنعقد في طبرق (شرق ليبيا)، الذي يعد نفسه "القائد الأعلى للجيش الليبي"، استنكر القرار، ورأى أن قرارات المجلس الرئاسي كافة باطلة وغير دستورية، وفقا للإعلان الدستوري وأحكام القضاء الليبي.

ويضيف مجلس النواب في بيانه أن القرار يخالف الاعتماد المبدئي لمجلس النواب للاتفاق السياسي في 25 يناير/كانون الثاني 2016، المتضمن شرط إلغاء المادة الثامنة، ويخالف نصوص الاتفاق السياسي غير الدستوري.

بدوره، فنّد صلاح البكوش الناشط السياسي والمستشار الأسبق لفريق حوار المؤتمر الوطني العام، ما ورد في بيان النواب، قائلا إن مجلس النواب ألغى المادة الثامنة تحت بند الأحكام الإضافية الخاصة بالمناصب السيادية، وليست المادة الثامنة تحت بند حكومة الوفاق التي تنص على أن مجلس رئاسة الوزراء من صلاحياته القيام بمهام القائد الأعلى للجيش".

‪دورية للشرطة العسكرية بمدينة طرابلس‬ (الجزيرة)
‪دورية للشرطة العسكرية بمدينة طرابلس‬ (الجزيرة)

ويرى البكوش في حديثه للجزيرة نت أن قرار المجلس الرئاسي جاء لتوضيح الصورة العسكرية في ليبيا بالرغم من أنه جاء متأخرا، مضيفا أن مَن يعترض على القرار ليست له شرعية قانونية وفق الاتفاق السياسي المعترف به دوليا.

مناطق شاغرة
وعين المجلس الرئاسي اليوم الأحد كلا من اللواء أسامة الجويلي آمرا للمنطقة العسكرية الغربية، واللواء محمد الحداد آمرا للمنطقة العسكرية الوسطى، وبهذا التعيينات تبقى خمسة مناطق أخرى شاغرة.

بينما وصف الباحث والأكاديمي محمد إسماعيل،قرار السراج بالخطوة الشجاعة، معتقدا بأنها جاءت تحت ضغوط من مكونات الجيش بالمنطقة الغربية، مضيفا أن السراج سيجد صعوبة في تطبيقه بعد التطورات الأخيرة في قاعدة الجفرة والجنوب، ولن يتمكن من تسمية جميع آمري المناطق العسكرية.

ويعتقد إسماعيل في حديثه للجزيرة نت بأن القرار بمثابة رسالة سياسية مبطنة إلى خليفة حفتر للرضوخ والقبول بالاتفاق السياسي والمؤسسات المنبثقة عنه.

في حين يرى المحلل السياسي السنوسي إسماعيل أن البعد السياسي لهذا القرار هو تحجيم طموح العسكر الذين يسعون للسيطرة على الدولة ومؤسساتها، عن طريق المواجهات والحروب، في محاولة لكسب موطئ قدم جديدة، بهدف فرض شروطهم على حكومة الوفاق التي لا مفر من الرضوخ لها في نهاية المطاف، على حد تعبيره.

مشاورات مع الضباط
من جانبه، استغرب الناطق باسم الملتقى السادس للجيش الليبي (غرب ليبيا) العقيد صبري كشادة صدور القرار دون إجراء مشاورات مع ضباط رئاسة الأركان العامة، مؤكدا في الوقت ذاته أهميته، وتساءل عن كيفية تطبيقه وآليات تنفيذه في ظل التطورات الأخيرة والانقسام القائم حاليا.

ويتفق الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية العميد المتقاعد بشير الصفصاف مع ما ذهب إليه كشادة، إذ قال للجزيرة نت إن هذا القرار من الناحية العملية لا يمكن تطبيقه، وسيبقى "حبرا على ورق"، على حد قوله.

وعن مدى أهمية تفعيل المناطق العسكرية، أكد الصفصاف أن المناطق العسكرية أحد أهم المكونات للقوات البرية، ويعتمد تقسيمها على القوات التي تتمركز في هذه المناطق من ناحية قوامها وعددها، ويجري توزيعها حسب ديموغرافيا الدولة واتجاه التهديدات التي قد تواجه الدولة.

وتسيطر حكومة الوفاق على عدد من المناطق العسكرية، منها: منطقة طرابلس العسكرية باستثناء منطقة ورشفانة، وكذلك المنطقة الغربية باستثناء جزء بسيط منها، وكذلك المنطقة الوسطى ما عدا بعض المدن فيها تحت سيطرة قوات حفتر.

أما المناطق العسكرية سبها وبنغازي وطبرق فتقع تحت سيطرة قوات حفتر بالكامل، في حين تقع منطقة الكفرة العسكرية تحت سيطرة قوات حفتر مع وجود كتائب عسكرية موالية للمنطقة الغربية.  

وتأتي هذه القرارات في ظل صراع نفوذ بين طرفي النزاع في الشرق والغرب، يحرص كل منهما على بسط سيطرته على أكبر عدد ممكن من المناطق، واعتبار نفسه الجهة الشرعية الوحيدة الممثلة للدولة.

المصدر : الجزيرة