سجال بعد إعلان الطوارئ الصحية في اليمن

A boy and his mother, both infected with cholera, lie on a bed at a hospital in Sanaa, Yemen May 7, 2017. Picture taken May 7, 2017. REUTERS/Khaled Abdullah
أم وطفلها مصابان بمرض الكوليرا يرقدان في مستشفى بالعاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)

فضل مبارك-عدن

طغى السجال الإعلامي بين رئاسة الحكومة اليمنية والسلطات المحلية في بعض المحافظات عقب إعلان رئيس الحكومة أحمد بن دغر حالة الطوارئ الصحية في خمس محافظات بسبب تفشي الكوليرا، على تسخير الجهد لمواجهة الوباء.

وأثار إعلان الطوارئ الصحية معارضة من السلطات المحلية لمحافظتي عدن وأبين اللتين شملهما القرار إلى جانب محافظات لحج والضالع وشبوة.

وجاءت تعليقات المسؤولين في محافظتي عدن وأبين سريعا على هذا الإعلان الذي اتخذ إثر اجتماع ضم رئيس الحكومة والقيادات المحلية والصحية في المحافظات الخمس.

فقد قال محافظ عدن عبد العزيز المفلحي إنه تمت محاصرة الكوليرا، بينما نفى مدير مكتب الصحة بمحافظة أبين انتشار وباء الكوليرا، وأكد كلاهما أن الوضع الصحي تحت السيطرة.

‪بن دغر قال إن إعلان الطوارئ الصحية ضرورة وطنية‬ (الجزيرة-أرشيف)
‪بن دغر قال إن إعلان الطوارئ الصحية ضرورة وطنية‬ (الجزيرة-أرشيف)

سجال إعلامي
هذه التصريحات دفعت بمكتب رئيس الحكومة للرد عبر بيان صحفي ذكر فيه أن الطوارئ الصحية ضرورة وطنية لرفع الاستنفار العام وتحصيل المساعدات، في ظل انهيار الدولة وشح الإمكانيات ونقص الكادر المؤهل.

وأضاف البيان أن الإعلان جاء بعد أن صنف المختصون الحالة في البلاد بأنها "جائحة صحية"، مشيرا إلى أن إعلان الطوارئ الصحية مسؤولية الحكومة ممثلة في وزارة الصحة، وليس من اختصاص السلطات المحلية في المحافظات.

معارضو قرار رئيس الحكومة برروا موقفهم بالخوف من قيام بعض الدول بفرض حصار صحي على اليمن، والتشديد على المسافرين القادمين إليها من اليمن. وكانت السعودية أولى الدول التي أعلنت اتخاذ إجراءات احترازية بتشديد الإجراءات في منافذها على القادمين من اليمن.

ويرى آخرون أن الحكومة تأخرت كثيرا في إعلان الطوارئ الصحية، حيث كان من شأنه تجنب اتساع رقعة الوباء ومحاصرته في مراحلة الأولى بمناطق محدودة.
 
وقد أورد بيان مكتب رئيس الحكومة إحصاءات رسمية صادرة عن مكتب الصحة بعدن تمثلت في وفاة 46 حالة بالوباء خلال شهرين من أصل 7246 حالة سجلت رسميا خلال الفترة في مستشفيات ومراكز الاستقبال بعدن.

وفي أبين سجل مستشفاها العام (الرازي) خلال أيام العيد الثلاثة الأولى خمس وفيات من أصل 600 حالة اشتباه، وتحدث هؤلاء عن كارثة حقيقية بالنظر إلى تلك الأرقام التي تصل لأول مرة إلى هذا المستوى.

وقال رئيس هيئة المستشفى الدكتور هدار محمد إن خمس حالات من أصل كل ثماني حالات تأتي نتيجة فحصها إيجابية (مصابة بالمرض)، ليرتفع عدد الحالات المسجلة منذ منتصف مايو/أيار الماضي إلى 27 حالة وفاة من أصل 4408 حالات سجلت رسميا بالمشافي.

‪تدهور الخدمات الصحية حد من القدرة على مواجهة انتشار وباء الكوليرا في اليمن‬ (الجزيرة)
‪تدهور الخدمات الصحية حد من القدرة على مواجهة انتشار وباء الكوليرا في اليمن‬ (الجزيرة)

تراجع نسبي
وكانت منظمة الصحة العالمية قالت الثلاثاء الماضي إن الوباء يبدي مؤشرات تباطؤ نسبي مع انخفاض نسبة الوفيات إلى النصف خلال الأيام الماضية.

وأوضح مستشار المنظمة لحالات الطوارئ في اليمن أحمد زويتن أن نسبة الوفيات تراجعت من 1.7% إلى 0.6%، كما تراجعت الحالات المسجلة في المشافي والمراكز الصحية من 41 ألف حالة كمتوسط أسبوعي، إلى 39 ألفا في الأسبوع الأخير.

وبينما عزا زويتن الانخفاض الطفيف إلى تدخل طارئ من عمال الإنقاذ، شكك مراقبون وناشطون في هذا التراجع، وقالوا إن الوباء زاد انتشارا، وأشاروا إلى أن خمس محافظات كانت خالية من الوباء قد اكتسحها الآن وسجلت فيها مئات الحالات.

وقال هؤلاء إن الأرقام المعلنة والمسجلة رسميا لا تعبر عن الواقع، وإن حالات كثيرة لم تسجل بسبب إجازة عيد الفطر المبارك، وتعطل عمل أقسام الإحصاء في المشافي، وعدم الإبلاغ عن حالات كثيرة.
 
مساعدات محدودة
وبذلت قطاعات الصحة في اليمن جهودا لمواجهة الوباء، لكن ذلك لم يكن كافيا، خاصة في ظل تدهور  الخدمات الصحية. وفي ما يتعلق بالمساعدات لم تكن هناك استجابة دولية كبيرة لنداءات الحكومة اليمنية رغم الكارثة التي وصفتها منظمة الصحة العالمية بأنها أسوأ حالة تفش للكوليرا في العالم.

وقالت المنظمة إن أكثر من ثلاثين شخصا -بينهم أطفال- يموتون يوميا، وتوقعت أن يموت آلاف آخرون، وأن يصل عدد الحالات المصابة إلى 300 ألف في الأشهر القادمة.

من جهتها أعلنت وزارة الصحة اليمنية أن حالات الوفيات المسجلة رسميا في المشافي ومراكز الاستقبال بلغت حتى الخميس 1344 حالة وفاة من مجموع أكثر من 208 آلاف حالة إصابة.

وحتى اللحظة لم تعلن عن تقديم المساعدات سوى فرنسا والسعودية والإمارات ومنظمتي يونيسيف والصحة العالمية، وهي مساعدات محدودة بالنظر إلى حجم المطلوب.

المصدر : الجزيرة