"قطر الخيرية" بتونس.. عطاء مستمر

خالد الفندري مدير فرع قطر الخيرية بتونس/ مكتب المنظمة بتونس/يونيو/حزيران 2017
مدير فرع قطر الخيرية خالد الفندري في تونس: المنظمة تعمل ضمن مبادئ الإنسانية والشفافية والتعاون والمهنية (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

بعد أن تلاشت أحلام الفلاح البسيط نور السعيد العموري في الحصول على تمويل من أحد البنوك التونسية لاقتناء جرار وبعض المعدات الفلاحية للاعتناء بأرضه انقلب المستحيل ممكنا بفضل حصوله مع بعض جيرانه الفلاحين الصغار على مساعدة منظمة قطر الخيرية التي تدعم عديد المشاريع في تونس.

لم يكن الفلاح الخمسيني -الذي عاش أوضاعا صعبة مع زوجته وصغاره الأربعة في قرية الرقاب الزراعية بمحافظة قفصة جنوب البلاد- يتوقع أن تنفرج الأمور أمامه وأمام جيرانه الفلاحين الذين عجزوا عن فعل أي شيء يضمن لهم قوت عائلاتهم بعدما استسلموا لليأس جراء فشل محاولاتهم في تمويلهم من البنوك.

لكن الأوضاع انقلبت على عقبها بعد أن تمكن نور السعيد وزملاؤه من الاستنجاد بمنظمة قطر الخيرية التي أنشأت فرعا لها في تونس نهاية عام 2012 فكانت المفاجأة السعيدة بأن حصلوا على موافقتها لتمويل مشروع يتمثل في تأسيس شركة تعاونية للخدمات الفلاحية وتمليكهم بعض المعدات الأساسية.

يقول السعيد للجزيرة نت إن فرع "قطر الخيرية" ساهم في التمويل الذاتي للفلاحين الصغار بجهته وكان ضامنا لتمويلهم من قبل بنك الزيتونة أول مصرف إسلامي تونسي في البلاد، وذلك بقرض قيمته مئة ألف دينار (أربعون ألف دولار) لشراء جرار ومستلزمات فلاحية يستغلونها فيما بينهم في نطاق شركة تعاونية.

الفلاح نور السعيد العموري من الذين استفادوا من تمويلات الفرع التونسي لـ
الفلاح نور السعيد العموري من الذين استفادوا من تمويلات الفرع التونسي لـ"قطر الخيرية"(الجزيرة)

عطاء بدون حدود
وبنك الزيتونة هو أحد شركاء فرع "قطر الخيرية" التي تسعى بالاتفاق مع وزارة الفلاحة التونسية للحد من تشتيت الأراضي الفلاحية وتقسيمها، وذلك بجمع شتات الفلاحين الصغار وإدماجهم في شركات تعاونية أو تعاضديات تمكنهم من التآزر في حراثة وزارعة الأرض ومداواتها وجمع منتوجها ونقله وتسويقه.

والنتيجة كانت "مذهلة" بالنسبة إلى نور السعيد الذي لم يكن يتخيل أن يتنامى حس التكاتف بين الفلاحين بدرجة سريعة في وقت قصير.

ويقول هذا الفلاح وهو يرسم ابتسامة عريضة غطت وجهه الأسمر الملتهب بالشمس "الفضل يعود حقا إلى قطر الخيرية، لقد فتحت لنا هذا المشروع وبدأنا نجني ثماره".

ولا تحصى القصص الناجحة للمستفيدين من برامج "قطر الخيرية"، وتعد زكية بنت عبد الله (50 عاما) التي تكافح بعرق جبينها مشقة الحياة لمساعدة زوجها العاطل عن العمل وصغارها الثلاثة المقيمين في "الكرم" -وهو أحد الأحياء الشعبية المتاخمة للعاصمة تونس– نموذجا آخر من الفئات المستهدفة من العمل الخيري.

بعدما ضاقت ذرعا بوضعها الاجتماعي المتدهور دون أن تحصل على إعانة من الدولة بحثت زكية عن دعم منظمات المجتمع المدني للحصول على تمويل، ولحسن حظها تمكنت من بعث مشروعها الصغير بعد حصولها مجانا على آلتي خياطة من تبرعات منظمة قطر الخيرية "وهو عطاء لا تنساه"، كما تقول.

وتضيف هذه المرأة للجزيرة نت أنه على الرغم من الصعوبات التي ما زالت تواجهها تحسنت أوضاعها بشكل ملموس بفضل مثابرتها في خياطة الستائر والملابس والأغطية، والمهم بالنسبة إليها هو اعتمادها على ذاتها لكسب الرزق وإعالة أسرتها الفقيرة بعد المساعدة الإنسانية التي تلقتها من المنظمة الخيرية.

الخياطة زكية بنت عبد الله تستعيد البسمة والأمل بفضل مساعدة إنسانية تلقتها من
الخياطة زكية بنت عبد الله تستعيد البسمة والأمل بفضل مساعدة إنسانية تلقتها من "قطر الخيرية"(الجزيرة)

مشروع ضخم
وبشأن أنشطة "قطر الخيرية" يقول مدير مكتب تونس خالد الفندري للجزيرة نت إن المنظمة تشتغل منذ انطلاق نشاطها بتونس عام 2012 على مشروع ضخم سمي "ديمومة عمل المستقبل" بتكلفة قدرها 15 مليون دولار، وينتهي إنجاز هذا المشروع الذي ينقسم إلى ستة محاور كبرى بنهاية العام الجاري.

ويقوم هذا المشروع على اتفاقيات شراكة بين قطر الخيرية ووزارات، أبرزها وزارة التربية ووزارة الصحة ووزارة التجهيز ووزارة الفلاحة، وبمقتضى اتفاقات مع وزارة التربية شيدت قطر الخيرية خمس مدارس ابتدائية بمدن الجنوب مثل القيروان والقصرين وقفصة وسيدي بوزيد التي انطلقت منها شرارة الثورة.

كما شيدت المنظمة عشرة مراكز للصحة الأساسية وحفرت مئة بئر عميقة في مدارس ابتدائية بالجنوب لتزويدها بالمياه الصالحة للشرب، وزودت مدارس أخرى لا تقع فوق مائدة مائية بخزانات مياه صحية إلى جانب تعبيد عشرات الكيلومترات من المسالك الريفية بالجنوب.

ولا يقتصر العمل الخيري للمنظمة عند هذا الحد بل تجاوزه إلى إنشاء 250 وحدة سكنية بالوسط والجنوب ستوزع نهاية العام على العائلات الفقيرة.

ويقول الفندري إن المنظمة تقوم إلى جانب ذلك بمساعدة ضعاف الحال على تمويل مشاريع صغيرة، ناهيك عن مساعدة أكثر من خمسمئة يتيم بالمنح والعطايا.

وبشأن شفافية مصادر التمويل والإنفاق يقول الفندري إن جميع المعاملات المالية للمنظمة تخضع لمراقبة البنك المركزي التونسي ورئاسة الحكومة ووزارة المالية، مؤكدا أن المنظمة لم تواجه أي قضية وتعمل ضمن مبادئ الإنسانية وعدم التمييز والشفافية والتعاون والمهنية.

المصدر : الجزيرة